سعيد عبد العظيم وتكفير الحاكم والمحكوم
الخميس 24/مارس/2016 - 03:06 م
طباعة

اسم الكتاب: الديمقراطية في الميزان
المؤلف: سعيد عبد العظيم
الناشر: دار الإيمان ودار القمة

الشيخ سعيد عبد العظيم أحد مؤسسي الدعوة السلفية
الشيخ سعيد عبد العظيم أحد مؤسسي الدعوة السلفية، وكان يعد من أهم قادتها إلى أن حدث الخلاف بينه وبين برهامي ومجموعته على خلفية تأييد الدعوة لعزل محمد مرسي.. يعيش الشيخ حاليًا في السعودية، وما زال محتفظًا بمقعده ومنصبه المجمد فقط داخل الدعوة السلفية، ولم يجرؤ أحد على فصله نهائيًا لمخالفته اللوائح وعدم الالتزام بمبادئ وقرارات الدعوة ومهاجمة شيوخها، وكذلك بعدما أحدث كارثة وقعت على كاهل الدعوة السلفية وسببت إحراجًا لقادتها، بتوقيعه على بيان "نداء الكنانة"، الداعي لقتل الحكام والقضاة والضباط والجنود والإعلاميين والسياسيين، وكل من ثْبُتَ يقينًا اشتراكُهم، وتكفير شيخ الأزهر، ووجوب التصدي المسلح للنظام الحالي.
وليس تكفير الحكام والمحكومين بغريب عن الشيخ سعيد عبد العظيم أو عن الدعوة السلفية التي ما زالت تنتهج نهجه التكفيري وتؤمن بما كتبه وقاله، خاصة في كتابه الشهير "الديمقراطية في الميزان"، والذي يعد شبيهًا بكتاب السيد قطب "معالم على الطريق" الذي أصبح المنافيستو للجماعات الإرهابية بعد ذلك من كل فَجٍّ وصَوْبٍ.
يقول الشيخ سعيد عبدالعظيم في كتابه الديمقراطية في الميزان: "الفارق كبير بين الإسلام والديمقراطية أو العلمانية يظهر ذلك في المنشأ والطريقة والغاية.. والبصيرة تقتضي منا أن نستصحب هذه الموازين والضوابط التي تكلمنا عنها في حكمنا على الديمقراطية وما تنطوي عليه من مبادئ وللإسلام حكمه في كل شيء وهو يعلو ولا يعلى عليه بما فيه من سمات الربانية والعموم والشمول وغيرها من لدن أدم حتى قيام الساعة لا يمكن أن تسعد البشرية بدونه وبحسب انحرافها عن منهج الإسلام بحسب الضنك والشقاء الذي تعانيه ولو جاز لنا أن نلتمس عذرًا للغرب أو الشرق في تباعده عن دين الله ومناداته بهذه المناهج والفلسفات فإننا لا نجد عذرًا لهذه الأمة في الانسلاخ عن دينها ومتابعتها للكفرة والملاحدة في فصل الدين عن الدولة." وبهذا يحكم الشيخ سعيد عبد العظيم على بأن المتعاملين مع مناهج البحث والفلسفات هي انسلاخ عن دين الله واتباع للكفرة والملحدين وأن عنوان الكافر حسب الشيخ سعيد عبد العظيم هو المناداة بفصل الدين عن الدولة، ولكن في هذا الجزء من كلام سعيد عبد العظيم شيء يلفت الانتباه الا وهو مقولته: "لا يمكن أن تسعد البشرية بدونه وبحسب انحرافها عن منهج الإسلام بحسب الضنك والشقاء الذي تعانيه"، وإذا نظرنا للواقع سنجد أن الواقع الاجتماعي للعالم غير الإسلامي هو أفضل بكثير من الواقع الاجتماعي والاقتصادي لمجموع الدول الإسلامية، فسعادة البشر الاقتصادية ليست مرتبطة بحال من القرب أو البعد من الدين ولكن بمقدار التنمية الاقتصادية والتقدم الاقتصادي الذي تحققه جماعة ما.

يستكمل سعيد عبد العظيم الدور الوعظي غير المستند لمفاهيم علمية في هجومه على الديمقراطية بقوله: "الديمقراطية وفق تعريفها تعني حكم الشعب نفسه بنفسه لنفسه، وأن الشعب هو مصدر السلطات سواء كانت تشريعية أو قانونية أو تنفيذية فالديمقراطية عبارة عن نظام للحكم يقوم على أساس أن الشعب هو مصدر السلطات وإعطاؤه حق تشريع الأنظمة والقوانين وهذه مصادمة واضحة بينه للشرع والعقل والواقع في آن واحد؛ لأن التشريع حق الله وحده والسلطة التشريعية لا بد من الرجوع بها لكتاب الله ولسنة رسوله"، ونسي سعيد عبد العظيم أن من يقوم باستنباط الأحكام من كتاب الله وسنة رسول الله هم بشر وآراؤهم الفقهية تقبل الصواب والخطأ، وأن الله عز وجل لم يُعطِ الصلاحية لأحد بعد الرسل؛ لأن يتحدث باسمه، وأن استنباط العلماء للأحكام من القرآن والسنة "الفقه" به كثير من الآراء التي لا تتوافق بحال مع مجتمعنا المعاصر فقد اجتهد الفقهاء قديمًا لحل إشكالياتهم التي كانت مرتبطة بظروفهم الاقتصادية والاجتماعية والتي بطبيعة الحال تختلف كثيرًا عن ظروفنا الآن، وأن سعيد عبد العظيم ودعوته السلفية يريدون تثبيت الزمن عند القرن السابع الميلادي، وهذا لن يحدث بحال ولن يقبل به المجتمع وإن قبل به بعض أفراده.
