المسيحية والإسلام من الجوار إلى الحوار
اسم الكتاب: المسيحية والإسلام من
الجوار إلى الحوار
المؤلف: الدكتور السيد محمد الشاهد
دار النشر: الهيئة المصرية العامة
للكتاب
سنة النشر : 2013
يقع كتاب "المسيحية والإسلام من الجوار إلى
الحوار" في 220 صفحة من الحجم المتوسط مقسم إلى هو بابين، يتضمن الباب الأول
فيه 8 فصول عن آراء بعض المستشرقين ودارسي علم اللاهوت في أسباب الصدام بين
المسيحية والإسلام، أما الباب الثاني يتضمن ستة فصول وهي ردود علماء الإسلام من
البلاد الإسلامية، والكتاب نتاج عدة ندوات نظمتها جامعة توبنجن بألمانيا.
"أنا الأفضل" تلك الكلمة وهذا الحكم هما أصل
الخلاف بين اليهود والمسيحيين والمسلمين، بسبب تشبث كل واحد منا بأن دينه هو
الأفضل والأقوم دونا عن غيره من الأديان وهما السبب في توليد حالة ترقب كل منا
للآخر، والشحن والتصعيد الذي يولد ويخلق بمرور الوقت وعبر الزمن حالة الاحتقان ليس
ضد أصحاب الديانة فقط ولكن للديانة نفسها.
لماذا اتخذ كل من المسيحيين والمسلمين بعضهما خطرا على
الآخر؟ ومتى نشأ هذا الإحساس بالخطر؟ ولماذا الإسلام بعينه دونا عن الديانات
الأخرى مثل البوذية والهندوسية؟ لماذا الخلاف على الرغم من اعتراف كل منهما
بالآخر؟ وهل الاختلاف بين الديانتين حول تفاصيل داخل العقيدة ؟ ولماذا بعد مرور
1400 عاما من ظهور الاسلام أصبح العالم يراه خطرا على حضاراتهم؟ على الرغم من كل
التقدم التي وصلت إليه الإنسانية فمازالت هناك فجوة معرفية عن الإسلام وحقيقته؟
وهل تلك الفجوة هي السبب في ما سمي في وقت ما بصراع الحضارات؟ كل تلك الأسئلة
دائما ما كانت تناقش طوال عقود ولكن من جانب واحد في حلقات مغلقة مفرغة بعيدة عن
طرف القضية الآخر، دون مواجهات حقيقية بين طرفي القضية، الأمر الذي جعل هناك جهل
للمهتمين ولغير المهتمين لالتباس بعض المعلومات لديهم وعدم وجود من يرد عليها، هذه
الأسئلة يرد عليها الكتاب من خلال ندوات نظمتها إحدى الجامعات الألمانية، وهذا ما
يطرحه كتاب "المسيحية والاسلام من الجوار الى الحوار" لكاتبه الدكتور
السيد محمد الشاهد.
محاولات تقريب وجهات النظر لفهم الاختلافات تاريخيا:
التشويه هو موقف مسيحيين أوروبا تجاه الإسلام منذ نزوله
حتى عام 1650، خاصة وأنه حتى 500 عاما مضت لم يكن هناك أي دراسة علمية عن الإسلام،
ورصد الكتاب من خلال لمحة تاريخية سريعة محاولات المستشرقين والمهتمين من الجانبين
في دراسة الآخر وفهمه، ولكن البداية كانت مع ألكسندر روس الذي ألف كتاباً هاماً عن
تاريخ الأديان أسماه «عبادات مختلفة من جميع أنحاء العالم» عام 1650م، وكان الرأي
السائد في الغرب عن الإسلام – آنذاك- " أنه عقيدة خاطئة وأنه تحريف متعمد
للحقيقة وخليط من العنف والشهوة، وقيل عن محمد صلى الله عليه وسلم، أنه مخادع وأنه
المسيح الدجال، وفي مقابل ذلك كان إظهار المسيحية على أنها هي الدين المثالي
الوحيد الذي يحتوي الحقيقة المطلقة والسلام والحب والتعفف. وقد كان هدفهم من ذلك
هو التشويه المتعمد لصورة الديانات الأخرى حتى يحموا أبناء دينهم من التأثر
بالديانات الأخرى." ص46.
