"فايننشيال تايمز": انتصار أكراد سوريا علي داعش يشركهم في لعبة النفوذ
الثلاثاء 23/يونيو/2015 - 04:49 م
طباعة


تنبأت قوات الأكراد السوريين – مؤخراً - بأنها سوف تسيطر علي "تل ابيض" خلال أيام. وتعتبر "تل ابيض" مدينة حدودية ذات أهمية استراتيجية ظلت قوات الجهاديين تسيطر عليها لفترة طويلة. لكن عندما جن الليل أعلنت هذه القوات عن استيلائها علي المدينة. وأثار هذا دهشة السوريين والأجانب وربما الأكراد السوريين أنفسهم.
وقد لعب الحظ دوراً في نجاحها المفاجئ إلي حد ما ، فمسلحو تنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام انسحبوا بسرعة غير متوقعة تحت وطأة الغارات الحيوية لقوات التحالف بقيادة الولايات المتحدة. بيد أن قدرة الأكراد علي استغلال هذه الفرصة وعلي محاصرة المدينة والسيطرة عليها بسرعة أكدت الشعور بأن "وحدات الحماية الشعبية" ربما تكون الأفضل في قتال تنظيم الدولة "داعش"
وفي ضوء ما تعانيه العراق من انهيار بسبب قواتها التي أصحبت منهكة والفئات المتناحرة التي تنافس بعضها البعض من أجل برامج متناقضة وهزائم الجيش المتكررة تبدو "وحدات الحماية الشعبية" أكثر قوة لها قدرة علي قيادة حملات تدعمها تحالفات ضد تنظيم الدولة الإسلامية في سوريا.
إلا أن دور الأكراد الذي يزداد أهمية في مواجهة تنظيم الدولة "داعش"، يعني أن الأكراد الذين ظلوا مهمشين عقوداً في سوريا ذات الأغلبية العربية سيكون لهم دور أكبر في مستقبل سوريا.
وقال "مايكل سيتيفنز" من المعهد الملكي للخدمات وهو أحد المراكز البحثية: "تعتبر تلك نقطة تحول كبري بالنسبة لسوريا. فأية دولة سورية ستقام في المستقبل سيكون لزاماً عليها قبول إقليم كردي مستقل تماماً أو أنها ستصبح منقسمة تماماً. ويوجد – الآن - كيان علي أرض الواقع يعترف الغرب بشرعيته وسيؤدي هذا في النهاية إلي استقلاله بشكل مؤكد".
لكن الإدارة الأمريكية لا تؤيد رسمياً حق تقرير المصير تأييداً كاملاً للأكراد ومن ثم فإن الأكراد والعرب يعتبرون موقفها هذا بمثابة موافقة ضمنية علي وجود "وحدات الحماية الشعبية" الكردية" كما أن هذه الوحدات لم تخف هدفها المتمثل في ربط الإقليم الكردي الشرقي بسوريا بـ"كوباني" في الغرب. وأصبحت المدينة الكردية مدينة ذات شهرة في العام الماضي عندما ضمنت "وحدات الحماية الشعبية" دعم قوات التحالف لاستردادها من تنظيم الدولة "داعش".
وأثار دور "وحدات الحماية الشعبية" بالفعل غضب المعارضة السورية الرئيسية ، حيث اتهمت هذه الوحدات بالقيام بعمليات تطهير عرقي للريفيين العرب - إلا أن "وحدات الحماية الشعبية" أنكرت تلك الاتهامات. وتعبر تركيا المجاورة عن قلقها بشأن طموح الأقلية الكردية لديها في الاستقلال.
ويقول "حقي كوبانى" أحد قادة "وحدات الحماية الشعبية" :إننا منظمون ولنا قيادة واحدة، والأهم من ذلك هو أن وحدات "وحدات الحماية الشعبية" لا تنهزم، ونحن نرحب بالموت قبل هذا.
وما يدعو إلي السخرية هو أن الكثير من قادة "وحدات الحماية الشعبية" هم أعضاء قدامي بحزب العمال الكردستاني في تركيا الذي تصفه تركيا والولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي بأنه جماعة إرهابية، وهم يقاتلون- الآن- علي أرضهم بعد ما استفادوا من حرب العصابات التي خاضها حزب العمال الكردستاني واستمرت لمدة ثلاثة عقود من أجل الاستقلال عن تركيا.
وهناك عوامل أخرى أسهمت في انتصار "وحدات الحماية الشعبية" الأخيرة، فتنظيم الدولة "داعش" يخوض عدة حملات عبر سوريا والعراق وربما لا يعتبر مدينة "تل ابيض" الحدودية ذات أهمية كما كان يتوقع الكثيرون، علاوة علي أن المنطقة الحدودية بين سوريا وتركيا التي تهدف قوات التحالف و"وحدات الحماية الشعبية" إلي تطهيرها من تنظيم الدولة الإسلامية منبسطة ومفتوحة مما يجعل من السهل قصفها.
وباعتبار "وحدات الحماية الشعبية" ممثلة للأكراد الذين ليست لهم دولة مستقلة فإن التزامها بالقتال سيستمر مادام هناك سكان أكراد يؤيدونها ويدعمونها. ويقول "نهاد علي أوزكان" الخبير بمركز تيباف للدراسات في أنقرة : إن "وحدات الحماية الشعبية" لا يمكن أن تكون بديلاً للجهود الرامية إلي إنشاء قوة أوسع نطاقاً تشمل متمردي سوريا من العرب :"إذا أردت توسيع نطاق نفوذك ، ينبغي أن تضع استراتيجية للسيطرة علي السكان المحليين" وربما تستمر "وحدات الحماية الشعبية" في تقدمها حتي تصل إلي مدينة "جوابلس" الحدودية التي يسيطر عليها تنظيم الدولة الإسلامية ، وهي مدينة أخري يوجد بها خليط من العرب والأكراد. لكن التقدم إلي الجنوب أي جنوب العاصمة الفعلية لتنظيم الدولة الإسلامية ، "الرقة" يتطلب قيام التحالف بعقد اتفاق مع تركيا والمعارضة السورية و"وحدات الحماية الشعبية".
وقال "محمد سعيد": بدون هذا الاتفاق ستكون هذه هي التجربة الأولي والأخيرة لدخول المناطق التي تسكنها أغلبية غير كردية".
وعلي الرغم من ذلك فإن النصر الذي تحقق في "تل ابيض " يعتبر تغييراً لقواعد اللعبة بالنسبة لأكراد سوريا.
وقال "ستيفنز": من المؤكد انه سيدعم موقف "وحدات الحماية الشعبية" في أية محادثات. واعتقد أن هذا تحول ديناميكي دائم".