محمد حافظ دياب.. محارب الوهابية بالفكر
الثلاثاء 29/ديسمبر/2015 - 12:20 م
طباعة
مفكر وباحث مصري وأستاذ الأنثروبولوجيا غير المتفرغ بكلية الآداب جامعة بنها، ولد محمد حافظ دياب في 3 يناير عام 1938 بقرية منية سمنود مركز أجا محافظة الدقهلية. حصل علي درجة الدكتوراه في الاجتماع جامعة القاهرة عام 1980 عن حياة المهاجرين الجزائريين في مدينة مرسيليا الفرنسية. عمل بجامعة عنابة (الجزائر) وجامعة الرياض (السعودية) وجامعة ناصر (ليبيا). أشرف علي العديد من رسائل الماجيستير والدكتوراة في الأنثروبولوجيا والفولكلور وعلم اجتماع الأدب.
د. دياب أحد أبرز علماء الاجتماع في العالم العربي، وقدم للمكتبة العربية أكثر من 50 كتابا فى الدراسات الأنثروبولوجية بفروعها المختلفة، وكان آخر مؤلفاته كتاب “السلفيون والسياسة” الذى عكف فيه ـ بأناة الباحث ـ على تحليل الخطاب السلفي، من واقع الكتب المنشورة بأقلام رجال السلفية، بعيدا عن السياق العام الذي يميل للتهوين أو التهويل.
مواقفه الفكرية
كان الدكتور محمد حافظ دياب من اشد النقاد والمفكرين الذين تصدو للوهابية والمدارس السلفية بكل الوانها وتفريعاتها، سواء بكتاباته او لقاءاته وحواراته الصحفية، ويعد مرجعا مهما في مجال تخصصه، وفي رأيه ان "الوهابية" نسبت إلى مؤسسها محمد بن عبد الوهاب، والتسمية في حد ذاتها يرفضها أتباعها، لاعتقادهم بأنها دعوة دينية وليست حركة سياسية، وأن ابن عبد الوهاب لم يبتدع مذهبا جديدا، لكنه كان يدعو إلى ما كان عليه الصحابة والأئمة الأربعة من اتباع القرآن وسنة رسول الله في الإسلام على حد اعتقادهم؛ لذا فإنهم يفضلون تسميتهم بالدعوة "السلفية" نسبة للسلف الصالح، لكن مصطلح "وهابية" يبقى مستخدما بشكل كبير من قبل معارضيهم الذين يرفضون نسبتهم إلى "السلف".
وكما يؤكد الدكتور حافظ دياب دوما ان الوهابية خلاف منهج أهل السنة والجماعة، بل هي تكفر المذاهب الإسلامية وتعتبر التقليد شركا، ولم تكتف بذلك بل امتد تدليسها لكتب علماء أهل السنة والجماعة؛ وهناك خلاف كبير حول ما سبق، فما بين الأصل وبين ما تم تحريفه تغيب الحقائق أحيانا، وهذا ما يتم تلقينه لبعض أتباع السلفيين والوهابيين من أصحاب الفكر المتشدد.
وفي كتابه "نقد الخطاب السلفي"، يقول الدكتور محمد حافظ دياب، إن للجماعة السلفية كتابا وصفه بالـ"مانفيستو"، وهو كتاب "العقيدة الطحاوية" صاحبه هو الفقيه المصري السلفي أبو جعفر الطحاوي ويعد عمدة السلفيين، وكتبه في القرن السادس الهجري، هذا الكتاب موجود بالأزهر.
وأوضح دياب أنه إذا كان أحمد بن حنبل مؤسس للسلفية فالطحاوي هو منظّر، مؤكدا أن الكتاب تم إعادة طبعه ونشره وعثر على تحقيقات عديدة له أشهرها التحقيق الذي قدمه أحد تلامذة ابن كثير، وهو صدر الدين أبو العز الحنفي وشكلت السعودية لجنة من المشايخ والعلماء تولت تصحيحه وطبعه، وأوكلت ذلك للشيخ أحمد شاكر شقيق محمود شاكر، لكن أي مقارنة بين ما قدمه الأخير حول كتاب "العقيدة الطحاوية" وبين شرحه لدى أبو العز سوف نجده مختلفا تماما.
