"داعش - خرائط الدم والوهم".. قراءة في نشأة التنظيم وعلاقته بالأطياف السُنية
الخميس 23/أبريل/2015 - 09:38 م
طباعة
المؤلف: محمود الشناوي
الناشر: دار روعة للنشر والتوزيع، القاهرة
الطبعة الأولى:2014
يستعرض الكاتب محمود الشناوي في كتابه " "داعش - خرائط الدم والوهم"، النشأة الأولى للتنظيم من خلال جماعة "التوحيد والجهاد" التي أسسها أبو مصعب الزرقاوي عام 2004 والتطورات التي مر بها حتى وصل إلى محطة "داعش"، ويقدم الكاتب خريطة كاملة لآليات عمل التنظيم وطريقة إدارته وأبرز قياداته وأسماء من تولى الإمارة والوزارة في حكومات أدارت كيان "الدولة المزعومة" في مناطق العراق المختلفة، والتكتيكات والأساليب التي استخدمها التنظيم بمختلف الرايات التي عمل تحتها من خلال مجموعة من الوثائق والشهادات الحية حصل الكاتب على جزء كبير منها، خلال فترة عمله مديرًا لمكتب وكالة أنباء الشرق الأوسط في العراق خلال الفترة من 2006- 2010.
كما يقدم الكاتب شرحا للأسس الفكرية والأسانيد الدينية التي اعتمد عليها قادة التنظيم وعناصره، والتي أنتجت مشاهد الذبح والسبي والمقابر الجماعية في كل منطقة سيطروا عليها، وكيف طور التنظيم ومن ورائه، تلك الأفكار والآليات لاجتذاب وتجنيد المزيد من المقاتلين من مختلف أنحاء العالم تحت تأثير شعارات براقة مثل "دولة العدل، دولة الخلافة، الانتصار للمظلومين".
1- الكتاب مقسم إلى ستة فصول، يتناول الفصل الأول من الكتاب وهو بعنوان "تنظيم التوحيد والجهاد"، جذور نشأة وتأسيس تنظيم الدولة والتي تعود إلى العام 2004، عندما أسس أبو مصعب الزرقاوي جماعة "التوحيد والجهاد" على خلفية الغزو الأنجلو أميركي للعراق عام 2003.
ويتتبع المؤلف في هذا الفصل تاريخ الزرقاوي منذ أن كان في أفغانستان وحتى تأسيسه لجماعة التوحيد والجهاد، ثم مجلس شورى المجاهدين الذي كان اللبنة الأولى لتنظيم الدولة، وضم عددا كبيرا من الفصائل الجهادية المسلحة، من بينها جيش أهل السنة وجيش الطائفة المنصورة.
ويقرر أن الزرقاوي كان دائما ومنذ أن كان في أفغانستان وحتى قتله في العراق في يونيه/2006، يحاول أن يكون مستقلا عما عداه من تنظيمات، بما في ذلك تنظيم القاعدة.
واللافت أيضا أن الزرقاوي استطاع بالسياسة التي تبناها، أن يحتوي ممثل تنظيم القاعدة في العراق -وهو تنظيم قاعدة الجهاد في بلاد الرافدين- ضمن مجلس شورى المجاهدين.
ويقدم هذا الفصل خريطة بأهم الأطر التنظيمية لجماعة الزرقاوي، مثل مجلس الشورى والهيئة الشرعية ووزارة الإعلام ووزارة الأوقاف، وأهم الشخصيات التي كانت في الساحة في ذلك الوقت، مثل أبو أيوب المصري، وأبو حمزة البغدادي، وعبد الرحمن العراقي.
2- الفصل الثاني بعنوان "ماكينة الدم"، يفصل فيه المؤلف الخريطة الفكرية والتنظيمية للقاعدة، وكيف تقوم بعملية التجنيد وتشكيل الخلايا الخاصة بها، وتدريب عناصرها وتوجيههم معتمدا على كتاب ادارة التوحش.
