التفكير الكلامي وراء فكر الخوارج

الخميس 01/سبتمبر/2016 - 05:08 م
طباعة التفكير الكلامي
 
اسم الكتاب – الخوارج وقضية التكفير 
الكاتب د عامر النجار
الناشر قصور الثقافة – القاهرة 2016
أثار عدم تكفير الأزهر لتنظيم الدولة "داعش" الكثير من التساؤلات حول هذا التصرف، وفي نفس الوقت نجد في هذا الكتاب الأصل لسبب عدم التكفير لمن يقول "لا إله إلا الله محمد رسول الله"، فهذا الكتاب يكشف عن عدم تكفير الأئمة من أمثال الشافعي وابن تيمية للخوارج. ويعد هذا الكتاب من أهم الكتب التي اصدرتها الهيئة العامة لقصور الثقافة مؤخرا  فكتاب "الخوارج وقضية التكفير"، للدكتور عامر النجار، أستاذ الفلسفة الإسلامية بجامعة قناة السويس، يعرض بطريقة نقدية وتحليلية فكر الخوارج، - موضوع الساعة - وبدايات ظهور مسألة "التكفير" عند بعض الفرق المتشددة فى التاريخ الإسلامى .
والخوارج هى فرقة إسلامية، نشأت فى نهاية عهد الخليفة عثمان بن عفان وبداية عهد الخليفة على بن أبى طالب، نتيجة الخلافات السياسية التى بدأت فى الظهور، أما كلمة الخوارج كمصطلح فيمكن إطلاقه على ثلاثة حالات، الأولى هى المعارضة السياسية للحاكم، والثانية يتم إطلاقها على طائفة دينية منحرفة تفسر الدين بشكل مغلوط وتستبيح دماء المسلمين، أما الحالة الثالثة فهى المتشددين من أهل السنة الذين يكفرون المسلمين، ويستعملون مصطلح "الخوارج" من باب تكفير المعارضين.
المحتوي
يتضمن الكتاب خمسة مباحث المبحث الاول حول اختلاف المسلمين واسبابه ومنها اهم اسباب الاختلاف بين المسلمين بعد النبي مثل التنازع علي الخلافة وورود المتشابه في القران وشيوع التفكير الكلامي والفلسفي بين علماء المسلمين في اثبات العقائد والحجج والدفاع عن العقيدة وقد جرهم ذلك الي دراسة مسائل ليس في استطاعة العقل البشري ان يصل الي نتائج مقررة ثابتة فيها كمسالة اثبات صفات الله تعالي ونفيها وقدرة العبد بجوار قدرة الرب .اما المبحث الثاني فجاء تحت عنوان الخوارج في السنة المطهرة  ومن الاحاديث الواردة عنهم 
يخرجون من الدين كما يخرج السهم من الرمية ثم لا يعودون فيه:
من صفات الخوارج أنهم يخرجون من الدين كما يخرج السهم من الرمية قال صلى الله عليه وسلم: "يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرمية". وفي رواية: "يمرقون من الإسلام" وفي بعض الروايات: "يمرقون من الدين" والمراد بالدين هو الإسلام، وبه تثبت الرواية، وقيل: "الطاعة" وقيل: يخرجون من الإسلام الكامل. قال الحافظ بن حجر: "والذي يظهر أن المراد بالدين الإسلام، كما فسرته الرواية الأخرى، وخرج الكلام مخرج الزجر، وأنهم بفعلهم ذلك يخرجون من الإسلام ومن صفاتهم انهم شر الخلق والخليقة: قال صلى الله عليه وسلم: "هم شر الخلق أو أشر الخلق". وفي رواية: "هم شر الخلق والخليقة". وقد اشتهر عنهم كثرة عبادتهم، من صلاة وصيام وقراءة للقرآن، وهم أكثر من الصحابة رضي الله عنهم في ذلك كما وصفهم النبي صلى الله عليه وسلم بقوله: "يقرؤون القرآن ليس قراءتكم إلى قراءتهم بشيء ولا صلاتكم إلى صلاتهم بشيء، ولا صيامكم إلى صيامهم بشيء
وتعرض المبحث الثالث الي نشاة الخوارج التي اشارت الي ان التحكيم في الخلاف بيت الامام علي ومعاوية في موقعة صفين سنة 37 هجرية فرقة الخوارج أن:«كلمة خوارج أطلقت على أولئك النفر الذين خرجوا على علي بن أبي طالب رضي الله عنه بعد قبوله التحكيم عقب معركة "صفين"، إذ اعتبر هؤلاء التحكيم خطيئة تؤدي إلى الكفر، ومن ثم طلبوا من علي أن يتوب من هذا الذنب، وانتهى الأمر بأن خرجوا من معسكره، وقد قبل الخوارج هذه التسمية، ولكنهم فسَّروا الخروج بأنه خروج من بيوتهم جهادا في سبيل الله وفقا لقوله تعالى: (ومن يخرج من بيته مهاجرا إلى الله ورسوله ثم يدركه الموت فقد وقع أجره على الله)[سورة النساء/الآية:100]، وقد أطلق على الخوارج أيضا اسم"الشُّراة" وربما يكونون هم الذين وصفوا أنفسهم بذلك، كما ورد في قوله تعالى: (ومن الناس من يشري نفسه ابتغاء مرضات الله والله رؤوف بالعباد) [سورة البقرة/الآية:207]، وسمُّوا أيضا بالحَرورية لانحيازهم في أول أمرهم على قرية"حَروراء" بالقرب من الكوفة، كما سمُّوا أيضا بالمُحكّمَة لرفعهم شعار"لاحكم إلا لله" والتفافهم حوله. ومهما يكن من شيء، فإن اسم"الخوارج"في معناه الأول الذي يشير على الانشقاق ومفارقة الجماعة أصبح الاسم السائر على هذه الجماعة».
