حوار تشاد الوطني يدخل أزمة الانسحابات والمقاطعة
يشهد الحوار الوطني
الوطني في تشاد حالة من التعثر، والذي انطلق في الـ18 من أغسطس-/آب الماضي
بهدف إنهاء الصراع ووضع خارطة طريق لمستقبل البلاد ومقدمة لانتخابات طال انتظارها بعد
أن استولى الرئيس المؤقت محمد إدريس ديبي على السلطة بعد وفاة والده العام الماضي.
وعقب إعلان محمد إدريس ديبي نفسه رئيسا لمجلس عسكري
انتقالي في ابريل 2021، بعد مقتل والده إدريس ديبي، حددت يوم 20 أغسطس موعدا للحوار
الوطني.
وقدم ديبي ذلك كخطوة أولى نحو التخطيط للانتخابات، وستشمل من الناحية
النظرية الجماعات المسلحة ولكن شروط مشاركتها لم يتم الاتفاق عليها بعد.
قال محمد إدريس ديبي إنه سيشرف على انتقال مدته
18 شهرا إلى الحكم الديمقراطي ولكنه لم يُظهر أي إشارة تذكر على تنظيم انتخابات مع
اقتراب الموعد النهائي.
قمع ومعارضة
ويشهد الحوار الوطني أزمة كبيرة تهدد بفشل الوصول
للأهداف التي وضعها زعيم المجلس ديبي الإبن ن حيث حاصرت القوات الأمنية التشادية مقر
حزب " التغييريين" المعارض لثلاثة أيام، واعتقال أكثر من 160 عضوا من الحزب،
نظرا لمعارضته الشديد للحوار.
كذلك تم اعتقال عدة مئات من النشطاء لرفضهم الحوار، وهو ما أدى إلى تحذير
عدة جمعيات حقوقية المجلس الانتقالي في إنجامينا،أنه "إذا لم يرفع الجيش حصاره
للقوى المعارضة فلن يحضروا استئناف الحوار".
كذلك أعلنت منصة "واكيت تاما" وهي مجموعة
من الأحزاب وحركات المجتمع المدني، رفضها المشاركة في الحوار الوطني في ظل نهج القمع
الذي يتبعه المجلس العسكري الحاكم، معتبر أن المجلس العسكري الانتقالي غير شرعي وفقا
للدستور التشادي الذي ينص الدستور على أن رئيس
الجمعية الوطنية أو نائبه السلطة في البلاد عقب فراغ منصب الرئيس بمقتل إدريس ديبي،
وتنظيم الانتخابات الرئاسية، لكن نجل ديبي
تولى السلطة مع جنود آخرين تم تجميعهم في إطار المجلس العسكري الانتقالي (CMT). لذلك ، فإنه غير قانوني لأن تنصيبها لا
يحترم أحكام الدستور التشادي.
وفي ظل مناخ التوتر أعلن ممثلو الكنيسة الكاثوليكية،
عبر صوت المطران واينغوي بني مارتن، عن تعليق مشاركتهم في الحوار، وأعرب الأسقف عن أسفه " لدينا انطباع بأننا
سنشارك في حملة انتخابية ".
وانسحب من الحوار الوطني نحو 12 حركة مسلحة،
إضافة للمنسحبين من حوار الدوحة، لتنضم لنحو 19 حركة رفضت المشاركة في جلسات الحوار
الوطني، أبرزها "جبهة الوفاق من أجل التغيير(فاكت)" بقيادة محمد مهدي علي،
هوي حركة مؤثرة ولها ثقل كبير في وسط الجماعات المسلحة.
المقاطعة والانسحاب من الحوار الوطني وضع زعيم المجلس العسكري الحاكم
في تشاد محمد إدريس ديبي في موقف حرجة، ووجه انتقادات لاذعة للمعارضين مقاطعي الحوار
الوطني.
