"آفاق سياسية" عدد أكتوبر 2015: الصراع الدولي في عالم متغير

الأربعاء 28/أكتوبر/2015 - 11:42 ص
طباعة آفاق سياسية عدد أكتوبر
 
في العدد الثاني والعشرين "أكتوبر 2015"، تناولت مجلة "آفاق سياسية" الصادرة عن المركز العربي للبحوث والدراسات، عددًا من القراءات والرؤى حول: الصراع الدولي في عالم متغير.
رئيس تحرير المجلة
رئيس تحرير المجلة السيد ياسين
وقال رئيس تحرير المجلة السيد ياسين في افتتاحية العدد إنه ليس هناك شك في أننا نعيش حقبة الصراع الدولي في عالم متغير، وإن المجلة تناولت العلاقة بين الدين والدولة في نموذج معتدل العلاقة بين الدين والدولة في الخبرة الآسيوية، وهو عنوان دراسة الدكتورة ماجدة علي صالح، والتي من خلالها عرفنا: هل هناك قوانين عامة تحكم علاقة الدين بالدولة؟ 
وتضمنت المجلة عدة دراسات مهمة، على رأسها دراسة العدد التي جاءت تحت عنوان: "العلاقة بين الدين والدولة في الخبرة الآسيوية" للدكتورة ماجدة علي؛ حيث أشارت فيها إلى أنه يحمل الحديث عن علاقة الدين بالسياسة إشكاليات كبرى لدول وعلماء السياسة في معظم أفرعها؛ حيث تثار أسئلة عدة نظرية وتطبيقية تحمل في جانب كبير منها تحيزًا كبيرًا سواء مع أو ضد العلاقة؛ حيث تحمل الرؤية الرافضة للعلاقة في جنباتها إشكالية الموقف الغربي من الظاهرة، والذي يتمثل في فصل الدين عن الدنيا، والكنيسة عن الدولة، وهي إحدى نقاط التحول المفصلية التي مر بها الغرب الأوربي وتم وفقًا لها بناء القومية والمجتمع المدني، وبالتالي الديمقراطيات الليبرالية؛ حيث تم بشكل أو بآخر غرس هذه الإشكالية بشكلها الأوروبي في الوعي السياسي للعالم الإسلامي، وهو ما أنتج تصورات ونماذج منهجية عدة انطلقت من فكرة أساسية تمثلت في عدم وجود علاقة بين الدين والسياسة، وهي النماذج التي يدخل أصحابها في مواجهة دائمة مع من يؤمنون بدور الإسلام ومستقبله السياسي؛ حيث يحمل هؤلاء أصحاب الرؤية المؤيدة لعلاقة الدين بالسياسة قناعة أساسية بارتباط الاثنين معًا، إلا أنهم يختلفون داخليًا إزاء أمور عدة، أبرزها الأسس الفكرية لبناء الدولة، وهل تكون دولة مدنية ذات مرجعية إسلامية؟ أم دولة مدنية بالمفهوم العلماني؟ أو تكون إعادة لدولة الخلافة الإسلامية؟ وهي المواقف التي تتطلب ضرورة الوقوف على خبرة الدول الإسلامية في القارة الآسيوية وكيف استطاعت- بشكل أو آخر- أن تجد حلًا للإشكالية من عدمه، خاصة بعد أن برز الإسلام الآسيوي كفاعل سياسي على سطح الحياة السياسية وخاصة منذ ما لا يقل عن ثلاثة عقود من الزمان.
آفاق سياسية عدد أكتوبر
وقالت: "من الأسئلة الأساسية التي تسعى الدراسة للإجابة عنها هي ما الإطار العام المحدد للعلاقة بين الدين والدولة في الفكر السياسي الإسلامي؟ ما وضع الدين الإسلامي في الدول الآسيوية المسلمة وغير المسلمة؟ ما موقف الدولة من الدين الإسلامي والحركات والأحزاب السياسية الإسلامية؟ وما هو بالتالي موقف هذه الحركات والأحزاب من الدولة؟ ما أساليب قوى الإسلام السياسي في تطور العملية الديمقراطية؟ وما قدر النجاحات والإخفاقات التي نتجت عن عملهم في المجال السياسي؟ وهي التساؤلات الستة التي تسعى الدراسة للإجابة عنها من خلال أقسام ستة، كل منها يجيب عن سؤال كالتالي: أولا، الإطار العام للعلاقة بين الدين والدولة في الفكر السياسي الإسلامي. ثانيًا، موضع الإسلام وقوى الإسلام السياسي في الدول الآسيوية. ثالثًا، موقف الدول الآسيوية من الإسلام وقوى الإسلام السياسي. رابعًا، موقف قوى الإسلام السياسي من الدولة. خامسًا، أساليب قوى الإسلام السياسي المعتدل في تطور العملية الديمقراطية. سادسًا، تقييم تأثير قوى الإسلام السياسي في تطوير العملية الديمقراطية".
