مصطفى الشكعة المتبرئ من انحرافات الإخوان
الإثنين 20/أبريل/2020 - 11:12 ص
طباعة
مصطفى أمين
ولد مصطفى محمد الشكعة في أغسطس 1917 م في قرية محلة مرحوم مدينة طنطا بمحافظة الغربية.
حياته وتعليمه
نشأ في الغربية، وتعلم القراءة في "كُتَّاب" القرية، وحفظ قدرًا من سور القرآن الكريم، وتعلم الخط والإملاء ومبادئ الحساب، ثم دخل مدرسة طنطا الأميرية، وحصل منها على الشهادة الابتدائية، ثم التحق بمدرسة طنطا الثانوية، ومنها حصل على الثانوية العامة، وتعلَّم في مدارسها الابتدائية وجانب من الدراسة الثانوية، ولمَّا تُوفي والده انتقل في أواخر الثلاثينيات من القرن الماضي للإقامة مع أخيه الأكبر الذي كان يعمل موظفًا في القاهرة، ثم التحق بكلية الآداب جامعة القاهرة وتلقى العلم على يد الدكتور طه حسين، وعبد الوهاب عزام، وأحمد أمين، وأمين الخولي، ومصطفى السقا، وإبراهيم سلامه، وشوقي ضيف، وكان يُعارض الدكتور طه حسين في بعض الآراء التي يلقيها في محاضراته، ثم تخرج في عام 1944، ثم حصل على درجة الماجستير في الآداب عام 1951، ثم درجة الدكتوراه في الآداب عام 1954م.
وبدأ حياته العملية مدرسًا بالتعليم الثانوي في الفترة بين عامي 1944 و1949، ثم خبيرًا بالتخطيط الاجتماعي بين عامي 1949 و1956م ثم عمل بمؤسسة اليونسكو التي كان مقرها قرية من قرى محافظة المنوفية، وهي قرية "سرس الليان"، 3 نحو سنوات.
ويقول عن تلك الفترة: "تخرجت في أول العشرينيات من العمر، ثم عملت لأربع سنوات مُعلمًا؛ هروبًا من الجامعة ووظيفة باحث، براتب ضعيف، فانخرطت كمعلم في وزارة التربية والتعليم، وقد عملت معلمًا لسنتين من الأربعة في الخارج، كانت إحداهما في لبنان، والأخرى باليمن، وفيها كنت معلمًا في كلية المعلمين؛ ونشأت بيني وبين الإمام عبد الله بن الوزير صلة، فاستدعاني إلى مكتبه أنا وزملائي المصريين، وأصدر قرارًا بتعييني مديرًا للإذاعة، ثم أضيف إليها الدعاية، ثم أضيف إليها وظيفة أمين عام لمجلس الوزراء، ثم وظيفة مدير مكتب الإمام؛ فإذا بي وأنا في العشرينيات من عمري وجدت نفسي أحكم اليمن، فكل شيء يُضاف عليَّ".
وعندما أعلنت جامعة عين شمس عن وظيفة "مدرس أدب"، تقدم لها وعمل مدرس بمقر كلية الآداب في حي شبرا عام 1956 ليعمل مدرسًا بكلية آداب جامعة عين شمس، ثم شغل فيما بعد منصب العميد بنفس الكلية، وانتدب للعمل مستشارًا ثقافيًا بواشنطن بين عامي 1960 و1965، وأنشأ هناك لجنة اتحاد الملحقين الثقافيين العرب، وبعدها أعير للتدريس بجامعة بيروت العربية، ثم جامعة أم درمان كما شغل منصب عميد كلية بجامعة الإمارات ويُذكر للدكتور مصطفى الشكعة، وكان له فضل إدخال تدريس اللغة العربية في كثير من الجامعات الأمريكية أثناء إقامته في الولايات المتحدة ومراجعة مقررات اللغة العربية والتربية الإسلامية في مدارس دولة الإمارات العربية المتحدة، وكتابة بعض المواد العلمية في دوائر المعارف الإسلامية.
