منتدي امريكي افتراضي يبحث "تحولات حزب الله " بعد 40 عاما من تأسيسه
الثلاثاء 06/ديسمبر/2022 - 11:38 ص
طباعة
روبير الفارس
بمناسبة مرور 40 عاماً على تأسيس «حزب الله» عقد "معهد واشنطن لسياسات الشرق الادني " منتدى سياسياً افتراضياً ناقش خلاله تداعيات التحولات الداخلية والإقليمية والاستراتيجية للحزب .وتوصل المنتدي الي ان حزب الله لايزال منخرطاً بعمق في تهريب النفط والأسلحة إلى جانب «الحرس الثوري الإسلامي» الإيراني. وقد أثبتت وحداتهم اللوجستية، التي تعمل بصورة متناسقة، فعاليتها العالية في هذا الصدد.
في البداية قالت الكاتبة الصحفية اللبنانية حنين غدار مؤلفة كتابه "أرض «حزب الله»: رسم خرائط الضاحية والجماعة الشيعية في لبنان" ان «حزب الله» يدخل هذا العام عقده الرابع منذ نشأته كحركة مقاومة لبنانية لها جناح عسكري حيث تطوّر ليصبح شيئاً أكبر بكثير وأكثر تعقيداً.قبل عام 1982، كانت الجماعات الفلسطينية تسيطر على جنوب لبنان، وتكتنز الموارد المحلية وتستأثر باتخاذ القرارات. وأثناء نشأتي في تلك المنطقة، أتذكر أن أهالي قريتنا كانوا يستقبلون القوات الإسرائيلية بالأرز وبتلات الزهور عقب غزوها لطرد الفلسطينيين منها. غير أن الإسرائيليين تجاوزوا فترة ضيافتهم، بفرضهم سيطرة هائلة على حياة السكان المحليين ليصبحوا بذلك "مُحتلين" بعد أن جاؤوا بصفة "محررين". وعندما ظهر «حزب الله» على الساحة، صوّر نفسه على أنه مقاومة تهدف إلى ردع هؤلاء المحتلين الإسرائيليين - إلّا أن ذلك تغيّر من خلال النظرة إلى الحزب اليوم كمحتل بعد أربعين عاماً على تأسيسه بسبب انتهاكاته المتفشية.وبلغت مصداقية مقاومة «حزب الله» ذروتها في عام 2000، عندما انسحبت إسرائيل رسمياً من لبنان. إلا أن الأمور بدأت في التدهور بعد ذلك، لا سيما بعد أن أثارت قوات «حزب الله» حرباً غير ضرورية مع إسرائيل في عام 2006 واستخدمت أسلحتها ضد المجتمعات اللبنانية في عام 2008. ولاحقاً أدى تدخل الحزب في الحرب السورية إلى تغيير سمعته حتى بصورة أكبر. كما أن الاحتجاجات الجماهيرية التي اندلعت بحلول عام 2019 كشفت عن جانبه القبيح لجميع اللبنانيين، حيث اختار «حزب الله» حماية الطبقة السياسية الفاسدة وفي الوقت عينه مهاجمة المتظاهرين. واليوم، لم يعد الحزب محبوباً في لبنان، بل أصبح الناس يهابونه كعصابة مخدرات قاتلة ومنظمة مافيا.
