لماذا لم تعلن القاعدة الخلافة وأعلنتها داعش؟

الجمعة 06/مارس/2015 - 08:40 م
طباعة لماذا لم تعلن القاعدة
 
•الكتاب – داعش ومستقبل العالم 
•الكاتب – عبد الرحمن البكري
•الناشر – دار العربية – كولون – المانيا 
•2015

الكاتب:

الكاتب:
ولد عبد الرحمن البكري  في بغداد عام 1951 وأنهى فيها دراسته الابتدائية والمتوسطة والثانوية التحق بكلية الشريعة الملغاة (كلية الآداب) في جامعة بغداد عام 1969 نال شهادة البكالوريوس ثم الماجستير في علوم الحديث عام 1975، انصرف للعمل التجاري وبحكم علاقاته سافر عدة مرات إلى الشرق الأدنى لغرض التجارة وأقام في سنغافورة عام 1978 انخرط في تنظيم (منظمة الشبان المسلمين) في سنغافورة ذي التوجهات السلفية في ذلك الحين خاض مجالي العمل التجاري والعمل الدعوي في جنوب شرق آسيا والشرق الأوسط وبالذات في سنغافورة وماليزيا وإندونيسيا والفليبين وتايلند، فضلاً عن الهند والباكستان والإمارات العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية ومصر اضطر إلى السفر والإقامة في ألمانيا
لماذا لم تعلن القاعدة
الدولة علي المنهاج السلفي: 
ينطلق الكتاب من زواية  أن داعش هي  دولة الخلافة الإسلامية على المنهاج السلفي الوهابي، وأن سيطرتها على أراضٍ واسعة من البلدان العربية والإسلامية قضية كبيرة جداً، بحيث يصعب التصديق بها، خوفاً من قبل البعض، أو فرحةً من آخرين طمعاً برجوع دولة الخلافة الإسلامية، وإن حدث هذا الأمر فإن له نتائج وآثاراً كبيرة وعظيمة لا يمكن التنبؤ بها الآن لعظم خطرها وسعة تأثيرها وخطورة تداعياتها، ولكن لا يمكننا بأي حال استبعاد إمكانية حصول هذا الأمر، أي قيام هذه الدولة واستمرار وجودها والتحرك نحو التوسع والاتساع، فقد عوّدتنا حوادث التاريخ المعاصر إمكانية حدوث المستحيلات، فقبل ثلاث سنوات من سقوط الاتحاد السوفياتي كان أمر سقوطه من المستحيلات التي من يزعم إمكانية حصوله يُتهم بفقدانه للعقل السليم، ولكن هذا المستحيل قد حصل؛ هناك أمور كثيرة قد حصلت وكل منها كان بحكم المستحيل قبل ثلاث سنوات من حصوله، من سقوط شاه إيران، إلى سقوط منظومة حلف وارسو وسقوط الشيوعية في كل دول أوروبا الشرقية، وتفجير مركز التجارة العالمي في نيويورك من قبل مجموعة انتحارية معظمها من السعوديين، واحتلال دولة عربية (الكويت) من قبل دولة عربية أخرى (العراق)، وإعلان الولايات المتحدة الحرب على صدام حسين وتغيير نظام حكمه في العراق، وسقوط أنظمة زين العابدين في تونس، وحسني مبارك في مصر والقذافي في ليبيا وغيرها من الأحداث الكبيرة خلال العقدين أو الثلاثة عقود الماضية.
