"آفاق سياسية" عدد سبتمبر: مستقبل الإرهاب محليًا وإقليميًا ودوليًا

الإثنين 14/سبتمبر/2015 - 09:50 م
طباعة آفاق سياسية عدد سبتمبر:
 
في العدد  الحادي والعشرين "سبتمبر  2015"، تناولت مجلة "آفاق سياسية" الصادرة عن المركز العربي للبحوث والدراسات، عددًا من القراءات والرؤى حول: مستقبل الإرهاب محلياً واقليمياً ودولياً

آفاق سياسية عدد سبتمبر:
وشدد رئيس تحرير المجلة السيد ياسين على أنه ليس هناك شك في أننا نعيش حقبة الإرهاب المعولم؛ بمعنى أنه ليست هناك دولة في العالم بعيدة عن سهامه الغادرة، لأن الإرهاب في عصر العولمة لم يعد تنظيمات مسلحة مستقرة في بلد ما أو في اقليم معين، بل تحول تحت تأثير الثورة الاتصالية الكبرى، التي تتمثل في البث التليفزيوني الفضائي وفي قلبها شبكة الانترنت، إلى فكرة متطرفة، قد تغزو ذهن أي مواطن سواء كان في مصر أو العراق أو ليبيا أو اليمن، أو حتى في فرنسا وألمانيا واستراليا والولايات المتحدة الأمريكية.
وتابع ويكفي للدلالة على ذلك الحادث الإرهابي الذي وقع ضد مجلة "شارلي إيبدو" الفرنسية الساخرة بعد نشرها صوراً مسيئة للرسول، حيث هاجم مقرها مجموعة ارهابية اسلامية واغتالت بدم بارد مجموعة كبيرة من هيئة تحرير الجريدة. كذلك الحال في الحادث الارهابي الذي تم في "سيدني" باستراليا، حيث حجز أحد الإرهابيين مجموعة من النزلاء في أحد الفنادق، وكذلك الحادث الارهابي الأخير في تونس؛ حيث وجه الارهاب رصاصاته ضد صدور مجموعة من السياح الأجانب.

آفاق سياسية عدد سبتمبر:
وفي دراسة العدد التي جاءت تحت عنوان "مستقبل الإرهاب" للدكتور  مصطفى علوي التي أكد فيها أنه لا يمكن الحديث عن مستقبل الإرهاب إلا من خلال نظرة شاملة إلى تاريخه وتطوره، وإطاره المفاهيمي والتطبيقي. وعندئذ تكون في موقع يسمح لنا بالنظر في مستقبل تلك الظاهرة الخطيرة التي تعيش في منطقتنا العربية أخطر صورها ومراحلها وأن الإرهاب يعنى استخدام العنف، دون حق ومن جانب أفراد أو جماعات أو تنظيمات سرية لخلق حالة من الخوف والهلع لدى الناس، وبما يساعد على تحقيق أهداف سياسية للإرهابيين تتمثل في تقويض أسس الدولة ومجتمعها السياسي، ومن دون امتلاك الإرهابيين للقدرة على تقديم أسس لمجتمع سياسي بديل – ومن هنا، فإن أخطر ما يقدمه الإرهاب من آثار لا يتمثل بالضرورة في الأفراد الذين يقعون ضحايا لعملياته العنيفة والإجرامية، ولا في الأضرار المادية التي يسببها للانتصار أو المنشآت أو المرافق الأساسية، على خطورة ذلك كله.. ولكن الخطر هو إشاعة حالة من الخوف والرعب في نفوس الناس وعقولهم تخلعهم من الإطار الثقافي – الاجتماعي- السياسي لمجتمعهم الذى يعيشون فيه.
وتابع وبغض النظر عن أن الإرهاب لم ينجح في تحقيق ذلك الهدف لأسباب تتعلق مواطن خلل وأوجه قصور هيكلية وفكرية خطيرة في حركة الإرهاب ذاتها، فإنه من المؤكد أن الهدف النهائي للإرهاب يتمثل في هدم الدولة وتفويض شرعيتها السياسية، أو شرعية دول أخرى كذلك والإرهاب ظاهرة عالمية ليس لها دين ولا جنسية، ولا تعرف الحدود الوطنية. وهذه مقولة بسيطة أصبحت الآن محل توافق متزايد، على الرغم من الإصرار المغرض من جانب البعض على إلصاق تهمة الإرهاب بالإسلام والمسلمين دون سواهم، وهو أمر لا يمكن قبوله.

