القس "منيس عبد النور".. مؤسس الكنيسة التي بلا جدران
السبت 14/سبتمبر/2019 - 11:58 ص
طباعة
يمثل القس منيس عبد النور الراعي الإكرامي للكنيسة الإنجيلية بقصر الدوبارة نموذج الرعيل المتميز من قساوسة الكنيسة الإنجيلية بمصر- الذي رحل عن عالمنا يوم الاثنين 14 سبتمبر 2015 عن عمر يناهز الـ85- وقد لقبت كنيسة قصر الدوبارة بكنيسة الثورة للدور الكبير الذي قامت به أثناء ثورتي 25 يناير و30 يونيو لما تميزت به من خدمة مجتمعية أسسها القس منيس الذي تعددت فروع خدمته ما بين تأليف الكتب وتقديم البرامج الإذاعية.. بل وكان من المؤسسين للخدمة والتوعية بالمراسلة؛ حيث أسس مجموعة "كلمة معك" التي كانت ترسل الكتب الدينية للمسيحيين مجانًا، وقد ولد القس منيس بمحافظة أسيوط في 22/10/1930.. نال اختبار التجديد في جمعية خلاص النفوس بأسيوط في 14 ديسمبر 1945 في اجتماع الطلبة من خلال خدمة الأخ/ رزق جاد الله. ودرس اللاهوت بكلية اللاهوت الإنجيلية بالقاهرة.. عقب تخرجه عمل راعياً للكنيسة الإنجيلية بنزلة حرز لمدة عشر سنوات حصل على دبلوم من كلية اللاهوت بمصر في 1949.. حصل على ماجستير في اللاهوت التربوي من كليه ببلكن بنيويورك في عام 1957، ثم حصل على دكتوراه فخرية من كلية هبتون بأمريكا في مايو 1989. وشارك في تقديم العديد من البرامج الإذاعية بإذاعة حول العالم.. عمل رئيساً لتحرير المناهج الدراسية للهيئة القبطية الإنجيلية للخدمات الاجتماعية لمدة خمس سنوات. عام 1959 أسس مع القس صموئيل حبيب والقس أمير جيد مجلة أجنحة النسور وهي مجلة مسيحية تنموية خدم راعياً للكنيسة الإنجيلية بالزقازيق من عام 1965. في عام 1976 أصبح راعياً للكنيسة الإنجيلية بقصر الدوبارة. قام بتدريس مادة مقارنة الأديان بكلية اللاهوت الإنجيلية بالقاهرة منذ عام 1966وقدم برامج إذاعية منذ عام 1976.. أذاع بالراديو 312 حديثاً للشباب بعنوان "كلمة معك"، وأذاع 156 حديثاً بعنوان حياة المسيح و156 بعنوان شخصيات الكتاب المقدس و156 حديثاً بعنوان "أنت تسأل ونحن نجيب"، و156 حديثاً بعنوان "شبهات وهمية حول الكتاب المقدس"، وقدم في فضائيات سات 7 وMETV أكثر من 150 حلقة لبرامج روحية عن معجزات وأمثال وحياة السيد المسيح.. ألف وترجم أكثر من مئة كتاب باللغة العربية كان أشهرها على الإطلاق كتاب شبهات وهمية الذي طبع في أكثر من عشرين طبعة، وتُرجم ونُشر له بعض من مؤلفاته باللغة الإنجليزية.. نال عام 1994 جائزة تقدير من معهد هجاي للخدمة المتميزة نال جائزة الإيمان من الكنيسة اللوثرية بفنلندا عام 1997.. نال جائزة الدفاع عن حقوق الإنسان من واشنطن عام 1999.. زار بلاداً كثيرة حول العالم للخدمة والكرازة وإلقاء المحاضرات في إفريقيا وآسيا وأوروبا والدول العربية.. وفي كل مجال خدم فيه ترك بصمة متميزة.
بعض آراء وأفكار "القس منيس"
كان القس منيس عبد النور صاحب أفكار مهمة حول الوحدة المسيحية، ومن المواقف التي لا تُنْسى له إصراره على الصلاة لأجل البابا شنودة الثالث والمعتقلين معه في أحداث سبتمبر 1981 حينما اعتقله الرئيس السادات، وعن الوحدة كان يقول: الوحدة المسيحية لازمة وممكنة، فلم يأتِ المسيح من السماء ليؤسس عدة كنائس وطوائف، لكنه جاء ليؤسس كنيسة واحدة. وقد قال لبطرس: "وأنا أقول لك أيضاً أنت بطرس وعلى هذه الصخرة أبني كنيستي وأبواب الجحيم لن تقوى عليها" (متى 18:16). وفي إنجيل يوحنا نقرأ: "... ليجمع أبناء الله المتفرقين إلى واحد" (يوحنا 52:11).