وقال الباحث الامريكي ماثيو ليفيت وهو مصمم خريطته التفاعلية حول نشاطات «حزب الله» في جميع أنحاء العالم بعد سنوات من الإنكار، اعترف «حزب الله» أخيراً بأنه تشكل عام 1982، مما يؤكد ضلوعه في هجمات إرهابية كبيرة في بيروت في ذلك الوقت تقريباً. وسبق للحزب أن أصرّ على أن عمله لم يبدأ إلا بعد نشره "الخطاب المفتوح" عام 1985. وأثبت هذا التشويش تراجعه إذ تُظهر المستندات الاستخباراتية التي رفعت عنها السرية أن الحكومات الغربية واجهت صعوبة في فهم النزعة العسكرية الشيعية الجديدة التي نشأت في ذلك الوقت، حيث تؤكد شخصيات من «حزب الله» منذ فترة طويلة أن الجماعة التي تطلق على نفسها اسم "الجهاد الإسلامي" كانت منظمة مختلفة تماماً. لكن تبين لاحقاً أن هذا الإسم كان (ولا يزال) مجرد غطاء لـ «حزب الله» وفقاً لما أثبتته وكالات الاستخبارات.لقد كانت العقود الأربعة الماضية مليئة بالتحولات في تحالفات الحزب في الخارج. لنأخذ على سبيل المثال، علاقته "المتقلبة" مع سوريا. ففي مرحلة ما، كانت دمشق تطارد رئيس عمليات «حزب الله»، عماد مغنية، ولكن بعد سنوات، أصبح الحزب يساعد نظام بشار الأسد في خوض حرب أهلية. واضاف ماثيو قائلا لكن الثابت الوحيد هو علاقة «حزب الله» بإيران. ففي منتصف ثمانينات القرن الماضي، كتبت "وكالة المخابرات المركزية" الأمريكية تقريراً مفاده أنه كان من الممكن - بل من المرجح - إنشاء مجموعة شبيهة بـ «حزب الله» بدون دعم طهران، لكن المساعدة والتمويل الإيرانيين سارعا في نموه ليصبح حركة مسلحة أكبر حجماً وأكثر قوة. على سبيل المثال، كان «فيلق القدس» الإيراني هو الذي أرسل 1500 جندي إلى "وادي البقاع" في عام 1982 لتدريب «حزب الله» على الأساليب والأيديولوجية العسكرية. وحالياً يتولى قائد «حزب الله»، حسن نصر الله، دور "مدير مكتب" جماعات "المقاومة" الخارجية العديدة التي تدور في فلك إيران، لا سيما منذ مقتل قائد «فيلق القدس»، قاسم سليماني، وزعيم الميليشيا العراقية، أبو مهدي المهندس.وفي الواقع، يحاول «حزب الله» إيجاد طرق لاستعادة صورته كمقاومة مع انتهاء جزء كبير من مهتمه في سوريا، بما في ذلك عبر دفع إسرائيل بما يكفي لوضع الدولة في حالة تأهب وتلميع صورته كمنافس للدولة اليهودية، ولكن دون إثارة رد عسكري إسرائيلي واسع النطاق داخل لبنان.وفيما يتعلق بالجهود الدولية لمواجهة «حزب الله» وشبكته الإجرامية العالمية، فقد شكّلت العقوبات أداة فعالة. وفي الواقع، يمكن القول إن الولايات المتحدة لم تفعل ما يكفي في هذا الصدد عندما كان الحزب في وضع ضعيف بسبب انتشاره الكبير في سوريا وانخفاض تمويله (سواء داخل لبنان أو من إيران). ومع ذلك، فإن العقوبات هي مجرد أداة وليست سياسة.وبعد عام 2009، عندما اضطرت إيران إلى تقليص تمويلها لـ «حزب الله» مؤقتاً بسبب انخفاض أسعار النفط والعقوبات المتزايدة عليها، بدأ الحزب بالعمل استباقياً على تنويع مصادر دخله لسدّ الفجوة، بما في ذلك من خلال غسيل الأموال وغيرها من المؤسسات الإجرامية المنظمة. وشملت تلك الأنشطة تهريب المخدرات، حيث تشكل الخدمات اللوجستية والنقل بشكل عام الجزء الأكبر من عمل «حزب الله» في الخارج.كما لا يزال «حزب الله» منخرطاً بعمق في تهريب النفط والأسلحة إلى جانب «الحرس الثوري الإسلامي» الإيراني. وقد أثبتت وحداتهم اللوجستية، التي تعمل بصورة متناسقة، فعاليتها العالية في هذا الصدد. ولا يزال محمد قصير أحد أهم مسؤولي «حزب الله» في مجال التهريب ويحظى بثقة قيادة «الحرس الثوري» (كما تمثّل من خدمته كمترجم لسليماني خلال اجتماع سري للغاية عُقد في فبراير 2019).
