في كتاب لماذا أنا إرهابي؟ ولماذا أنت كافر؟...علاج الغلو
الخميس 11/أكتوبر/2018 - 03:24 م
طباعة
روبير الفارس
اسم الكتاب – لماذا انا ارهابي ولماذا انت كافر؟
الكاتب- الدكتور محمد محمد داود
الناشر – نهضة مصر القاهرة 2017
يمكننا ان نختلف كثيرا حول هذا الكتاب ومضمونه ولكن الخلاصة التى يقدمها الدكتور محمد داود في ختام الكتاب تبقي هي رسالته التى يجب ان تصل للجميع حيث يقول فإن الفكر يواجه بالفكر وحسن التربية، وإحياء الأسوة والقدوة وتوصيات هذه الدراسة ونتائجها تتركز فى المحاور الآتية من أجل علاج ظاهرتى الإرهاب والتكفير:
العلاج الأمثل للغلو وما يؤدى إليه من عنف وإرهاب داخل المجتمعات الإسلامية، إنما يكون ببناء الوعى الصحيح، وإحياء علم المقاصد، والتفكير العلمى، واعتماد الدليل العقلى والدليل العلمى، وإحياء ثقافة الحوار، والتعددية الفكرية، وقيم الإبداع والجمال فى القرآن والسنة.
ومن الأهمية بمكان ملء الفراغ الفكرى لدى الشباب حتى لا يملأه غيرنا بما يخدم مصالحه.
ومن أهم المهم إزالة الصدام بين المؤسسات التى تعمل فى جانب الفكر والمعرفة وبناء القيم:"وزارة الثقافة ومؤسسة الأزهر والأوقاف والتعليم"، واجتماع هذه المؤسسات على رؤية تجمعها، فى تعاون وتناغم، وإلا فنحن نشرذم شبابنا ونصنع الانقسام فى المجتمع بأيدينا!!!
وحين تتناغم جهود وزارة الثقافة مع وزارة التربية والتعليم مع الأزهر ومؤسساته يمكننا بحق أن نقضى على حالة الصراع الفكرى الذى وصل لحد الاتهامات والتعالى والتنافر...! فالاختلاف شئ والتنازع والصدام والصراع شئ آخر.
علاج المشكلات الاجتماعية من فقر ومرض وجهل، وعلاج البطالة وأمراضها، وتحقيق مبدأ تكافؤ الفرص للجميع دون انحياز لمصالح فئة أو تيار أو حزب، لأن المساواة فى الحقوق والواجبات واجب أساسى فى الإسلام وهو من حقوق الإنسان، والعدل أساس الملك، والشورى عماد نظام الحكم فى الإسلام، وذلك حتى ينعم المجتمع بالأمن المنشود، فالأمن فى العدل، والاضطراب فى الجور والظلم.
تحرير المصطلحات الشرعية وضبطها بضوابط واضحة حتى لا يستغلها هؤلاء المغالون والمفسدون فى الأرض، وذلك مثل مصطلح الجهاد،ودار الحرب، ودار الإسلام، وغيرها من المصطلحات التى تثار على الساحة الإسلامية ولها تأثيرات قوية، والمواجهة العقلية والعلمية لكل ما يثار من اسئلة خاطئة وشبهات باطلة لقد علمنا القرآن الكريم ألا تبقى اسئلة دون أجوبة ولا شبهات دون ردود.
تطوير المناهج الدينية فى جميع المراحل التعليمية لتخاطب إنسان العصر، والاهتمام والعناية بإعداد وتدريب الأئمة وعلماء الدين وأساتذة التربية الدينية، وتشجيعهم ودعمهم ليكونوا قدوة حسنة لطلابهم وأبنائهم.
فتح باب الحوار الدينى لمناقشة الآراء التى فيها غلو وتشدد وبيان فساد هذه الآراء بالفكر والحجج الواضحة، وهذا يتحقق من خلال إتاحة منابر التوعية بمختلف صورها لعلماء الدين الوسطى الصحيح.