تحالف عالمي:
يرى الكاتب أن هناك تحالفًا عالميًا تقوده الولايات المتحدة الأمريكية تستخدم فيه ترسانتها العسكرية الضخمة لقتال داعش، إن سبب قتالهم لداعش ليس هدفه الأول دفاعاً عن دول المنطقة بل دفاعاً عن انفسهم، وإنهم إن استطاعوا تجميد أعمال داعش الإرهابية في بلدانهم فستكون مواجهتهم لداعش في الشرق أقل جدية، حيث أن الولايات المتحدة قد افلحت إلى حد كبير بإيقاف نشاط هذه الحركات السلفية الإرهابية في أمريكا، ولكن المشكلة تبقى قائمة في الدول الأوربية، فإن استطاعت الدول الأوربية أيقاف نشاطهم في أوربا أيضاً، فلا نستبعد أن يتخلى العالم بأجمعه عن مواجهة داعش بشكل جدي، كما واجهوا القاعدة في أفغانستان؛ وهناك إمكانية أن يتعاملوا مع داعش كما تعاملوا مع الوضع في ليبيا، فعندما وجدت أمريكا أن استمرار تدخلهم في ليبيا سيكلفهم الكثير قرروا ترك البلاد وإغلاق سفارتهم وسحب كل رعاياهم في أواسط عام 2014 وترك أهلها للصراع فيما بينهم، إن أتخذ مثل هذا الموقف من قبل أمريكا والدول الأوربية تجاه داعش، ففي هذه الحالة تبقى كل الاحتمالات غير المتوقعة محتملة، المستقبل مجهول ويعتمد بالدرجة الأولى على دول المنطقة وتعاونهم من أجل مصلحة المنطقة ومصالح دولهم، وهي مسؤوليتهم وليست مسؤولية أمريكا أو مسؤولية الدول ألأوربية، إن أهم سلاح تمتلكه داعش هو الاختلافات القائمة بين دول المنطقة، فهذا كان السبب الرئيسي والأساسي في سيطرتهم وتوسعهم وتمكنهم من البلاد. 
ولا يمكن مناقشة أمر دولة الخلافة الإسلامية على المنهاج السلفي والبحث فيه قبل الخوض ومعرفة تاريخ المنطقة ومعرفة المحاور الفكرية لما يسمّى السلفية والفكر الوهابي الذي قامت على أساسه الدولة السعودية الأولى والثانية والثالثة، كما لا يمكن أن تتضح الصورة إلا بعد الاطلاع على دور تنظيم القاعدة وبن لادن قبل نشوء داعش الذي غدا التجسيد الحقيقي لفكر ابن تيمية وابن عبد الوهاب وما ارتبط به من تنظيمات، فضلاً عن التعرف على الدور الحقيقي لأفكار ابن تيميه وابن عبد الوهاب الذي أدى إلى نشوء فكر القاعدة وقيام تنظيم داعش ثم قيام دولة الخلافة الإسلامية على المنهاج الوهابي السلفي، والصراع الفكري الإسلامي في العصور الغابرة والحاضرة والذي أدى إلى بروز الفكر السلفي.
التساؤلات الصعبة:
ويطرح الكاتب جملة من التساؤلات مثل ما هي الجذور الفكرية والعقائدية للفكر السلفي؟ وما هو الترابط بين هذا الفكر وبين فكر ابن تيمية وفكر ابن عبد الوهاب؟ وكيف تطور الفكر الإسلامي لدى مجموعة من المفكرين خلال مرحلة ابن تيمية ثم ابن عبد الوهاب وصولاً إلى المرحلة الحالية لما يسمّى الفكر السلفي والوهابي والتكفيري أو بالأحرى فكر القاعدة وفكر داعش ثم فكر دولة الخلافة الإسلامية على المنهاج السلفي؟ وما هو تأثير أحاديث الصحاح وبالذات صحيح البخاري وصحيح مسلم على هذا الفكر؟ وما هي علاقة الفكر السلفي الوهابي بأفكار المذاهب السنية الأربعة؟ وهل هناك اختلافات بين الفكر الوهابي وفكر أهل السنّة والجماعة؟ فإذا كانت هناك اختلافات فما هي هذه الاختلافات؟ هناك سؤال مركزي مهم؛ هل يفتي الوهابيون السلفيون بوجوب قتل كل من لا يعتقد بالعقائد السلفية الوهابية التكفيرية؟ حتى ولو كان من أهل السنة والجماعة؟
فصول الكتاب: 
تحت عنوان (الوهابيون وأهل السنّة والجماعة: نبذة تاريخية، المشتركات والاختلافات العقائدية).جاء الفصل الاول من الكتاب  الذى حاول ان يجيب عن الاسئلة التي طرحها الكاتب في المقدمة.
أما الفصل الثاني فقد تناول نشوء الدولة السعودية على النهج السلفي الوهابي، ثم بروز النزاع بين هذه الدولة عندما تخلت عن الكثير من العقائد الوهابية الباطلة وبين الذين بقوا متبنين لهذا الفكر من حركة الإخوان الوهابية السلفية، وهذا الفكر هو الذي أدى الى نشوء القاعدة لاحقاً والتي تتبنى بحق هذا الفكر بكافة مفرداته، ثم نتناول المراحل التي أدت إلى بروز حركة داعش وكيفية نشوئها وقياداتها  ومنهجها القتالي وهيكليتها.
