تناقض في كتاب "المواطَنة في الفكر الإسلامي".. الإسلام حقق المواطنة ونزع اليهود والنصارى من الجزيرة العربية؟!

الخميس 03/مارس/2016 - 10:38 ص
طباعة تناقض في كتاب المواطَنة
 
اسم الكتاب: المواطنة في الفكر الإسلامي
الكاتبة: دكتور فينان نبيل العيسوي
الناشر: الهيئة العامة لقصور الثقافة 2016 – مصر 
هناك بالطبع زلة لسان تكشف المرء أحيانًا ولكن أن تكون هناك زلة كتابة فهذا الأمر جديد تمامًا، ولكن كتاب (المواطنة في الفكر الإسلامي) الصادر عن سلسلة الإصدارات الخاصة التي تنشرها هيئة قصور الثقافة، صدر للدكتورة فينان نبيل عيسوي يؤكد وجود هذا النوع من الزلات. فالكاتبة تؤكد في الفصول الأولى تحقق مفهوم المواطنة في تأسيس الدولة الإسلامية على عهد الرسول صلى الله عليه وسلم؛ حيث جاء في صفحة 23: إذا كان التطور الحضاري الغربي لم يعرف المواطنة وحقوقها إلا بعد الثورة الفرنسية أواخر القرن الثامن عشر الميلادي بسبب التمييز على أساس الدين- بين الكاثوليك والبروتستانت وعلى أساس العرق- بسبب الحروب القومية- وعلى أساس الجنس بسبب التمييز ضد النساء وعلى أساس اللون في التمييز ضد الملونين فإن المواطنة الكاملة والمساواة في الحقوق والواجبات قد اقترنت بظهور الإسلام وتأسيس الدولة الإسلامية الأولى في المدينة المنورة في السنة الأولى للهجرة سنة 13 من البعثة الموافقة لسنة 622 ميلاديًّا في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم وتحت قياداته، وإن لم يكن هناك وجود للمواطنة بوصفها مصطلحًا ولفظًا في النصوص الشرعية، لكن بوصفها فكرة واقعية ومعيشة وحاضرة في أكثر من نص وأكثر من حادثة في التاريخ الإسلامي؛ فقد وضعت الدولة الإسلامية فلسفة المواطنة هذه في حيز الممارسة والتطبيق وضمنها في المواثيق والعهود الدستورية منذ اللحظة الأولى لقيام هذه الدولة في أول دستور لها على أساس التعددية الدينية وعلى المساواة في الحقوق والواجبات بين المواطنين المتعددين في الدين والمتحدين في الأمة والمواطنة، فضم هذا الدستور معاهدة بين المسلمين وطوائف المدينة وهي الوثيقة السياسية الأولى وتشتمل على 47 بندًا. وتستعرض الكاتبة هذه البنود التي تقر حرية العقيدة والمساواة في الحقوق والواجبات. وفي تناقض صارخ لهذا الفكر الذي أسست له الباحثة تقول في إطار حديثها عن ظهور فرق دينية غريبة عن الإسلام، تقول في صفحة 53 بالنص: "يمكن القول إن الحركات الباطنية حركات سياسية بمنشئها، هدفها القضاء على الإسلام بأية صورة، ويعد محركها بقايا الجماعات الدينية المتعصبة التي قضى الإسلام على نفوذها، أو على دولها، ومن هذه الجماعات اليهود والنصارى والمجوس، فقد قضى الإسلام على نفوذ اليهود في المدينة المنورة أولا ثم الجزيرة العربية عامة وأزال الوجود النصراني من أرض العرب وقاتل سادتهم الروم والبيزنطيين وأزاحهم عن مواقعهم في بلاد الشام والشمال الإفريقي وأنهى دولة المجوس في فارس وفي كل مناطق نفوذها هؤلاء هم قطب الرحى بالنسبة إلى الحركات الباطنية، وإذا كان المجوس هم محورها فإن اليهود هم المخططون لها وكان النصارى مؤيدين لها".
وبمقارنة الفقرتين يقف القارئ مندهشًا من هذا الكتاب وأفكاره المتناقضة فهل أقام الإسلام دولة المواطنة، كما ادعت الكاتبة وأشادت معتبرةً أن ذلك سبق الدولة الأوروبية، وسبق ظهور المصطلح ذاته كدليل عملي على العيش المشترك بين أصحاب الأديان المختلفة؟ أم أزال الإسلام الوجود اليهودي والنصراني والمجوسي الأمر الذي دعاهم للتآمر عليه؟ ضع ما شئت من علامة الاستفهام والتعجب حول إصدار تقدمة الدولة يضفي الملائكية على فكرة الدولة الدينية في الوقت الذي من المفترض أن الدولة تحارب فيها أصحاب الأفكار التي تطالب بعودة هذه الدولة ولله الأمر من قبل ومن بعض. 

شارك