ليبيا: انسداد سياسي وضغط على المرتزقة للرحيل وانهيار الأمن
الإثنين 12/سبتمبر/2022 - 04:05 م
طباعة
حسام الحداد
ان المتابع للشأن الليبي لتدمع عيناه من الحالة التي وصل اليها الشعب الليبي، من أزمات متتالية على كل الأصعدة في التعليم والصحة والسياسة والاقتصاد، وانعدام الأمن، كل هذا نتيجة طبيعية لانتشار الميليشيات المسلحة التابعة لجماعات الإسلام السياسية والتي تعمل بالوكالة لعدد من الاجهزة الاستخباراتية الاقليمية والعالمي، حيث تعدد اللاعبين في السياسة الليبية والجميع يريد السيطرة على أكبر قدر ممكن من مقدرات البلد الغني بموارده الطبيعية.
وتشهد العاصمة الليبية طرابلس حلقة جديدة من مخطط إفراغها من الميليشيات غير المؤدلجة، حيث تتعرض الميليشيات التابعة لـ"عماد الطرابلسي" لضغوط من أجل المغادرة.
وكشفت مصادر أهلية، لـ"سكاي نيوز عربية"، أن قادة ميليشيا "الدرع" و"ميليشيا 444" هم الذين يتفاوضون مع الطرابلسي لإخراجه من طرابلس، والأمر لن يتوقف على ذلك، حيث إن الهدف المستقبلي هو ميليشيا "رحبة الدروع" في تاجوراء، والتي يقودها بشير خلف الله الشهير بـ"البقرة".
دبابات في مصنع التبغ
وإلى هذا، شهد مصنع التبغ الواقع غرب طرابلس، والذي تسيطر عليه قوات الطرابلسي، نشاطا غير تقليدي خلال الساعات القليلة الماضية، حيث استقبل عتادا ثقيلا من دبابات وسيارات مسلحة، وفق المصادر.
ولم يتضح ما إذا كان هذا "الحشد" هو استعداد لمغادرة المصنع إلى جهة أخرى، غير معلومة حتى الآن، أم أنه تحرك استباقي من الطرابلسي "بغية المقاومة" إذا ما استهدفت تمركزات قواته، حال فشل المفاوضات.
يرجح أن تتغاضى جميع المجموعات المسلحة، التي أجبرت على مغادرة طرابلس، عن جميع الخلافات بينها، وتتوحد ضمن هدف واحد وهو محاولة العودة مجددا حتى لو خاضوا مواجهات مع الميليشيات المؤيدة للحكومة منتهية الولاية، كما يرى المحلل العسكري الليبي محمد الصادق.
وما ينفذ حاليا هو مخطط جعل طرابلس "فارغة" من الميليشيات، وفق الصادق، عدا ميليشيات "الردع" و"444".
خريطة الميليشيات
ومنذ 27 أغسطس الماضي، توسعت الرقعة التي تسيطر عليها ميليشيا "الردع"، التي امتد نفوذها من سوق الجمعة وإلى كامل حي الأندلس، لتبسط هيمنتها على مواقع كانت خاصة بـ"كتيبة النواصي" وقوات هيثم التاجوري، ولم تكتف بذلك بل ضغطت على ميليشيا "ثوار طرابلس" التابعة لأيوب أبو راس، حتى غادرت مواقعها في عين زارة ومعسكر السعداوي، الذي أصبح تحت سيطرة "الردع" أيضا.
وبالمثل، تمكنت ميليشيا "444" من تعزيز نفوذها في جنوب طرابلس، كما ما زالت ميليشيا "دعم الاستقرار" تتمتع بمركز قوي في العاصمة، وتبقى جيب لـ"ميليشيا البقرة"، في حي تتمركز الميليشيات المتحالفة من مدينة الزاوية في جنزور حتى مناطق جنوب العاصمة، والتي يتمركز فيها العديد من المقاتلين الذين يحملون أفكارا متطرفة.
خطة الهيمنة
ما يحدث من إفراغ العاصمة الليبية من بعض الميليشيات، لا يأتي خدمة لأمن المدينة وأهلها، ولكن لمخطط طرف أجنبي يريد أن يخليها من أي تشكيل مسلح قد يخرج عن طوعه، وفق رؤية الباحث السياسي الليبي محمد قشوط.
ويسير هذا المخطط بشكل ثابت نحو هدف السيطرة الكاملة، مع ضمان ولاءات المجموعات المسلحة المنفذة، وإنهاء الأخرى التي قد تحوم الشكوك حولها، وبذلك يسهل على هذا الطرف إدارة الملف الليبي، وفق ما يملكه من ورقة مهمة تتمثل في العاصمة بما فيها من مؤسسات الدولة والمواطنين فيها كـ"رهائن" لخدمة مصالحه، حسب قشوط.
الأزمة الجوهرية
تعد الميليشيات "المشكلة الجوهرية" التي تقف أمام جهود استعادة الدولة الليبية، كما يؤكد المحلل السياسي الليبي، عز الدين عقيل، الذي يشير إلى أنه "لا بديل عن نزع سلاحها وتفكيكها".
ويتابع: "ليبيا لن تصل إلى الاستقرار ولن تتمكن من إنشاء مؤسسة عسكرية موحدة وقوية في البلاد، إلا باحتكار الدولة لاستخدام القوة".
ووفق عقيل فان المجموعات المسلحة تفرض سطوتها على المؤسسات العامة في المنطقة الغربية، وتتصارع عليها، كما تضع معاييرها الخاصة لتقلد المناصب بها، بما يقيد وصول الكفاءات الليبية الحقيقية إلى مراكز الإدارة العامة
ويوضح كذلك أن الميليشيات "تسيطر على النقد الأجنبي وتجارة العملة، وتفرض الإفلاس الفني على البنوك، وتدمر شبكة الأسواق الوطنية".
هيمنة الميليشيات
ويؤكد الباحث السياسي، الليبي محمد قشوط، إن "هذا المشهد هو الذي يعيشه الغرب الليبي طوال 11 سنة، حيث تخضع المؤسسات الشرطية والعسكرية للميليشيات وهيمنتها".
و"يعود تغول الميليشيات طوال السنوات الماضية، إلى الحكومات التي تعاقبت على العاصمة طرابلس، وقدمت التمويل والدعم لتلك المجموعات المسلحة، وذلك لضمان ولائها وحمايتها"، وفق قشوط.
وأسفر ذلك اليوم عن "فوضى شاملة في المنطقة الغربية، ومئات الجهات التي تختلف وتتصارع سواء على النفوذ أو من أجل السلطة".