فرق الخوارج
انقسمت الخوارج الي فرق كثيرة بعضها اصول وبعضها فروع ومنها الازارفة والنجدية والصفرية والعجاردة  وعن التفاصيل عن هذه الفرق
المُحَكِّمة الأولى: يقال للخوارج: محكّمة وشُراة، واختلفوا في أول من تشرَّى منهم، فقيل:عروة بن حُدير أخو مرداس الخارجي، وقيل:أولهم يزيد بن عاصم المحاربي، وقيل: رجل من ربيعة من بني يشكر[وذكر من رجالهم أيضا رجلان أحدهما: عبد الله بن وهب الراسبي، والآخر: حرقوص بن زهير البجلي المعروف بذي الثدية]..وكان دينهم إكفار علي وعثمان، وأصحاب الجمل ومعاوية وأصحابه، والحكَمين ومن رضي بالتحكيم، وإكفار كل ذي ذنب ومعصية.
- الأزارقة: هؤلاء أتباع نافع بن الأزرق الحنفي المكني بأبي راشد، ولم تكن للخوارج قط فرقة أكثر عددا ولا أشد منهم شوكة، والذي جمعهم من الدين أشياء: منها: قولهم بأن مخالفيهم من هذه الأمة مشركون، وكانت المحكمة الأولى يقولون:إنهم كفرة لا مشركون. ومنها: قولهم إن القعدة-ممن كان على رأيهم- عن الهجرة إليهم مشركون وإن كانوا على رأيهم. ومنها: أنهم أوجبوا امتحان من قصد عسكرهم إذا ادعى أنه منهم. ومنها: أنهم استباحوا قتل نساء مخالفيهم وقتل أطفالهم، وزعموا أن الأطفال مشركون، وقطعوا بأن أطفال مخالفيهم مخلدون في النار.
- النَّجَدات: هؤلاء أتباع نجدة بن عامر الحنفي، وكان السبب في رياسته وزعامته أن نافع بن الأزرق لما أظهر البراءة من القعدة عنه بعد أن كانوا على رأيه، وسماهم مشركين واستحل قتل أطفال مخالفيه ونسائهم..وذهبوا إلى اليمامة فاستقبلهم نجدة بن عامر..وأقاموا على إمامة نجدة إلى أن اختلفوا في أمور نقموها منه، فلما اختلفوا صاروا ثلاث فرق: فرقة صارت مع عطية بن الأسود الحنفي إلى سجستان..وفرقة صارت مع أبي فديك..وفرقة عذروا نجدة في أحداثه وأقاموا على إمامته..
- الصُّفرية: هؤلاء من أتباع زياد بن الأصفر، وقولهم في الجملة كقول الأزارقة في أن أصحاب الذنوب مشركون، غير أن الصفرية لا يرون قتل أطفال مخالفيهم ونسائهم، والأزارقة يرون ذلك. وقد زعمت فرقة من الصفرية أن ما كان من الأعمال عليه حدٌّ واقع لا يسمى صاحبه إلا بالاسم الموضوع له كزان وسارق وقاذف وقاتل عمد، وليس صاحبه كافرا ولا مشركا، وكل ذنب ليس فيه حدٌّ كترك الصلاة والصوم فهو كفر وصاحبه كافر، وإن المؤمن المذنب يفقد اسم الإيمان في الوجهين جميعا. وفرقة ثالثة من الصفرية قالت بقول من قال من البيهسية: إن صاحب الذنب لا يحكم عليه بالكفر حتى يرفع إلى الوالي فيحده. فصارت الصفرية على هذا التقدير ثلاث فرق..