آفاق سياسية عدد سبتمبر:
وأشار إلى أن الإرهاب جرعة دولية تقوم على مخالفة قواعد القانون الدولي والقانون الوطن من خلال الاعتداء على الأرواح والممتلكات العامة أو الخاصة بالمخالفة لأحكام القانون الدولي، بما في ذلك المبادئ العامة لذلك القانون بالمعنى الذى تحدده المادة 38 من النظام الأساسي لمحكمة العدل الدولية وأن والإرهاب نوعان: إرهاب الدولة وإرهاب الأفراد والجماعات وإرهاب الدولة هو أعلى أشكال الإرهاب وأكثرها تنظيماته وأكثرها تناقضاً مع مبادئ القانون الدولي العام ومواثيق وأهداف المنظمات الدولية، وهو موجه ضد الاستقرار والسلام في المجتمع الدولي، وأعتى وأسوأ أشكال إرهاب الدول هو ذلك الذي تمارسه إسرائيل على الشعب الفلسطيني، أما إرهاب الجماعات فقد يتمثل في حركات الانفصال على أساس عرقي أو طائفي عن دولة راسخة، أو في المنظمات اليمينية الفاشية، أو منظمات اليسار المتطرف، أو منظمات وجماعات الاستيطان اليهودي حول القدس، وفى شمال غرب الضفة الغربية، وفى غور الأردن، وذلك بقصد الحيلولة دون قيام دولة فلسطينية مستقلة تعطى للشعب الفلسطيني حقه في تقرير مصيره والتحرر الوطني، أما حركة التحرر الوطني الفلسطيني التي تناضل ضد إرهاب إسرائيل وجماعات وتشكيلات الاستيطان الصهيونية، وأخطرها مجلس حاخامات المستوطنين، فلا يمكن وصفها بالإرهاب، فذلك خلط للأمور وإساءة إلى العقل البشرى الحر.

آفاق سياسية عدد سبتمبر:
وشدد على أن للإرهاب الدولي ركنان: مادى ومعنوي، أما الركن المادي فيتمثل في العنف المستخدم والموجه ضد شخص، أو مجموعة من الأشخاص أو الرهائن أو المنشآت أو الممتلكات، ويتمثل الركن المعنوي في توافر قصد العنف لتخويف المستهدفين بذلك العنف وترويعهم وإرهابهم وقد مرت ظاهرة الإرهاب بثلاث مراحل عرفت كل منهما إحدى الموجات الكبرى للظاهرة. وكانت المرحلة الأولى قائمة على الموجات ذات الطابع القومي المتطرف في القارة الأوروبية وذلك من أواخر القرن التاسع عشر إلى ثلاثينيات القرن العشرين، وقامت بها مجموعات من الوطنيين المتطرفين الذين اعتمدوا في عملياتهم على استخدامهم لأسلحة خفيفة وكانت الموجة الثانية للإرهاب الدولي ذات طابع إيديولوجي وارتبطت بالحرب الباردة بين الشرق والغرب، حيث نشأت جماعات إرهابية مثل بادرما ينهوف الألمانية والألوية الحمراء الإيطالية، واعتمدت تلك الجماعات أيضاً على الأسلحة الخفيفة، أما الموجة الثالثة للإرهاب فقد كانت عبارة للقوميات وتستهدف أكبر قدر من الخسائر المادية والبشرية لتحقيق مطالب وأهداف سياسية أو بشرية أو مادية كبيرة، وذلك من خلال استخدام منظومات تسليحية متطورة وأشكال تنظيمية عنقودية ومنتشرة على المستوى الدولي، أو الإقليمي على الأقل. وكان تنظيم القاعدة هو أهم وأخطر الهياكل التنظيمية للإرهاب الدولي والإقليمي منذ الغزو السوفيتي لأفغانستان الذى استمر من 1979 حتى 1989، ثم أعقب أ:بر وأخطر العمليات الإرهابية حتى الآن، وهى عملية 11 سبتمبر عام 2001 في نيويورك وواشنطن في الولايات المتحدة الأمريكية، والذى مثل حتى ذلك الوقت أكبر وأهم وأخطر عمليات الإرهاب الدولي.

