بي بي سي:تقرير يتهم السعودية بأنها "أكبر داعم للتطرف" في بريطانيا، والرياض تنفي الاتهامات
الأربعاء 05/يوليو/2017 - 04:42 م
طباعة
تقدم بوابة الحركات الإسلامية كل ما هو جديد يومًا بيوم وذلك من خلال تناول الصحف العالمية اليومية، وكل ما يخص الإسلام السياسي فيها اليوم الاربعاء 5/7/2017
بي بي سي:تقرير يتهم السعودية بأنها "أكبر داعم للتطرف" في بريطانيا، والرياض تنفي
خلص تقرير صدر حديث لمؤسسة بحوث إلى أن هناك صلة بين السعودية والتطرف في بريطانيا.
وورد في التقرير الذي أصدرته مؤسسة هنري جاكسون للأبحاث أن هناك "صلة واضحة ومتنامية" بين منظمات إسلامية تتلقى دعما من الخارج ومنظمات تروج للكراهية وتنظيمات جهادية تروج للعنف.
ودعت المؤسسة، المتخصصة في الشؤون الخارجية، إلى إجراء تحقيق عام في الدور الذي تلعبه السعودية ودول خليجية أخرى.
ونفت السفارة السعودية في بريطانيا ما ورد في التقرير، قائلة إنه "كاذب بشكل قاطع".
وتتعرض الحكومة البريطانية لضغوط لنشر تقرير عن المنظمات الإسلامية التي تنشط في بريطانيا.
وكان رئيس الوزراء السابق ديفيد كاميرون قد طلب إعداد تقرير حول وجود ونفوذ منظمات جهادية، ولكنه لم ينجز حتى الآن، وهناك شكوك حول ما إذا كان سينشر على الملأ في حال إنجازه.
ويقول مراقبون إن النشر سيكون غير مريح للحكومة التي تقيم علاقات دبلوماسية واقتصادية جيدة وطويلة الأمد مع السعودية ودول خليجية أخرى.
وورد في التقرير الصادر الأربعاء أن عددا من دول الخليج وإيران يقدمون تمويلا لمساجد ومؤسسات تعليمية إسلامية استضافت واعظين ينشرون خطاب الكراهية وترتبط بانتشار التطرف.
ويقول التقرير إن السعودية هي على رأس قائمة الداعمين، وإن أشخاصا ومؤسسات قاموا بنشر الفكر الوهابي.
ويشير التقرير إلى أن هناك حالات تدار فيها المؤسسات من السعودية مباشرة.
وردا على التقرير، قالت السفارة السعودية في لندن إن أي اتهامات للملكة بأنها ساعدت في تطرف "عدد صغير من الأفراد (هي اتهامات) لا أساس لها وتفتقر لأدلة ذات مصداقية".
وأشارت السفارة إلى أن السعودية نفسها كانت هدفا لهجمات إرهابية نفذها تنظيم القاعدة وتنظيم الدولة الإسلامية.
وأضاف البيان "نحن لم ولن نتغاضى عن أعمال أو أيديولوجية التطرف العنيف ولن يهدأ لنا بال حتى يتم تدمير هؤلاء المنحرفين ومنظماتهم".
وجاء التقرير في وقت حساس، حيث وجهت السعودية والإمارات والبحرين ومصر اتهامات لقطر بدعم الإرهاب، وهو الاتهام الذي قال التقرير إنه ينطوي على نفاق، بحسب فرانك غاردنر محرر بي بي سي للشؤون الأمنية.
وقال النائب العمالي في مجلس العموم دان جارفيس في معرض تعليقه على التقرير إنه (أي التقرير) يسلط الضوء على وجود "ارتباطات مقلقة" بين السعودية ومسألة تمويل التطرف، ودعا الحكومة الى نشر تقريرها حول التمويل الأجنبي للتطرف في بريطانيا.
وقال النائب العمالي، "في اعقاب الهجمات الارهابية المروعة والمأساوية التي شهدناها (في بريطانيا) هذا العام، فإنه من الحيوي والضروري ان نستخدم كل أداة تتوفر لنا لحماية شعبنا. ويتضمن ذلك التعرف على الشبكات التي تروج للتطرف وتسانده، واغلاق كل المنافذ التي تمول التطرف."
وفي وقت سابق، شددت رئيسة الوزراء البريطانية تريزا ماي، التي زارت السعودية في أبريل/ نيسان، على أن العلاقة التاريخية مع المملكة مهمة للأمن والتجارة في بريطانيا.
بالمقابل، دعا زعيم حزب العمال البريطاني المعارض جيريمي كوربين إلى تجميد مبيعات الأسلحة إلى السعودية بسبب سجلها في مجال حقوق الإنسان وعملياتها العسكرية في اليمن.