وقالت الناشطة السياسية منى فياض أبرز المعارضين الشيعة لـ «حزب الله». ان علاقة «حزب الله» بإيران بدات مع إحياء النشاط السياسي الشيعي وإنشاء موسى الصدر لحركة «أمل» الإسلامية بعد وصوله إلى لبنان. ودخلت حركة «أمل» و«حزب الله» في منافسة شرسة من عام 1985 إلى عام 1990، إلا أن حركة «أمل» انشقت في النهاية ليصبح «حزب الله» الحركة السياسية الشيعية المهيمنة في البلاد.ومن الناحية الأيديولوجية، يحرص الحزب على تعزيز ولاية الفقيه، وهي العقيدة نفسها التي تمنح السلطة للمرشد الأعلى الإيراني. وعلى مرّ السنين، تخلصت كوادر «حزب الله» من أشكال التعبير الفني والثقافة واللباس التي يعتمدها شيعة لبنان بصورة تقليدية، بينما فرضوا معايير اجتماعية أكثر تحفظاً تتماشى مع تلك التي دعا إليها القادة الإيرانيون - وهي أعراف يرفضها الكثيرون في لبنان.علاوةً على ذلك، على الرغم من أن "اتفاق الطائف" دعا جميع الميليشيات اللبنانية إلى نزع سلاحها، إلا أن «حزب الله» رفض ذلك متذرعاً بضرورة استمرار المقاومة ضد إسرائيل. وأدّت هذه الخطوة، إلى جانب الجهود للتخلص من الخصوم المحتملين، إلى تمكين الحزب من الاستئثار بمعسكر المقاومة الشيعية في لبنان وبالتالي زيادة سلطته على السكان المحليين.وفي أعقاب سيطرة «حزب الله» على الساحة الشيعية، قرر أن يذهب أبعد من ذلك ساعياً وراء الساحة السياسية الوطنية. وكان أحد أخطر إنجازاته هو تحويل النظام البرلماني الديمقراطي إلى نظام توافقي عبر اتفاقية الدوحة لعام 2008. ومن خلال ابتكار الحزب لمصطلح "الثلث المعطّل" تمكّن من التحكم بالقرارات السياسية الرئيسية.ومع ذلك، أدت مظاهرات عام 2019 إلى تغيير سمعة «حزب الله» بشكل نهائي. فعندما عارض قادة الحزب الاحتجاجات القائمة، لم يعد بإمكانهم الادعاء بأنهم "المقاومة"، بل أصبحوا الآن هم السلطة، وزعماء المافيا المسؤولين عن حماية نظام فاسد. وعندما لجأ «حزب الله» إلى استخدام العنف ضد المتظاهرين، لم يعد بإمكان الجمهور الإنكار بأن بلادهم محتلة أساساً من قبل إيران.ويواجه قادة التنظيم حالياً أزمة لا يعود سببها إلى مشاكلهم في الداخل فحسب، بل إلى الاحتجاجات المستمرة في إيران أيضاً. وقد يؤدي تخوفهم من فقدان السلطة في نهاية المطاف إلى استخدامهم الأسلحة العسكرية - داخل لبنان أو ضد إسرائيل - من أجل تعزيز موقفهم.