آفاق سياسية عدد سبتمبر:
واختتم دراسته بالتأكيد على أن المواجهة الناجحة والفاعلة لداعش والإرهاب تقوم على عديد من السياسات والمواقف الاستراتيجية العسكرية والسياسية والاقتصادية والفكرية، وذلك من خلال تحالف حقيقي غير وهمى. والمواجهة العسكرية والمنية لابد وأن تقوم على تحالف دولي حقيقي تنشئه الأمم المتحدة ودولها الأعضاء وبخاصة الخمسة دائمي العضوية في مجلس الأمن الدولي- بالإضافة إلى الدول التي تمثل قوى إقليمية رئيسية ومهمة مثل مصر والمملكة العربية السعودية والجزائر والمملكة المغربية والمملكة الأردنية الهامشية، وربما سوريا والعراق مستقبلا، وإن كانا يمثلون أرضية مهمة لمواجهة مؤسسة الإرهاب الدولي على أراضيهما الآن، ولابد وأن يقوم ذلك التحالف على مهام محددة تنفذها بفاعلية الدول الأعضاء بتحالف حقيقي يقوم على تحديد دقيق للحقوق والواجبات وإذا تم ذلك، فإنه سوف يقود إلى تصور سليم دقيق فاعل ومتكامل لجماعات وتنظيمات الإرهاب على المستوى الدولي أو العالمي، وهو ما سيضع نهاية لتلك السياسة النظرية وغير الفاعلية وغالية الثمن والتكلفة والتي تؤدى إلى إنهاك وإضعاف وعدم الحسم في مواجهة ذلك الإرهاب الذى كان يأخذ في التمدد والتهديد خلال الفترة الماضية، وبخاصة في العامين الماضيين.
آفاق سياسية عدد سبتمبر:
وفى دراسة تحت عنوان "دور القوى الدولية والإقليمية في انتشار التنظيمات المسلحة " لمحمد عباس ناجي أكد فيها على انه رغم أن ثمة عوامل داخلية عديدة مهدت الطريق أمام تصاعد نشاط التنظيمات المتطرفة في كثير من الدول العربية، لاسيما التي تواجه حالة من عدم الاستقرار السياسي والأمني، على غرار سوريا والعراق وليبيا، مثل ارتفاع معدلات الفقر وتفاقم مستويات البطالة وتبني سياسات إقصائية على أساس عرقي وطائفي وغياب تداول السلطة وتراجع نسب التعليم، إلا أن ذلك في مجمله، رغم أهميته، لا ينفي أن السياسات التي تبنتها العديد من القوى الدولية والإقليمية في منطقة الشرق الأوسط دعمت بدورها انتشار تلك التنظيمات وبعبارة أخرى، يمكن القول إن تلك القوى الدولية والإقليمية كانت رقما مهما في تحويل تلك التنظيمات إلى مصدر رئيسي للتهديدات النوعية الجديدة التي باتت تواجهها الدول العربية في الوقت الحالي، وهو ما يمكن تناوله في النقاط التالي:
أولًا: الأخطاء الأمريكية في العراق:
ثانيا: الارتباك الأمريكي في المنطقة:
ثالثا: سياسات دولية خاطئة:
رابعا: مواقف إقليمية مواتية:
آفاق سياسية عدد سبتمبر:
وتابع ساهمت السياسة التي تبناها نظام الرئيس السوري بشار الأسد وحلفائه في تصاعد نشاط التنظيمات الإرهابية. إذ يبدو جليا أن تلك الأطراف تغاضت عن تسلل أعداد كبيرة من المقاتلين الذين انضموا إلى تنظيم "داعش" و"جبهة النصرة" إلى داخل سوريا   ورغم أن ذلك ربما يمثل مشكلة بالنسبة لتلك الأطراف، خاصة مع نجاح تلك التنظيمات في السيطرة على مناطق واسعة داخل سوريا، إلا أنه لا يخلو من مكاسب في المقابل، إذ يبدو أن الأسد وحلفائه حاولوا استثمار تزايد نشاط تلك التنظيمات بهدف توجيه رسالة إلى القوى الدولية الداعمة لقوى المعارضة بأن انهيار نظام الأسد ربما يمثل أحد أسوأ الخيارات التي يمكن أن تواجهها، بشكل يمكن أن يدفعها إلى مراجعة سياستها الداعمة لتلك التنظيمات على أساس أن وصول الأخيرة إلى الحكم في سوريا في حالة سقوط نظام الأسد ربما يوجه تهديدات قوية لمصالحها في المنطقة.
وأشار الى انه من هنا يمكن القول إن العمليات التي قام التنظيم بتنفيذها في بعض العواصم الغربية على غرار الهجوم على صحيفة "شارلي ابدو" الفرنسية في 7 يناير 2015، صبت في صالح النظام السوري وحلفائه، لأنها ساهمت في تصاعد مخاوف الدول الغربية من التداعيات المحتملة لسقوط الأسد في الوقت الحالي دون ظهور بديل قادر على إدارة شئون الدولة بعده وقد ساهمت تلك العمليات في اندفاع عواصم غربية عديدة إلى تبني سياستين: أولاهما، محاولة فتح قنوات تواصل "أمنية" مع نظام الأسد، لاسيما للتعامل مع ما يسمى بـ"العائدين من سوريا"، حيث انضم عدد كبير من المقاتلين الأجانب إلى التنظيم، ويسعى بعضهم إلى العودة لدولهم الأصلية بكل ما يمكن أن يفرضه ذلك من تداعيات سلبية على أمنها القومي.