دويتشه فيله:الاستخبارات الألمانية تحذر من تنامي مخاطر التطرف اليميني والاسلامي
كشف التقرير السنوي لجهاز المخابرات الداخلية الألماني (مكتب حماية الدستور) الذي تمّ تقديمه لوسائل الإعلام اليوم الثلاثاء (الرابع من يوليو 2017)، ازدياد خطر التطرف الإسلامي في ألمانيا، إذ بلغ عدد من يوصفون بـ"العناصر الخطرة" إلى 680 عنصرا تنتمي غالبيتهم إلى الحركة السلفية، حسب وزير الخارجية الألماني توماس دي مزيير لدى تقديمه للتقرير السنوي لجهاز الاستخبارات، مضيفا أن خطر تعرض البلاد إلى اعتداء إرهابي على مستوى مرتفع جدا. يذكر أنه ومنذ عام 2015 تعرضت أوروبا إلى 25 اعتداء إرهابي، خمسة منها في ألمانيا.
وتطرق التقرير أيضا إلى ارتفاع في عدد الاعتداءات التي نفذها النازيون الجدد وغيرهم من الجماعات اليمينية المتطرفة في عام 2016، وذلك بمعدل 14 بالمائة عن العام الذي سبقه. وسجلت السلطات في العام الماضي ما مجموعه 1698 اعتداءا ضد الأجانب، غير أن منظمات غير حكومية ترجح بأن العدد أكبر بكثير وهو ما يعكس تصاعدا مطردا في المشاعر المعادية للمهاجرين التي أثارها وصول أعداد كبيرة من المهاجرين منذ عام 2014.
وقال التقرير "نرى تطرفا واضحا في الجوهر وفي أسلوب الخطابة فيما يتعلق بقضايا اللجوء من المتطرفين من أقصى اليمين". وأضاف أن استخدام مواقع التواصل الاجتماعي زادت بشدة من انتشار وتأثير هذه المجموعات. وتابع التقرير "الخطر الذي يمثله اليمين المتطرف في ألمانيا يظل على مستوى مرتفع".
وواجه الجيش الألماني فضيحة في مايو/ أيار بعد أن اعتقلت الشرطة ضابطا بعد ظهوره بهوية غير حقيقية كطالب لجوء ربما سعيا منه لتنفيذ هجوم وإلقاء اللوم فيه على المهاجرين. وأثارت القضية عمليات تفتيش لكل ثكنات الجيش الألماني بحثا عن الفكر النازي.
وفي مارس آذار قضت محكمة بسجن أربعة يمينيين متطرفين لمدد تصل إلى خمس سنوات لتشكيلهم "جماعة إرهابية" لها أغراض تتعلق بالعنصرية ومناهضة السامية والتخطيط لشن هجمات على المهاجرين.
في سياق متصل، يعتزم المكتب الاتحادي للشرطة الجنائية الألمانية تنسيق مراقبة الإسلاميين المصنفين على أنهم خطيرين أمنيا عبر وحدة جديدة. وذكرت صحيفة "دي فيلت" الصادرة اليوم الثلاثاء أن مقر المكتب في برلين سيستحدث قسما جديدا في قطاع حماية أمن الدولة من أجل هذا الغرض. وجاء في التقرير أن الوحدة الجديدة من شأنها رصد الإسلاميين الخطيرين أمنيا في كافة أنحاء ألمانيا بصورة ممنهجة، وتقدير المخاطر الأمنية المتوقعة منهم، واتخاذ إجراءات وقائية لمكافحة الإرهاب في حالة الضرورة، مثل الرقابة على المكالمات الهاتفية أو وضع هذه العناصر تحت المراقبة.
وبحسب تقرير الصحيفة، فإن هذه الخطوة تأتي بعدما أعلن وزير الداخلية الألماني توماس دي ميزير الشهر الماضي عزمه إعادة تنظيم العمل وفقا لنموذج جديد لتقييم الخطيرين أمنيا. ومن المنتظر أن يتم مناقشة هذه الخطط في مركز مكافحة الإرهاب ببرلين لاتخاذ الخطوات الضرورية بشأنها وإلزام الولايات بتطبيقها. وبحسب بيانات الصحيفة، فإن سلطات الأمن الألمانية تصنف أكثر من 680 إسلاميا على أنهم خطيرون أمنيا ولديهم الاستعداد لتنفيذ هجمات في ألمانيا حاليا. يذكر أن التونسي أنيس العمري، الذي نفذ هجوم الدهس في إحدى أسواق عيد الميلاد في برلين في كانون أول/ديسمبر الماضي، خضع لمراقبة السلطات الأمنية الألمانية لفترة بعد تصنيفه خطير أمنيا، إلا أن السلطات رأت بعد ذلك أنه لا يمثل خطرا أمنيا كبيرا، وذلك قبل ارتكابه الهجوم بأسابيع قليلة. وتعرضت السلطات الأمنية على المستوى الاتحادي والولايات لانتقادات حادة على خلفية هذه الواقعة، وترى السلطات أن التقصير حدث بسبب نقص تبادل المعلومات.