بدأت محاولات مهادنة الإسلام في عصر التنوير في القرن الـ
18، وظهر ذلك في القصة التي كتبها ليسنج بعنوان «ناتان الحكيم»، والتي نشرت في 1779.
الكتاب يرصد إجابات بعض المفكرين لتلك الأسئلة القديمة
المتجددة، كما يرصد أهم محاولات الحوار بين المسلمين والمسيحيين عبر التاريخ، من
خلال أوراق بحثية شارك فيها رجال الكنيسة والمستشار السابق لبابا الفاتيكان في
منتصف الستينيات، وأيضا كل من (هانز كونج) عالم اللاهوت وأستاذ الأخلاق والأديان بجامعة تونغن بألمانيا، السويسري الجنسية،
والذي قضى جزءا كبيرا من حياته في دراسة الإسلام والمسيحية وأوجه الفرق والتشابه
والمقارنة بينهما، وقراءات المستشرق
الالماني "جوزيف فان اس" ورئيسا معهد الدراسات الاسلامية واللغات
السامية بجامعة توبنجن.
هانز كونج يرى أن مشكلة من تصدى لفهم الإسلام عرفه من
غير المسلمين لذلك فإن الإسلام مازال غريبا عليهم قائلا :" بقي الإسلام - القريب
من المسيحية والذي كان يهددها طوال التاريخ - بالنسبة لنا شيئاً مجهولاً وغريباً
طوال 2000 عام بعد المسيح و1400 سنة بعد محمد، رغم التجاور الجغرافي بيننا وبين
الإسلام وهو أكثر خطورة علينا من الديانات الهندوسية والبوذية من الناحيتين
السياسية والاقتصادية، ولذلك نجد صعوبة خاصة نحن العاملين في مجال توحيد الكنائس
(الديانات)".
وينشر الكتاب رأي هانز قائلا:" كلما ازداد تعارف
المسيحي بالمسلم دون محاولة أحدهما جذب الآخر إلى دينه كلما زاد الاتجاه عند
المسيحيين نحو مراجعة موقفهم السلبي الرافض للقرآن. وما يهمنا هنا ليس هو البحث عن
الطريقة التي تلقى بها محمد صلى الله عليه وسلم الوحي ولكن عما إذا كان قد تلقى
الوحي حقيقة أم لا؟".
ويختتم المؤلف هذا الفصل باقتباس من عالمة باكستانية (رفعت حسن) تعمل في جامعة كنتوكي تذكر فيه أهم الأسباب التي تعرقل التقاء اليهود والمسيحيين والمسلمين، وهي: أولاً: إيمان اليهود بأنهم شعب الله المختار وأن الله وهب لهم أرضاً (فلسطين)، ثانيا: إيمان المسيحيين بأن عيسى (عليه السلام) ابن الله، ثالثاً: إيمان المسلمين بأن القرآن وحي حرفي (بالنص)، ومن هنا يتضح أهمية الحوار حول مسائل الخلاف بين الديانات السماوية الثلاثة.
أدلة تستوجب على المسيحيون إقرارها عن الإسلام:
ويرى كونج أن هناك بعض النقاط التي يجب على اليهود
والمسيحيين أن يسلموا بها، عندما يتم تقصى حقيقة محمد والإسلام منها محمد (صلى
الله عليه وسلم) تشابه مع أنبياء بني إسرائيل في كل من : أولا أن محمد لم يستمد
قوته من جماعة وإنما كان يستمدها عن طريق علاقة شخصية بالله، كما أنه شخصية ذات
إرادة قوية، كما أنه كلف برسالة من الله يبلغها للناس جاء بها في وقت سادت فيه فوضى
دينية واجتماعية وكان يقف وحده بكل قوته مصرا على تبليغ دعوة التوحيد بالله والإيمان
بأنه واحد لا شريك له، ضد قوة معارضة مسيطرة لها تقاليد تتمسك بها ولا تريد تركها،
كما أنه أمر بطاعة الله المطلقة بما يحتويه هذا من شكر لله ورحمة بالعالمين، ثانيا
يربط محمد صلى الله عليه وسلم التوحيد الخالص بالإنسانية (حب الإنسان للإنسان)
ويربط الإيمان بوحدانية الله وعدله بالمطالبة بالعدالة الاجتماعية، يبشر بالعدل
والخلاص، ينذر الظالمين بالنار ويبشر المنصفين بالجنة.