وللقانون دور: فينبغى ألا يفلت أصحاب الفكر المنحرف المتطرف من تطبيق العقاب الرادع، وذلك من أجل حماية المجتمع من ارتكاب مثل هذه الجرائم المخلة بأمنه ولقد كان القرآن الكريم واضحاً حاسماً فى هذه القضية، حيث قال تعالى:
(إنما جزؤا الذين يحاربون الله ورسوله ويسعون فى الأرض فسادا أن يقتلوا أو يصلبوا أو تقطع أيديهم وأرجلهم من خلف أو ينفوا من الأرض ذلك لهم خزى فى الدنيا ولهم فى الآخرة عذاب عظيم)" المائدة: 33".
(نعم...إن الله يزع بالسلطان ما لا يزع بالقرآن).
بيان حقائق الوسطية والتيسير فى الإسلام:
حيث إن الوسطية هى أبرز خصائص هذا الدين وقد دلت على ذلك الشواهد المتعددة من القرآن الكريم والسنة النبوية، فالغلو اختيار خاطئ وانحياز باطل من المتشددين، كان سبباً من أسباب هلاك الأمم قبلنا، والقاعدة أنه لا إفراط ولا تفريط، قال تعالى:
(وكذلك جعلنكم أمة وسطا)" البقرة: 143".
إن الاختلاف الإيجابى (اختلاف التكامل) سنة من سنن الله فى خلقه، وهو ظاهرة إيجابية، والتعدد والتنوع مظهر كونى، والواحدية لله وحده، ولكن المشكلة فى الاختلاف السلبى الذى يؤدى إلى الخلاف والتقاطع والتنازع، وهو من أخطر ما أصيبت به الأمة فى عصرنا الحالى، ولقد حذرنا الله تعالى منه فقال تعالى: ( ولا تنزعوا فتفشلوا وتذهب ريحكم)" الأنفال:46".
إن التيسير ورفع الحرج من أعظم مقاصد هذا الدين، ولقد جاء قوله تعالى: ( وما جعل عليكم فى الدين من حرج)"الحج:78"، حاسماً واضحاً فى هذا الخصوص، ومن ثم كانت قاعدة "الأصل فى الأشياء الإباحة"، و"الضرورات تبيح المحظورات"،و"المشقة تجلب التيسير"، إنها الشريعة السمحة السهلة اللينة،(فلن يشاد الدين أحد إلا غلبه)، ولقد تجلت قاعدة التيسير فى كل مظاهر الدين الإسلامى وفى كل جوانبه.
إن الإسلام ليست له مشكلة فى التعامل مع الآخر فقد جعله الإسلام جزءاً من نسيج الأمة، فكانت القاعدة أن (لهم ما لنا وعليهم ما علينا)، فالإسلام هو الدين الخاتم، وهو دعوة للناس كافة ورسوله رحمة للعالمين، ولذلم استوعب فى تشريعه كل الحضارات والملل والشرائع الأخرى.
إن الأديان كلها- ومنها الدين الإسلامى- لا تدعو إلى التطرف والإرهاب فهى شرائع سماوية جاءت بالمحبة والسلام والرحمة والتسامح، وإن النماذج المتطرفة من أتباع أى دين ليست حجة على الدين، بل الدين بنبعه الصافى فى الكتب المقدسة التى أنزلها الله تعالى وفى الأنبياء والرسل هو الحجة على الناس.
إن الإسلام لا يخشى النقد، ونحن لا نهاجم ولا ندافع، لا نهاجم أحداً لأن القرآن علمنا مكارم الأخلاق، وأمرنا بقوله: (وقولوا للناس حسناً)"البقرة:83"، ونحن لا ندافع لأنه ليس للإسلام سوءة يدافع عنها، وإنما نبين الحقائق وندعو إلى الحوار العقلى الهادئ بعيداً عن التعصب، ندعو الناس إلى أن تفرق بين الدين وأفعال البشر، وأن الخطأ فى الفكر أخطر من الخطأ فى الفعل. وأن الإسلام قد اعتمد الدليل العقلى والدليل العلمى. هذا وبالله التوفيق والحمد لله رب العالمين.