الأب شريف ناشف من السودان يجيب على السؤال: لماذا يرفض مسيحيو الشمال الهجرة إلى دولة الجنوب
الأربعاء 01/أبريل/2015 - 07:08 م
طباعة
-علاقة المسيحيين بالمسلمين علاقة طيبة تملؤها المحبة
- ترميم الكنائس ليس فيه مشكلة، وتتم بدون تصاريح رسمية، ولكن بناء الكنائس به بعض الصعوبة
قام الأب شريف ناشف – الكاهن المعاون بكنيسة القديس كيرلس للروم الكاثوليك ــ بالكوربة – مصر الجديدة بالسفر لدولة شمال السودان لإقامة صلاة القداس الإلهي بكنيسة سيدة البشارة بالخرطوم، والتي تتبع طائفة الروم الكاثوليك ولارتباطي بعلاقة صداقة وطيدة بالأب شريف، كنت أعلم برحلته هذه، وكان يشغلني سؤال ملح، وهو لماذا لم يهاجر كل مسيحيي الشمال لدولة الجنوب الوليدة، التي تحظى بأغلبية مسيحية؛ لذلك طلبت من قداسته أن يحصل على بعض الإجابات حول هذا السؤال وغيره، وهو ما فعله مشكورا، فكان هذا الحوار مع إضافة إعجابه بالفواكه والخضروات السودانية المزروعة بلا أي كيماويات .
* ما هي أحوال السودان قبل الانفصال، الاقتصادية والاجتماعية والسياسية؟ وما علاقة المسيحيين بالمسلمين؟ وهل هناك مشاكل في ترميم الكنائس وبنائها؟
- أحوال السودان قبل الانفصال وبعد الانفصال واحدة، بدون تغيير كبير.. فالأحوال الاقتصادية "تعبانة" وكان سعر الدولار قبل الانفصال في السوق السوداء (3.5 - 4) جنيهات سودانية، وبعد الانفصال أصبح السعر (4.2) جنيه سوداني. وأسعار السلع في زيادة كبيرة. الشعب السوداني طيب، ساكت، لا يتكلم، ويتحمل الظلم. علاقة المسيحيين بالمسلمين علاقة طيبة تملؤها المحبة. وترميم الكنائس ليس فيه مشكلة، وتتم بدون تصاريح رسمية، ولكن بناء الكنائس به بعض الصعوبة والروتين، والتصاريح الكثيرة، ويأخذ وقتاً طويلاً؛ ولذلك الأغلبية تبني عمارة، ويقومون بالصلاة فيها بدون مشكلة.
* هل للمسيحيين وظائف حساسة داخل أجهزة الدولة، أم مقصورة على المسلمين؟ وكيف ترى مشاركة المسيحيين في السياسة؟ وما تعداد المسيحيين الآن؟
- في الماضي، قبل حكومة البشير، في السبعينيات والثمانينيات، كان المسيحيون يشغلون الكثير من الوظائف الحساسة في الدولة، وقيادة البنوك والجامعات، ولكن الحكومة الحالية فكرها إسلامي، فقامت بطرد المسيحيين من المناصب الحساسة (معاش مبكر). كانت الفترة من (1982-1997) أسوأ فترة للمسيحيين بالسودان، وهاجر فيها حوالي 600 عائلة من الروم الكاثوليك فقط، نتيجة الاضطهادات الدينية، والتي كانت من مظاهرها محاولة فرض الحجاب على الفتيات المسيحيات في المدارس، فقامت المدارس المسيحية برفض القرار، وأغلقت أبوابها وتأخرت الدراسة لمدة أسبوعين، ودخلوا في مناقشات حامية، ووقف المسيحيون وقفة شديدة، وتم إلغاء القرار، وفتحت المدارس المسيحية أبوابها. المسيحيون قبل الانفصال كانوا يمثلون حوالي 30% من الإجمالي (40 مليون نسمة)، والآن بعد الانفصال أصبحوا حوالي (35 مليون نسمة) في الشمال والباقي في الجنوب.