وذكر دياب مثالا من الكتاب أنه وضع في الكتاب من تلا عصر الطحاوي، مثل السيوطي والفخر الرازي ما يعني أن التراث قد تعرض للترميم فأصبح منقول ومصنوع عن طريق ما يحويه من آراء وتفسيرات ومفاهيم وهابية يتم إسقاطها عليه بشكل يشوه تجلياتها.
وحول وجود تشابه بين الحنبلية والوهابية أم لا، قال دياب إن بعض الفقهاء يقولون إن ابن عبد الوهاب استكمالا لابن حنبل، وهذا غير صحيح، موضحا أن ابن حنبل كان يتشدد في العبادات ويتساهل في العادات، لكن عبد الوهاب كان متشددا في العبادات والعادات، ما يعني أنه من الضروري التأكيد على هذا التمييز.
وأضاف دياب أن "الوهابية الجدد يحاولون الإيحاء بأن ابن عبد الوهاب هو امتداد لابن حنبل لكي يعطوا المسألة التاريخية بعدا حضاريا وفكريا"، مؤكدا أن هناك تفسيرات عديدة للقرآن تعرضت لحذف كثير من عباراتها وإحلال أفكار وهابية محلها.
وهناك أمثلة عديدة لعدم الدقة والتحريف ونسب بعض الكتب لغير مؤلفيها وهذه بعضها:
كتاب "اجتماع الجيوش" لابن القيم الجوزية في ذكر عقيدة الحجة أبي أحمد بن الحسين الشافعي المعروف بالحداد، في النسخة الأصلية طبع مكتبة "المؤيد الرياض" بتحقيق "بشير محمد عيون"، جاء في صفحة 133 التالي: "ونعتقد حب آل محمد صلى الله عليه وسلم، وأزواجه وسائر أصحابه رضوان الله عليهم، ونذكر محاسنهم، ونشر فضائلهم ونمسك ألسنتنا وقلوبنا عن التطلع فيما شجر بينهم، ونستغفر الله لهم، ونتوسل إلى الله تعالى بهم".
أما في النسخة المزورة وهي طباعة مكتبة "ابن تيمية بالقاهرة" الطبعة الأولى 1408هـ صفحة 80 فقد جاء النص المزيف هكذا: "ونعتقد حب آل محمد صلى الله عليه وسلم وأزواجه وسائر أصحابه رضوان الله عليهم، ونذكر محاسنهم، ونشر فضائلهم ونمسك ألسنتنا وقلوبنا عن التطلع فيما شجر بينهم ونستغفر الله لهم، ونتوسل إلى الله تعالى باتباعهم"، فنلاحظ أنهم زوروا الجملة الأخيرة التي جاءت في النص الأصلي وهي: "ونتوسل إلى الله تعالى بهم"، فحرفت إلى: "ونتوسل إلى الله تعالى باتباعهم"، وذلك ليناسب منهجهم المنحرف، والذي لا يعتقد بالتوسل، مخالفين بذلك أهل السنة والجماعة.
في المثال هنا نلاحظ كيف غير المحقق للكتاب الكلمة من قبر إلى مسجد، فنزع كلمة قبر والتي هي في الأصل واستبدلها بكلمة مسجد، والتي لم تكن في الأصل، ثم علق في الأسفل بتعليق يوضح منهجيته في التعامل مع كتب التراث الإسلامي.
