في ظل الصراع الليبي المحتدم والحرب الأهلية الوشيكة.. هل التدخل الدولي هو الحل؟

السبت 27/ديسمبر/2014 - 12:56 م
طباعة في ظل الصراع الليبي
 
في ظل الصراعات التي تشهدها ليبيا الآن، والحرب القائمة بين الجيش الليبي بقيادة حفتر والميليشيات المسلحة من جانب والإخوان من جانب آخر، فضلا عن عدم استطاعة أي حكومة- منذ الإطاحة بالعقيد معمر القذافي من سدة الحكم في 2011- السيطرة على الميليشيات الكثيرة المنتشرة في ليبيا؛ قد يؤدي ذلك حتمًا إلى حرب أهلية مقبلة.
وكما يظهر من الوضع الحالي أن ليبيا تشهد فوضى سياسية كبرى، حيث يوجد بها برلمانان وحكومتان بعدما انعقد البرلمان السابق مرة أخرى واختار رئيس وزراء جديدا.

في ظل الصراع الليبي
الأزمة الليبية تزداد تعقيدًا يوما بعد يوم، بعدما ازدادت حدة التوتر والاقتتال بين ثوار ليبيا وقوات اللواء المتقاعد خليفة حفتر، فثوار ليبيا أعلنهم البرلمان الليبي صاحب الأغلبية الليبرالية جماعات إرهابية محظورة، فاتجهوا لعمل برلمان مواز للشعب، وتشكيل حكومة موازية منافسة للتي يرأسها عبدالله الثني المدعوم من البرلمان المنتخب حديثا والمعترف به دوليا، بعدما قرر نزع الشرعية عنه، داعين المؤتمر الوطني "البرلمان المنتهية ولايته" إلى استئناف أعماله حفاظا على مكاسب ثورة 17 فبراير.
الخلاف وصل مداه بين الأطراف الليبية المتنازعة بعد قرار البرلمان الذي يحظى بدعم إقليمي ودولي اعتبار قوات "فجر ليبيا" و"أنصار الشريعة" جماعات إرهابية، بعد سيطرتها على مطار طرابلس، ودعم عملية الكرامة بقيادة حفتر ضد هذه الجماعات التي اتهمت في المقابل البرلمان وحكومة الثني بالتورط بغارات على طرابلس شكلت انتهاكا للسيادة الليبية، كما قال ناطق باسم ثوار "فجر ليبيا"، داعيا المؤتمر الوطني إلى العودة لممارسة مهماته.
وقال المبعوث الليبي لدى الأمم المتحدة: "إن الوضع في ليبيا أصبح أكثر تعقيدا وربما يتحول إلى حرب أهلية شاملة إذا لم نتوخ الحذر ونتحل بالحكمة في تصرفاتنا".
من جانبها حذرت الحكومة الليبية بقيادة عبدالله الثني من انزلاق البلاد إلى حرب أهلية مع وصول المعارك مع الميليشيات المتطرفة إلى منطقة الهلال النفطي، وطالبت المجتمع الدولي بالتدخل لردع هذه الميليشيات عبر الملاحقات القضائية ودعم الجيش الليبي بما يحتاجه من أسلحة ومعدات. كما حذرت الحكومة الليبية من انتشار الإرهاب في دول الجوار إذا ما تمكن مقاتلو "فجر ليبيا" من احتلال الموانئ النفطية، فيما اعتبر البرلمان المعترف به من الأسرة الدولية الهدف من وراء محاولة السيطرة على المنطقة الغنية بالنفط هو "تمويل الأنشطة الإرهابية" في ليبيا والعالم.
في ظل الصراع الليبي
يأتي ذلك فيما اندلعت النيران في منشأة السدرة النفطية في ليبيا بعد هجوم استهدفها بصاروخ "غراد" أصاب صهريجاً لتخزين النفط وفق مصادر أمنية.
المتحدث باسم حرس المنشآت النفطية عمر الحاسي اتهم ميليشيات "فجر ليبيا" بالوقوف وراء الهجوم، وكانت المنشأة التي تعد أكبر موانئ تصدير النفط الليبية قد أُغلقت، وتوقف العمل فيها منذ أسابيع مع استمرار القتال الدائر في المناطق المحيطة بها.
وقال مصدر عسكري لوكالة فرانس برس: إن 19 جنديا قتلوا خلال هجمات لميليشيات فجر ليبيا على سرت وما يعرف بمنطقة الهلال النفطي شرق البلاد، فيما أصيب خزان نفطي في مرفأ السدرة النفطي بقذيفة صاروخية تسببت في اشتعال النيران به.
وأضاف أن هجوما مباغتا شنه مسلحون تابعون لميليشيات فجر ليبيا الإسلامية التي تضم مقاتلين في أنصار الشريعة على حراس محطة الكهرباء البخارية غربي سرت والتابعين لكتيبة (الجالط) 136 مشاة التابعة للجيش وقتلوا 14 جنديا. وأضاف المصدر العسكري الذي طلب عدم ذكر اسمه أن "أربعة جنود آخرين من هذه الكتيبة قتلوا بعد اشتباكات دارت مع ميليشيات فجر ليبيا بسبب هذا الهجوم المباغت".
وقال مسئولون: إن الحريق الذي اندلع في صهريج بميناء السدر النفطي في ليبيا امتد إلى صهريجين آخرين، وذلك بعد أن أصاب صاروخ أكبر مرفأ في البلاد أثناء اشتباكات بين مسلحين متحالفين مع الحكومتين المتنافستين في ليبيا.
 وجرى إغلاق مرفأي السدر وراس لانوف المجاور له منذ أن تحركت قوة متحالفة مع حكومة منافسة في طرابلس نحو الشرق في مسعى للسيطرة على المرفأين.
وأعلن الجانبان أمس الأول الخميس إصابة أول صهريج نفطي أثناء الاشتباكات، وحَمَّل كل منهما الآخر المسئولية عن إصابته. 
وقال محمد الحراري المتحدث باسم المؤسسة الوطنية للنفط في ليبيا: إن الاشتباكات تسببت بعد ذلك في إصابة عدد من الصهاريج التي ما زالت تشتعل فيها النيران. وقال علي الحاسي المتحدث باسم قوة أمنية متحالفة مع الحكومة المعترف بها دوليا: إن الحريق امتد إلى صهريجين آخرين لكن لم يتضح بالضبط حجم الأضرار الواقعة.
وحمل الحاسي القوة المنافسة المسئولية عن إطلاق النار على الصهريج الأول أثناء محاولتها انتزاع السيطرة على الميناء باستخدام زوارق سريعة، وحملت القوة المنافسة الجانب الآخر المسئولية لاستخدامها طائرات حربية.

