بعد انقطاع دام عامَين... الطّائفة الدّرزيّة تحي مراسم الزّيارة السّنويّة التّقليديّة لمقام النبي سبلان
بعد انقطاع دام عامَين، أحيت الطّائفة الدرذية مراسم الزّيارة السّنويّة التّقليديّة
لمقام النبي سبلان عليه السّلام في حرفيش، وسط مشاركة المئات من شيوخ الطّائفة من الكرمل والجليلين والجولان،
والقرية المضيفة حرفيش.
مع وصول الشّيخ موفّق طريف الرّئيس الرّوحيّ للطّائفة الدّرزيّة في فلسطين
المحتلة إلى باحة المقام، انطلقت الزّيارة بحضور سيّاس خلوات البلاد والأئمّة، وقد
عبّر عن سعادته بعودة هذه الزّيارة الدّينيّة الشّريفة، متطرّقًا خلال كلمته إلى تزايد
العنف المستشري وحوادث إطلاق النّار على البيوت
وبعض أماكن العمل في القرى المعروفيّة، مطالبًا بتوحيد الكلمة من أجل نبذ ووقف هذه
الظّواهر.
كما وتحدّث الشّيخ موفّق عن دور العائلة في التّربية الصّحيحة الأخلاقيّة، وتوجيه
الأبناء للسّير على تعاليم التّوحيد، مُعربًا عن أمله بتحسّن أوضاع الطّائفة في سوريّا
ولبنان سياسيًّا واجتماعيًّا، وتيسير جوّ داعمٍ من الأمن والأمان للأجيال الموحّدة
الصّاعدة.
هذا وشكر الشّيخ موفّق أهالي قرية حرفيش على حفاوة الاستقبال، داعيًا لهم بثبات
الأجر والتّوفيق على فتح أبواب البيوت والقلوب أمام وفود الزّائرين.
وجرت في العاشر من شهر سبتمبر الحالي الزيارة السنوية الرسمية لمقام سبلان في قرية حرفيش بحضور جماهير غفيرة من المشايخ والشباب
من كافة القرى الدرزية في الكرمل والجولان والجليل.
النبي سبلان هو أحد الأنبياء المقدسين عند الدّروز وقد عاش في عصور سابقة ودعا
للخير والصّلاح وعبادة الله، وكان ينشر الحقّ والعدل بين النّاس، وحمل رسالة ربه في
نقل المعرفة والإيمان والدّلالة على الواحد الأحد، كي يبتعد النّاس عن الخطأ ويسلكوا
طريق العبادة والصّواب.
النبي سبلان من أنبياء الدّروز، ويُعتقد بأنه زبولون أحد أبناء النبي يعقوب
عاش في عصور سابقة ودعا للخير والصّلاح وعبادة الله، وكان ينشر الحقّ والعدل بين النّاس،
وحمل رسالة ربّه في نقل المعرفة والإيمان والدّلالة على الواحد الأحد كي يبتعد النّاس
عن الخطأ ويسلكوا طريق العبادة والصّواب. ويقال أنه سكن في مغارة على الجبل الذي عرف
باسمه (جبل سبلان)، يرعى غنماته وينشر الحق والعدل بين الناس.
عاش النبي سبلان في مغارة على قمة جبل شاهق (جنوبي حرفيش)؛ والذي لا تربطه أيّة
سلسلة من الجبال وكأنه جَوهَرة وحولهُ جبال شامخة تحتضنه وتفتخر بوجودها من حوله، كان
النبيّ سبلان (ع) يتعبّد في مغارته، فعاش ودَعا وتحمل المشقات والصعوبات كي يوصل رسالة
التوحيد إلى المؤمنين في هذه المنطقة.
فرض النبي سبلان احترامه على سكان قرى الجليل العلوي، فكان عليه السلام – الملجأ
والحاكم والقاضي بين الناس- وتحولت المغارة مكان سكنه محجّةً تحج إليها الناس من كل
حدب وصوب للتبرك وترسيخ الإيمان في قلوبهم. وقد اشتهر بأنه يشفي قطعان الماعز والطروش
الأخرى.
ومن الأمثال التي درجت على ألسنة سكان
منطقة الجليل: "هل عنزاتك مثل عنزات سبلان"، أي هل تترك قطيع ماعزك دون راعٍ
ولا تخاف عليه وكأنه قطيع النبي سبلان الذي لا راعي له. فقد كانوا يزوِّرون قطعانهم
في المقام، وكل رأس ماعز يقف أمام المغارة فهو للنبي، إذ قالوا: "هذا مربوط لسبلان".
وقد كانوا يحفظون أماناتهم في المقام (عراف، 1993).
اعتبر أهالي قرية حرفيش الرابضة شمالي جبل سبلان والمحتمية بسفحه، أنّ هذا المكان
مقدسا، وقد شاهدوا وقوع بعض الكرامات فيه، فأصبح المكان محجّا ومقصداً للتبرك ولإيفاء
النذور وللدعوة والصلاة والابتهال. ففي حياة كل شعب، وفي حياة كل مجمع بشري، يوجد أولياء
صالحون، ويوجد اشخاص لهم فضل على المجتمع، يلجأ إليهم الناس عند الضيق، أو عندما تتلبد
غيوم وهموم الحياة وتسد الطرق في وجوههم.
ومقام النبي سبلان هو أحد الأماكن المقدسة للدروز، إذ يعود تاريخ هذا النبي
إلى زمان بعيد.
يقع المقام على قمة جبل سبلان جنوب قرية حرفيش في الجليل الأعلى، ويرتفع عن
سطح البحر 900 م. ويشرف على قرية حرفيش ويمكن منه مشاهدة معظم مناطق الجليل الأعلى.
يحتوي المبنى على المغارة التي كان يتعبد فيها النبي سبلان.
أول قبّة أقيمت فوق المغارة كانت بسبب حلم حلمه الشّيخ الحاج سليمان الحريري،
حيث طلب منه النبي أن يقيم قبة على المغارة.
كان المقام يشتمل على أربعة عقود قديمة قائمة فوق الكهف الذي كان يتعبد وينام فيه، كما ويوجد فوق كل عقد قبة (أربع قباب). ثم أضيفت للمقام خلوة واسعة للصلاة، وغرف للمبيت وأخرى لتحضير الطعام لوفود المشايخ وأبناء الطائفة الدرزية الذين يحضرون لهدف الزيارة أو إيفاء نذر. أما اليوم فالمقام مؤلف من أربع بنايات منفردة.
إضافة إلى ذلك فهناك ساحتان: السّاحة الدّاخلية وتقع بين البنايات المختلفة.
والسّاحة الخارجية وتقع غربي المقام وخارج أسواره. وقد كانت في المقام بئران قبل وصول
الماء إليه عام 1965. وفي عام 1969 تم وصل المقام بالتيار الكهربائي، كما وصله الشّارع
في عام 1973، والهاتف في عام 1975، وقد اصدرت الدولة سنة 1984 طابعا بريديا بصورة مقام
النبي سبلان (ع) لذكرى العيد.
كان للمقام وقف بلغت مساحته 760 دونمًا، ثمّ جرت تسوية مع أملاك الدّولة. اعترفت
الدوله والجهات المختصة بها أن المقام وما حوله (206 دونم) – وقفا للمقام ومُلكا للطائفه
الدرزية وسجلت هذه الأراضي على اسم وقف النبي سبلان وله وقف في كفر سميع فيه عشر زيتونات،
ويدير الوقف وشؤون المقام حالياً، لجنة من أهالي حرفيش برئاسة سايس الخلوة الشيخ أبي
علي مهنا فارس.