الطائفية والصراع الاقليمي و"داعش" يعقدون المشهد العراقي

الخميس 12/يونيو/2014 - 11:44 م
طباعة الطائفية والصراع
 
الطائفية والصراع
لليوم  الرابع على التوالي تسيطر قوات جماعة الدولة الإسلامية في العراق والشام "داعش"، على أهم ثاني مدينة عراقية، إلى جانب الانتشار في مدن أخرى، مع انسحاب أفراد الجيش العراقي، وهو ما أدى إلى سوء الأوضاع على الأراضي العراقية وفرار مئات الآلاف من هذه المدن بحثًا عن الأمان المفقود، وهو ما ترتب عليه مباحثات بين عدد من البلدان الأوروبية مع الولايات المتحدة من أجل كيفية إنقاذ الموقف. 
ورغم تردي الأوضاع الأمنية، أعلنت الولايات المتحدة أنها لن ترسل قوات برية إلى العراق، وإن كانت هناك طرق بديلة لمعالجة الأزمة، بينما دعت فرنسا المجتمع الدولي للتدخل لإنقاذ الموقف.
ومع تفاقم الأزمة عادت من جديد معاناة المسحيين، في ظل تهديد القوات التابعة لداعش، وغياب قوات الأمن الحكومية سواء شرطة أو جيش، وسط تحذير الفاتيكان من خطورة الموقف.
يأتي ذلك بعد أن سيطر الأكراد العراقيون على مدينة كركوك النفطية بشمال البلاد، نتيجة انسحاب القوات الحكومية من مواقعها أمام تقدم متشددين سُنة نحو بغداد، مما يهدد مستقبل العراق كدولة موحدة.
وفي الموصل نظم مقاتلو جماعة الدولة الإسلامية في العراق والشام استعراضًا بعربات "الهمف" الأمريكية، التي استولوا عليها من الجيش العراقي المنهار على مدى يومين، منذ أن قدم المقاتلون من الصحراء واجتاحوا ثاني أكبر مدينة في العراق.
من جانبه أكد جاي كارني المتحدث باسم البيت الأبيض، أن الولايات المتحدة لا تدرس إرسال قوات برية إلى العراق للمساعدة في التصدي لأعمال العنف المسلح هناك، مشيرًا إلى أن تصريحات الرئيس الأمريكي باراك أوباما بقوله  "لا يستبعد أي خيارات لمساعدة العراق في محاربة العنف"  كان يقصد عدم استبعاد توجيه ضربات جوية.
من ناحية أخرى اعتبرت وكالة فيدس التابعة للفاتيكان، أن هجوم التنظيم التابع للقاعدة، عجّل بهروب عشرات العائلات المسيحية من البلدات باتجاه سهل نينوي، أما الذين لم يستطيعوا الفرار فقد بقوا محاصرين في منازلهم بسبب حظر التجول، وانقطاع مستمر للطاقة الكهربائية، وإمدادات المياه.
ورصدت الوكالة حرق كنيسة أرمنية في المدينة القديمة في الموصل، حيث أفاد شهود عيّان أن النيران اشتعلت في مبنى الكنيسة القديمة والتي يعود بناؤها إلى سنة 1875، وتعتبر إرثاً دينياً وحضارياً مهماً في العراق، كذلك رصد قيام مسلحي "داعش" بتفجير كنيسة تحت الإنشاء في حي الوحدة، شرقي مدينة الموصل، بعد تفخيخها بعبوات ناسفة.
وأرجع جوناثان ماركوس المحلل السياسي في BBC  الإنجليزية، تردي الوضع في العراق إلى الطائفية في العراق الجديد، حيث برز التناقض الأكبر الذي جاء نتيجة تخلص الولايات المتحدة من صدام حسين، وهو أنه بتدمير العراق كقوة إقليمية، فقد أسهموا في تصاعد القوة الإيرانية، ورأت إيران في شيعة العراق حلفاء لها في النزاع الإقليمي الأكبر، وأنه ربما كان الدعم الإيراني سببًا في تعاظم شعور رئيس الوزراء نوري المالكي بالتفوق الشيعي، الذي أدى إلى استفزاز الكثير من السنة، ما أدى إلى تدهور الأوضاع الأمنية على الأرض.
أضاف ماركوس بقوله "يعتقد الكثير من المعلقين أن الطائفية والانقسام بين السنة والشيعة يشبهان مسألة البيضة والدجاجة، وهل الخلافات الطائفية في حد ذاتها هي المشكلة، أم أن الفشل الاقتصادي والاجتماعي للدولة العراقية هو الذي أدى إلى تفاقم الانقسام المؤلم؟ فعلى الرغم من ثروة العراق النفطية، إلا أن العراقيين عموما فقراء وينتشر الفساد في البلاد انتشارًا هائلًا.
شدد ماركوس على انه بينما ينشغل العراقيون بمشاكلهم الخاصة، إلا أنهم رأوا أمواج الربيع العربي تأتي وتذهب، التحول شبه الدائري في مصر، وبالطبع الفوران الهائل في سورية المجاورة، ومن الحتمي أن بروز المجاهدين هناك ترك تأثيرًا عبر الحدود في العراق، كما أن دعم الدول الخليجية للمقاتلين السنة المتطرفين ساعد في بروز وتقوية جماعات مثل "داعش" ذات أهداف إقليمية تتجاوز الحدود.
وأشار إلى أنه على الرغم من صعوبة إثبات وجود علاقة بين نظام الرئيس الأسد في سوريا و الجهاديين، إلا أنه كانت هناك دائمًا تقارير مفادها أن الحكومة في دمشق كانت تولي مثل هذه الجماعات القليل من اهتمامها، في حين كانت تركز نيرانها على المسلحين الأكثر اعتدالا الذين يدعمهم الغرب،  وهو ما منح فرصة لتنظيم داعش لإنشاء هيكله الإداري الخاص به في المناطق التي يسيطر عليها. 