وتابعت: "إذا كان هذا المجال ليس هو المجال الملائم لتأصيل الحديث عن العلاقة بين الدين والدولة في الفكر السياسي الإسلامي، إلا أنه بالتأكيد المجال المناسب لوضع إطار عام مختصر يوضح ويشير إلى ما انتهى إليه الفكر السياسي الإسلامي في تأصيل العلاقة بين الدين والدولة؛ حيث تم الانتهاء إلى ثلاثة اتجاهات تعرضها الدراسة، مبتعدة تمامًا عن عرض أبعادها الشرعية.
آفاق سياسية عدد أكتوبر
الاتجاه الأول- الدولة الدينية: وهو اتجاه يقوم على الخلط بين الدين والدولة ويجعل العلاقة بينهما علاقة تطابق، وهو ما يفرض استئثار فرد أو فئة بالسلطة السياسية والدينية، وهو مفهوم الاستخلاف عن الله في الأرض، وهو مذهب اتخذه بعض الخلفاء الأمويين والعباسيين، فضلًا عن الشيعة. وهو حل عارضه الإسلام على أساس أن الاستخلاف الخاص مقصورًا على الأنبياء، وبوفاة الرسول صلى الله عليه وسلم انتهى هذا الاستخلاف، كما أن الاستخلاف يرفض إسناد السلطة الدينية إلى فرد أو فئة تنفرد بها دون الجماعة، وذلك بموجب الاستخلاف العام للجماعة وفقًا لقوله تعالى: {كنتم خير أمة أخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر}.
الاتجاه الثاني- الدولة العلمانية: وهو اتجاه يقوم ابتداءً على فصل الدين عن الدولة، وبالتالي رفض أن يكون الدين في صدارة المشهد السياسي ويقوم على فرض الفهم المسيحي الغربي للعلاقة بين الدين والسياسة، وهو حل لا يعبر عن الحل الإسلامي للمشكلة.
الاتجاه الثالث- مدنية السلطة ودينية التشريع: وهو اتجاه يقيم العلاقة بين الدين والدولة على أساس الارتباط لا الخلط والتطابق، فهو يقوم على دينية التشريع وليس السلطة التي تكون مدنية ذلك أن السلطة في الإسلام مقيدة بالقواعد القانونية الثابتة التي لا يجوز تغييرها والتي يطلق عليها في علم القانون (قواعد النظام العام) والتي تعد بالاصطلاح القرآني (الحدود) وفقًا للآية الكريمة {تلك حدود الله فلا تقربوها}، وهي علاقة تمييز لا فصل، حيث ميز الإسلام بين النوع السابق من القواعد القانونية التي سمّاها تشريعًا وجعل حق وضعها لله تعالى، والقواعد القانونية التي تخضع للتطور والتغير زمانًا ومكانًا والتي محلها الفقه في الإسلام، والتي جعل سلطة وضعها للجماعة استنادًا إلى مفهوم الاستخلاف.
آفاق سياسية عدد أكتوبر
ومن المهم هنا التفرقة بين المفهوم الإسلامي للدولة المدنية وبين المفهوم الغربي لها الذي يقوم على فصل الدين عن الدولة ومؤسساتها، ويجعل الدين – أي دين- علاقة قائمة بين الفرد وربه فقط، وهو ما يتمشى مع الاتجاه الثاني السابق الإشارة إليه.
 وأشارت إلى أن موضع الإسلام في الدول الآسيوية في إطار النظر إلى موضع الإسلام في الدول الآسيوية يجب ابتداءً الأخذ في الاعتبار الملاحظات التالية:
1- فيما يتعلق بدخول الإسلام إلى القارة الآسيوية وعدد المسلمين فيها:
يعد مجتمع المسلمين في القارة الآسيوية من أكثر المجتمعات اعتدالًا وتسامحًا في العالم الإسلامي. وقد تأثر الإسلام في جنوب شرق القارة بعض الشيء بالأفكار الهندوسية والبوذية والممارسات الشعبية نظرًا لارتباطه بالبيئة المحلية، وهو ما جعله يختلف من مكان إلى آخر حسب امتزاج هذه العناصر، وقد وصل الإسلام إلى منطقة جنوب شرق آسيا من خلال التجار وعلماء الدين ولم يصل بالقوة أو الغزو، ويعرف عن تاريخ الإسلام في آسيا أنه تاريخ لنوع فريد من التسامح الديني والتواصل الحضاري بين الإسلام، والهندوسية والبوذية وغيرها من العقائد الآسيوية، إذ لم يسجل التاريخ أي نوع من المواجهات الحضارية العنيفة في تلك القارة، ولكن ما إن دخل الغزاة الأوربيون حتى وضعوا الديانة الإسلامية على حواف القتال وجبهات الاختصام، كما عملوا على حصر المناطق الإسلامية وعزلها ووضع الحواجز التي تعوق انسيابه.
