افغانستان والعراق وسوريا ....الحرب والارهاب في رسائل الميلاد
احتفلت الكنائس التابعة للتقويم الغربي بعيد ميلاد السيد المسيح .وفي رسائل العيد حضرت بقوة اوجاع الارهاب والحرب والازمات الاقتصادية في اوكرانيا وافغانستان وسوريا والعراق ولبنان واليمن وايران.
الحرب العبثية
في رسالة البابا فرنسيس بابا الفاتيكان للعيد كتب يقول إذا أردنا أن يكون عيد الميلاد، عيد ميلاد المسيح والسلام، لننظر إلى بيت لحم ونُحدقَ النظر إلى وجه الطفل الذي ولد من أجلنا! ولنَرَ في ذلك الوجه الصغير البريء، وجهَ الأطفال الذين يتوقون إلى السلام في جميع أنحاء العالم. ليمتلأ نظرنا بوجوه الإخوة والأخوات الأوكرانيين الذين يعيشون في عيد الميلاد هذا في الظلام أو في البرد أو بعيدًا عن بيوتهم، بسبب الدمار الذي سببته عشرة أشهر من الحرب.
وليجعلنا الرب مستعدين لتصرفات تضامن ملموسة لكي نساعد الذين يتألّمون، وليُنِر عقول الذين لديهم القدرة على إسكات الأسلحة ووضع حد فوري لهذه الحرب العبثية! لسوء الحظ، نحن نفضل أن نصغي إلى أسباب أخرى يمليها منطق العالم. لكنَّ صوت الطفل من يصغي إليه؟
وتابع البابا فرنسيس يقول يعيش زمننا أيضًا نقصًا خطيرًا في السلام في مناطق أخرى، في مسارح أخرى لهذه الحرب العالمية الثالثة. لنفكر في سوريا، التي ما زال يعذِّبها صراع تلاشى في الخلفية ولكنّه لم ينتهِ. لنفكر في الأرض المقدسة، حيث تصاعد العنف والاشتباكات خلال الأشهر الأخيرة، مع سقوط قتلى وجرحى. لنطلب من الرب أن يُستأنف الحوار والبحث عن الثقة المتبادلة بين الإسرائيليين والفلسطينيين هناك في الأرض التي شهدت مولده. ليعضد الطفل يسوع الجماعات المسيحية التي تعيش في جميع أنحاء الشرق الأوسط، لكي يصبح ممكنًا في هذه البلدان عيش جمال التعايش الأخوي بين الأشخاص الذين ينتمون إلى ديانات مختلفة. ليساعد لبنان بشكل خاص لكي يتمكن من أن ينهض أخيراً، بدعم من المجتمع الدولي وبقوة الأخوَّة والتضامن.
وأضاف :ليُنر نور المسيح منطقة الساحل، حيث تشوّش الاشتباكات والعنف التعايش السلمي بين الشعوب والتقاليد. وليوجّه هدنة دائمة في اليمن، ونحو المصالحة في ميانمار وإيران، لكي تتوقف كل إراقة للدماء. وليلهم السلطات السياسية وجميع الأشخاص ذوي الإرادة الصالحة في القارة الأمريكية لكي يعملوا على تهدئة التوترات السياسية والاجتماعية التي تؤثر على مختلف البلدان. أفكر بشكل خاص في سكان هايتي الذين يتألّمون منذ فترة طويلة.
وأضاف البابا فرنسيس يقول في هذا اليوم، الذي من الجميل أن نجتمع فيه حول مائدة مليئة بالطعام، لا نحيدنَّ نظرنا عن بيت لحم، التي تعني “بيت الخبز”، ولنفكر في الأشخاص الذين يعانون من الجوع، ولاسيما الأطفال، فيما تهدر يوميًّا كميات كبيرة من الطعام ويتمُّ إنفاق الموارد على الأسلحة. إنَّ الحرب في أوكرانيا قد زادت من تفاقم الوضع، وتركت شعوبًا بأكملها عرضة لخطر المجاعة، ولاسيما في أفغانستان وبلدان القرن الأفريقي. إنَّ كل حرب – كما نعلم – تسبب الجوع وتستغل الغذاء نفسه كسلاح، وتمنع توزيعه على السكان الذين يتألمون. في هذا اليوم، إذ نتعلَّم من أمير السلام، لنلتزم جميعًا، والذين يشغلون مسؤوليات سياسيّة أولاً، لكي يكون الغذاء فقط أداة سلام. وبينما نستمتع بفرح لمِّ شملنا مع أحبائنا، لنفكر في العائلات التي جرحتها الحياة، وتلك التي تكافح في زمن الأزمة الاقتصادية هذا بسبب البطالة وتفتقر إلى ضروريات الحياة الأساسية.
العراق
وفي العراق راس البطريرك الكاردينال لويس روفائيل ساكو بقداس ليلة عيد الميلاد في كاتدرائية مار يوسف/ الكرادة، بحضور رئيس الجمهورية السيد عبد اللطيف رشيد وعقيلته ودولة رئيس الوزراء السيد محمد شياع السوداني وسماحة السيد عمار الحكيم وفضيلة الشيخ ستار الحلو رئيس طائفة الصابئة المندائية وبعض الشخصيات الرسمية وسفيرة استراليا وجمع غفير من المؤمنين.
