حرب اليمن .. ابتزاز لحلفائها أم مرحلةٌ لإنهاء "القاعدة"

الجمعة 09/مايو/2014 - 09:33 م
طباعة حرب اليمن ..  ابتزاز
 
ذكر مصدر أمني يمني، أن خمسة جنود قُتلوا وجرى احتجاز آخرين في هجوم على دورية أمنية، بمحيط القصر الرئاسي في صنعاء، بعد نشوب معركة مسلحة بين أمن القصر الرئاسي اليمني ومسلحين مجهولين، تبادل فيها الطرفان النيران.
من جانب آخر، نجا وزير الدفاع اليمني، اللواء الركن محمد ناصر أحمد، مع مسؤولين عسكريين وأمنيين آخرين من كمين نصبه مقاتلو القاعدة جنوبي البلاد، حيث يقوم الجيش بحملة عسكرية واسعة ضد التنظيم.
وقال مصدر عسكري يمني في تصريحات لوكالة "فرانس برس" إن مسلحين من القاعدة هاجموا موكب الوزير اليمني، الذي كان يضم أيضًا رئيس المخابرات ورئيس الشرطة العسكرية، خلال عودتهم من محافظة أبين إلى شبوة. 
تأتي تلك الأحداث بعد إعلان الجيش اليمني منذ يومين سيطرته على بلدة عزان، أهم معقل لتنظيم القاعدة في محافظة شبوة، مؤكداً مقتل عدد آخر من قادة التنظيم الأجانب والمحليين، واستمرار حملته العسكرية الواسعة التي كان بدأها قبل عشرة أيام على أكثر من جبهة، على متشددين إسلاميين في محافظات اليمن الجنوبية، ما دعا البعثات الدبلوماسية الأجنبية في اليمن إلى تشديد إجراءاتها الأمنية، بعد تعرضها لهجمات عنيفة من قبل تنظيم القاعدة، في ردٍ منه على حملة الجيش الذي كبّدته خسائر فادحة. 
في الوقت ذاته أعلنت فيه اللجنة الأمنية العليا مقتل شايف الشبواني، أحد قادة تنظيم "القاعدة" في اليمن، أثناء تبادل لإطلاق النار مع قوات الأمن في صنعاء ليلاً، وأوضح المتحدث باسم اللجنة العليا في بيان، أن الشبواني هو "أحد أخطر عناصر تنظيم القاعدة الإرهابي، وهو مطلوب أمنيًا، وأحد العناصر القيادية التي تقوم بالتخطيط والمشاركة في عمليات خطف واغتيالات في العاصمة، استهدفت رجال أمن وعددًا من الرعايا الأجانب".

