"آفاق سياسية" عدد ديسمبر 2015: الضعف العربي في ظل قوة الآخرين
الثلاثاء 08/ديسمبر/2015 - 03:44 م
طباعة
في العدد الرابع والعشرين "ديسمبر 2015"، تناولت مجلة "آفاق سياسية" الصادرة عن المركز العربي للبحوث والدراسات، عددًا من القراءات والرؤى حول الضعف العربى في ظل قوة الآخرين.
وقال رئيس تحرير المجلة السيد ياسين في افتتاحية العدد إنه بعد قيام تطور شبكة المعلومات الدولية من خلال الانترنت بها لها من ايجابيات أصبحت لها العديد من السلبيات الخادمة للارهاب ولعل على راسها ما يمكن ان نطلق عليه ظاهرة عولمة الارهاب وهو ما ظهر بوضوح فى فى تفجيرات باريس الارهابية التى كان لها صدى عالمى يماثل الصدى الذى احدثه تنظيم القاعدة فى 11سبتمبر 2011م .
وتضمنت المجلة عدة دراسات مهمة، على رأسها الدراسة التي جاء تحت عنوان " إجراءات معقدة: تعديل الدستور بين المؤيدين والمعارضين" للدكتور صفى الدين خربوش أستاذ العلوم السياسية والتى قال فيها " يعرف الدستور بأنه الوثيقة الأساسية في الدولة التي تحدد شكل نظام الحكم وتكوين السلطات العامة واختصاصاتها والعلاقات فيما بينها؛ كما تحدد الحقوق والحريات العامة للمواطنين. وثمة قاعدة متفق عليها بأن مواد الدستور أو مبادئه تسمو على ما عداها من قوانين ومراسيم ولوائح تصدر عن البرلمان أو عن رأس السلطة التنفيذية (الملك أو رئيس الجمهورية أو رئيس الوزراء ) أو عن الوزراء. ولذلك السبب يطلق الفرنسيون على الدستور "القانون الأساسي"، أي القانون الأسمى الذي يسمو على ما عداه من قوانين. ولا يمكن لهذه الأخيرة أن تتعارض مع المواد الواردة به ولقد كانت الدساتير تصدر في بداية معرفة الدول بالدساتير في صورة منحة من الملك أو الإمبراطور أو الحاكم صاحب السلطات المطلقة أو شبه المطلقة، قبل أن تعرف المجتمعات الحديثة ظاهرة النظم السياسية الديمقراطية. وإذا كانت الدساتير التي صدرت في صورة منحة من الملك أو الحاكم المطلق كانت تعبيرًا عن الحكم المطلق؛ فقد جاءت طريقة إصدار الدساتير عن طريق جمعية تأسيسية منتخبة لهذا الغرض دون غيره تجسيدا للحكم الديمقراطي. وحيث لم تعد طريقة المنحة أسلوبا مقبولا لا سيما في النظم الجمهورية التي ادعى معظمها الثورية؛ فقد تبنت بعض النظم أسلوبًا وسطًا بين المنحة (المعبرة عن الحكم المطلق ) والجمعية التأسيسية المنتخبة (المعبرة عن الحكم الديمقراطي), وقد تمثلت هذه الطريقة في إعداد مشروع دستور من خلال لجنة صغيرة العدد يتم تعيينها عادة من قبل رأس الدولة ثم طرح هذا المشروع على المواطنين في استفتاء عام.
وأشارت الى انه " بعيدًا عن التقريظ المبالغ به لاسيما من قبل أعضاء اللجنة التي قامت بإعداد التعديلات، أو الهجوم غير الموضوعي من قبل الإخوان وحلفائهم من رافضي خريطة المستقبل؛ يمكن الإشارة إلى عدد من الملاحظات حول الدستور المعدل واقتراحات تعديل بعض مواده.
أولا: لم تكن اللجنة التي قامت بإعداد التعديلات جمعية تأسيسية بالمعنى العلمي الذي يعرفه المتخصصون؛ بل كانت لجنة معينة بقرار من رئيس الجمهورية المؤقت؛ بغض النظر عن مدى تمثيلها لفئات المجتمع. ولم تكن اللجنة التي تم انتخابها من برلمان الإخوان وحلفائهم جمعية تأسيسية وتعني الجمعية التأسيسية كطريقة أو أسلوب في إعداد الدساتير أن تكون جمعية منتخبة لهذا الغرض دون غيره، وان ينتخبها الشعب، وأن تنتهي مهمتها بإعداد الدستور.