فكأن هدف مجيء المسيح من السماء هو تأسيس كنيسة واحدة، يجتمع فيها المتفرقون في وحدة واحدة تشابه وحدة المسيح مع الآب، تلك الوحدة التي صلى المسيح من أجلها قائلاً: "ليكونوا واحداً كما نحن" (يوحنا 11:17).. وهي وحدة مطلقة لا تنحلّ ولا تضعف ولا تنفصم.
ولقد أرسى بولس الرسول قواعد علم اللاهوت للكنيسة، وهو يقول بصدد وحدة المؤمنين: "جسد واحد، وروح واحد، كما دُعيتم أيضاً في رجاء دعوتكم الواحد. رب واحد، إيمان واحد، معمودية واحدة، إله وآب واحد للكل، الذي على الكل وبالكل وفي كلكم" (أفسس 4:4-6).
وهل يستطيع الجسد أن يحيا وهو متناثر الأشلاء؟ وهل نقول: إن الجسد متحد بالروح وهو ممزق الأوصال؟!
إن من يقرأ ما فعله بولس الرسول من أجل وحدة الكنيسة يقف مذهولاً من تفكير هذا الرجل العملاق وتصرفاته.
لقد كانت هناك اختلافات لاهوتية هامة في العقيدة، ولكن بولس الرسول لم يحسبها سبباً لعمل انقسام في الكنيسة.. بل نراه يتنازل بعض الشيء عن بعض أفكاره من أجل وحدة الكنيسة! وقد يبدو هذا الكلام غريباً للذين يتمسكون اليوم ببعض الأفكار اللاهوتية غير الرئيسية، ويصرون على تمزيق جسد المسيح وإعطاء العالم صورة محزنة للكنيسة!
والخلاف الأكبر الذي نشأ في الكنيسة الأولى لم يكن تافهاً حتى يتغاضى بولس الرسول عن رأيه فيه.. لكن الواقع أنه حسب وحدة الكنيسة أهم بكثير من التزمت في عقيدة.
وقصة الخلاف كما هو معروف كانت تدور حول التمسك بالناموس اليهودي مع تقاليده أو إهماله. وقد أصرّ اليهود على أن الوثنيين المقبلين إلى الإيمان المسيحي ينبغي أن يحفظوا كل تقاليد اليهود من ختان وغيره. ورأى بولس الرسول غير ذلك، وأعلن أن الوثنيين الذين يؤمنون بالمسيح يتمتعون بكل امتيازات المسيحية دون الحاجة إلى الدخول من باب التقاليد اليهودية.
"كنيسة بلا جدران"
بعد ثورة 25 يناير عرفت الكنيسة الإنجيلية بقصر الدوبارة على مستوى جماهيري عريض؛ لمشاركتها مبكرًا في الثورة، ولدورها الإنساني والاجتماعي فيها، وهذا الدور كان له أساس؛ حيث هناك تميز في خدمة قصر الدوبارة عن هذا التميز في الخدمة.. كان يقول القس منيس: إن الكنيسة متميزة من ناحيتي الإدارة والروحانية فمن الناحية الإدارية:
دور الفريق الواحد: فنحن فريق متحاب فالقيادة عندنا ليست فردية لكنها لا مركزية.
تدريب القادة: القائد لدينا يدرس لمدة سنتين حتى يكون قائداً لمجموعة.
ومن الناحية الروحية:
الكنيسة مصلية: من قبل أن أقوم برعاية الكنيسة، وهي تعتبر كنيسة مصلية. ونقوم بتطوير اجتماع الصلاة. وهو يعقد الآن مساء يوم الاثنين من كل أسبوع. وهو مفتوح لجميع المتشوقين للصلاة من كل مكان. وكنيسة قصر الدوبارة كانت دائماً "كنيسة بلا جدران" فهي كنيسة في أكبر ميدان، فليس لدينا كنيسة رعوية بمعناها الضيق يهتم فيها الراعي بقطيع محدود، بل هي كنيسة الشارع المصري الواسعة.