علاقاته
كانت له علاقات بالعديد مفكري عصره، ومنهم:
طه حسين
يقول عن علاقته به في: "أثناء تلمذتي بكلية الآداب، جلست إلى كثير من الأساتذة الكبار ذوي الشهرة في عالمنا العربي، وفي مقدمتهم الدكتور عبد الوهاب عزام، الذي أعتبره شيخي، ومنهم بطبيعة الحال الدكتور طه حسين، الذي درَّس لدفعتي أربع سنوات متواصلة، ومنهم الأستاذ أحمد أمين، صاحب "فجر الإسلام"، و"ضحى الإسلام"، والأستاذ أمين الخولي، الذي كان يدرِّس لنا علوم القرآن، وكان الأستاذ الوحيد الذي يتزيَّا بالزي الأزهري، والأستاذ مصطفى السقا، والأستاذ الدكتور شوقي ضيف، وأستاذ التاريخ الإسلامي الكبير عبد الحميد العبادي، الذي صار أول عميد لكلية الآداب بجامعة الإسكندرية منذ بَدْء نشأتها، وكوكبة من الأساتذة، خرَّجت عددًا كبيرًا من أساتذة الجامعات، بخاصة كليات الآداب المعاصرين" .
وتابع: "فوجئت أنا وزملائي من طلاب السنة الأولى بالدكتور طه حسين يقوم بتدريس الأدب العربي لنا، وكان معروفًا عنه أنه لا يدرِّس إلا لطلاب السنتين الثالثة والرابعة، وقد جرى تحوُّلُه إلى طلاب السنتين الأولى والثانية مع دفعتي. وكان طه حسين يدرّس لنا الأدب العربي الحديث والنقد الأدبي" .
الرافعي
يقول عن ذلك: "لقد كان الرافعي من المدينة التي أنتمي إليها، وهي مدينة "طنطا"، ولقد عاش الرافعي حياته في طنطا موظفًا في المحاكم، حيث نال شهرةً كبيرةً، وقد شاهدته وأنا طفل أخرج من المدرسة بعد الظهر، حيث كان يجلس على مقهًى في شارع "التُّرعة" في مدينة طنطا، وكان زملائي الكبار حينما نمرُّ أمامه، يشيرون إليه، ويقولون: الرافعي الكاتب، وكنت أفهم من هذه أنه الكاتب في المحكمة، إلى أن عرفت قيمة الرافعي، حيث كنت أقرأ على أبي وأصدقائي بعضًا من القيم الموجودة في كتب الرافعي، وحينما شبَّ التوق عندي، وبدأت مؤلفاتي، كان الرافعي من بواكيرها، وظهر باسم: "مصطفى صادق الرافعي كاتبًا عربيًّا ومفكرًا إسلاميًّا"، حيث طُبع الكتاب مراتٍ عديدةً، كما أن المجلس الأعلى للشئون الإسلامية حينما أراد أن يُصدِر بين إصداراته الكثيرة كتاب "إعجاز القرآن" للرافعي، عهد إلى أن أكتب مقدمة لهذا الكتاب، لكي تكون مدخلًا يسهِّل على القارئ فهم لغة الرافعي وعمق فكره؛ لأن هذا الكتاب يتسم بالعمق، ولقد كتبت المقدمة بالفعل، وهي في حوالي 80 صفحة، حيث فوجئت بالمقدمة وحدها يُصدرِها المجلس الأعلى للشئون الإسلامية ككتاب مستقل في إحدى سلسلاته، وقد نفدَت الطبعة الأولى من هذا الكتاب قبل صدوره، ولعلهم يُصدِرون طبعة أخرى منه" .
العقاد
ويقول عنه: "لقد عرفت العقاد؛ تلك الشخصية الخصبة المعطاءة الموسوعية، وكنت ألتقي به في مكتبة الأنجلو، حيث كنا نجلس سويًّا نتسامر، وكنت أجلس منه مجلسَ التلميذ من الأستاذ. فالعقاد، على خلاف ما يرى كثيرٌ من الناس، كان شخصيةً مهذبةً مؤنِسة.. أيّ حديث معه يمكن أن يُكتب مقالًا؛ لذلك كان العقاد مكثرًا في مقالاته إكثارَه في كتبه، كما أن العقاد يُعَدُّ من القلائل الذين هضمت الدولة حقهم. وإن كان تمثاله، والميدان الذي يحمل اسمه في أسوان، يمثِّل نوعًا أو جزءًا من العزاء. وستعرف الأجيال القادمة الأكثر عن العقاد مما يعرفه أبناء العهد الذي نعاصره" .