ثم يستكمل سعيد عبد العظيم مشواره التكفيري في كتابه هذا مكفرًا المجالس النيابية بقوله: "إذن فهذه السلطة مصدرها الشرع لا الشعب ولا بأس بأن نسن النظم الإدارية والتي تقوم على البساطة والسرعة في إنجاز الأعمال وتحقق بها مصلحة البلاد والعباد، ولكن دون مصادمة أو خالفة لكتاب الله أو لسنة رسول الله "صلى الله عليه وسلم" كقانون المرور مثلاً، فهو نظام مطلوب للحفاظ على أرواح الناس وتيسير سبل الحركة في الطرق وهذا شبيه بقانون الجند والدواوين الذي أنشأه عمر بن الخطاب والواجب علينا التفريق بين النظام الشرعي والنظام الإداري، وإلا فكثيرًا ما يخلط الناس بين هذا وذاك؛ الأمر الذي يسهل على المغرضين في النهاية التشكيك والتشوية فلا يجوز شرعًا إنشاء مجالس تشريعية تبحث هل الربا نتعامل به أم لا وهل تمنع الخمر أم لا؟ ونعرض ذلك على عقول البشر، فمهمة العقل أن يفهم الشرع، وأن يستسلم لحكم ربه ويحل ما أحله الله ويحرم ما حرم الله".
ولم يكتفِ الشيخ بتكفير المجالس النيابية بل يستمر في تكفير سلطات الدولة إلى أن يصل إلى السلطة القضائية بقوله: "ثم السلطة القضائية فالمصدر فيها يجب أن يكون الشرع لا الشعب القضاة يجب عليهم أن يحكموا بما أنزل الله، وليس لهم أن يحكموا بقوانين وضعية أو نظم كفرية".
يصل الأمر بسعيد عبد العظيم في التكفير أنه بناء على أن القضاء كافر والمجالس النيابية التي تسن القوانين كافرة فيصبح بالأحرى المنتج "القانون" حسب سعيد عبد العظيم كافر، وهذا ما خط بيمينه في كتابه الذي بين ايدينا حيث يقول: "ختامًا تقول أين الديمقراطية قوانينها الوضعية وبإعطائها حق الخالق للمخلوق، أين هي من شرع الله ومن دين الله، فالديمقراطية شيء والإسلام شيء آخر، وقد رأينا كيف مكنت هذه القوانين لأعداء الله في ديار المسلمين وهي عاجزة عن تحقيق الأهداف المرجوة منها؛ لأنها تتصف بصفات واضعيها من القصور والعجز والأنانية ولم تنظر إلى العقيدة والأخلاق فلا لقاء بين القوانين الوضعية والشريعة الإسلامية". ولم يقف عند هذا الحد في التكفير بل يضع المرأة المسلمة مع الكافر في مكانة واحده، فحسب عقيدة الولاء والبراء فهو يرفض ترشح القبطي للوظائف العامة بحكم أنها ولاية صغرى وكذلك يرفض ترشح المرأة لهذه الوظائف، فيقول في معرض كتابه: "لا غضاضة ولا حرج في النظام الديمقراطي من أن تتولى المرأة أمرة الرجل، أو أن يتولى الكافر أمره ولاية المسلمين فقط يكفي من ذلك الانتخابات أو الإرادة الشعبية الحرة في انتخاب ممثلي الشعب كما يقولون، فالرضى فقط يكفي عمن ينوب عن الإنسان رجلاً كان أو امرأة مسلمًا أم غير مسلم ومخالفة الديمقراطية في ذلك للإسلام مخالفة واضحة وصريحة، وفساد ما ذهبت إليه الديمقراطية وبطلانها واضح شرعًا وعقلاً والشر تزداد وحدته إذا تولى الكافر أو المرأة ولاية الخلافة أو الحكم على المسلمين".
