بنفس منهج المتطرفين.. اتهامات في "مثقفون مع الأصولية الإسلامية"

الإثنين 25/أبريل/2016 - 04:31 م
طباعة بنفس منهج المتطرفين..
 
الخطورة التي يمثلها هذا الكتاب تكمن في استخدام منهج البتر من السياق، والتصيد لإلقاء التهم، في ظل غياب منهج علمي يبرر هذه الاتهامات.. الكاتب طلعت راضون أصدر كتابًا بعنوان "مثقفون مع الأصولية الإسلامية"، وفيه ادعى كشف الغطاء عن الكثير من الأقنعة الغاشة؛ بحسب وصفه، حيث يقول: "وقع شعبنا المصري ضحية لابسي الأقنعة من المتعلمين المصريين المحسوبين على الثقافة المصرية السائدة (من شعراء وروائيين وباحثين وإعلاميين) إلخ، وتمثلت الخدعة التي تعرض لها شعبنا، في أن عدداً كبيراً من المتعلمين الكبار الذين أطلقت الثقافة السائدة عليهم مصطلح (مثقفين) نالوا صفة (ليبرالين) و(متنورين) وأحياناً (علمانيين)، وبالتالي تم تصنيفهم على أنهم ضد الأصولية الإسلامية، بينما كتاباتهم عكس ذلك، أي أنهم مع الأصولية الإسلامية".. وأضاف: 
"كنت أحد المخدوعين إلى أن قرأت ما كتبه هؤلاء المتعلمون (الكبار) فآليت على نفسي، أن أكتب عنهم، محللاً  كتابتهم؛ كي يستفيد منها شعبنا خاصة الأجيال الجديدة..". 
والعجيب في الكتاب غير العلمي أن الكاتب لم يضع تعريفًا محددًا أو مصطلح لمفهومة عن الأصولية الإسلامية حتى نتفق معه أن هؤلاء الكتاب معها أو كانوا ضدها، فهل من المعقول أن نعتبر الشاعر صلاح عبد الصبور مع الأصولية؛ لإنه كتب وامتدح جمال الدين الأفغاني؟ فهل لو اختلف أحد السلفيين مع الأفغاني نعتبره ليبراليًّا؟ هل هذا مقياس؟؟! الكتاب أقرب إلى نهج المتطرفين في تصيدهم لعبارة أو لأخرى؛ للتأكيد على فكرهم المتشدد الذي يرفض الآخر غير المتفق معه؟ لذلك تضمن الكتاب الذي نعرض له، تصنيف لمجموعة من الكتاب نالهم لكثير من هجوم الأصوليين لكتاباتهم، فقد هاجم المتطرفون صلاح عبد الصبور بعد نشرمسرحية "مأساة الحلاج"، وهاجم المتطرفون د.محمد احمد خلف الله من أجل رسالته "الفن القصصي في القرآن"، وهاجم الأصوليون مصطفى محمود لتفسيره العصري للقرآن.. وهؤلاء وغيرهم تضمنهم الكتاب الغريب؛ لأنهم اختلفوا في رؤية شخصيات تاريخية مثل الأفغاني ولويس عوض، ومن ذلك ما تناوله الكاتب طلعت رضوان؛ موقف عدد من الكتاب، منهم رجاء النقاش، والذي تحدث عنهم في كتابه الذي أسماه "الانعزاليون في مصر" وقد انتقد رجاء النقاش، لويس عوض حين قرن الفتح العربي بالفتح الإنجليزي، وجاء رد "النقاش" أن الفتح الإنجليزي لم يكن فتحًا بل كان غزوًا، وكان له كل الحق، ولكن حين تكلم عن الفتح العربي، تجاهل كل آراء المؤرخين عن تلك الحقبة ، منتصرًا للفتح العربي، بكل جوارحه، متحدثًا عن العدل المطلق في تلك الفترة. فهل هل الاختلاف مع لويس عوض يجعل الناقد الكبير رجاء النقاش متفقًا مع الأصولية الإسلامية؟!
وهل كتابة نعمان عاشور وهو من أهم كتاب المسرح المهمين بشكل سلبي عن أحمد لطفي السيد.. متهمًا إياه بأنه من الأعيان والإقطاعيين الذين نهبوا البلد وقت الاحتلال الإنجليزي، متناسيًا مواقفه البطولية ومناداته بتحرير المرأة، وتأسيسه للمجالس النيابية، وحربه المستميتة لاسترداد سيناء من السيطرة العثمانية، ومقولته: "إن مصر للمصريين وليست للإنجليز أو العثمانيين".
إضافة إلى إعجاب عاشور القوي بثورية جمال الدين الأفغاني، الذي وصف أبناء شعبه بالذباب، والذي نادي بأن الولاء للدين وليس للوطن. هل هذه القراءات تجعل نعمان عاشور أصوليًّا. 
وفي الفصل الخامس ينتقد الكاتب د.حسن حنفي الذي يعتمد مشروعه على "الأنا" التي تشير إلى المسلم، حسب ما أورد حسن حنفي نفسه في كتابه خاصة "مقدمة في علم الاستغراب"؛ حيث يقول: "من جهد الأنا وإبداعه وليست من إفراز الآخر وقيئه".
ويقول طلعت رضوان: "إن حسن حنفي في "علم الاستغراب"، ينفي الآخر غير المسلم، ولا يعترف بحقوق المواطنة لمن غير المسلمين؛ حيث إنه شبه ثقافة الآخر بالقيء، وهو بذلك لا يختلف عن الأصولية المتشددة رغم ادعائه لليبرالية".
لم يختلف الأمر كثيرًا في هجوم طلعت رضوان على الدكتور مصطفى محمود في الفصل السادس؛ حيث أوضح أنه من عتاة الأصوليين المتشددين، وأنه يحقر المرأة حسب ما جاء في سلسلة مقالاته بالأهرام؛ حيث تهكم على المرأة العاملة، ورد عليه الكثير من المناصرين لحقوق الإنسان، وعلى الرغم من ذلك فهو مصنف؛ كونه فيلسوفًا، وفي نفس الوقت اختلف معه الأصوليون المتشددون؛ حيث هاجمه الشيخ كشك وآخرون، معتبرين أن تفسيراته للقرآن هي تفسيرات أمريكية غربية الهوى.
إنه كتاب تغيب عن الكثير مما ذهبت إليه الموضوعية، ويسير على الهوى وبالمنهج الأصولي في القراءة والاجتزاء.  

شارك