في ظل الصراع الليبي
من جانبها قالت الأمم المتحدة: إن مئات المدنيين قتلوا في اشتباكات تشهدها ليبيا منذ أواخر أغسطس، محذرة قادة الجماعات المسلحة من أنهم قد يواجهون ملاحقة قضائية لاحتمال ارتكابهم جرائم حرب منها عمليات إعدام وتعذيب.
يبدو أن الأمر أصبح أكثر تعقيدًا على الأراضي الليبية، قد يكون بمخطط خارجي لتمكين أمريكا من الدخول كما فعلت في العراق، حيث سعى الرئيس الأمريكي باراك أوباما من قبل إلى التأكيد للشعب الأمريكي بأن التدخل العسكري الأمريكي في ليبيا أمر يتسم بالحصافة والحكمة، وقد تكون اشتعال الأجواء ستلبي رغبة أوباما في عودة الفكرة مرة أخرى وطرحها أمام مجلس الأمن، وبالأخص في ظل مطالبة الثني بتدخل المجتمع الدولي، فهل هذا المطلب سيحقق مطلب أوباما للتدخل في الشأن الليبي، أم ستواجه ليبيا وحدها صراعات لم تنته في ظل تفاقم الأوضاع؛ الأمر قد يكون معقدًا بشكل كبير في الوقت الحالي.
كما أن الأمر يتصاعد في ظل عدم قدرة الحكومة السيطرة على ميليشيات "فجر ليبيا"، وحالات التدمير تظهر أنه لا أحد يمتلك السلطة في البلد وأن الأحزاب المتصارعة مستعدة لتدمير البنية التحتية لمنع خصومها من الاستفادة منها، وبعد ثلاث سنوات من سقوط القذافي ازدادت الفوضى في ليبيا، فخلال عام 2011 كانت الميليشيات تقاتل متحدة ضد القذافي، لكنها أصبحت تقاتل بعضها منذ رحيله.
في ظل الصراع الليبي
في هذا السياق يقول فولفرام لآخر، خبير في الشأن الليبي في المعهد الألماني للشئون الدولية والأمنية في برلين: إن الجماعات المسلحة بدأت تدريجيًّا تشكيل تحالفات في العامين الماضيين.
 يتكون تحالف "فجر ليبيا" على سبيل المثال من ميليشيات من مدينة مصراتة ومقاتلين من معاقل أخرى لثورة 17 فبراير، ولكنها تضم أيضًا قوى إسلامية. 
أما التحالف الآخر فهو يخضع لقيادة ميليشيات الزنتان.. كان لمدينة الزنتان دور كبير في الثورة عام 2011، مضيفًا: "تحولت إلى التنظيم تدريجيًّا منذ ذلك الحين وابتعدت عن حلفائها الثوريين".
وكما يرى مراقبون أن ليبيا لم تنل استقلالها من السيطرة الاستعمارية الإيطالية إلا عام 1951 وكانت تحت حكم الملك إدريس، وباتت هذه الوحدة في خطر؛ لأنه من الواضح أن الحكومة والبرلمان فقدا السيطرة على مناطق واسعة وعلى المدن الكبيرة في ليبيا، واستيلاء "فجر ليبيا" على المطار هو مجرد مثال على ذلك.
وفيما يبدو من المشهد الحالي أن ليبيا على أعتاب الدخول في حرب أهلية قد تفككها تماما، فليبيا لم تكن موحدة حتى عام 1963 حين تم الجمع ما بين أجزاء شبه مستقلة في البلاد هي طرابلس وبرقة وفزان لتشكيل حكومة مركزية، وقد تنتقل الفوضى إلى دول الجوار؛ الأمر الذي دفع وزير الخارجية المصري سامح شكري إلى المطالبة في اجتماع من ليبيا ودول جوارها بتعزيز الحكومة الليبية ونزع سلاح الميليشيات، كما أن هناك احتمالية بالتدخل الدولي في المرحلة المقبلة ما لم تلتئم الأوضاع

شارك