عبد الفتاح مورو.. الإخواني مدعي الوسطية

الإثنين 04/ديسمبر/2023 - 11:00 ص
طباعة عبد الفتاح مورو.. حسام الحداد
 

حياته:

حياته:
تعرضت حركة النهضة "زراع الإخوان" فى تونس لكثير من الأزمات خلال الفترة الأخيرة، وتواجه انتقادات داخلية بعدم القدرة على مسايرة الواقع السياسي، ورغم تصدرها للمشهد السياسي فى تونس، إلا أن النتائج مخيبة لتوقعات المواطنين، وهو ما جعل المشكلات تضرب الحركة بشكل مستمر، حتى أعلن  عبد الفتاح مورو الذي يعد واحدا من أكبر القيادات لها والمؤسسين لها بالاستقالة من الحركة واعتزال العمل السياسي في مايو 2020، مورو نائب رئيس حركة النهضة كان مرشحها في الانتخابات الرئاسية العام الماضي 2019، فوجيء الرأى العام التونسي  بقراره الأخير، والانسحاب من العمل السياسي والتحول إلى أمور اخرى لها علاقة بالشأن العام، والاكتفاء بمزاولة مهنة المحاماة.
قرار مورو يراه بعض الخبراء والمحللين أنه يكشف حالة التصدع داخل الحركة، التي تعيش خلافات غير مسبوقة، خاصة وأنها تأتي بعد أسابيع من استقالة القيادي عبد الحميد الجلاصي، احتجاجا على ديكتاتورية راشد الغنوشي رئيس الحركة النهضة، والانفراد باتخاذ عدد من القرارات وتجاهل قيادات الحركة، وخاصة الشخصيات المؤسسة لها والأكثر أقدمية.
الغريب فى الأمر أنه بالرغم من ترشيح مورو فى سباق الانتخابات الرئاسية، بعد أن كان رئيسا مؤقتا لمجلس النواب، واختياره مرشحا للحركة  بأغلبية أصوات مجلس شورى الحركة، طفت الخلافات الداخلية للحركة خاصة وأن الغنوشي لم يكن مرحبا بترشيح مورو وفضل التعاون مع مرشح من خارج الحركة حفاظا على صورتها أمام الناخب التونسي، إلا أن مورو لم يحظ بثقة الناخبين، واضطرار الحركة للتنسيق فيما بعد مع الدكتور قيس سعيد الذى أصبح رئيسا خلفا للراحل الباجى قايد السبسي.
ولد عبد الفتاح مورو، في 1 يونيه 1948 في تونس، وهو محام وسياسي في التيار الإسلامي التونسي وأحد القادة التاريخيين لحركة النهضة.
درس مورو في المدرسة الصادقية، ثم ذهب إلى كلية الحقوق في جامعة تونس، وتخرج في عام 1970، وحصل على شهادة في القانون وأخرى في العلوم الإسلامية، عمل قاضيًا حتى عام 1977، ثم أصبح محاميًا، وهو متزوج وله أربعة أولاد وفتاة.

تأسيس حركة النهضة:

بدأ مورو أنشطته الإسلامية عام 1960، في المدارس الثانوية والمساجد، وفي عام 1968 التقى راشد الغنوشي، في تونس العاصمة في إحدى المساجد، وبدأ يتفق معه في تأسيس حركة إسلامية في تونس.
 في عام 1973، و بعد محاولة تنظيم اجتماع سري لـ100 شخص في مدينة سوسة التونيسية، تم اعتقال عبد الفتاح مورو وراشد الغنوشي من قبل السلطات التونيسية، مع عددٍ من القيادات وحكم عليهم بعشر سنوات سجنًا، خلصتهم منها وساطة محمد مزالي رئيس حكومة بورقيبة في الثمانينات والذي رأى في الإسلاميين المتأثر غالبهم بالثورة الإيرانية قوة مضادة لليسار المتغول في تلك الفترة.
عقب خروجهم، تقرر إنشاء منظمة سرية "منظمة الجماعة الإسلامية"، التي تنقسم إلى هياكل إقليمية ووطنية، وهي تنشط بشكل رئيسي في المساجد والجامعات وله صحيفة خاصة.
ويعتبر مورو واحدًا من أكثر الدعاة المعروفين في تونس وهو من الجماعة الإسلامية.