- العَجاردة: العجاردة كلها أتباع عبد الكريم بن عجرد، وكان عبد الكريم من أتباع عطية بن الأسود الحنفي. وكانت العجاردة مفترقة عشر فرق يجمعها القول بأن الطفل يُدعَى إذا بلغ، وتجب البراءة منه قبل ذلك حتى يُدعى إلى الإسلام أو يصفه هو. وفارقوا الأزارقة في شيء آخر، وهو أن الأزارقة استحلت أموال مخالفيهم بكل حال، والعجاردة لا يرون أموال مخالفيهم فيئًا إلا بعد قتل صاحبه، فكانت العجاردة على هذه الجملة إلى أن افترقت فرقها.. [و ذكر منها ست فرق، بالإضافة إلى فرقتين من الخازمية، وهم:]
- الخازميَّة أو الحازمية: هؤلاء أكثر عجاردة سجستان، وقد قالوا في باب القدر والاستطاعة والمشيئة بقول أهل السنة: أن لا خالق إلا الله، ولا يكون إلا ما شاء الله، وأن الاستطاعة مع الفعل، وأكفروا الميمونية الذين قالوا في باب القدر والاستطاعة بقول القدرية المعتزلة عن الحق. ثم إن الخازمية خالفوا أكثر الخوارج في الولاية والعداوة، وقالوا: إنهما صفتان لله تعالى، وإن الله عز وجل إنما يتولى العبد على ما هو صائر عليه من الإيمان وإن كان في أكثر عمره كافرا، ويرى منه ما يصير إليه من الكفر في آخر عمره وإن كان في أكثر عمره مؤمنا، وإن الله تعالى لم يزل محبا لأوليائه ومبغضا لأعدائه. وهذا القول منهم موافق لقول أهل السنة في الموافاة.
- الشُّعَيبية: قول هؤلاء في باب القدر والاستطاعة والمشيئة كقول الخازمية، وإنما ظهر ذكر الشعيبية حين نازع زعيمهم المعروف بشعيب رجلا من الخوارج اسمه ميمون، وكان السبب في ذلك أنه كان لميمون على شعيب مال، فتقاضاه، فقال شعيب: أعطيكه إن شاء الله، فقال له ميمون: قد شاء الله ذلك الساعة، فقال شعيب: لو كان قد شاء ذلك لم أستطع أن لا أعطيكه، فقال ميمون: قد أمرك الله بذلك، وكل ما أمر به فقد شاءه، وما لم يشأ لم يأمر به، فافترقت العجاردة عند ذلك، فتبع قوم شعيبا، وتبع آخرون ميمونا..
- الخَلَفية: هم أتباع خلَف الذي قاتل حمزة الخارجي، والخلَفية لا يرون القتال إلا مع إمام منهم، وصارت الخلفية إلى قول الأزارقة في شيء واحد، وهو دعواهم أن أطفال مخالفيهم في النار.
- المعلومية والمجهولية: هاتان فرقتان من جملة الخازمية، ثم إن المعلومية منهما خالفت سلفها في شيئين، أحدهما: دعواها أن من لم يعرف الله تعالى بجميع أسمائه فهو جاهل به، والجاهل به كافر. والثاني: أنهم قالوا إن أفعال العباد غير مخلوقة لله تعالى. ولكنهم قالوا في الاستطاعة والمشيئة بقول أهل السنة في أن الاستطاعة مع الفعل وأنه لا يكون إلا ما شاء الله. وهذه الفرقة تدعي إمامة من كان على دينها وخرج بسيفه على أعدائه، من غير براءة منهم عن القعدة عنهم، وأما المجهولية منهم فقولهم كقول المعلومية، غير أنهم قالوا: من عرف الله ببعض أسمائه فقد عرفه، وأكفروا المعلومية منهم في هذا الباب.
- الصَّلتية: هؤلاء منسوبون إلى صَلت بن عثمان، وقيل:صَلت بن أبي الصَّلت، وكان من العجاردة غير أنه قال: إذا استجاب لنا الرجل وأسلم توليناه وبرئنا من أطفاله، لأنه ليس لهم إسلام حتى يدركوا فيدعون حينئذ إلى الإسلام فيقبلونه..
- الحَمزية: هؤلاء أتباع حمزة بن أكرك الذي عاث في سجستان وخراسان ومكران وقهستان، وكرمان وهزم الجيوش الكثيرة، وكان في الأصل من العجاردة الخازمية، ثم خالفهم في باب القدر والاستطاعة فقال فيهما بقول القدرية، فأكفرته الخازمية في ذلك، ثم زعم مع ذلك أن أطفال المشركين في النار فأكفر ته القدرية في ذلك، ثم إنه والى القعدة من الخوارج مع قوله بتكفير من لا يوافقه على قتال مخالفيه من فرق هذه الأمة مع قوله بأنهم مشركون..
مناقشة افكارهم 
وناقش المبحث الخامس افكارهم وراي الاسلام فيهم حيث قال الدكتور النجار اجهد الخوارج انفسهم بتشددهم وغلوهم في فهم الدين وساعدهم علي ذلك تكوينهم النفسي المتقلب ومزاجهم الربعي القاسي فخرجوا علي الدنيا بمبادئهم المتشددة  وقد عاملهم الامام علي معاملة البغاة وهناك من الفقهاء والعلماء من كفرهم 

شارك