وحول الخريطة السياسية للحركات الاسلامية بعد ثورة 25 يناير بعام قال في حوار له "دعنا نتفق على أن الأمر حول هذه التيارات السياسية المتأسلمة، ومنذ سبعينيات القرن الماضي، يتعلق بتنامى وتشظى ممارساتٍ ازداد الجدل بشأنها، لا على أنها مجرد استيقاظ على العائد الدلالي للإسلام، بل كحركة اجتماعية تطلب المشاركة، وترمى إلى إعادة الصياغة الإسلامية للمجتمع المدني والثقافة، واستعادة الوحدة الروحية للجماعة المسلمة، مما جعلها تتقدم كإطار لاستيعاب عوامل الصراع الوطني والطبقي والديمقراطي في مصر، وكبديل لجميع المعادلات الأيديولوجية الأخرى، تلك التي أخفقت مشروعاتها التنموية، وفشلت فى التعامل مع الحداثة بطريقة عقلانية ونقدية.
لقد أضحت هذه التيارات تمثل قوى مجتمعية واسعة الانتشار، وعميقة الجذور الشعبية، على حساب اطراد هامشية القوى الأخرى، الليبرالية واليسارية، ويعود ذلك إلى ممارستها العمل الاجتماعي والسياسي وسط عامة الناس لسنوات طوال، وفى ظروف بالغة الصعوبة تحت طائلة الحكم التسلطي، وقد دفعت ثمن هذا الاختيار تنكيلا وسجنا وتعذيبا، واستحقت لذلك جائزة اتساع القبول الشعبي، والتأييد السياسي عند الحاجة..
وفى المقابل، مالت القوى الأخرى إلى التركيز على المنشورات وصالونات الفكر والثقافة، مأمونة العواقب، ومعقّمة الممسك، وكأنها تعاف «قذى» الالتحام بحاجات الجماهير وحركتها.
كذلك أفلحت محاولات «الترويض» التي قامت بها الولايات المتحدة إزاء جميع التيارات الإسلامية، سواء جماعة الإخوان المسلمين أو السلفيين أو تيار الإسلام الشعبي، ممثلا في الجماعات الصوفية، استتباعا لتوافق واشنطن مع النظم السلفية في منطقة الخليج، ومحاولتها هذه الأيام إنهاك القوى الإسلامية الراديكالية في اليمن وليبيا لصالح الاقتراب معها إلى «قناعات» مشتركة، حال وصولها إلى الحكم أو المشاركة فيه، بهدف المساعدة في تكوين إسلام «طيّع»، يمكن تحويلها لمواجهة إسلام المقاومة، وهو ما تحدث عنه المفكر المصري سمير أمين، منذ أكثر من عشر سنوات، حيث أبدى عدم استغرابه من خيارات دبلوماسية الولايات المتحدة، التي لا ترى تناقضا بين إقامة حكم إسلامي وبين مشروعها للهيمنة.
إذْ لا تعتبر واشنطن الحركات الإسلامية من بين أعدائها، بل تشجعها، خلا حركتين اثنتين، هما «حماس» في فلسطين، و«حزب الله» في لبنان، لأن الجغرافيا وضعت هاتين الحركتين موقع معاداة إسرائيل، وبما أن مساندة إسرائيل تحتل مكانة الأولوية في الأجندة الأمريكية، كان لا بد من وصف هاتين الحركتين بالإرهاب، بينما تمتنع واشنطن عن إدانة الحركات الإسلامية التي تمارس بالفعل وسائل العنف ضد مواطنيها في بلدان أخرى.
بالنسبة إلى الفصيل الأساسي، جماعة الإخوان المسلمين، فإن انشغالها خلال العقود الأربعة الماضية بتأسيس إمبراطورية اقتصادية، مع دخولها إلى سوق المال الدولية، واستثمارها جزءًا كبيرًا من أموالها في الخارج، أدى بها إلى توارى نشاطها الدعوى لصالح السياسي، وإلى إعادة إنتاج تنظيمها العسكري وإن كان على نحو موارب، مع انشغال بالجزئيات، وافتقاد حسن تقدير الواقع، ناهينا بعدم استقرار الإيمان بالديمقراطية في صفوفها، وهو ما حدا بالباحث الإسلامي الراحل حسام تمّام إلى التأكيد أن مشروع الجماعة، وفى ظل فاعلية من القطبيين الجدد، قد أنهك إلى حدّ الإعياء."
