خلافات الحزب الديمقراطي والاتحاد الوطني .. كردستان العراق إلى اين؟
شهد إقليم كردستان العراق خلافاً مشحوناً باتهامات متبادلة بين الحزبين الكبيرين الحزب الديمقراطي الكردستاني والاتحاد الوطني الكردستاني، وسط مخاوف من تكرار سيناريو 1994.
ويقاطع نائب رئيس حكومة كردستان العراق عن حزب "الاتحاد" بزعامة بافل طالباني، قوباد طالباني، منذ نحو ثلاثة أشهر اجتماعات حكومة الإقليم التي يقودها الحزب "الديمقراطي" بزعامة مسعود بارزاني، احتجاجاً على ما وصفه بـ "النهج السيئ في إدارة الحكم"، وأعلن أخيراً رفضه المشاركة مع الوفد الكردي المفاوض مع الحكومة الاتحادية حول الملفات الخلافية.
وجاءت هذه الأحداث بعد حادثة اغتيال العقيد هاوكار الجاف، أحد أبرز الضباط في مؤسسة مكافحة الإرهاب، في 7 أكتوبر الماضي بمدينة أربيل، ما أدى لمقاطعة الفريق الوزاري للاتحاد الوطني جلسات مجلس الوزراء في حكومة الإقليم، بعد أن اتهم الحزب الديمقراطي قادة أمنيين في الاتحاد الوطني بالوقوف وراء عملية الاغتيال.
أكد القيادي في الاتحاد الوطني الكردستاني، غياث السورجي أن المشكلات السياسية والعالقة بين الحزب الديمقراطي الكردستاني والاتحاد الوطني ما زالت مستمرة .
يتخوف كثير من المراقبين من أن يؤدي استمرار الخلافات بين الحزبين لتصدع وضع إقليم كردستان العراق سياسيًا، واتجاه كل حزب نحو إدارة منفصلة داخل الإقليم، لا سيما مع تصريحات سابقة صدرت من بعض الجهات في السليمانية التي لوّحت بذلك.
الاتحاد الوطني بات يُلوّح بعودة حُكم "الادارتين"، أي إدارته "مُنفرداً" محافظة السليمانية والمناطق الشرقية المُتاخمة للحدود مع إيران. فيما يتركّز نفوذ الحزب الديمقراطي/البارزاني, في محافظة اربيل وزاخو ودهوك ومناطق غرب الإقليم المُحاذية للحدود التركية/والسورية.
وتمثل الخلافات مصدر قلق للدول الغربية، خصوصا الولايات المتحدة التي قدمت الدعم لكلا الحزبين، وكان أحدث مظاهره في القتال ضد تنظيم "داعش".
وتشعر واشنطن بالقلق من انتشار نفوذ إيران، التي تربطها علاقات طويلة الأمد بالاتحاد الوطني الكردستاني، والتي كثفت في الأسابيع الماضية من هجماتها الصاروخية على معارضين أكراد إيرانيين في شمال العراق.
وقال مسؤول أمريكي لرويترز إن واشنطن قلقة للغاية بشأن التوترات الأخيرة بين الاتحاد الوطني الكردستاني والحزب الديمقراطي الكردستاني.
وأضاف المسؤول "ما نحاول شرحه لشريكينا هنا هو أننا لا نريد الوحدة من أجل مجرد الوحدة، ولكننا بحاجة إلى أن يكونا قادرين على التعاون مع بعضهما في بعض القضايا الدقيقة التي تهمنا وبما يخدم مصلحتهم".
من جانبه يقول السياسي الكردي وعضو الحزب الديمقراطي الكردستاني، حسن قوال رشيد لـ،"بوابة الحركات الاسلامية" إن الخلافات السياسية بين الحزبين الكبيرين في كردستان (الحزب الديمقراطي الكردستاني والاتحاد الوطني الكردستاني) ،ليست وليدة اليوم بل تعرضت هذه العلاقات إلى المد والجزر طيلة العقود الخنسة الماضية وبعد انتفاضة مارس 1991 وتحديدا بعد اول انتخابات برلمانية التي فازت فيها الحزب الديمقراطي الكردستاني.
