القوى الاجتماعية المؤيدة لجماعات العنف السياسي

الأربعاء 15/أكتوبر/2014 - 07:57 م
طباعة القوى الاجتماعية
 
اسم الكتاب – القوى الاجتماعية المؤيدة لجماعات العنف السياسي الاسلامي ( مصر نموذجا ) 
الكاتب – الدكتور محمد سيد أحمد 
الناشر – المجلس الأعلى للثقافة – مصر
سنة النشر ـ 2014  
تعود أهمية هذا الكتاب إلى أن الكاتب يبحث – بأسلوب علمي – عن أسباب تعاطف بعض من القوى الاجتماعية مع جماعات العنف السياسي الإسلامي 
وتناول المؤلف تأثير التحولات الاقتصادية في الفترة من 1952حتى الآن على تنامي القوى الاجتماعية المؤيدة للتيار الإسلامي من خلال استعراضه للمحاور الآتية:
* ميراث ثورة يوليو 1952، والتحول من1970- 1974.
* الانفتاح الاقتصادي من 1974 إلى 1985.
*التكيف الهيكلي، والتحرير الاقتصادي من1991حتى الآن وشرح الكاتب  الخصائص الاجتماعية والاقتصادية والدينية للقوى الاجتماعية المؤيدة للعنف من حيث:
- المتغيرات الاجتماعية المحددة للعنف مثل: التعليم- المهنة- الدخل- انتشار الجهل والبطالة وفكر الجماعات بين أصحاب الحرف لتحقيق مكانة اجتماعية. 
- الظروف السكنية والمعيشية للقوى المؤيدة للعنف مثل: حجم السكن، كثافة السكن، مدى توفر الخدمات الأساسية بالمسكن كالمياه النقية والصرف الصحي، وأي تقصير من الحكومة يجعلهم ساخطين عليها.. ( تواجد القوى في المناطق العشوائية والأرياف) 
- المشاركة الاجتماعية والسياسية للقوى الاجتماعية المختلفة مثل: ضعف المشاركة السياسية.
- التوجهات الدينية للقوى الاجتماعية المختلفة مثل: الارتباط بالدين وحدود التدين ومداه، وكيفية ممارسة الشعائر الدينية، وغياب الثقافة الدينية . ثم شرح موقف القوى الاجتماعية من عوامل العنف وديناميكياته من حيث:
أولا: القوى الاجتماعية والاقتصادية المؤيدة للعنف وساعدها في ذلك تأييد الانفتاح الاستهلاكي وتحقيق ثروات غير مشروعة لفئات تعيش في بذخ، وترف، مما خلق استفزازًا للقطاعات غير القادرة – الانتقام بتأييد الجماعات من لصوص الانفتاح والفاسدين -  بالإضافة إلى التأييد الذي ينتج عن البطالة.
ثانيًا: العوامل السياسية المؤيدة للعنف: مثل مشكلة الديمقراطية ومساحة للتعبير وحرية الراي ووجود أحزاب المعارضة دون دور سياسي وسلبيات تفريغ الديمقراطية من مضمونها الحقيقي، كاستمرار العمل بقانون الطوارئ والعلاقات مع أمريكا، وانحيازها لإسرائيل وزيادة التطبيع معها – استغلال الجماعات لقضية فلسطين - وضرب المسلمين في العالم في أفغانستان والصومال ولبنان وغزة، والذي يستفز الشباب ويدفعهم للعنف ضد النظام السياسي لمهادنة العدو التاريخي للمسلمين.
ثالثا: الإعلام وتدهور الأخلاق وتنامي العنف
شهدت مرحلة الانفتاح الاقتصادي تدنيًا وتدهورًا للثقافة على كافة الأصعدة وتحول الإعلام إلى سلعة تجارية تهتم بالربح وتقليص المسارح الشعبية التي كانت تزود الشباب بغذاء عقلي يوسع مداركهم من مسرحيات بأسعار معقولة وتحول النشاط المسرحي إلى القطاع الخاص، والذي يقدم الفن الهابط المبتذل المتاح لمن يدفع الثمن، وكذلك وسائل الإعلام التي تقدم فقرات إعلانية مستفزة تكرس للحقد الطبقي بإعلانها عن البذخ والرفاهية ثم تقلصت الثقافة الجماهيرية ونشأ فراغ ثقافي سارعت الجماعات الإسلامية بملئه بصحف ومجلات وكتب ومنشورات وندوات.
رابعا: التعليم وعلاقته بالعنف الديني:
يؤكد الكاتب محمد سيد، التعليم في مصر تلقيني يعتمد على حشو ذهن الطالب بالمعلومات، وحفظها دون اعمال للعقل والتحليل والنقد والتلقين حتما يرتبط بالسلطوية حيث يتقبل الطالب كل ما تمليه عليه السلطة بالإضافة إلى أن العلماء لا يقومون بدورهم على أكمل وجه خشية السجن والاعتقال مما اخلى الطريق امام التطرف الديني وترك الساحة امامه خالية، ومن ثم بدات قيم التسامح الديني في التراجع وحل محلها التطرف والعنف الديني