ثانيا: يعتبر الدستور الحالي نفسه تعديلا على دستور 2012 المعطل (دستور الإخوان وحلفائهم والذي أصدره د.محمد مرسي ). وقد كتب على نص الوثيقة التي طرحت على المواطنين للاستفتاء "الوثيقة الدستورية الجديدة بعد تعديل دستور 2012 المعطل".
ثالثا: لقد انتهى دور اللجنة المعينة التي قامت بإعداد الوثيقة المعدلة وأصبحت الوثيقة الدستورية أو الدستور ملكا للمصريين الذين وافقوا عليه في الاستفتاء. ولم يعد لأي من أعضاء اللجنة الحق في الحديث عن الدستور وكأنه ملكية خاصة له، كما يلاحظ في تصريحات بعض أعضاء اللجنة الموقرة. ويبدو مرة أخرى أن عدوى الزهو والعظمة، ولا أقول الغرور، قد انتقلت من أعضاء لجنة الإخوان وحلفائهم إلى أعضاء لجنة الخمسين وأن الدستور المعدل الذي وافق عليه الشعب وأصبح نافذًا ينص على طريقة تعديله، وهي تقريبًا طريقة تعديل دستور 1971 مع تعديلات طفيفة، الأمر الذي يحتفظ بوجود إجراءات معقدة
رابعا: لقد نص الدستور المعدل الذي أعدته اللجنة الموقرة ووافقت عليه أغلبية الشعب المصري، على طريقة تعديله، ولا يحق لأحد أن يمنع نصًا دستوريًا من التطبيق، ومن أهم سمات النظم الديمقراطية أن لم يكن أهمها على الإطلاق، احترام الدستور والقانون.
خامسا: يتضح مما سبق أن الدستور المعدل الذي وافق عليه الشعب وأصبح نافذًا ينص على طريقة تعديله، وهي تقريبًا طريقة تعديل دستور 1971 مع تعديلات طفيفة، الأمر الذي يحتفظ بوجود إجراءات معقدة. فقد استمر طلب التعديل مقصورًا على رئيس الجمهورية ونسبة من أعضاء مجلس النواب.
سادسًا: لا تختلف الدساتير الحديثة كثيرًا حول القضايا المتعلقة بالحرية والمساواة والعدالة ولا حول الحقوق والحريات العامة؛ بيد أنها تتباين في العلاقة بين السلطتين التشريعية والتنفيذية بالأساس، على اعتبار ألا خلافا على استقلال السلطة القضائية.
سابعا: تبنى الدستور الحالي، مثله في ذلك مثل دستور 2012 وقبله دستور 1971، النمط شبه الرئاسي والذي يوجد نمطه المثالي في الدستور الفرنسي الحالي ونصه متاح باللغات العربية والإنجليزية والفرنسية. وقد خالف الدستور المصري الحالي بعض سمات النظم شبه الرئاسية في بعض القضايا الأساسية.
ثامنًا: يتسم النمط شبه الرئاسي بوجود رئيس أعلى للسلطة التنفيذية يسمى رئيس الجمهورية، ويتم انتخابه من الشعب مباشرة ويكون مسئولا أمام الشعب الذي قام بانتخابه، وليس أمام جهة أخرى. ويحق لرئيس الجمهورية حضور جلسات مجلس الوزراء وفي هذه الحالة يرأس رئيس الجمهورية الجلسة. وتتكون الحكومة أو مجلس الوزراء بناء على نتيجة الانتخابات البرلمانية، كما في النظم ذات النمط البرلماني. ويكون رئيس الوزراء والوزراء مسئولين فرديًا وتضامنيًا أمام البرلمان.
تاسعا: التزم الدستور المصري المعدل بسمات النمط شبه الرئاسي فيما يتعلق بوجود رئيس جمهورية منتخب هو الرئيس الأعلى للسلطة التنفيذية، وبوجود رئيس للوزراء ووزراء مسئولين أمام البرلمان.