الطائفية والصراع
على الجانب الآخر قدرت المنظمة الدولية للهجرة عدد الأشخاص الذين فروا من مدينة الموصل عقب سيطرة مسلحي "داعش" عليها بنصف مليون شخص.
كان أكثر من 500 ألف من سكان مدينة الموصل مركز محافظة نينوى العراقية الشمالية، وثاني أكبر مدن البلاد، اضطروا إلى النزوح منها بعد نجاح تنظيم داعش في السيطرة عليها، كما هربت قوات الجيش العراقي من المدينة فيما بسط المئات من عناصر تنظيم "داعش" سيطرتهم عليها وعلى جزء كبير من المحافظة.
ورصد متابعون أن التقدم المفاجئ لمقاتلي الدولة الإسلامية في العراق والشام، التي تهدف إلى إقامة خلافة إسلامية سُنية في سوريا والعراق، يعد أكبر تهديد يواجهه العراق منذ انسحاب القوات الأمريكية عام 2011. 
من جانبها اعتبرت النائبة عن ائتلاف متحدون للإصلاح "سهاد العبيدي"، أن ما حدث في الموصل وتكريت انعكاس لسيناريو سوريا على العراق، مشيرةً إلى أن التنظيمات الإرهابية هربت من سوريا باتجاه العراق بعد فوز الرئيس السوري بشار الأسد بالانتخابات الرئاسية.
وقالت العبيدي "إن "التنظيمات الإرهابية سيطرت على مدينة الموصل وتكريت بدون مقاومة، على خلفية انسحاب قطعات الجيش وترك مواقعها"، وما حدث في الموصل وتكريت يمثل انعكاسا لسيناريو سوريا في العراق".
كما أشارت إلى أن "التنظيمات الإرهابية هربت من سوريا باتجاه العراق بعد فوز الرئيس السوري بشار الأسد بالانتخابات الرئاسية لإعلان دولتها الإسلامية التي فشلت فيها بسوريا، وتنظيم داعش ينوي الزحف نحو بغداد لإسقاط الحكومة".

ويري مراقبون أن العراق يشهد تدهورا امنيا ملحوظا دفع برئيس الحكومة نوري المالكي، الى إعلان حالة التأهب القصوى في البلاد، وذلك بعد سيطرة مسلحين من تنظيم "داعش" على محافظة نينوى بالكامل، وتقدمهم نحو محافظة صلاح الدين وسيطرتهم على بعض مناطقها.

شارك