ويقول كونج: "كل من ينظر في التوراة والكتاب المقدس والقرآن، يجد أنهم جاءوا من منبع واحد، وخاصة التوراة والقرآن ففيهما أمور كثيرة متطابقة تماماً. أليس إذن الاعتراف بأنبياء إسرائيل وإنكار نبوة محمد حكماً جدلياً خاطئاً؟، كل هذه الأشياء تحتم علينا نحن المسيحيين أن نصحح تصورنا عن محمد صلى الله عليه وسلم ونترك الأحكام الخاطئة التي نشأت من الكراهية ضد الإسلام" (ص49).
استعداد الإسلام للحوار:
لم يكن أحد من المسيحيين يشك في أن دينه هو الأفضل،
طالما كان العالم المسيحي أو الأوروبي له السيادة وكان ينظر إلى الاسلام على أنه
مجرد تعاليم أخذت من تعاليم الدين المسيحي، ولم يكن أحد يعترف بأصالة رسالة محمد
صلى الله عليه وسلم.
وعندما تغير الوضع، أصبح المسيحي يفكر في تلك المسألة بطريقة أخرى، والمسلم أيضاً لم يعد ينظر إلى أوروبا نظرة التقديس القديمة. والدعوة إلى دراسة القرآن دراسة نقدية تاريخية تحمل خطورة صدام بين المسلم والمسيحي لأن المسلم لا يزال يؤمن بأنه ينتمي إلى الدين الأقوم.
الاسلام والمسيحية وموقف التطبيق في المجتمع :
من جانبه يرصد الكتاب مقارنة جوزيف فان إس فيقول: "المسيحي
يحمل دينه في داخله، أما المسلم فيريد أن يعيش في وسط دينه أي أن يرى دينه مطبقاً
أيضاً ممن يعيشون حوله" (ص53)، ووفقا لتلك المقولة تبدأ الصدام بين الإسلام
والمسيحية، فالشريعة في الدول الإسلامية تقابل (الثيولوجيا) في المسيحية وهذا يجعل
وجود حاكم أو حكومة تقوم على تطبيق شريعة الله شيئاً ضرورياً في الإسلام ويكون
الإسلام هو دين الدولة في معظم الدول الإسلامية. ثم يعرض فان إس موقف الغرب من
التصورات الاقتصادية في الإسلام مثل محاولة إنشاء بنوك بلا أرباح ثابتة لرؤوس
الأموال (الربا). وينبه إس إلى أن الأرباح الثابتة يمكن أن تصبح رباً وهو محرم في
الإسلام، ويشير إلى أن تصور الإسلام هذا لا يعارض الكسب الحلال من البيع والشراء
والاستثمار بالشروط المشروعة في القرآن الكريم. ثم يعرض لموقف المسلم من حقوق
الإنسان فيقول إن حقوق الإنسان مكفولة في القرآن الكريم ولا يجد المسلم حاجة للبحث
بنفسه في هذه المشكلة فحقوق الإنسان هي نفسها واجبات الإنسان الشرعية التي تحدد
علاقة كل شخص بالآخر. وأما التصورات الخلقية فهي تؤخذ في الإسلام من القرآن والسنة
ولا تؤخذ من تصورات الفلاسفة كالفارابي وابن سينا وغيرهم، والرقيب الاخلاقي هو
الضمير الشخصي لكل فرد.