فيما اشار في اكثر من موقع على سلفية الجماعة الاسلامية بقوله "دعني -ابتداء- أشر هنا إلى تلك النبوءة التى أطلقها المؤرخ الباكستاني دليب هيرو، في كتابه «الأصولية الإسلامية في العصر الحديث»، حين أكد منذ قرابة خمس عشرة سنة، أن بزوغ مصر كدولة سلفية، وهى دولة سنّية لها أهميتها الاستراتيجية داخل الوطن العربي، سيهز العالم الإسلامي وغير الإسلامي، على نحو يفوق كثيرًا ما حدث حول تفجر الثورة الإيرانية في سنة 1979.
وبهذه المناسبة، يشار إلى وجود دلائل واضحة لتصاعد السلفية راهنا فى مصر، إن على مستوى المجال العام (تنامى استخدام الرموز الدينية فى لغة الخطاب اليومي، تصاعد اللاهوت التليفزيوني السلفي، الملصقات والجداريات، الوعظ فى وسائل النقل والمواصلات، تصاعد دعاوى الحسبة لمطاردة المبدعين والمفكرين..)، أو على المستوى اليومي (تعاظم الهوس بإطلاق اللحى وارتداء الجلابيب البيضاء، تزايد أعداد مرتديات النقاب، استخدام أعضاء الجماعة السلفية ألقابًا وكنى وصفات بعينها، الحض على تعدد الزوجات، تكريس عادات وتقاليد خاصة في مناسبات الميلاد، والزواج، والوفاة..).
ويقدر عدد السلفيين في الوقت الحاضر بين مليون ومليون ونصف المليون، وينتمى أغلبهم إلى شرائح الفقراء وإلى مستويات مهنية وتعليمية مختلفة، وينتشرون على رقعة جغرافية واسعة، أخطرها منطقة سيناء ومحافظة الفيوم، ويمتلكون قرابة تسعة آلاف مسجد، وستة آلاف زاوية، ونحو (13) ألف جمعية خيرية، وأكثر من أربعين قناة فضائية، وكلها تتلقى أموالًا طائلة من بعض دول الخليج.
وعلى الرغم من محاولة الحركة السلفية تلبّس القول الاعتقادي، والتبرّؤ من «نيّة» العمل السياسي، واعتباره من «المفاسد»، فإن ممارساتها اليومية تشى باستبطانها هذا العمل، حيث يوجد بعض من مدلولاته فى أشكال حياتها اليومية، مثال ذلك: قيامها بإنشاء مشروعات اقتصادية متوسطة وصغيرة، بإغداقات خليجية متواصلة، وهى مشروعات تضع بين أهدافها مساعدة الأحزاب السلفية، وتقديم الدعم إلى المرشحين السلفيين، وكلها ممارسات تفضح عن مصالح اجتماعية، وتفسر قدرة الحركة السلفية على التجنيد وحشد الأتباع اعتمادا على استراتيجية إحرازية قصيرة النفس، تبدأ من الاستقامة الفردية، وصولا إلى الفعل الجماعي السياسي.
والأمر حول النزعة السلفية الرائجة حاضرا، بخطابها وحركتها، يجعلها أقرب إلى الصيغة «الشعبوية»، تلك التي يحكمها مبدأ واحد هو «المبدأ العشائري»، أو «مبدأ القطيع»، الذى يرفض النخبة، وينفى التعدد والاختلاف والتمايز، ولا يقول إلا بالانسجام والانضباط والتطابق والاختزال وأُنْس العشيرة، بينما هي من حيث طابعها تتخذ في حركتها هيئة الحشد الجماهيري، كعشائر راسخة في اغترابها، متجمهرة في دوائر جماعية متصلّبة، امتثالا لقناعات طقسية المظهر، أنتج النظام استتباعها السلس، وحرم عددها الغوغائي حقه في الرشد، وأسكنه خمول الوعى بالذات، وصيّر حركته مجرد تحريك لخيوط غير مرئية، غاب عنها البرهان وطورد العقل، وغلقت فيه أبواب الاجتهاد.. وهل أتاك حديث أنصار الشيخ حازم أبو إسماعيل؟!