شايف الشبواني
شايف الشبواني
في الأشهر القليلة الماضية وبالتحديد قبل انتهاء عام 2013، شنّت قوات الجيش اليمنية حربًا مفتوحة على تنظيم القاعدة في بلاد العرب، ليقوم الجيش بأكبر حملة منظمة له منذ حوالي عامين على التنظيم، وذلك بعد تيقن النظام اليمني من فقدان التنظيم لشعبيته والدعم الذي لاقاهما من القبائل اليمنية، ليدخل اليمن مرحلةً جديدةً في حربه على الإرهاب، من خلال عدد من العمليات العسكرية المكثفة ضد عناصر القاعدة في مدن أبين وشبوة، يحشد فيهما كتائب من قوات كلٍ من الجيش والأمن، ثم انتقل إلى مرحلة الهجوم على مقار القاعدة ومخابئها، إضافة إلى حشد الدعم الشعبي ومشاركة اللجان الشعبية في القتال، إلى جانب الصفوف النظامية، وتحييد القبائل الموالية أو المتعاطفة والداعمة للتنظيم في الوقت ذاته، ومنعها من دعم عناصره، بما يساعد على تضييق الخناق على التنظيم.
الحرب التي شنتها القوات اليمنية كانت بدعم من القوات المسلحة السعودية، التي طالما مثلت القاعدة تهديدًا مباشرًا لها ولحدودها الجنوبية مع اليمن، والتي مثلت للقاعدة نقطة انطلاق لعملياتها الإرهابية، مستغلة جغرافية الحدود الوعرة بين البلدين، ووجود بعض القرى المتقاربة من بعضها البعض، إضافة إلى التداخل السكاني الذي جعل التقاء سكان البلدين شبه يومي، خاصة في بعض الأسواق على الحدود من أجل تبادل السلع ومزاولة التجارة بينهم.
خريطه توضيحية لمناطق
خريطه توضيحية لمناطق الصىراع في اليمن
التنسيق الذي لحقه كشف قوات الأمن السعودية منتصف الأسبوع المنصرم، عن خلية إرهابية مكونة من 62 عنصرًا جهاديًا من اليمن وسوريا والسعودية، خططوا لعمليات إرهابية تستهدف منشآت حكومية ومصالح أجنبية، واغتيال عدد من رجال الأمن السعودي، وشخصيات تعمل في مجال الدعوة، ومسئولين حكوميين.
بعض الخبراء يرى أن وجود دعم سعودي على الصعيدين اللوجيستي والتخطيطي في تلك الحرب، ما هو إلا محاولة من القيادة اليمنية لتحسين علاقاتها المتوترة مع جارتها السعودية، الأمر الذي برره اللواء الركن محمد ناصر أحمد، وزير الدفاع اليمني في حواره الذي نشرته جريدة "عكاظ" السعودية، حيث ثمن الركن دور المملكة في التعاون مع اليمن على جميع المستويات، خاصة فيما يتعلق بالتنسيق في مكافحة الإرهاب، قائلا: "إن الانتصارات التي يحققها الجيش اليمني على مسلحي تنظيم القاعدة في المرحلة الراهنة هي تعبير عن إرادة الخير وإرادة الحياة للشعب اليمني وقيادته السياسية، وتعبير عن إرادة الخير للأشقاء والأصدقاء شركاء اليمن في مواجهة هذه الآفة العالمية، التي لا تمثل تهديدا لليمن فحسب، بل وتمثل تهديدًا مباشرًا للمنطقة وللعالم"، مؤكدا سيطرة الجيش والأمن على غالبية مناطق المحافظات الثلاث التي كانت تتواجد فيها القاعدة.
من ناحية أخرى كشف الناطق باسم البنتاجون الأدميرال جون كيربي، لشبكة CNN الأمريكية، عن حقيقة دور الولايات المتحدة في الحرب الدائرة ضد القاعدة في جنوب اليمن، نافيًا وجود جنود أميركيين كجزء من الاشتباك على الأرض، ولكن كانت هناك قوات تمتلك أجهزة رؤية ليلية حلقت خلف القوات اليمنية في منطقة جبلية نائية في جنوب اليمن، قائلا: "إن المروحيات اليمنية التي استخدمها الجنود الأمريكيون هي مروحيات من صنع روسي، إلى جانب إرسال طائرات دون طيار، تابعة للمخابرات المركزية الأمريكية، استهدفت مقاتلين للقاعدة، ومواقع لمعداتهم في موقع معسكر للتدريب"، مؤكدًا على التنسيق بين البنتاجون مع الحكومة اليمنية وقواتها المسلحة، لمساعدتهم في تطوير قدراتهم في مكافحة الإرهاب داخل البلاد.
وزير الدفاع اليمني
وزير الدفاع اليمني اللواء محمد ناصر أحمد
الأيام الأولى من القتال أعطت مؤشرات إيجابية بشأن نجاح العملية العسكرية، حيث تمكن الجيش من الدخول لأول مرة إلى مناطق جبلية كانت محرمة عليه، وتمثل معاقل ذات أهمية كبيرة للقاعدة في التدريب والتخطيط لتنفيذ عمليات إرهابية في أنحاء مختلفة من اليمن، النجاح الذي أعلنه في قدرته على استعادة نفوذه وإحكام سيطرته على محافظتي أبين وشبوة، لكن هذا التقدم لم يضعف تنظيم القاعدة بعد، أو يمنعه من تحريك خلايا نائمة تابعة له، الأمر الذي وضح في محاولتين لها، في الهجوم على القصر الرئاسي اليمني، واغتيال وزير الدفاع اللواء الركن محمد ناصر، ليعلن التنظيم عن قدرته في شن هجمات في مناطق خارج ساحة المواجهات العسكرية.
يعد تنظيم القاعدة في اليمن واحدًا من فروع التنظيم المنتشرة في المنطقة العربية، وإن كان يختلف أن القاعدة أسسته في جزيرة العرب أوائل حقبة التسعينيات، بعد انتهاء الحرب في أفغانستان، وعودة عدد كبير من المجاهدين الأفغان إلى بلادهم، وكان عدد كبير منهم من السعودية واليمن، بل كانت اليمن بمثابة محطة لإمداد أفغانستان بالمجاهدين العرب، ما دفع القاعدة إلى إنشاء أول فرع لها في اليمن خارج أفغانستان، ليحمل اسم "تنظيم القاعدة في بلاد العرب".
ذهب بعض الخبراء إلى أن الهدف من الحرب، مغازلة النظام السعودي، في حين ذهب آخرون إلى أنها حرب من أجل القضاء على تنظيم القاعدة في اليمن، وإعادة تحجيمه في ظل تنامي سيطرته في المنطقة، وبسط نفوذه على بعض المدن والقبائل بالجنوب، فيما حلل البعض الحرب على أنها محاولة ابتزاز من الحكومة اليمينة لحلفائها، خاصة بعدما أدركت أنها على وشك مواجهة أزمة اقتصادية طاحنة، تتمثل في عدم قدرتها على دفع رواتب موظفيها، الأزمة التي أشارت إليها ونشرها عدد من التقارير الدولية، ما دفعها لشن حرب على تنظيم القاعدة، لإيجاد مبرر لتلقي معونات من أي من البلدين (السعودية والولايات المتحدة)، سواء كان هذا الدعم ماليًا أو عسكريًا، تحت مسمى "الحرب على الإرهاب"، والذي يعد أولوية لكل من الدولتين، وفي نهاية الأمر، فإن الحرب على تنظيم القاعدة في بلاد العرب، خطوةٌ جيدة لتحجيم دوره المتنامي داخل اليمن، والذي وصفه الخبراء بأنه "دولة داخل الدولة". 

شارك