اعتقاله:

اعتقاله:
في عام 1981 اشتهرت حركة التيار الإسلامي "النهضة"، وكان عبد الفتاح مورو من أبرز قياديها،  ومع ذلك، سرعان ما تم استهداف الحركة، وتم اعتقال مورو، وقضى سنتين في السجن، بعد الهجوم على مركز شرطة باب سويقة في عام 1991، ثم اعتقل مرة ثانية.
 وتعرض سنة 1992 إلى حملة تشويه شخصية من قبل النظام السابق زين العابدين بن علي.
 بعد هذا الاعتقال أعلن مورو تعليق عضويته في النهضة، وأوقف كل أنشطته السياسية في تونس، لكنه واصل ممارسة مهنته كمحام.

مشاركته في الانتخابات:

في 30 يناير 2011، بعد عودة راشد الغنوشي من المنفى، قال مورو إنه سوف يشارك مرة أخرى في النشاط السياسي، وشارك في انتخابات المجلس التأسيسي في قائمة مستقلة وذلك مع مجموعة من المستقلين تحت اسم التحالف الديمقراطي المستقل لكنه لم يفز، بعد الانتخابات تم ترشيحه لمنصب مستشار في حكومة حمادي الجبالي لكن لم يتم تعيينه.
 عاد إلى حركة النهضة بعد مؤتمرها في سنة 2012 وتم انتخابه في مجلس شورى الحركة ونائب لرئيسها راشد الغنوشي

الهجوم عليه:

تعرض مورو للضرب بكأس بلور من قبل شخص متعصب أثناء ندوة رمضانية حول التسامح في الإسلام بالقيروان في 5 أغسطس 2012، خلال نفيه ما نسب للمفكر العلماني التونسي يوسف الصديق من أنه سب السيدة عائشة وشارك فيها يوسف الصديق ورضا بلحاج زعيم حزب التحرير في تونس إلى جانب مورو.
 وتعرض للاعتداء بالعنف اللفظي والجسدي في 23 يناير 2013 أمام جامع المكي بجمّال بولاية المنستير من قبل مجموعة من الشباب محسوبين على التيار السلفي.

بداية الأزمة:

يرى متابعون للشأن التونسي أن مورو قد تعرض إلى ظلم كبير من حركة النهضة الإسلامية التي كان من أول الداعين إلى تأسيسها لكن الأضواء أحاطت براشد الغنوشي الذي ذاع صيته في تونس وخارجها، في حين كتب على مورو البقاء في عزلة داخل بلاده بسبب منعه من الحصول على جواز سفره وتعرضه لسنوات طويلة إلى التنكيل والسجن والمحاصرة قبل ثورة 14 يناير  2011، وإلى الإقصاء بعدها، ذلك انه تم استبعاده إبان حصول الحركة على الترخيص القانوني وسد الطريق أمامه اثر إعلانه عن نيته تكوين حزب جديد، ووصل الأمر إلى الاستيلاء على نضالاته و نسبها إلى غيره.
استياء مورو، ربما كان هو السبب الرئيسي في تشبّثه بالإعلان عن كونه مستقلا سياسيا على الرغم من حضوره الدائم في كل اجتماعات وتظاهرات حركة النهضة وخطبه في المساجد باسمها، إلا أن مواقفه المختلفة تارة والمناقضة لمواقف الحركة تارة أخرى، جعلت منه الشخصية الأكثر مراوغة وضبابية بين كل القيادات الإسلامية في تونس وجعلت العلمانيين على اختلافهم مع الإسلاميين ينقسمون في تقييمه بين محترم له وعاتب عليه دفاعه عن الهادي الجيلاني صهر الرئيس السابق زين العابدين بن علي وكان وراء تبرئته من تهم الفساد و استغلال النفوذ والذي برره الشيخ بوجوب توفير المحاكمة العادلة لأي متهم بعد الثورة.