خامسا: الانتماء والاتجاه للعنف:
وركز من خلاله على أن عدم إشباع الحاجات الشخصية يخلق شخصية غير سوية وغير ناضجة، مما ينعكس على الاستقرار الاجتماعي، أما الإشباع فإن لم يتحقق تظل طاقة الشباب حبيسة معرضة للانفجار، ثم الانحراف نتيجة للحرمان المستمر من إشباع الحاجات الشخصية، والحل الوحيد لهذه المشكلة هو اقامة العدل الاجتماعي قدر الإمكان، فسياسات النظام دائما هي من تصنع الفوارق الواسعة بين الطبقات، مما أدى إلى تنامي الإحباط وتوافر فرص التوتر لدى القوى الاجتماعية المؤيدة للعنف، والأخطر أنها تفتح باب الصراع أمام الفقراء مما يهدد بالانفجار الوشيك من قبل تلك القوى المستفزة متى وجدت المناسبة ودائما فأبناء الطبقة الوسطى والدنيا هم الأكثر عرضة لذلك، على أن الطبقة الأفقر في المجتمع هي الأخطر، حيث يجعلها الفقر نهبًا لأي انتماء يقدم لهم وخاصة أن التيار الديني المؤيد للعنف يقدم لهم إشباعا بديلًا، على الأقل يكون وعدا مستقبليا بإمكانية الإشباع المادي ومن ثم إشباع الرغبات الشخصية.
ويؤكد الكاتب أن تحول الدولة إلى الرأسمالية وحرية الربح وتراكم راس المال وتأكيد قيم الثراء أصبح يعكس لدى القوة الفقيرة عدم الاعتزاز بالقومية المصرية، وجعلها قيمة مهزوزة في ظل إعلام شرس يزكى الثقافة الغربية، بالإضافة إلى أن الانبهار بالنموذج الغربي أضعف قيم الولاء، والانتماء، وتعاظم الإحساس بالدونية الثقافية، ومن ثم احتقار القيم، والثقافة الوطنية، وترتب على ذلك اهتزاز ثقة الشعب بنفسه، ما أثر على القيم الوطنية والقومية ومن ثم إشاعة القيم السلبية بين أفراد هذه القوى، وأدى عدم وجود مشروع أو هدف قومي يلتف حوله الناس إلى إضعاف انتمائهم وتقديرهم لوطنهم، وعدم وجود عدو مشترك تحتشد القوى لمواجهته أدى إلى إشاعة الفرقة وتلاشى شعارات الوحدة الوطنية والعمل والاحساس بها فمثلا بعد هزيمة سنة 1967، التي أدت إلى الإحباط والخلل لدى الشعب وهجرة العقول العربية للغرب يأسا من سوء الأوضاع وخوف من القادم قامت العمالة المصرية بالهجرة إلى دول النفط، ومن ثم تم إعلاء شأن التوجهات الرأسمالية وزاد الإقبال على السلع المستوردة من قبل المهاجرين وبالتالي تم اندماجهم مع الثقافة الرأسمالية العالمية، مما ترتب عليه ضعف الانتماء الوطني وانتشار التفكك الأسري وانتشار ظاهرة الطلاق حينها والذى ترتب عليه انحراف الكثير من الأحداث الصغار، ولجأ الكثيرون من الشباب إلى الإدمان لضيق الحال وللهروب من الواقع الفقير الذين يرفضونه ولكن لا يستطيعون مقاومته في ظل الظروف الاقتصادية الصعبة فحاول البعض منهم تغيير واقعه بالإدمان، وللأسف انتشرت القيم السلبية والفردية انتشارًا واسعًا وزادت مساحة المؤيدين لهذه القوى العنيفة والتي ولت نفسها حاملة للدين وقيمه.
سادسا: الفراغ والميل إلى العنف
الفراغ أحد نتائج الثورة التكنولوجية والاعتماد على الآلات، والتي تزيد دائما من مساحة وقت الفراغ في المجتمع المصري وفى الطبقات الافقر كيف يملأ الشباب أوقات فراغهم وهم يعانون من البطالة؟
فالطبقة الوسطى لديها من الوسائل المتواضعة والمعقولة ما تسد به هذا الفراغ الهائل، أما الطبقة الفقيرة فيقف افرادها بلا حراك في انتظار اي اتجاه ياخذها إلى فرصة افضل حتى وان كان هذا التيار هو تيار العنف الديني الاسلامي، ويمكن تلخيص أسباب تأييد هذه القوى لجماعات العنف في ثلاث نقاط هي:
أولًا غياب المشاركة السياسية ولو بالقليل تجعلهم يشعرون بالدونية.
ثانيًا هروب الشباب من الواقع الذي يرفضه هو ما يجعله نهبا لهذه التيارات.
ثالثًا: أخطاء الأنظمة الحاكمة وتقصيرها ثغرة تنفذ منها هذه التيارات كبديل لما تقوم الحكومات بالتقصير فيه.

شارك