وصدر للدكتور محمد حافظ دياب كتاب "السلفيون والسياسة" عام 2014، عن الهيئة المصرية العامة للكتاب، في 247صفحة.
هذا الكتاب كما يقول مؤلفه مساهمة في الكشف عن منظومة العلاقات المتشابكة بين السلفيين والسياسة، انطلاقا من تواصل المشروع السلفي من دائرة المعتقد إلى لٌحمة الثقافة العامة، حيث أصبح للتيار السلفي حضوره كطرف في الصراع الأيديولوجي الدائر داخل المجتمعات العربية والإسلامية المعاصرة.
ويذكر المؤلف أن مفهوم السياسة لدى السلفيين لا يتأسس وفق برنامج سياسي اجتماعي اقتصادي محدد كما هو الحال لدى الحركات والأحزاب السياسية التقليدية، وإنما وفق منطق مختلف يعتبر السياسة استكمالا للمشروع الدعوي وتفعيل لنسقها القائم على التعبئة والمصلحة والتدافع والخلاف.
ويوضح المؤلف، إنه رغم انتشار السلفية في كافة بلدان العالم العربي والإسلامي والغربي، فإنه اختار هذه الدراسة في السعودية والمغرب ومصر، وتعرض للسلفية الجهادية باعتبارها الأكثر تمثيلاً.
وعن سبب اختيار تلك الدولة، يقول إن السعودية هي موطن نشوء هذا التيار في التاريخ الحديث مع الحركة الوهابية، والمغرب لارتباط السلفية هناك بالقضية الوطنية منذ الاستقلال، ومصر بسبب الظهور القوي للحركة السلفية في الآونة الأخيرة، وإعلانها التخلي عن واحدة من قناعاتها، التي كانت تعتبر المشاركة في الحياة السياسية من المفاسد، كما ترى السلفية الجهادية ضرورة إسقاط الأنظمة؛ لأنها من وجهة نظرها كافرة ويجب استبدالها بالحكومة الإسلامية التي تعمل تحت راية الخلافة الإسلامية.
والكتاب يحتوى على بابين يحويان سبعة فصول، ومقدمة وختام. الباب الأول يتضمن ثلاثة فصول: مقدمة نظرية حول مفهوم السلفية وبنية خطابها ، والباب الثاني يحتوي على أربع فصول: يوضح علاقة السلفيين التاريخية بالسياسة، من خلال أربع نماذج أساسية هي ( الحركة الوهابية ـــ الحالة المغربية ـــ المشروع المصري ــ السلفية الجهادية ).
وفي خاتمة الكتاب، يتوقع المؤلف ( أربعة احتمالات) لمسار الحركة السلفية، وهى :ــ
الاحتمال الأول : هو استعداد مختلف التيارات السلفية للمشاركة السياسية، وهو الاحتمال الأكثر واقعية.
الاحتمال الثاني : إن الخبرة مع التيارات السلفية وخاصة بعد استثمار سقوط جماعة الإخوان المسلمين في 30 يونيو 2013، (المشاركة في خارطة الطريق، التقدم كبديل لجماعة الإخوان المسلمين وغيره من التسويات السياسية تحت تأثير مهدئ أو آخر) هذا كله يفيد أن محتوى القصور ذاته يظل كامنا للانفجار في أية لحظة، بمجرد ضعف أو تراخي تأثير هذه التسويات، وصولا إلى طرح تسوية جديدة.
الاحتمال الثالث : يتمثل في تجذر الصراع العلماني الإسلامي، وهو من وجهة نظر المؤلف الأكثر خطورة، لأنه قد يؤدى إلى توقف المسار الديمقراطي.
الاحتمال الرابع : هو انشطار التيارات السلفية ما بين النزعة البرجماتية والمحافظة، وسبب هذا الاحتمال هو اعتماد ذراع هذه التيارات على كبار مشايخها، مع عدم وجود تيار قوي يعمل في الشارع السياسي بحرفية ومهنية.
