الدكتور بطرس بطرس غالي: انفتاح مصر على العالم يساعدها في التغلب على التيارات الرجعية
الثلاثاء 16/فبراير/2016 - 07:22 م
طباعة
الدكتور بطرس بطرس غالي شخصية استثنائية في تاريخ مصر المعاصر. وصل إلى أهم منصب دبلوماسي دولي في العالم. (أمين عام الأمم المتحدة) صاحب رأي ومبادئ ثابتة، مدافع عنها مهما كلفه من أمر. شرفت به وزارة الخارجية والمجلس القومي لحقوق الإنسان، وكافة المنظمات الدولية غير الحكومية التي يترأسها، وهو بجانب ذلك كله، قامة مصرية كبيرة بخبرته وبتاريخه المشرف الطويل، فقلما نجد شخصية بحجم الدكتور بطرس غالي تجمع بين كرسي الأستاذية الأكاديمية في جامعات مصر والخارج، وبين كرسي الوزارة، وبين العمل في الصحافة كرئيس لتحرير مجلة السياسية الدولية ومجلة الأهرام الاقتصادي، ومركز الأهرام للدراسات الاستراتيجية والسياسية، والعمل كنائب في البرلمان، وهذا الحوار أُجري معه في يناير 2014 ، ونعيد نشره في بوابة الحركات الإسلامية بعد رحيله اليوم عن عمر 94 عامًا، حيث ادلي بالعديد من الآراء في الكثير من القضايا التي تمر بها مصر في هذه الفترة الدقيقة من تاريخها. ولتقف ساعات الزمن لكي تنصت إلى الدكتور بطرس.
في البداية كيف ترى الدستور الجديد؟
• أهم ما يميز هذا الدستور أنه قد نجح في التوفيق بين تيارات مختلفة، وأصبح قاسمًا مشتركًا بينها، وإذا كان هناك اختلاف حول اهتمامه بالتفاصيل، فهذا لا يمثل مشكلة، فليس هناك قاعدة ثابتة في كتابة الدساتير، فهناك في بعض الدول مدارس تفضل الدستور القصير، تشير فيه إلى مبادئ عامة، ودول أخرى تفضل الدستور المفصل، وأنا كخبير في القانون الدولي وليس الدستوري، أرى أنه من المهم موافقة التيارات المختلفة على مواده. وأملي في أن يوافق عليه المصريون بالإجماع أو بالأغلبية الكبيرة.
• تسيطر مشكلة سد النهضة على عقول المصريين، بخبرتك الدولية كيف يمكن حل هذه المشكلة؟
• كقاعدة عامة أنا مؤمن بحل الخلافات والنزاعات بين الدول من خلال التفاوض، وأرى أن أي خلاف يحتاج لمفاوضات، والمفاوضات تحتاج لوقت، وقد تستغرق سنوات، لقد عملت وحاولت كثيرًا، وعلى مدى أكثر من 20عامًا أن أنبه الرأي العام المصري، بأهمية قضية نهر النيل، وفشلت في ذلك، كان الاهتمام الأكبر المسيطر على الشارع والرأي العام هو القضية الفلسطينية، وكان من المفترض أن نهتم بمياه النيل بجانب الاهتمام بالقضية الفلسطينية. إنني أرى أن الاهتمام الآن يجعلنا ننظر إلى المشاكل المشابهة، وكيف تعاملت الدول المشتركة في أنهار مع هذه القضايا. فهناك في أسيا تم إنشاء منظمة دولية للإشراف على نهر الميكونج، وتخص خمس دول هي الصين وكمبوديا وميانمار(بورما) ولاوس وفيتنام. وأملي أن ننشئ منظمة دولية لنهر النيل تنظم حركة بناء السدود والنقل والمواصلات، ونظم الري المختلفة وإنتاج وتوزيع الكهرباء. لقد طرحت منذ أكثر من 15 عامًا فكرة ربط شبكات الكهرباء الكبرى بين دول حوض النيل لإنتاج الكهرباء من المساقط المائية، وتبادلها بين الدول وقت الذروة، بل وتصديرها لأوربا كسلعة استراتيجية. وهناك أفكار ومشاريع يمكن العمل عليها وتطويرها مثل فكرة تحويل مياه نهر الكونغو عن طريق شق قناة تربط بين نهر الكونغو بأحد روافد نهر النيل.
• هل حقا أن علاقتنا تدهورت بأفريقيا بعد محاولة اغتيال مبارك في أثيوبيا؟
• لا، هذا غير صحيح، أجهزة الدولة كانت في هذه الفترة لا تهتم بأفريقيا، وكل الاهتمام متجهًا إلى أوربا، هناك نظرة عامة وخاطئة بأن أفريقيا وآسيا تعتبر منفى للبعض، وهنا أتساءل كم دبلوماسيًا مصريًا يتعلم اللغة الصينية، دعني أقول إن هناك 50 ألف فرنسي يتعلمون اللغة الصينية الآن في فرنسا. لقد قامت الصين بقفزات هائلة ضد الفقر، وتقدمت في العديد من المجالات، هناك تجارب ممتازة، لكن لا أحد يهتم بها ويستفيد منها سواء بتعلمها أو نقلها.