 لماذا أعلنت داعش دولة الخلافة الأسلامية ولم تعلنه من قبلها القاعدة؟ مع العلم أن القاعدة في أفغانستان قبل 11 سبتمبر عام 2001 كانت تتمتع بإمكانيات الدولة لإعلان دولة الخلافة اكثر بكثير مما تتمتع به داعش الآن في الموصل؟ بل لماذا لم تعلن السعودية خلال دولها الثلاث خلال فترة قرنين ونصف من الزمان عن تأسيس دولة الخلافة الإسلامية؟ ماهي الأسس الفكرية السلفية التي إعتمدتها داعش لإعلان دولة الخلافة؟ وما هي ميزاتها عن القاعدة وعن الدولة السعودية بحيث استطاعت أن تعلن عن هذا الأمر ولم تستطع القاعدة أو الدولة السعودية من إعلانه؟
ما هي الخلافات والاختلافات الأساسية بين منهج قاعدة بن لادن وبين قاعدة الجهاد في بلاد النهرين للزرقاوي وبين داعش أو بالأحرى دولة الخلافة الإسلامية بقيادة أبو بكر البغدادي؟ ولماذا نستطيع أن نزعم أن داعش أخطر بكثير من القاعدة على مستقبل المنطقة بل مستقبل العالم؟
ما هي مواقف الدول والجهات الإقليمية والعالمية من داعش وما أثر ذلك على مستقبل داعش؟ بل بالأحرى ماهي قدرة الدول والجهات الإقليمية والعالمية في التأثير على مخططات داعش ومستقبلها؟  وما هي مخططات داعش المستقبلية على المستوى الإقليمي والعالمي؟ وما الذي يمكن أن تحققه من هذه الأهداف؟ وما هي إمكانيات القضاء على داعش؟ بل بشكل أدق ماهي احتمالات القضاء على داعش؟ وهل هناك إمكانية لاستفحال أمرها وبداية نشوء دولة الخلافة الإسلامية على المنهاج الوهابي السلفي؟ هل القضاء على داعش في الموصل سينهي هذه الحركة؟ وهل القضاء على وجودها في بلاد الشام سينهيها؟
أسئلة كثيرة  لاتعد الاجابات عليها امر سهل عل الاطلاق ولكنها تلقي بمحركات بحث وتفكير تحتاجه المنطقة كلها.
أحاديث المستقبل:
و في الفصل الثالث من الكتاب إلى جملة من أحاديث الرسول الأعظم بشأن المستقبل وإمكانية انطباقها على المجموعات الضالة في التأريخ، كالخوارج والقرامطة وصاحب الزنج وغيرهم، وهل يمكن أن يساوي الرسول بين هذه الفئات الضالة وبين أهل التوحيد من السلفيين في وسط أرض الجزيرة، حماة الحرمين ورافعي لواء التوحيد؟ فإن كان السلفيون مقصودون في أحاديث الرسول  فهل هناك دليل دامغ لا يقبل الشك على ذلك؟ سيجد القارئ أن هذا البحث هو بحث مستوعب لمعظم التفاسير والتصورات والاحتمالات المختلفة، أهمية هذا الفصل تنبع من أمرين أساسيين، الأمر الأول هو أحاديث الرسول وسنته التي تعتبر المصدر الثاني للتشريع الإسلامي بعد القرآن الكريم، والأمر الثاني هو الحركات السلفية أو بتعبير أدق المذهب السلفي الذي يتميز عن كافة المذاهب الإسلامية الأخرى في تبنيه للحديث النبوي الشريف بدرجة عالية ومتميزة، وهو أمر يحسب لهم وليس عليهم، فإن كان الأمر كذلك فما هو الفرق بين تعاملهم مع الحديث النبوي الشريف وبين تعامل باقي المسلمين مع الحديث، فهل تعامل المسلمين من غير السلفيين مع الحديث النبوي الشريف أفضل من تعامل السلفيين مع الحديث؟  وبالذات الأحاديث الواردة في كتب الصحاح وبالذات صحيحي البخاري ومسلم؟ سيجد القارئ الكريم إن هذا الفصل ذو أهمية كبيرة في  تغيير الكثير من الموازين ووضع النقاط على الحروف وكشف الحق من الباطل للمسلمين بشكل عام وللحركات السلفية بشكل خاص .