ومن هنا يتضح صراع المجتمعات الإسلامية وحكوماتها في إقرارها
بدينية الدولة أم علمانيتها للاختيار بين الرقي والاحتفاظ بالشخصية، ويضرب هانز
كونج مثالا بالمملكة العربية السعودية بصفتها قلب العالم الإسلامي والتي تعيش الآن
مرحلة تحول سريع من دولة صحراوية إلى دولة صناعية تواجه هذه المشكلة. متسائلا
ومشككا في نفس الوقت: "هل تستطيع المملكة أن تساير التقدم الصناعي وفي الوقت
نفسه أن تحافظ على سمتها الإسلامية الخاصة؟" إن التطور يضع كثيراً من البلاد
الإسلامية أمام اختيار صعب وهو إما الأخذ بالأول أو بالآخر، هناك أمثلة عديدة لدول
إسلامية سارت في طريق فصل الدين عن الدولة مثل تركيا في عصر أتاتورك وإيران في عصر
الشاه، وتونس وحتى مصر وسوريا وماليزيا ولو جزئياً، وقد كان من الدول الإسلامية
المحافظة منها المملكة العربية السعودية أن غضت النظر عن هذا الاتجاه في البلاد
السابق ذكرها.
ويرى كونج أن الاخذ بالطريقة الأخرى وهي الحفاظ على
الإسلام وربط الدين بالدولة سوف يؤدي إلى تأخر صناعي وفني يزيد من الهوة بين
الدولة المتقدمة والدولة النامية (بين الشمال والجنوب) إلا أن الأخذ بالعلمانية
سوف تكون له مضار كبيرة أيضاً بالإسلام، فإن هذا يعني توقف الإسلام وانفصاله عن
تاريخه وحضارته العريقة وتنازله عن شخصيته المستقلة المميزة." المسيحية
والإسلام من الجوار إلى الحوار" (ص 57).
السؤال المصيري الذي يطرح نفسه على الإسلام هو: «هل هناك
طريق ثالث بين العودة إلى الاسلام وبين عدم العودة إلى الإسلام (العلمانية، فصل
الدين عن الدولة)؟. ويقول كونج: إنه ولعصور طويلة كان الغرب يعتقد أن فصل الدين عن
الدولة يعني انتهاء أو موت الدين ولكن الآن هل حدث ذلك فعلاً في الغرب. إنه من
المؤكد أن تنبؤات فويرباخ وفرويد ونيتشة بانتهاء الدين لم تصدق لا في غرب أوروبا
ولا في شرقها ولا في أمريكا ولا في الاتحاد السوفيتي. إن فصل الدين عن الدولة لا
يعني تحول الدولة إلى الإلحاد.
الحل الذي يراه الغرب للمجتمعات الإسلامية:
ويتوصل كونج من العرض السابق بأن العلمانية المحددة هي
طريق المجتمعات الإسلامية للتوازن، وهو ما أسماه بالطريق الثالث، وهو طريق وسط بين
التمسك بالدين وتطويع المجتمع إدراك أهمية العلوم والانفتاح على التحضر والعلم،
فبدلا من التشبث بحرفية النص بكل الوسائل مهما كانت النتائج السلبية بالنسبة إلى
مستقبل الأمة، ولا التفريط في الدين وقيمه الذي يؤدي أيضاً إلى ضياع مستقبل البشر،
فيقول كونج :" هناك دعوة لعلمانية محدودة في الدولة أمام حدود الدين أعني
بذلك عدم محاربة التطور الفني والعلمي والصناعي. على ألا يكونوا الهدف الأسمى
والمعيار المطلق لقياس التقدم حتى لا يصبح التطور هو الإله بالنسبة لنا الذي نعبده
ونقدسه، وفي هذا الجو يجب أن نحافظ على الدين وقيمه ومعاييره، وهذه الأشياء هي
جوهر الدين الذي يجب أن نحافظ عليه". بحيث أن يكون الهدف من ذلك الطريق هو ذهاب
المسيحية والإسلام إلى التقدم العلمي والفني على أن ينظروا بنظرة الناقد الذي
يختار منه ما يفيده ولا يقبل عدا ذلك، لأن تقديس التقدم العلمي والفني هو معارض
للإسلام والمسيحية معاً (ص 59، 60).