وقال عقيل عباس ألاستاذ في "الجامعة الأمريكية في العراق". انه وبسبب الدعاية الإعلامية واسعة النطاق لصالح «حزب الله»، لا يملك غالبية العراقيين صورة دقيقة عن التنظيم. وبالتالي، قام معظمهم بتأييد «حزب الله» منذ نشأته، ويرجع ذلك في الغالب إلى جهوده في مقاومة إسرائيل والغرب. فقد رأى العراقيون تصرفات الجماعة من منظور ثقافتهم القومية العربية والإسلامية، والتي لم تسمح للكثيرين منهم بفهم ما كان يحدث ضمن سياق تاريخي وقائعي. وفي عهد صدام حسين، تم الاحتفاء بـ «حزب الله» على أنه "المقاومة اللبنانية". وبعد مرور فترة من الزمن على سقوط صدام، تم توجيه اللوم إلى الأحزاب الشيعية العراقية لعدم حذوهم حذو «حزب الله» الذي اعتبره كثير من العراقيين حزباً بعيداً عن الفساد ومدعوماً على نطاق واسع من قبل الشعب اللبناني.إلا أن هذا الحماس انخفض حالما أدرك العراقيون الخطر الذي تشكله ميليشياتهم الشيعية. كما أدت العمليات ضد تنظيم «داعش» إلى تحويل تأييدهم، مما حفز قيام موجة جديدة من القومية العراقية والوطنية. وجاء التحوّل الرئيسي ضد «حزب الله» في عام 2017، عندما توسطت الجماعة في صفقة لنقل 600 شخص من عناصر تنظيم «داعش» من لبنان إلى الحدود العراقية. وتم انتقاد هذه الخطوة على نطاق واسع في العراق - حتى أن رئيس الوزراء السابق حيدر العبادي، العضو البارز في «حزب الدعوة» الإسلامي الذي غالباً ما كان متحالفاً مع إيران ووكلائها، أدان «حزب الله» بعبارات قوية لتسهيله عملية النقل.واضاف عباس قائلا ومع ذلك، لا يزال الحزب يتمتع بعلاقات عسكرية واسعة النطاق مع الميليشيات الموالية لإيران في العراق. ففي عام 2007، اعتُقل الناشط البارز في «حزب الله» علي موسى دقدوق في البصرة إلى جانب قيس وليث الخزعلي، قائدي ميليشيا «عصائب أهل الحق». واتهمتهم القوات الأمريكية بتدبير عملية في وقت سابق من ذلك العام أسفرت عن مقتل خمسة جنود أمريكيين في كربلاء. ووُضع دقدوق قيد الإقامة الجبرية، إلّا أن بعض التقارير أفادت أن السياسيين كانوا يذهبون لزيارته مراراً وتكراراً، وأُطلق سراحه بعد انسحاب الجيش الأمريكي من العراق.كما يحافظ «حزب الله» على علاقات تجارية واسعة مع الميليشيات الموالية لإيران. وعلى الرغم من أن هذه الروابط معروفة جيداً لأولئك الموجودين في الساحة في العراق، إلا أن الطبيعة الغامضة لهذه العلاقات تجعلها موضوعاً صعباً يمكن من خلاله جمع أدلة دامغة.
في البداية قالت الكاتبة الصحفية اللبنانية حنين غدار مؤلفة كتابه "أرض «حزب الله»: رسم خرائط الضاحية والجماعة الشيعية في لبنان" ان «حزب الله» يدخل هذا العام عقده الرابع منذ نشأته كحركة مقاومة لبنانية لها جناح عسكري حيث تطوّر ليصبح شيئاً أكبر بكثير وأكثر تعقيداً.قبل عام 1982، كانت الجماعات الفلسطينية تسيطر على جنوب لبنان، وتكتنز الموارد المحلية وتستأثر باتخاذ القرارات. وأثناء نشأتي في تلك المنطقة، أتذكر أن أهالي قريتنا كانوا يستقبلون القوات الإسرائيلية بالأرز وبتلات الزهور عقب غزوها لطرد الفلسطينيين منها. غير أن الإسرائيليين تجاوزوا فترة ضيافتهم، بفرضهم سيطرة هائلة على حياة السكان المحليين ليصبحوا بذلك "مُحتلين" بعد أن جاؤوا بصفة "محررين". وعندما ظهر «حزب الله» على الساحة، صوّر نفسه على أنه مقاومة تهدف إلى ردع هؤلاء المحتلين الإسرائيليين - إلّا أن ذلك تغيّر من خلال النظرة إلى الحزب اليوم كمحتل بعد أربعين عاماً على تأسيسه بسبب انتهاكاته المتفشية.وبلغت مصداقية مقاومة «حزب الله» ذروتها في عام 2000، عندما انسحبت إسرائيل رسمياً من لبنان. إلا أن الأمور بدأت في التدهور بعد ذلك، لا سيما بعد أن أثارت قوات «حزب الله» حرباً غير ضرورية مع إسرائيل في عام 2006 واستخدمت أسلحتها ضد المجتمعات اللبنانية في عام 2008. ولاحقاً أدى تدخل الحزب في الحرب السورية إلى تغيير سمعته حتى بصورة أكبر. كما أن الاحتجاجات الجماهيرية التي اندلعت بحلول عام 2019 كشفت عن جانبه القبيح لجميع اللبنانيين، حيث اختار «حزب الله» حماية الطبقة السياسية الفاسدة وفي الوقت عينه مهاجمة المتظاهرين. واليوم، لم يعد الحزب محبوباً في لبنان، بل أصبح الناس يهابونه كعصابة مخدرات قاتلة ومنظمة مافيا.