وهناك خلاف بين الباحثين بشأن تاريخ وصول الإسلام إلى جنوب شرق آسيا وكيفية وصوله، فبالنسبة لتاريخ وصوله يرى البعض أن الإسلام وصل في القرن الأول الهجري أي نهاية القرن السابع أو بداية القرن الثامن الميلادي، وآخرون يرون أنه وصل في القرن الثاني عشر، وغيرهم يرون أنه وصل في القرن الثالث عشر الميلادي.
2- فيما يتصل ببداية الإشكالية الحديثة بين الإسلام والدولة في آسيا: 
ظهرت إشكالية الدين والدولة في جنوب آسيا في القرن العشرين وتحديدًا خلال فترة النضال ضد الاستعمار، وما ترتب عليه من تشكيل دول جديدة مستقلة في النصف الثاني من القرن العشرين عرفت بكونها دول مسلمة.
آفاق سياسية عدد أكتوبر
في هذه الفترة، حدث تشابك بشكل وثيق بين الدين والدولة؛ حيث لعب الدين دورًا مهمًا في إضفاء الشرعية على الدولة والحكام، وتم إنشاء المؤسسات، هذا إلى جانب الممارسات والخرافات والتي هدفت إلى استخدام الدين لتدعيم شخص الحاكم والدولة؛ حيث كانت العلاقة بين الدين والدولة مدعمة لبعضها البعض، واستفاد كلاهما من الآخر واستخدمت الدولة الدين لإضفاء الشرعية على نفسها وترسيخ الحكام وسلالتهم في السلطة، في المقابل أمنت المؤسسة الدينية لنفسها العديد من المزايا، مثل المنح والهبات المادية، والمحسوبية، وزيادة سلطتها على شئون الحكومة والدولة.
3- فيما يتعلق بإسلامية الدولة:
توجد اختلافات بين الباحثين حول التفرقة بين الأغلبية والأقلية المسلمة في الدولة الآسيوية. إذ ارتأى بعض الباحثين أنه إذا زادت نسبة المسلمين في الدولة على 50% تكون الدولة إسلامية، وقرر البعض الآخر أنه إذا كان المسلمون أغلبية مقارنة بأصحاب الديانات الأخرى– حتى وإن لم تتجاوز نسبتهم 50% تصبح الدولة إسلامية، على حين اتجه البعض الثالث إلى أن المعيار الأساسي المحدد لإسلامية الدولة يكمن في نص الدستور وطبيعة النظام الحاكم.
ووفق بعض التحليلات، أدى اندماج الطلاب الآسيويين الذين تلقوا تعليمهم في الشرق الأوسط في الأحزاب الإسلامية إلى اتجاه تلك الأحزاب إلى تبني مواقف أكثر تشددًا بشأن قضية الدولة الإسلامية وتطبيق الشريعة الإسلامية، والمثال الأبرز هنا هو حالة الحزب الإسلامي في ماليزيا الذي اتجه مع بداية ثمانينيات القرن الماضي تحت تأثير تزايد تلك العناصر داخل الحزب إلى تبني مواقف أكثر تشددًا بشأن إنشاء دولة إسلامية في ماليزيا وتطبيق الشريعة الإسلامية، بدعوى أن الدستور والقوانين القائمة هي قوانين علمانية تم وضعها تحت تأثير القوي الاستعمارية. وكان أبرز هؤلاء عبد الهادي أوانج ونيك عبد العزيز وفاضل نور، الذين تلقوا تعليمهم في الشرق الأوسط. فقد استطاع هذا الجيل من خلال الانتخابات الداخلية للحزب الإطاحة بالحرس القديم وسيطرة مجموعة علماء الدين على الحزب. وتبع ذلك حدوث تحول مهم في هوية الحزب الذي ارتبط تاريخيًّا بالتركيز على القضايا والأهداف الإثنية- القومية إلى تطوير أجندة إسلامية ترتكز على مفهوم الدولة الإسلامية وتطبيق الشريعة كقضيتين محوريتين.
آفاق سياسية عدد أكتوبر
وهكذا من خلال الاستعراض السابق للاتجاه المعتدل والمتشدد يتبين انطلاق أصحابها لتأكيد تمثيلهما للدين الإسلامي كل وفق رؤيته ومنطلقاته الفكرية، وهي الرؤية التي شكلا وفقًا لها آلياتهما في الحركة؛ حيث جعل أصحاب الاتجاه الأول الإصلاح الديني غاية يتم الوصول إليها بالطرق السلمية، بينما اعتبر أصحاب الاتجاه الثاني الإصلاح الديني وسيلة لغاية يتم الوصول إليها بطرق عنيفة وهي الأفكار وأدوات الحركة التي شكل النظام السياسي وفقًا لها أساليب تعامله مع كل اتجاه كما سيتضح من القسم التالي من الدراسة.
آفاق سياسية عدد أكتوبر
كما تضمنت المجلة عدة دراسات أخرى تحت عناوين متنوعة، منها: القمة السعودية الأمريكية وانعكاساتها على الأمن القومي العربي.. تجاذبات اقليمية: العلاقات المصرية السعودية ما بين التوافق والاختلاف.. والفساد في مصر وكيفية معالجته. 

شارك