3- الفصل الثالث يحمل عنوان "تنظيم القاعدة والدولة الإسلامية"، ويبدأ من تاريخ مقتل أبو مصعب الزرقاوي في يونيو 2006، ويلفت المؤلف إلى علاقة هذا التنظيم بالأطياف السنية الأخرى، وهي العلاقات التي كانت في الغالب صدامية، إذ فرض تنظيم الدولة نفوذه بالقوة، وفي سبيل ذلك، صفي عددا كبيرا من قيادات وأفراد العشائر في المناطق العربية السنية في غرب ووسط البلاد، مثل الأنبار وشمال بغداد وغيرها.
4- الفصل الرابع من الكتاب وهو بعنوان "الصحوات.. أعداء الجميع"، تتبع فيه المؤلف ظاهرة الصحوات، أو تلك القوات شبه النظامية التي شكلتها الحكومة العراقية بالتعاون مع الولايات المتحدة -التي كانت حينها قوة احتلال- من شباب بعض العشائر العربية السنية، لمحاربة المجموعات المسلحة.
وكانت أهم هذه المجموعات عشائر الأنبار، حيث تم التواصل مع كل من عبد الستار أبو ريشة وثائر التميمي -وهما من القيادات العشائرية هناك- لتأسيسها، ولكن أبو ريشة تم اغتياله من جانب القاعدة بعد معارك عنيفة معها، استطاع خلالها الحد من نفوذ القاعدة هناك بعدما انضمت بعض عناصر القاعدة والتنظيمات الجهادية إلى هذه الصحوات.
5-الفصل الخامس يأتي تحت عنوان "الدولة الإسلامية في العراق والشام (داعش)"، ويشرح فيه المؤلف الملابسات التي أحاطت بالإعلان عن تأسيس تنظيم الدولة في أبريل 2013 استجابة لتطورات الأحداث في سوريا.
6- وفي الفصل السادس "خرائط الدم والوهم"، موقف تنظيم الدولة من المعادلة السياسية الراهنة في سوريا والعراق، ومنطقة المشرق العربي بشكل عام، فيشير إلى أنه رغم العنف غير المسبوق الذي يتعامل به التنظيم، فإنه من غير المرجح أن يستمر طويلا أو يستطيع فرض سيطرته على الأرض، ورسم حدود متعارف عليها لدولته، في ظل التقاطعات الكبيرة بينه وبين مشروعات إقليمية ودولية أخرى حول المنطقة، ضمن مشروع "الفوضى الهدامة" الأميركي الغربي الذي يستهدف تفتيت المنطقة بأكملها، والكيانات الكبرى بها.
ويرى الكاتب من خلال تحليل خرائط الدم التي رسمتها "داعش أن قبول فكرة استمرار " داعش" كنظام هرمى له دولة يجرى رسم حدودها الآن بالدم والبارود، لا يعد أمرا مرجحا، وذلك بسبب أسلوب هذا التنظيم في الممارسات اليومية، التي ترفضها الفطرة السليمة لأهالي المناطق التي وقعت تحت سيطرته، ومازال نموذج "القاعدة في بلاد الرافدين" ماثلا للأذهان، ومازالت هزائمه وانكساراته تروى في المناطق التي رسم أبناؤها صورا زاهية الألوان في مقاومة التنظيم رغم حالة التوحش التي بلغها، كما أن السيناريوهات التي ترسمها بعض الدراسات، والتي تقول أنه " من المتوقع أن تبقى "داعش" حقيقة واقعة، يصعب إخراجها من العراق وسوريا بما يضاعف من هيبتها"، هي سيناريوهات لا تراعى طبيعة المناطق التي تفرض "داعش" سطوتها عليها بالعنف المفرط، وأن إعادة إنتاج تجربة "الصحوات" ممكنة، مع مراعاة مناطق الهشاشة والفشل التي اعترتها.