خلافه مع حركة النهضة:

خلافات مورو مع الحركة بدأت منذ التسعينيات حين ندد بالعنف الذي اتخذته الحركة منهجا في التعامل مع السلطة و الخصوم السياسيين، فندد بعمليات باب سويقة التي قتل فيها الجناح العسكري للحركة حارس مقر محلي للحزب الحاكم و استعماله للمياه الحارقة في بعض عملياته و ندد أيضًا بعملية "ستينغر" التي كانت تهدف إلى إسقاط الطائرة الرئاسية في التسعينيات بصاروخ ستينغر، وهي مواقف صرحت بها الحركة بعد ثورة 14 يناير وقبل حصولها على الترخيص القانوني وهي التي استبعدت بموجبها مورو، معتبرة انه حاد عن مبادئ الحركة التي لم يكن على علم أصلا بوجود جناحها العسكري رغم أنه كان أمينها العام وهوما زاد من استيائه منها إذ صرح من قبل "أنا لا أخفي أنني مستاء من الحركة، فقد نددت منذ سنة 1991 بالعنف وهو حدث سياسي بالفعل، وطلبت من حركة النهضة وقتها أن تحسم أمورها وتتخذ موقفا حازما ضد العنف، إلا أنها عوض الإجابة عن الموضوع، وبيان أسباب ذاك العنف للرأي العام التونسي، سارعت إلى تجميد عضويتي.
واعترف مورو بأنّه أصبح عبئا على حركة النهضة، ويُفسّر ذلك بقوله "رؤايا لا تتأقلم مع رؤى الحركة وخياراتها في هذه المرحلة".
 يستزيد في توضيح أبعاد تهميشه "واقع حضوري في حركة النهضة باهت وغير مؤثّر، فالخطّ التقدّمي الذي أمثله في حركة النهضة لا يروق لبعض الإخوة في الحركة. فأنا أعتقد أنّ هذه الحركة نشأت في العام 1970 /1971حركة تقدّميّة على المستوى الفكري ولم تكن حركة محافظة، وأعطت رؤى لم تكن معهودة لدى الحركات الإسلاميّة التي نشأت في حضنها.

موقفه المتناقض من الإخوان:

موقفه المتناقض من
في الوقت الذى يطبق فيه مورو الفكر الإخواني، لم يتردّد في التعبير عن أسفه لما حلّ بحركة النهضة من عودتها إلى الفكر الإخواني، لدى قيادات وإعلاء شعارات رابعة العدويّة نفسها، قائلا "هذا يسوؤني لأنّ فيه نكوصا عن الواقع التقدّمي الذي عشناه في السبعينات، الحركة الآن أمام تحدّي السلطة كأنّها فقدت مميّزاتها الفكريّة، وما يسوؤني أكثر من قضيّة رابعة أنّ من وقفوا لتمثيل حركة النهضة في فترة من الفترات في شارع الحبيب بورقيبة "الشارع الرئيس في تونس العاصمة" هم حاملون للفكر السلفي مثل الحبيب اللوز، بل واستدانت سلفيا آخر وهو البشير بن حسن للوقوف إلى جانب راشد الغنوشي، معتبرا أن ذلك إفلاسا على المستوى الفكري.
خلاصة القول، لقد عُرف مورو، بمواقفه التي تلتبس فيها الوسطية مع التشدد ففي الوقت الذى يدعو إلى أفكار الجماعة يلتزم بمبادئها في السمع والطاعة، وفى الوقت الذى يطالب فيه بالديمقراطية وحكم الشعب يسعى بجماعته للاستيلاء على السلطة وقهر المعارضين.

شارك