وواجه الحزبان خلافات كبيرة بسبب عدم قبول الاتحاد الوطني بنتائج الانتخابات ونتجت عنها فيما بعد الاقتتال الداخلي او حرب الأخوة والتي استمرت من مايو 1994 ولغاية نوفمبر 1997 وبعد المصالحة وقع الحزبان اتفاقية استراتيجية فيما بينهم وكان هناك تفاهم كبير بين الرئيس مسعود بارزاني والرئيس جلال طالباني وكانوا يحلون اكبر الخلافات باتصال تلفوني واحد ولكن هذه الاتفاقية تعرضت إلى الخطر خاصة بعد الاستفتاء على إقليم كردستان في عام 2017؟ـ وفقا لـ"رشيد".
ويضيف السياسي الكردي أن الخيانة التي تعرضت لها كردستان عامة والحزب الديمقراطي الكردستاني خاصة وبعد تسليم بافل طالباني زمام أمور حزب الاتحاد الوطني الكردستاني برزت خلافات عميقة داخل الحزب ومن عادة حزب الاتحاد عندما يبرز خلافات داخلية يقومون بتسويق تلك الخلافات إلى خلافات كردستانية لغرض السيطرة على تلك الخلافات ويقومون بمطالبة استحقاقات اكبر من طاقة الحكومة.
وتابع "رشيد قائلا":" وعلى الرغم من حصولهم على عدد قليل من المقاعد الا انهم يطالبون المناصب بالتساوي مع الحزب الديمقراطي الكردستاني وكذلك مسالة الحكومة وعدم تسليم وارادت محافظة السليمانية إلى حكومة إقليم كردستان وسيطرة بعض الأشخاص على معبر حاج عمران مع إيران وكذلك السيطرة على بعض الابار النفطية وغيرها من الأشياء والتأكيد هذه الخلافات ليست لصالح الشعب الكردستاني لكوننا نواجه تحديات خارجية وداخلية ومنها التدخل الإيراني والتركي في شؤون كردستان".
وكذلك موضوع ميزانية الإقليم ومماطلة الحكومة الاتحادية في صرف ميزانية الإقليم بشكل عادل وفقا لنفوس كردستان وحسب مقربين من الحزبين أنه من المتوقع أن يجتمع الحزبين الديمقراطي الكردستاني والاتحاد الوطني الكردستاني قريبا لحل خلافات هما وتوقيع اتفاقية جديدة بينهم، والعلاقات بين الطرفين كانت قد تدهورت كثيراً، وتسببت بالقلق لشعب كردستان و رد فعل سلبي في السوق الكردستانية، لكن التوترات خفت في النهاية ونتمنى أن يصل الطرفان إلى مخرج نهائي وحلحلة تلك الخلافات وفق نهج ديمقراطي، وفقا لـ"رشيد".
من جانبه قال شيفان فاضل من معهد ستوكهولم الدولي لأبحاث السلام، إن الخلاف "يؤثر على السلام الاجتماعي والاستقرار... كما يؤثر على الوضع الاقتصادي بوجه عام من حيث ثقة قطاع الأعمال والسوق".
وتابع فاضل في تصريحات صحيفة: "يتعلق (الخلاف) أكثر بالفرص المهدرة وكيف أن هذه التوترات تصرف انتباه حكومة إقليم كردستان عن معالجة قضايا الحوكمة وتلبية احتياجات سكانها، مما يؤدي إلى تفاقم المظالم".
يسود عدم اليقين تجاه ما يحمله مستقبل هذه المنطقة في طياته، ولكن الواقع الحالي الذي يزداد فيه تنافس الأحزاب من أجل مصالحها الخاصة بدلًا من العمل معًا لا يبشر بالخير لكردستان. لتجنب اتخاذ قرارات أكثر تشددًا بعد وعواقبها الخطيرة، لا بد من أن يعمد الحزب الديمقراطي الكردستاني والاتحاد الوطني الكردستاني إلى تخطي خلافاتهما لصالح المنطقة. وعوضًا عن التنافس عن طريق المنطقة الصفراء والمنطقة الخضراء، يجدر بالطرفين إعادة تأطير فكرهما حول مفهوم "منطقة كردستان" الواحدة الموحدة.