عاشرًا :منح الدستور رئيس الجمهورية المنتخب، باعتباره الرئيس الأعلى للسلطة التنفيذية، حق حل مجلس النواب وإجراء انتخابات برلمانية مبكرة؛ لكنه قام بتقييد هذا الحق، بما يتعارض مع سمات النظم شبه الرئاسية.
أحد عشر: استمرارا للنصوص الغريبة التي لم ترد، في حدود علمنا، في أي دستور آخر؛ جاءت المادة (161) بنص ينسف النظام شبه الرئاسي نسفا ويجرده من أهم سماته على الإطلاق، حيث قررت المسؤولية السياسية لرئيس الجمهورية المنتخب أمام مجلس النواب.
ثاني عشر: جاءت المادة (146) بنص غريب يشبه إلى حد كبير نصا مماثلا تقريبا في دستور2012؛ وهو النص الخاص بتكليف رئيس لمجلس الوزراء من قبل رئيس الجمهورية.
ثالث عشر: عادة ما يقاس نجاح أنماط النظم السياسية المختلفة بمدى قدرتها على تحقيق التوازن بين السلطتين التشريعية والتنفيذية. وقد نجحت نظم برلمانية وأخرى رئاسية وثالثة شبه رئاسية في تحقيق هذا التوازن. ومن المتفق عليه أن النجاح المذهل للنمط الرئاسي في النظام السياسي الأمريكي منذ تأسيسه قبل أكثر من مائتي عام لم يتكرر في النظم التي سعت لتطبيق هذا النمط، لاسيما في دول أمريكا اللاتينية.
واختمت الدراسة بالتاكيد على انه " لا يعني ما سبق من ملاحظات التقليل من حجم الجهد الذي بذله أعضاء اللجنة التي عينها رئيس الجمهورية المؤقت لتعديل دستور 2012، ولا الشك في إخلاصهم وحرصهم على إجراء تعديلات تجعل الدستور دستورا يليق بالأمة المصرية؛ تلك الأمة التي كان لديها نظام أساسي (دستور) منذ عام 1766 ,وكان لديها برلمان منتخب يتمتع بسلطتي الرقابة والتشريع منذ عام 1882 مع لائحة شريف باشا، والتي أوقف الاحتلال البريطاني العمل بها؛ وكان لديها دستور يتبنى النمط البرلماني منذ عام 1923، وهو الدستور الذي نقلت عنه بعض دول المنطقة ولا يزال معمولا به لديها حتى الآن، أقصد دستور المملكة الأردنية الهاشمية. ومن الجدير بالإشارة أن دستور 1930، والذي عرف بدستور صدقي نسبة إلى إسماعيل صدقي باشا، كان دستورًا يتبنى النمط البرلماني؛
لكنه لقي مقاومة شديدة من حزب الوفد وغيره من الأحزاب، لأنه كان يعد تراجعا عما كان واردا في دستور 1923 ولا ريب في أن الدستور الحالي المعدل جهد بشري يخضع للمراجعة والتعديل، مثله في ذلك مثل أي دستور آخر صاغه بشر؛ وقد نص الدستور على طريق تعديله؛ ومن حق المصريين تعديل مادة أو أكثر من مواده، من خلال اتباع الإجراءات المنصوص عليها في الدستور نفسه ولا يحق لأحد من أعضاء اللجنة التي صاغت مشروعه، أو من غيرها أن يصادر الحق الدستوري لرئيس الجمهورية أو لخمس أعضاء مجلس النواب في طلب التعديل، وللأغلبية المطلقة لأعضاء المجلس في الموافقة على طلب التعديل، ولثلثي أعضاء مجلس النواب في الموافقة على النصوص المعدلة، ولأغلبية المصريين في إقرار التعديلات التي يرونها.
وتضمنت الدراسة عدة دراسات هامة على رأسها رؤية سياسية قانونية – التطورات المعاصرة في ظاهرة الإرهاب الدولى للدكتور محمد شوقى عبد العال ودراسة أزمة اللاجئين في اوربا وتاثيرها على الامن القومى لرانيا علاء الدين السباعى ودراسة الانتخابات التركية .. قراءة فى النتائج والدلالات والتحولات للدكتور كمال حبيب ودراسة هامة تحت عنوان (الخطاب السياسى : داعش نموذجا) للدكتورة مريم وحيد.