الأساس الذي يجمع بين اليهود والمسيحيين والمسلمين هو
الأمر بالطاعة المطلقة لله. لقد فهم كثير من اليهود طاعة الله بمعنى طاعة القانون
المكتوب الذي جاء به موسى. في المسيحية والإسلام حاول الناس عن طريق التفسير
للآيات والقوانين الإلهية جعل النص مناسباً للعصر والظروف ولكن يجب ألا ننسى أنه
كلما ازداد التفسير دقة زادت المشكلات تعقيداً. ويقول عيسى (عليه السلام) : «لماذا
تهملون أمر الله وتهتمون بحديثكم أنتم؟» (ماتياس 15/3). فقد نبه عيسى بذلك إلى أن
الطاعة تكون لإرادة الله وليست لحرفية القانون المكتوب. ويقول المؤلف (كونج): وأنا
أسأل نفسي، أليس من الأفضل للإسلام أن يتجه إلى طاعة إرادة الله ويتخلص من طاعة النص
المكتوب؟ ويكون معنى ذلك في التطبيق في الحياة العملية مثل حب الآخرين ومساعدتهم
الفعلية ومراعاة حقوقهم وكل المعاني الإنسانية السامية التي هي إرادة الله
الحقيقية. إن الشرع الإلهي جاء لخدمة الإنسان في الأصل. وإذا اتبع المسلمون ذلك
استطاعوا أن يحافظوا على دينهم وفي الوقت نفسه أن يقوموا بإصلاحات اجتماعية كبيرة
مثل وضع المرأة وحقوق الإنسان وحق المعارضة، وكذلك تعديل طريقة تنفيذ الحدود (القصاص)،
وهنا تظهر مشكلة ثبات النص عند المسلمين ناسيا – المؤلف – هنا الفرق بين أصالة
القرآن وعدم أصالة الإنجيل التي يعترف هو بها في مكان آخر.
صدام عقائدي بين المسيحية والإسلام:
هناك تفاصيل اختلفت فيها المسيحية عن الإسلام وهي أحد
أسباب تكفير ونبذ الآخر، فإذا سئل مسلم عن مزايا الإسلام فسيقول أنه مؤسس على
مبادئ عقلية في العقيدة، سماحة الإسلام والمساواة في التطبيق ولذلك يراه المسلم أنه
الطريق الأوسط المعتدل، وينكر الإسلام نقطتين رئيستين في العقيدة المسيحية وهما التثليث،
وتحول الله إلى إنسان، ففي المسيحية هناك عقيدة مقدسة وهي التثليث الذي يعتبرها
المسلم عبثاً بينما هو عند المسيحية عقيدة ثابتة، أيضا الرهبنة التي يراها المسلم
مبالغة خاطئة وتطرفا للزهد عن الحياة، بينما يعتبرها المسيحي تحرراً من قيودها ص(82).
كما ينكر الإسلام أن عيسى ابن الله، الأمر الذي يرفضه
الكثير من الطوائف المسيحية، في حين أن هناك طائفة واحدة فقط تتفق على تلك
النظرية، يجب على المسيحي ألا يخلط تصوراته هو مع القرآن ويراها فيه، بل لا يفهم
القرآن إلا بالقرآن، ولذلك لا يجب أن يفسر عن طريق الكتاب المقدس، ولا عن طريق علم
النفس أو أي طريق آخر ص(82).
كما أن أحد أسباب الصراع هو أن ثقة المسلم من صحة عقيدته
تجعله يعتقد أنه يجب أن يتسيد العالم، أي أنه غير قادر على تصور نفسه مغلوباً على
أمره. وتختلف الشيعة في ذلك عن أهل السنة، لأنهم عاشوا فترات طويلة مغلوبين على
أمرهم، والآن يشعر الشيعة بالتفوق بعد وصولهم إلى الحكم في إيران. إن نجاح الإسلام
أيام النبي صلى الله عليه وسلم جعل هذا النجاح هو الوضع الطبيعي بالنسبة للمسلم.
وبعد أن غلب المسلمون على أمرهم لجأوا إلى تمني عودة المجتمع الإسلامي الأول، وهذا
هو السبب في قوة التيار السلفي ص(82).