وفي موعظته عبر غبطته عن شكره لكل السادة المسؤولين على حضورهم ومشاركتهم صلاة المسيحيين بعيد ميلاد السيد المسيح والدعاء لأجل السلام والاستقرار. ودعا العراقيين ان ينظروا الى ذاتهم كعراقيين وليس كمسيحيين ومسلمين وأن يحترموا بعضهم بعضا.
وفي رسالته للميلاد قال البطريرك ساكو الميلاد يعلّمنا ان نكون فَعَلَة سلام، وإحسان، والدفاع عن المظلوم، وإغاثة اليتيم والأرملة والفقير معاً، ولا يمكن أن ننمو ونتطور من دون حياة روحيّة وقيَم أخلاقية والتعاون لاستعادة التناغم لهذا العالم الذي خلقه الله جميلاً، وأوكِل الينا تنظيمه وحفظه وإزدهارها. وقال ساكو العراق بلد حضارات وثقافات وأمجاد، فيه اُناس أكابر من كل الديانات والفئات. لقد حان الوقت لنعود الى أصالتنا وقيَمنا، وبناء الثقة الاجتماعية، والتربية على قبول التنوّع وترسيخ العيش المشترك، والولاء للوطن الحاضن الجميع تحت قاعدة المواطنة المتساوية.هذا المشروع ليس مهمة الحكومة وحدها، لكن يتحمل المواطنون قسطاً كبيراً من المسؤولية بدعمهم وتعاونهم وحرصهم لحماية وحدة بلدهم وسيادته وتقدمه ليعيش الجميع في غاية السلام والسعادة. بصراحة لا يوجد طريق سواه.لنرفع صلاتنا قائلين: يا رب السلام امنح بلادنا والعالم السلام والاستقرار.
سوريا
وفي سوريا راس البطريرك مار إغناطيوس أفرام الثاني بطريرك الكنيسة السريانية صلاة القداس الإلهي لعيد الميلاد ٢٠٢٢،في كاتدرائية مار جرجس البطريركية في دمشق وقال في عظته أيّها الأحبّاء، وبعد أكثر من ألفي سنة على ذلك الحدث التاريخي العظيم الذي أصبح حدًّا فاصلًا ما بين قبل وبعد فنقول العام الفلاني قبل الميلاد والتاريخ الفلاني بعد الميلاد، أين نحن من ذلك النور الموعود به وتلك الاستنارة المنتظرة ؟ فالعالم ما زال في ظلمة الجهل والعبودية والاستغلال والكراهية.
ما الذي تغيّر في عالمنا سوى ازدياد شقاء الإنسان وآلامه؟ والسبب يعود بالدرجة الأولى إلى جشع الإنسان وطمعه وإلى استغلال القويّ للضعيف. فنرى الحروبَ بين الأمم المتجبّرة وغالبًا على أراضي دولٍ ثالثة وهي بأغلبها تنافس على استملاك الطاقة وموارد الطبيعة.وهنا في مشرقنا العزيز، وخاصة في بلدنا الحبيب سورية، وإن كانت العمليات العسكرية قد انحسرت كثيرًا بفضل دم شهدائنا الأبرار وتضحيات جرحانا من الجيش السوري الباسل والقوى الرديفة، لكن الحرب لم تنتهِ بل ما زالت مستمرّة بوجهها الاقتصادي القبيح، حيث تُستباح كرامة الإنسان من خلال إذلاله في الحصول على ما يحتاجه من طعام ومياه ووقود وغيرها من أبسط ضروريّات الحياة، وذلك بسبب العقوبات غير القانونية والحصار الظالم المفروض علينا لكسر إرادتنا.
واليوم، تسمع بمشروع قانون جديد يهيّئ له الكونجرس الأميركي وكأنّ قانون قيصر لا يكفي. أليس من حقّنا أن نسأل مَن الذي أعطى هذه الدول التي تسمّى بالعظمى حقّ استعباد وقهر غيرها من الشعوب؟ هل العظمة تكمن في ممارسة الظلم والطغيان، أم في مدّ يد العون للدول والشعوب الضعيفة والمحتاجة؟
نعم، كلّ إنسان على هذه الأرض مسؤول عن أخيه الإنسان. لا نستطيع أن نتشبّه بقايين الذي عندما سُئِل عن أخيه هابيل أجاب: "أحارسٌ أنا لأخي؟" بالفعل، نحن حرّاسُ بعضنا لبعض. ويتوجّب علينا تقديم السند والعون واحدُنا للآخر، وخاصة في ظلّ ظروف صعبة نعيشها هذه الأيّام. هذه هي روح الميلاد، أيّها الأحبّاء، أن نحبّ بعضنا بعضًا كما أحبّنا الله وأرسل ابنه الربّ يسوع ليخلّصنا من أنانيّتنا وخطايانا، ويمنحنا نعمة أن نُدعى له بنينًا وبناتٍ ووارثين لملكوته السماوي.
يطيب لنا باسمكم جميعًا أن نقدّم التهاني القلبيّة لكل أبناء وطننا العزيز سورية، من مسلمين ومسيحيّين، وعلى رأسهم رئيس البلاد الدكتور بشار الأسد، وكافة المسؤولين من مدنيّين وعسكريّين، التهاني القلبيّة بعيد الميلاد المجيد وبقدوم السنة الميلادية الجديدة، مصلّين أن تكون سنةَ خيرٍ وبركة للجميع وسلام ووئام في كلّ العالم.