انضمامه إلى الإخوان
كان أخوه عضوًا في جمعية الشبان المسلمين، إلا أنه سرعان ما انتقل إلى الإخوان المسلمين، وانضم إلى جماعة الإخوان أثناء فترة الجامعة، وذهب إلى مقر الجمعية في حارة عبد الله بك في (اليكنية) وتطوع وقتها بالبحث عن مقر جديد للجماعة في شارع الناصرية، وكان ضمن ثلاثة طلاب من المقربين لحسن البنا مع سعيد رمضان، وأحمد رفعت .
وكان كادرا مهما للجماعة في اليمن عندما سافر إلى هناك واعتقل وواجه عقوبة الإعدام، لكنه أرسل برقيةً إلى وزارة الخارجية في مصر، فَحولها الوزير إلى النقراشي رئيس الوزراء الذي تدخل وأخرجهم من السجن وتم ترحيله إلى مصر، فطلب من البنا فصل ممثل الجماعة في اليمن من جمعية الإخوان، وعندما تم رفض طلبه استقال من الجماعة.
ويقول عن ذلك: "لقد ظللت في الإخوان إلى أن كنت مدرّسًا منتدَبًا في صنعاءَ باليمن، وقد كنت قريبًا إلى قلب الإمام يحيى، ولكن حالة القطر اليمني كانت تدعو إلى الشفقة، فقرًا وجهلًا وتمزقًا، وفي تلك السنة حدثت الثورة اليمنية الأولى، حيث عينني الثوار مديرًا للإذاعة، كما طلبوا من الأستاذ البنا أن يجيء إلى اليمن يبارُك عملهم، ولكنه اعتذر، وأرسل اثنين؛ أحدهما يمثِّل مكانًا رفيعًا في الجمعية، وآخر يرأس تحرير مجلة الإخوان، ولكن الرجل الذي كان ذا مكانة، ظهرت منه انحرافات شديدة، وعندما عُدت إلى مصر بعد أن فشلت الثورة وتم إلقاء القبض علينا وسجنَّا، كتبت خطابًا مفصلًا إلى الأستاذ البنا، وطالبت بفصل هذا الرجل؛ لأن وجوده في الجماعة يسيء إليها، وبعد أسبوعين أو ثلاثة حُلَّت الجماعة، وتم إلقاء القبض على الإخوان، غير أنني لم يتم القبض عليَّ؛ ثم استقلت من الجماعة، احتجاجًا على عدم الاستجابة لطلبي بفصل العضو البارز، الذي ظهرت منه بعض الانحرافات في اليمن، ولقد ألّفت كتابًا عن رحلتي إلى اليمن، وتجربتي هناك، وذلك تحت عنوان: "مغامرات مصري في مجاهل اليمن"".
مناصبه
1- عضو مجمع البحوث الإسلامية.
2- العميد الأسبق لكلية الآداب جامعة عين شمس.
3- رئيس لجنة التعريف بالإسلام بالمجلس الأعلى للشئون الإسلامية بوزارة الأوقاف المصرية.
4- عضو لجنة الحوار الإسلامي المسيحي بالأزهر الشريف.
5- انتدب للعمل مستشارا ثقافيًّا بواشنطن 1960- 1965م.
مؤلفاته
له العديد من الكتب منها
1- "إسلام بلا مذاهب" وهو عمل موسوعي يعرض لنشأة الفرق الإسلامية متتبعاً حركتها وتطورها، وداعياً إلى إسلام بلا مذاهب يقرب ولا يباعد، وإلى توحيد كلمة المسلمين وجمع شملهم ووضع الأسس لتجاوز الخلاف المذهبي في الإسلام، وركّز على الوحدة الإسلامية الفكرية، فلا يوجد سوى إسلام واحد، والاختلافات بين المذاهب في الفروع فقط.
2- رحلة الشعر من الأموية إلى العباسية.
3- الشعر والشعراء في العصر العباسي.
4- مناهج التأليف عند العلماء العرب.
5- فنون الشعر في مجتمع الحمدانيين.
6- بديع الزمان الهمذاني رائد القصة العربية والمقالة الصحفية.
7- أبو الطيب المتنبِّي في مصر والعراق.
8- معالم الحضارة الإسلامية.
9- الإمام الشافعي.
الجوائز
حصل على العديد من الجوائز، منها:
1- وسام الجمهورية من الطبقة الرابعة سنة 1959.
2- وسام الجمهورية من الطبقة الثانية سنة 1977.
3- جائزة الدولة التقديرية في الآداب (مصر) سنة 1989.
الوفاة
توفي مساء يوم الأربعاء 20 أبريل 2011م عن عمر يناهز 94 عامًا.