• كيف ترى مستقبل الإخوان المسلمين بمصر؟
• هناك بعض التيارات في الإسلام السياسي، والتي تتستر بالدين، تذكرني بالنازية والفاشية. وقد انتهت هذه الحركات بعد أن هزمت في الحرب، وتم رفضها شعبيًا، وفي مصر أرى أن هذه المجموعة مازالت صلبة وتملك إمكانيات مالية كبيرة. وقد يحتاج الأمر إلى وقت لكي تنتهي من مجتمعاتنا. كذلك فإن انفتاح مصر على العالم الخارجي سوف يساعد على التغلب على هذا التيار الرجعي، فهناك تأثير للعولمة لا مفر منه.
• لم تعد كلمة العولمة مستخدمة حاليًا بصورة كبيرة، فهل ترى أنها مازال لها تواجد، خاصة وهناك رفض شعبي لها؟
• أرى أن العولمة كظاهرة تحتاج إلى وقت لاستيعابها، ولابد أن نتشارك فيها حتى نتلافى سلبياتها ونستفيد من إيجابياتها، وهنا ينبغي أن نقول إن متطلبات الشارع غير متطلبات الدول. السيادة بالمعنى المفهوم لدينا بدأت تتلاشى، والمشاكل الوطنية في السنوات القادمة سوف تعالج على مستوى دولي، وليست على مستوى وطني. الرأي العام يحتاج وقت لفهم وإدراك هذه التحولات ..وقد نفهم السيادة بمفهوم مختلف بعد 30 عامًا
• إذا كنا نتحدث عن المفاهيم، فماذا عن مفهوم الديمقراطية، وهي أكثر كلمة تستخدم سياسيًا وتُرفع شعار لكل حزب؟
• الديمقراطية تختلف باختلاف الدول والعادات وتقاليد المجتمعات، وهناك خصوصية وثقافة لكل دولة، ولا يمكن تطبيق نموذج الديمقراطية على مجموع الدول، ففي دول أفريقية الديمقراطية تتحقق من خلال تمثيل كل القبائل في المجالس النيابية، إذًا، لا توجد قاعدة عامة. وهناك تساؤل هل الديمقراطية أولا أم التنمية، أرى أنه بالنسبة لمصر فإنها تحتاج إلى التنمية أولا لتحقيق حد أدنى من الاستقرار، وأحب أن أشير أن هناك ترابطًا وتلازمًا بين الديمقراطية والتنمية والاستقرار، كما أنه لابد من الأخذ في الاعتبار أمر مهم، وهو ضرورة الانفتاح على العالم الخارجي، أقصد هنا الانفتاح بمفهومه الواسع الشامل، الانفتاح على الأفكار الجديدة في العالم، وما يشهده من ثورة تكنولوجية متلاحقة.
• كرئيس شرفي للمجلس القومي لحقوق الإنسان، كيف ترى تنديد البعض حاليًا بتعامل الشرطة مع المتظاهرين؟
نحن في حالة معركة وحرب حقيقية ضد الإرهاب، وفي حالة الحرب من الصعب تحقيق الديمقراطية.
• وماذا عن الأصوات التي تطالب بإنهاء العلاقات مع أمريكا؟
• أمريكا قوة عظمى، وسوف تظل مسيطرة بنفوذها إلى حوالي 50 عامًا قادمة، ولابد من التعامل معها بشكل متوازن، ولا يمكن أن ننهي العلاقات مع أمريكا، التي مازالت مصدر لكل الابتكارات والاختراعات في العالم، إنها قوة تحترم وتجذب العقول، وبالتالي فهي تتمتع بتنوع هائل يمكنها من الاستمرار على درب التقدم والعلم. مصر كانت في بداية الدولة الحديثة تحتفي بأي عقل مبتكر، ومن خلال انفتاح مصر تولى نوبار باشا، وهو من أصل أرمني منصب رئيس الوزراء، فقد كان مصريًا خالصًا، وكان سليمان باشا الفرنساوي، هو الذي وضع النواة الأولى للجيش المصري، وأصبح قائدًا له، كان مصريًا مسلمًا، ولا أدري لماذا رفع تمثاله ليوضع تمثال طلعت حرب، والذي كان يمكن أن يوضع في ميدان آخر، ولكن هذا دليل على مدى الانغلاق، والذي أخشى أن ننزلق إليه مرة أخرى.
• كيف ترى دور القوات المسلحة في المسار السياسى؟
• من خلال خبراتي، فإن أغلب دول العالم تلعب القوات المسلحة فيها دورًا أساسيًا، وذلك واضح في أمريكا اللاتينية وأفريقيا وأسيا، وليس الأمر ظاهرة خاصة في مصر أو قاصرة عليها. والقوات المسلحة في مصر قوة وطنية، وعندما نقع في مشكلة نلجأ ونتجه إليها ونرحب بها.
للمزيد عن شخصيته وحياته ودوره السياسي ۔۔۔۔۔۔۔۔۔۔۔ اضغط هنا