أسباب تعثر الحوار
يقول المحلل السياسي التشادي أبو بكر عبد السلام
، إن جلسات الحوار بدأ بشكل غير صحيح، شاركت فيها أحزاب وجمعيات كرتونية، ليس لهذه
الكيانات أي وزن، لذلك صار الحوار هزليا جدا.
ويضيف أن المقاطعة من الكنيسة الكاثوليكية ومحاصرة
أجهزة الأمن مقر حزب " التغييريين" المعارض واعتقال أكثر من 160 من أنصاره،
يعقد من عملية مسار وإنجاح الحوار الوطني وتحقيق الأهداف المعلق عليه.
ولايمكن أن ينجح أي حوار في ظل غياب ومقاطعة الحركات المسلحة ذات الثقل الكبير، والجهات الفاعلة
، رغم رسالة الانفراج التي جاءت بعد وساطة
رجل الأعمال أبكر مناني لإنهاء أزمة حزب التغييريين" إلا أن مسار الحوار
أصبح بطئ ومجرد مناسبة سياسية تخدم على مصالح
قوى سياسية وجهات تستهدف لنفسها اقتسام البلد، وفقا لـ"عبد السلام".
ويوضح أن الحوار يخيم عليه الفشل، شروط النجاح لم
تتوفر له، من ضمنها مقاطعة وانسحاب عددا من التجمعات السياسية والحركات المسلحة الموقعة
اتفاقية الدوحة أو التي لم توقع لاتفاقية، ورفض العديد من قوى المجتمع المدني أسلوب
إدارة الحوار ، بالاضافة الى قمع المعارضين للحوار، كل هذا يقود إلى نتائج غير مرضية.
ووفقا لـ"عبد السلام " فإن زعيم حزب
"التغييريين" سوكسيه مارسا أراد أن يقلب الشارع التشادي لصالح شروطه التي
قيد بها المجلس العسكري الانتقالي، لكن التمنع
من قبل المجلس العسكري الذي يريد كل شيء لصالحه قد يغير من احتمالية نجاح الحوار الوطني
الشامل.
ويطالب حزب التغييريين ومنصة "واكيت تاما"
المجلس العسكري الانتقالي بشروط الثقة ، ولا سيما الاستفتاء على الدستور الجديد ، وحظر
أعضاء المجلس العسكري الترشح للانتخاب الرئاسية المقبلة، والفصل الحقيقي بين السلطات
، وتعيين رئيس وزراء توافقي بكامل الصلاحيات.
غياب فاكت
واعتبر "عبد السلام" ان غياب عددا من الحركات المسلحة ذات الثقل في تشاد، هعن الحوار
الوطني، يهدد نجاح الحوار، قائلا هناك حوالي
19 حركة مسلحة لم أعلنت مقاطعتها للحوار أبرزها حركة" فاكت" التي لديها وزن كبير في الوسط
الثوري المسلح، فكان لابد من الجماعات المشاركة في الحوار وليس مع حركات كرتونية يتم
بيعها على مساومات وفتات لايخدم البلد بقدر
ما يخدم هؤلاء الانتهازيين.
من جانبه يقول
مدير مركز رصد الصراعات في الساحل الأفريقي محمد علي كيلاني، إن حركة "فاكت" لها ثقل كبير بين سكان شمال
تشاد، مضيفا أن قيادات الجيش الفرنسي يقولون
انها "فاكت" شاركت معهم في حرب داعش في جنوب ليبيا.
ويرى كيلاني و"أبو بكر" ان جلسات الحوار
الوطني وعودة زعيم حركة "اتحاد قوى المقاومة" تيمان ارديمي إلى تشاد ومشارته
في الحوار أشبه بالقنبلة الموقوتة، فالحوار الوطني يفتح باب السلطة الجنرال المتمرد.
ويعتقد "كيلاني أن جلسات الحوار الوطني واتفاقية
الدوحة سيفتحان أبواب الجحيم على تشاد، والتسبب في أزمة سياسية جديدة بقيادة محمد إدريس
ديبي، في ظل صراع النفوذ بين فرنسا وروسيا والولايات والمتحدة الأميركية.