وقال الباحث الامريكي ماثيو ليفيت وهو مصمم خريطته التفاعلية حول نشاطات «حزب الله» في جميع أنحاء العالم بعد سنوات من الإنكار، اعترف «حزب الله» أخيراً بأنه تشكل عام 1982، مما يؤكد ضلوعه في هجمات إرهابية كبيرة في بيروت في ذلك الوقت تقريباً. وسبق للحزب أن أصرّ على أن عمله لم يبدأ إلا بعد نشره "الخطاب المفتوح" عام 1985. وأثبت هذا التشويش تراجعه إذ تُظهر المستندات الاستخباراتية التي رفعت عنها السرية أن الحكومات الغربية واجهت صعوبة في فهم النزعة العسكرية الشيعية الجديدة التي نشأت في ذلك الوقت، حيث تؤكد شخصيات من «حزب الله» منذ فترة طويلة أن الجماعة التي تطلق على نفسها اسم "الجهاد الإسلامي" كانت منظمة مختلفة تماماً. لكن تبين لاحقاً أن هذا الإسم كان (ولا يزال) مجرد غطاء لـ «حزب الله» وفقاً لما أثبتته وكالات الاستخبارات.لقد كانت العقود الأربعة الماضية مليئة بالتحولات في تحالفات الحزب في الخارج. لنأخذ على سبيل المثال، علاقته "المتقلبة" مع سوريا. ففي مرحلة ما، كانت دمشق تطارد رئيس عمليات «حزب الله»، عماد مغنية، ولكن بعد سنوات، أصبح الحزب يساعد نظام بشار الأسد في خوض حرب أهلية. واضاف ماثيو قائلا لكن الثابت الوحيد هو علاقة «حزب الله» بإيران. ففي منتصف ثمانينات القرن الماضي، كتبت "وكالة المخابرات المركزية" الأمريكية تقريراً مفاده أنه كان من الممكن - بل من المرجح - إنشاء مجموعة شبيهة بـ «حزب الله» بدون دعم طهران، لكن المساعدة والتمويل الإيرانيين سارعا في نموه ليصبح حركة مسلحة أكبر حجماً وأكثر قوة. على سبيل المثال، كان «فيلق القدس» الإيراني هو الذي أرسل 1500 جندي إلى "وادي البقاع" في عام 1982 لتدريب «حزب الله» على الأساليب والأيديولوجية العسكرية. وحالياً يتولى قائد «حزب الله»، حسن نصر الله، دور "مدير مكتب" جماعات "المقاومة" الخارجية العديدة التي تدور في فلك إيران، لا سيما منذ مقتل قائد «فيلق القدس»، قاسم سليماني، وزعيم الميليشيا العراقية، أبو مهدي المهندس.وفي الواقع، يحاول «حزب الله» إيجاد طرق لاستعادة صورته كمقاومة مع انتهاء جزء كبير من مهتمه في سوريا، بما في ذلك عبر دفع إسرائيل بما يكفي لوضع الدولة في حالة تأهب وتلميع صورته كمنافس للدولة اليهودية، ولكن دون إثارة رد عسكري إسرائيلي واسع النطاق داخل لبنان.وفيما يتعلق بالجهود الدولية لمواجهة «حزب الله» وشبكته الإجرامية العالمية، فقد شكّلت العقوبات أداة فعالة. وفي الواقع، يمكن القول إن الولايات المتحدة لم تفعل ما يكفي في هذا الصدد عندما كان الحزب في وضع ضعيف بسبب انتشاره الكبير في سوريا وانخفاض تمويله (سواء داخل لبنان أو من إيران). ومع ذلك، فإن العقوبات هي مجرد أداة وليست سياسة.وبعد عام 2009، عندما اضطرت إيران إلى تقليص تمويلها لـ «حزب الله» مؤقتاً بسبب انخفاض أسعار النفط والعقوبات المتزايدة عليها، بدأ الحزب بالعمل استباقياً على تنويع مصادر دخله لسدّ الفجوة، بما في ذلك من خلال غسيل الأموال وغيرها من المؤسسات الإجرامية المنظمة. وشملت تلك الأنشطة تهريب المخدرات، حيث تشكل الخدمات اللوجستية والنقل بشكل عام الجزء الأكبر من عمل «حزب الله» في الخارج.