* ما رأي المسيحيين في الشمال في الانفصال؟ وكيف تتعامل الحكومة مع المسيحيين القاطنين في الشمال؟
- في الماضي، ومع الاحتفالات بالأعياد المسيحية كانت تقام حفلات في النادي القبطي والنادي السوري، وكانت الحكومة تقدم الحماية والدعم وبدون مشاكل، ولكن في عام الانفصال أقيمت حفلتان في الناديين القبطي والسوري (24، 25 ديسمبر)، في الحفلة الأولى بالنادي القبطي جاءت شرطة النظام العام، واقتحموا النادي وحاولوا إنهاء الحفلة، والقبض على الشباب، فقامت إدارة النادي بغلق النادي، وإخراج المحتفلين سريعاً من باب خلفي، وكانت هذه الواقعة أول مرة تحدث.
في اليوم الثاني 25 ديسمبر كانت حفلة النادي السوري، فقام رئيس النادي بالاتصال بالمسئولين، وأكد له (والي الخرطوم) أنه لا يوجد مشاكل ولا مانع من الحفلة، وما حدث كان خطأ. وبدأت الحفلة وتكرر ما حدث واتصل المسئولون وطلبوا إنهاء الحفلة أيضا، وألغيت الحفلة. (على فكرة النادي السوري عمره 105 أعوام في السودان، والنادي القبطي عمره 30 عاما). أما هذا العام فقد أقيمت حفلتان في الناديين السوري والقبطي، ومرا بدون مشاكل من المسئولين. ومسيحيو الشمال يرفضون الهجرة للجنوب لارتباطهم ببيوتهم وأصدقائهم هناك، ويرفضون تفريغ الشمال من كل المسيحيين.
* هل تطبق الشريعة الإسلامية على المسيحيين هنا، (الجزية- إقامة الحد..) أم لكل ديانة شريعتها؟
- الشريعة الإسلامية موجودة ولكنها لا تطبق على المسيحيين.
* هل اقتصاد السودان تأثر بالانفصال، وخصوصاً أن البترول أغلبه في الجنوب؟
- التأثير على الاقتصاد ليس ملحوظاً كثيراً، فما زال الشمال مسيطراً على البترول بنسبة كبيرة، على الرغم من وجود البترول في الجنوب، إلا أن معدات وأنابيب النقل في الشمال. سعر الدولار في البنك 2.9 جنيهات سودانية، ولكن البنك لا يبيع الدولار بهذا السعر إلا بشروط صعبة، فمثلاً المسافر لدولة عربية لا يأخذ أكثر من 1000 دولار، والدول الأوروبية 3500 دولار.
* كيف تتم الاحتفالات بالأعياد المسيحية بعد الانفصال؟
- قبل الانفصال وبعد قداس الاحتفالات كان يخرج المسيحيون في الشوارع بأعداد كبيرة، من كنيسة لكنيسة ليعيدوا على بعضهم البعض، أما الآن فلا يحدث هذا، تتم صلاة القداس وتحتفل الرعية معاً على مائدة أكل بكل فرح وسعادة.. إن الأكثر تأثراً هم المسيحيون الجنوبيون، الذين يعيشون في الشمال، فعليهم مغادرة البلاد للجنوب، والحصول على فيزا في حالة رجوعهم للشمال. ولكن ما أود قوله: إن الانفصال لم نشعر بنتائجه حتى الآن بصورة كبيرة.
* هل هناك هجرة من أهل الشمال المسيحيين للجنوب أو لخارج السودان؟
- المسيحيون الذين أصلهم من الجنوب يهاجرون للجنوب. الهجرة من عام (2000 -2011 ) قَلَّت تماماً بمساعدة الحكومة، واحترامهم لحقوق المسيحيين، وبعد عام 2011 هاجرت حوالي 200 عائلة مسيحية؛ بسبب بعض الأحداث الطائفية في البلاد. الآن لا يوجد تشدد ديني ولا فتن طائفية والعلاقة بين المسيحيين والمسلمين يغلفها المحبة والاحترام.
* هل هناك تشديد على ملابس النساء وتغطية شعورهن، أم هناك حرية شخصية؟
- المسألة ليست تشديدا على ملابس النساء أو فرضا، ولكن السيدات احترمن قوانين البلاد ونظامها، وحرصن على ارتدائهن ملابسهن، حتى لا يثرن مشاعر الآخرين.