آفاق سياسية عدد سبتمبر:

بالإضافة الى اتخاذ إجراءات متشددة لمنع خروج بعض العناصر المتشددة من هذه الدول للانضمام إلى التنظيمات المتطرفة في المنطقة، لاسيما بعد الهجمات التي تعرضت لها العديد من العواصم الغربية. ورغم أن تلك السياسة يمكن أن تساهم في تقليل انضمام هذه العناصر إلى تلك التنظيمات، إلا أنها يمكن أن تنتج تداعيات سلبية على مصالح وأمن تلك الدول في الوقت نفسه، باعتبار أن تلك العناصر المتطرفة يمكن أن ترد على تلك السياسات المتشددة بمحاولة تنفيذ عمليات إرهابية في الداخل، لاسيما في ظل تشجيع التنظيمات المتطرفة في المنطقة على ذلك، بهدف الرد على الضربات التي تتعرض لها من قبل التحالف الدولي الذي تقوده الولايات المتحدة الأمريكية.
 واختتم حديثه بقوله "من هنا ربما يمكن القول إن تزايد نشاط تلك التنظيمات يبقى احتمالا قويا خلال الفترة القادمة، وذلك لاعتبارات عديدة، أهمها تصاعد حدة الخلاف والصراع بين القوى الإقليمية الرئيسية في المنطقة، التي تتبنى سياسات متباينة في التعامل مع الأزمات الإقليمية المختلفة، واستمرار حالة التردد والارتباك التي تتسم بها السياسة الأمريكية في المنطقة، خاصة مع اتجاه الإدارة الأمريكية نحو الانسحاب تدريجيا من مناطق الأزمات، وهو ما يبدو جليا في محاولة انفتاحها على إيران تحديدا، بكل ما يمكن أن يفرضه ذلك من تداعيات مباشرة على الصراعات الإقليمية في المنطقة، التي ستكون الميليشيات المتطرفة أول الأطراف المستفيدة منها.  

آفاق سياسية عدد سبتمبر:
وتضمن العدد أيضا العديد من الدراسات الهامة منها  "الاتحاد الأوروبي ومكافحة الارهاب"، لرانيا السباعي ومقالة للدكتور محمد السعيد إدريس عن "حقيقة حرب أردوغان ضد الإرهاب". بالإضافة الى دراسة هامة عن "اشكاليات مكافحة الارهاب في المراحل الانتقالية في الدول العربية" للدكتورة ايمان رجب، ومقالة للدكتور أحمد موسى بدوي وصفوان الطرابلسي عن "تونس في مرمى العمليات الارهابية"، وأخيراً مقالة متميزة للدكتورة مريم وحيد عن "الجسد في الفكر الداعشي"، وفى النهاية مقالة عن "مواجهة الارهاب في سيناء .. تقييم نقدي" للدكتور محمود عبد الله، ثم مقالة هامة عن "دور الثقافة في مواجهة الغزو الفكري والتطرف الاعتقادي"، وأخيراً مقالة عن "دور التعليم قبل الجامعي في مواجهة الارهاب والتطرف".


شارك