كما لا يزال «حزب الله» منخرطاً بعمق في تهريب النفط والأسلحة إلى جانب «الحرس الثوري الإسلامي» الإيراني. وقد أثبتت وحداتهم اللوجستية، التي تعمل بصورة متناسقة، فعاليتها العالية في هذا الصدد. ولا يزال محمد قصير أحد أهم مسؤولي «حزب الله» في مجال التهريب ويحظى بثقة قيادة «الحرس الثوري» (كما تمثّل من خدمته كمترجم لسليماني خلال اجتماع سري للغاية عُقد في فبراير 2019).
وقالت الناشطة السياسية منى فياض أبرز المعارضين الشيعة لـ «حزب الله». ان علاقة «حزب الله» بإيران بدات مع إحياء النشاط السياسي الشيعي وإنشاء موسى الصدر لحركة «أمل» الإسلامية بعد وصوله إلى لبنان. ودخلت حركة «أمل» و«حزب الله» في منافسة شرسة من عام 1985 إلى عام 1990، إلا أن حركة «أمل» انشقت في النهاية ليصبح «حزب الله» الحركة السياسية الشيعية المهيمنة في البلاد.ومن الناحية الأيديولوجية، يحرص الحزب على تعزيز ولاية الفقيه، وهي العقيدة نفسها التي تمنح السلطة للمرشد الأعلى الإيراني. وعلى مرّ السنين، تخلصت كوادر «حزب الله» من أشكال التعبير الفني والثقافة واللباس التي يعتمدها شيعة لبنان بصورة تقليدية، بينما فرضوا معايير اجتماعية أكثر تحفظاً تتماشى مع تلك التي دعا إليها القادة الإيرانيون - وهي أعراف يرفضها الكثيرون في لبنان.علاوةً على ذلك، على الرغم من أن "اتفاق الطائف" دعا جميع الميليشيات اللبنانية إلى نزع سلاحها، إلا أن «حزب الله» رفض ذلك متذرعاً بضرورة استمرار المقاومة ضد إسرائيل. وأدّت هذه الخطوة، إلى جانب الجهود للتخلص من الخصوم المحتملين، إلى تمكين الحزب من الاستئثار بمعسكر المقاومة الشيعية في لبنان وبالتالي زيادة سلطته على السكان المحليين.وفي أعقاب سيطرة «حزب الله» على الساحة الشيعية، قرر أن يذهب أبعد من ذلك ساعياً وراء الساحة السياسية الوطنية. وكان أحد أخطر إنجازاته هو تحويل النظام البرلماني الديمقراطي إلى نظام توافقي عبر اتفاقية الدوحة لعام 2008. ومن خلال ابتكار الحزب لمصطلح "الثلث المعطّل" تمكّن من التحكم بالقرارات السياسية الرئيسية.ومع ذلك، أدت مظاهرات عام 2019 إلى تغيير سمعة «حزب الله» بشكل نهائي. فعندما عارض قادة الحزب الاحتجاجات القائمة، لم يعد بإمكانهم الادعاء بأنهم "المقاومة"، بل أصبحوا الآن هم السلطة، وزعماء المافيا المسؤولين عن حماية نظام فاسد. وعندما لجأ «حزب الله» إلى استخدام العنف ضد المتظاهرين، لم يعد بإمكان الجمهور الإنكار بأن بلادهم محتلة أساساً من قبل إيران.ويواجه قادة التنظيم حالياً أزمة لا يعود سببها إلى مشاكلهم في الداخل فحسب، بل إلى الاحتجاجات المستمرة في إيران أيضاً. وقد يؤدي تخوفهم من فقدان السلطة في نهاية المطاف إلى استخدامهم الأسلحة العسكرية - داخل لبنان أو ضد إسرائيل - من أجل تعزيز موقفهم.