سر الانتشار:
أما الفصل الرابع فإنه يكتسب أهمية خاصة ويجيب على مجموعة من التساؤلات؛ لماذا انتشر هذا الفكر هذا الانتشار الواسع وفي هذا الظرف وفي هذا الوقت؟ من هو المسؤول عما يحدث في العالم من أحداث لا يمكن وصفها بالأحداث الإرهابية فحسب، بل هي أحداث خلاف المنهج العقلي السليم، وخلاف الطبيعة الفطرية للإنسان، بل خلاف الرسالة الأولى لجميع الأديان السماوية، وبالذات الدين الإسلامي، وهو المبدأ الأول الذي ترتكز عليه جميع هذه الأديان وهو قيمة الإنسان، وحق الإنسان بالحياة، وبالذات حياة الناس غير المذنبين وغير المقاتلين من ألأطفال والنساء والشيوخ الغير قادرين على المشاركة بقتال، فمن هو المسئول عن هذه الأحداث؟ هل الجهل بالإسلام؟ هل التفسير الخاطئ للدين؟ هل المفكرين الذين نظروا لهذه المتبنيات الفكرية غير الصحيحة؟ هل هناك دول معينة مسؤولة عن انتشار هذا الفكر؟ وما هي هذه الدول؟ وما هي مسئوليتها؟ هل هناك سياسات عالمية خاطئة ساعدت على انتشار هذا الفكر واستفحاله؟ هل يتميز من يتبع هذا الخط وهذه العقائد بنفسيات إجرامية وغير سوية؟ الإجابة عن هذه التساؤلات أمر ضروري لمن هو في مركز القرار لاتخاذ القرارات الصائبة والسياسات الصحيحة من أجل القضاء على هذه الظاهرة، وكيفية مواجهتها، أو بالحد الأدنى التقليل من أضراره، أما في الفصل الخامس فقد تناول أحاديث الرسول بشأن التحذير من فتنة السفياني، ونبوءة فتح بيت المقدس استناداً إلى الأحاديث النبوية للرسول. وقد تطرقنا في هذا الفصل إلى جملة من أحاديث الرسول التي نطق بها قبل أكثر من الف واربعمائة عام ونعتقد أنها جاءت بما لا يقبل النقاش بحق داعش، لأن هذه الأحاديث تتضمن مجموعة من العناصر بحيث لا يمكن أن تنطبق على أي مجموعة خلال أربعة عشر قرناً من التاريخ غير داعش.
المهدي والدجال:
أما الفصل السادس والأخير فقد تطرق فيه إلى المعركة الحاسمة بين خليفة الله المهدي والمسيح الدجّال استناداً إلى الأحاديث النبوية الشريفة في هذا المجال. مع تصور مقتضب بشأن مستقبل العالم وبالذات انتشار الظلم والجور ثم زواله على يد المؤمل لإحياء الدين والسنن المهدي الموعود المنتظر، وهو التجسيد الواقعي لإرادة الله في إظهار الإسلام على الدين كله، وليملأها قسطاً وعدلاً بعدما ملئت ظلماً وجوراً.
لقد تم مواجهة هذه الجرائم بالقوة والسلاح والحروب، ولكن لم تفلح كل هذه الوسائل بالقضاء على هذا الفكر المنحرف، بل ازداد انتشار هذا الفكر وأستفحل بشكل أكبر بكثير من السابق، وكأن استخدام القوة معه زادته قوة، خطأ العالم في مواجهته لهذه الظواهر هو اعتماده على القوة فقط، وهذا المنهج للمواجهة كما رأينا هو منهج فاشل، وفي نفس الوقت لم يتصدى إلا القليل لمواجهة هذه الأفكار المنحرفة والعقائد الضالة بعقائد سليمة وصحيحة؛ ونؤكد هنا أن هذا المنهج أي مواجهة الأفكار المنحرفة والضالة بأفكار صحيحة وسليمة وواقعية يتميز بفاعلية وتأثير يفوق بكثير تأثير القوة والسلاح والعنف، ومن هذا المنطلق كان تأليف لهذا الكتاب.

شارك