وفي النهاية، يشير المؤلف إلى أنه ربما تطور التيارات السلفية خطابها السياسي والإيديولوجي للقبول بقيم اللعبة الديمقراطية، ومخرجاتها.
وعن التراث يقول الراحل محمد حافظ دياب: يتم وصم التراث الشعبي، لدى قطاعات واسعة من المثقفين العرب، بالمحدودية والتخلف، باعتباره ايديولوجية غيبية، تضبط أوتار السلوك الفردي والجمعي ضبطا محكما بعيدا عن روح العلم، مما يشكل، في نظرها، عائقا أمام التقدم، نظرا لأن القيم والتقاليد التي يحملها تتعارض مع الحداثة والعصرنة، بما يوجب القطيعة معه. هناك كذلك محاولات توظيفه، ودمجه في إطار سياسات تستهدف تبرير شرعية السلطة السياسية، بما يفرض تصويرا خاصا لهذا التراث الشعبي، من أجل توجيه قيمه إلى حالة من التوحد الثقافي، والمعلوماتية الأكثر ابتذالا ويومية.
وهو ما تقوم به الثقافة الجماهيرية، وجهاز التليفزيون تحديدا. وبجانب هذين الموقفين يتراءى موقف تقنيعه، بتحويله من علة وجوده في إطار سياقاته الحضارية والاجتماعية، إلى استعمال يفرض عليه من خارجها، بمعنى أقرب إلى “التراث المتوهم” الذى تمارس عليه عملية طلاء، كي تبدو ومفرداته أشبه بقصائد الفخر، وهو ما يحدث راهنا في منطقة الخليج، ما جلبته الوفرة النفطية لديها، من حاجة لتمويله إلى مقتنى متحفي. يضاف إلى هذه المواقف السالبة، موقف التسليع، ويقوم على الاستخدام النفعي لهذا التراث، بتمويله من “موضوع تراثي” إلى “موضوع استعمالي” عبر تسويق مواده، وبالذات ما يتصل منها بالمفردات التشكيلية والحركية والايقاعية، واستثماره للغنم السياحي، والتعامل معها كبضاعة للافتتان والاستهلاك، كي تتلاءم مع “ذوق” الأفواج السياحية، القادمة من الشاطئ الآخر، وتقديمها كطعوم فولكلورية نيئة، أو كخردوات مزركشة بالأضواء والألوان.
مناصب
عضو الجمعية الدولية لعلم الاجتماع .
عضو مؤسس للجمعية العربية لعلم الاجتماع
عضو لجنة الدراسات الاجتماعية بالمجلس الأعلى للثقافة
عضو مجلس بحوث العلوم الاجتماعية والسكان بأكاديمية البحث العلمي والتكنولوجيا 2001-2003
عضو اللجنة العلمية الدائمة للترقية بأكاديمية الفنون.
مؤلفاته
مقدمة في علم اجتماع اللغة، 1980
سيد قطب: الخطاب والأيديولوجيا، 1986، 1987، 1992، 1997، 2010
إبداعية الأداء في السيرة الشعبية، 1996
الإسلاميون المستقلون: الهوية والسؤال، 2001، 2006، 2010
الثقافة: مقاربة مفاهيمية، 2003
الخطاب الأهلي: مساءلة نقدية، 2006
سبي الرافدين، 2007
الخلدونية والتلقي، 2009
تعريب العولمة، 2009، 2010
انتفاضات أم ثورات في تاريخ مصر الحديث، 2011
ذاكرة الإسلام والغرب، 2012
السلفيون والسياسة، 2014
جوائز
جائزة الدولة التقديرية في العلوم الاجتماعية عام 2013م
وسام الفنون والآداب من الطبقة الأولى عام 2013م
تدرس بعض أعمالة في جامعات تونس والجزائر والمغرب وبنسلفانيا كمادة دراسية في علم اجتماع المعرفة والدين والثقافة.