ثم يستطرد سعيد عبد العظيم هجومه على الديمقراطية، ليس فقط بل على الحريات التي يكفلها النظام الديمقراطي للشعوب، فلا يريد الشيخ هذه الحرية بقوله: "تنص النظم الديمقراطية على حق الشعوب في الحرية وإعطاء حرية العقيدة والرأي والتملك والحرية الشخصية للأفراد على اختلاف اتجاهاتهم ومذاهبهم وتحمي هذه الحريات ولكن بشرط أن لا تستخدم هذه الحرية للتخريب وإشاعة الفتنة والفرقة بين الناس- أما إذا استخدمت الحريات لهذا الغرض فإن القوانين تمنع هذه الحرية وتضرب على أيدي مستغليها لذلك الغرض التخريبي الذي يؤدي في النهاية إلى هدم النظام القائم. وهذه هي معاني الحرية وهي عبارة عن كلمات مجملة لا بد من تفصيلها وتوضيح ما تنطوي عليه من معان ومخالفات لكتاب الله ولسنة رسول الله (صلى الله عليه وسلم) وما آل إليه واقع الحال بسبب تطبيق هذه الكلمات. ففي ظل النظام الديمقراطي أصبح البعض يطعن في الرسالة ويكفر ويرتد وينشر المفاهيم الكفرية الخربة في وسط المسلمين تحت شعار حرية الرأي والتعبير. ويمتلك المال بأي طريق حتى ولو بالربا ولا اعتراض عليه في النظم الديمقراطية طالما أنه لم يتملكه بالإكراه، بل ويزني ويزنى به عملاً بالحرية الشخصية ولا عقوبة إذا وقعت الفاحشة بالتراضي ين الرجل والمرأة".
كما يقوم الشيخ سعيد عبد العظيم بمحاربة الأحزاب وتكوين الأحزاب السياسية ويؤكد على انها بدعة منكرة وكأن الشيخ سعيد عبد العظيم يؤسس لحكم ديكتاتوري ليس به ما يعرف بالمعارضة، وكيف يكون هناك معارضة والشيخ سعيد عبد العظيم نفسه يكفر الخروج على الحاكم ولو جلد ظهرك. هذا هو نظام الحكم الشرعي حسب سعيد عبد العظيم ودعوته السلفية، فيقول في تكوين الأحزاب: ".. وإذا كانت النظم الديمقراطية عادة تأخذ بنظام تعدد الأحزاب وكل حزب له برنامجه المعبر عنه وله أيضًا رايته ومن يمثله، فهذه الأحزاب منها ما هو شيوعي ماركسي ومنها ما هو وطني ومنها ما هو ليبرالي علماني، وكثيرًا ما ترى الصراع يحتدم ليس فقط بين الأحزاب الموجودة على الساحة بل بين بناء الحزب الواحد؛ لأسباب عديدة، وتنتهي هذه الصراعات بحروب في أغلب الأحيان من أخف أحوالها حروب كلامية وإعلامية، شأنهم في ذلك كشأن اليهود والنصارى.. وهذه الأحزاب بدعة منكرة وهي أثر من آثار الاستعمار أحدثها المستعمرون ليفرقوا بين أبناء الأمة الواحدة.. فالانضمام إلى حزب من هذه الأحزاب هو من نفسه بدعة لا يقرها الشرع، فكيف إذا انضم مع ذلك عم تمسك رؤساء الحزب بالدين واتخاذهم الدين طريقًا لنيل أغراضهم ومطلوبهم".
ولم يكتفِ سعيد عبد العظيم بتكفير الديمقراطية ولا الحريات الشخصية والعامة التي تتضمنها الديمقراطية ، أو بتكفير المجالس النيابية والسلطات الأساسية في الحكم "التنفيذية والتشريعية والقضائية" فقط، بل قام أيضًا بتكفير من ينادي بالديمقراطية ويطالب بالحرية في قوله: "وقد اتضح لنا أن الإسلام شيء والديمقراطية شيء آخر، وظهر لنا مدى انحرافها عن كتاب الله وسنة رسول الله "صلى الله عليه وسلم"، وخطر المناداة بها فبماذا نحكم على من يتكلم بالديمقراطية؟.. وإذا كانت الكلمة يونانية والمبادئ التي تنطوي تحتها كفرية وثنية والشرك شيء واحد تتفق صورة في أنها قصد لغير الله في التوجه والطلب والتشريع والتعظيم والتقديس، وهذه معان متحققة في كلمة الديمقراطية إلا أن المتكلمين بها والمنادين بها يتفاوتون تفاوتًا عظيمًا فيما بينهم؛ فمنهم الذي يرددها بلسانه وهو يصلي ويصوم وينادي بتطبيق حكم الله في مجالات الحياة، ومنهم من ينطق ويردد كالببغاوات ويظن أنه يحسن الصنع؛ لكونه أحسن التلفظ والنقط بها، ومنهم من يرى أن يسدي جميلاً ويقدم خدمة للإسلام عندما ينادي بالديمقراطية الإسلامية، ومن هؤلاء من يظن أن الديمقراطية هي الشورى الإسلامية، وكل هؤلاء جهال بحقيقة هذه الكلمة وما تنطوي عليه. الديمقراطية هي منهج وثني كفري".