الطبعة الرابعة من "حارة النصارى ".. خطورة أن يصبح لكل مصري حارة!

الإثنين 27/يونيو/2016 - 03:14 م
طباعة الطبعة الرابعة من
 
اسم الكتاب: حارة النصاري 
الكاتب: شمعي اسعد 
الناشر: دار دون – القاهرة 2016 

صدر كتاب "حارة النصارى" بطبعته الأولى في يناير 2010، وجرت بعد هذا التاريخ حوادث كثيرة، حادث "نجع حمادي" في نفس الشهر، ثم حادث "كنيسة القديسين" في اللحظات الأولى من عام 2011، ثم "ثورة 25 يناير"، ثم أشياء كثيرة، ثم "ثورة 30 يونيو"، ثم أشياء كثيرة أخرى، ثم الطبعة الرابعة.
تغيرت مصر تماما بين الطبعة الأولى والرابعة، فرغم أن الكتاب يحمل شعار "قبلَ أن ينكمشَ الأقباطُ ويصبحَ كلُّ ما لَهُم في هذا الوطنِ حارة"، فنجد مصر الآن في حاجة لرفع شعار "قبل أن ينكمش المصريين ويصبح لكل مصري حارة"، فقد فرقتنا الثورات وظهرت "حارات" أخرى، أو ربما كشفت ثورتي يناير ويونيو أن "حارة النصارى" كانت في الأصل عرض لمرض؛ ما يجعل هذا الكتاب هو مجرد شرح لبعض أعراض المرض الذي احتاج لثورة "كاشفة" لتظهره، فلا يبقى سوى أن نواجه أنفسنا به، فنعترف أننا لا نقبل "الاختلاف" ونجعله في أول اختبار ينقلب إلى "خلاف"، ثم يتحول في ثاني اختبار إلى "عنف" تجاه الآخر المختلف، وما الفرق بين مصر قبل "يناير ويونيو" وبعدهما سوى أن "الآخر" قديمًا كان +المسيحيين، وربما أهل النوبة وأهل سيناء، ولأننا مجتمع ذكوري فتحسب المرأة في بعض الأحيان "آخر" أيضا، أما الآن فالآخر هذا صار كل شخص يتبنى موقفًا سياسيًّا غير موقفك ورؤية غير رؤيتك، وربما يرى لنفسه رئيسا غير رئيسك.
وأتصور- وقد أكون مخطئًا- أنه لو كنا قد تدربنا سويا مسلمين ومسيحيين على قبول الآخر في العقود الأخيرة التي سبقت 2011، ربما كنا الآن أكثر قدرة على تجاوز هذا الاختبار الحقيقي لقبول الآخر بشكله الحالي بعد 2011. وأتصور أيضًا- وأتمنى أن أكون مخطئا- أن ما يحدث الآن من استقطاب هو ضريبة ندفعها عن هذا التهاون.
ينطلق الكتاب من مقولة: "قبل أن ينكمش الأقباط ويصبح كل ما لهم في هذا الوطن: حارة" الجيتو" أو كما أسماه شمعي "الحارة"  كيان لا ينبع من تلقاء نفسه، بل تدفعه العوامل الخارجية دفعًا إلى التكون والبزوغ إلى السطح".
وجيتو أو حارة النصارى له أسبابه ودوافعه، أهم هذه الأسباب وكما يرصدها الكتاب تبدأ من تأصيل الكراهية والتفرقة في النفوس تأصيل يبدأ من لحظة ميلاد الطفل، وبينما يتعلم الحبو والجلوس والكلام يتعلم أيضًا كراهية وتفرقة ورفض الآخر 
والسبب؟
السبب هو الجهل بالآخر وغياب الفكر النسبي لصالح الفكر المطلق... أي غياب التنوير، وهذا بفضل المد الوهابي الذي طغى وغزا واستفحل دون أن يلقى أي مقاومة.
 وبينما يستمر شمعي في الرصد والتدوين يتساءل سؤالًا لم يسجله: هل يمكن للأقباط أن ينجحوا في الخروج قبل أن تغلق عليهم أبواب الحارة؟
ويجيب - مثلما أجيب- : وحدهم لا، لا يمكنهم الخروج دون مساعدة من نصف الوطن الآخر، وهم المسلمون المستنيرون، وأية محاولة من جانب الأقباط وحدهم للخروج هي محاولة "دون كيشوتية" أو "دون كيخوتية" لا فرق، دون مساعدة نصفك المسلم لن تستطيع أن تخرج وحدك.
ويرصد شمعي أيضًا نقطة بالغة الأهمية لم يلحظها كثيرون وهي لغة المساواة في الطائفية ونعتها بالمتبادلة..
الآن تسمع مفهوم العنف المتبادل ومدارس الأحد السبب والأقباط يطلبون مثل الجماعات السلفية.. 
وهي لغة التدليس والتزييف في رأيي وهدفها واضح أن ينشغل الأقباط في الدفاع عن أنفسهم، بينما يشحن الرأي العام ضدهم، وينسحبون إلى داخل الحارة.
ويقدم الكتاب بإيجاز تعريف القبطي.. من هو كيف يعبد وبماذا يؤمن؟
وهي مبادرة بالانفتاح على الآخر، فالمبهم والغامض يثير الريبة والخوف؛ لذا فهو يقول ها نحن.. لا غموض.. لا خوف.. ليس لدينا ما نخفيه.. فماذا عنكم؟.. ماذا أنتم فاعلون؟

شارك