وقال عقيل عباس ألاستاذ في "الجامعة الأمريكية في العراق". انه وبسبب الدعاية الإعلامية واسعة النطاق لصالح «حزب الله»، لا يملك غالبية العراقيين صورة دقيقة عن التنظيم. وبالتالي، قام معظمهم بتأييد «حزب الله» منذ نشأته، ويرجع ذلك في الغالب إلى جهوده في مقاومة إسرائيل والغرب. فقد رأى العراقيون تصرفات الجماعة من منظور ثقافتهم القومية العربية والإسلامية، والتي لم تسمح للكثيرين منهم بفهم ما كان يحدث ضمن سياق تاريخي وقائعي. وفي عهد صدام حسين، تم الاحتفاء بـ «حزب الله» على أنه "المقاومة اللبنانية". وبعد مرور فترة من الزمن على سقوط صدام، تم توجيه اللوم إلى الأحزاب الشيعية العراقية لعدم حذوهم حذو «حزب الله» الذي اعتبره كثير من العراقيين حزباً بعيداً عن الفساد ومدعوماً على نطاق واسع من قبل الشعب اللبناني.إلا أن هذا الحماس انخفض حالما أدرك العراقيون الخطر الذي تشكله ميليشياتهم الشيعية. كما أدت العمليات ضد تنظيم «داعش» إلى تحويل تأييدهم، مما حفز قيام موجة جديدة من القومية العراقية والوطنية. وجاء التحوّل الرئيسي ضد «حزب الله» في عام 2017، عندما توسطت الجماعة في صفقة لنقل 600 شخص من عناصر تنظيم «داعش» من لبنان إلى الحدود العراقية. وتم انتقاد هذه الخطوة على نطاق واسع في العراق - حتى أن رئيس الوزراء السابق حيدر العبادي، العضو البارز في «حزب الدعوة» الإسلامي الذي غالباً ما كان متحالفاً مع إيران ووكلائها، أدان «حزب الله» بعبارات قوية لتسهيله عملية النقل.واضاف عباس قائلا ومع ذلك، لا يزال الحزب يتمتع بعلاقات عسكرية واسعة النطاق مع الميليشيات الموالية لإيران في العراق. ففي عام 2007، اعتُقل الناشط البارز في «حزب الله» علي موسى دقدوق في البصرة إلى جانب قيس وليث الخزعلي، قائدي ميليشيا «عصائب أهل الحق». واتهمتهم القوات الأمريكية بتدبير عملية في وقت سابق من ذلك العام أسفرت عن مقتل خمسة جنود أمريكيين في كربلاء. ووُضع دقدوق قيد الإقامة الجبرية، إلّا أن بعض التقارير أفادت أن السياسيين كانوا يذهبون لزيارته مراراً وتكراراً، وأُطلق سراحه بعد انسحاب الجيش الأمريكي من العراق.كما يحافظ «حزب الله» على علاقات تجارية واسعة مع الميليشيات الموالية لإيران. وعلى الرغم من أن هذه الروابط معروفة جيداً لأولئك الموجودين في الساحة في العراق، إلا أن الطبيعة الغامضة لهذه العلاقات تجعلها موضوعاً صعباً يمكن من خلاله جمع أدلة دامغة.