فايننشيال تايمز: خلافات بين موسكو وبغداد حول تطوير حقول نفط كردية
تجرى شركة نفط تسيطر عليها الدولة الروسية مباحثات مع كردستان العراق لمساعدتها فى تطوير حقول نفط فى أراض متنازع عليها فى صميم توترات مع بغداد، ومن شأن هذا التحرك أن يزج بموسكو فى واحد من أقدم الخلافات فى العراق.
تدرس شركة "روس نفط" التى يمتلك الكرملين الحصة المسيطرة فيها القيام بعمليات استكشاف لتجمعات وحقول موجودة فى أراض متنازع عليها تحت سيطرة الأكراد وذلك حسبما أعلن ثلاثة أشخاص مطلعين على المحادثات. ويتضمن ذلك مواقع بالقرب من مدينة كركوك النفطية ومواقع قريبة من الحدود السورية وهى مناطق كانت تخضع لحكم بغداد .
وتعد تلك أحدث إشارة تظهر أن موسكو تستخدم "روس نفط" فى تعزيز سياسة خارجية صارمة لروسيا فى الشرق الأوسط، فى الوقت الذى يتحرك فيه الكرملين لترسيخ تحالفات سياسية جديدة من خلال علاقات اقتصادية أكثر عمقًا .
فى العام الماضى وقع إيجور سيتشين (رئيس شركة روس نفط) - والحليف الوثيق للزعيم الروسى فلاديمير بوتين - على عقود لشراء نفط من ليبيا وحكومة إقليم كردستان العراق وبيع حصة كبيرة من الشركة لقطر .
وتعتبر المحادثات بين "روس نفط" وحكومة إقليم كردستان فى مرحلة مبكرة ولم يتم التوصل بعد لاتفاق راسخ، حسبما يذكر المطلعون على المحادثات. وإن كان قد تم التوصل إلى اتفاق مؤقت بين شركة النفط وحكومة الإقليم التى أعلنت فى يونيو الماضى أن "روس نفط" يمكن أن تعمل فى خمسة مواقع .
وتعتبر السيطرة على مناطق غنية بالنفط حول كركوك بمثابة نقطة خلاف ملتهبة بين العرب والأكراد منذ الاحتلال الأمريكى للعراق فى عام ٢٠٠٣، حيث تدعى كل من بغداد وحكومة إقليم كردستان العراق ملكية الحقول .
وكانت القوات الحكومية قد فرت من المنطقة فى عام ٢٠١٤ بعدما سيطر مقاتلون إسلاميون موالون لتنظيم الدولة "داعش " على مدينة الموصل المجاورة . وتسيطر حكومة الإقليم على المنطقة طيلة السنوات الثلاث الماضية .
ورفضت شركة "روس نفط "التعليق على الموقع المحدد للحقول، غير أنها لم تنكر أنها تدرس العمل فى أراض متنازع على ملكيتها. وأعلنت الشركة فى بيان لها " : أثبت عرض حكومة كردستان العراق أنه أكثر ملاءمة وأكثر تنافسية. ولو عرضت علينا الحكومة العراقية مشروعات بشرط أن تكون مقبولة من الناحية التجارية للشركة ومناسبة للسوق، فسوف نهتم بالنظر فيها" .
واتهم وزير النفط العراقى حكومة إقليم كردستان بأنها تبرم عقود نفط بشكل أحادى وقال عاصم جهاد المتحدث باسم وزارة النفط العراقية "إن قضية الأراضى المتنازع عليها لم يتم حسمها من قبل الحكومة المركزية". ورفضت وزارة نفط حكومة كردستان العراق التعليق .
مجلة: "فورين أفيرز": هل الولايات المتحدة لا تزال واحة للديمقراطية؟ ولماذا هي مه
أثار انتخاب "دونالد ترامب" رئيسًا للولايات المتحدة، وهو رجل أشاد بالحكام الدكتاتوريين، وشجع على العنف بين المؤيدين، وهدد بحبس منافسته، ووصف وسائل الإعلام الرئيسة بأنها "العدو"، مخاوف من أن تكون الولايات المتحدة تتجه نحو الاستبداد. وفي حين زادت التنبؤات بالانحدار نحو الفاشية ، فإن رئاسة ترامب يمكن أن تدفع الولايات المتحدة إلى نموذجٍ معتدلٍ مما نسميه "الاستبدادية التنافسية"، وهو نظام توجد فيه مؤسسات ديمقراطية ذات مغزى، إلا أن الحكومة تنتهك سلطة الدولة لتعجيز خصومها.
ولكن التحديات التي تواجه الديمقراطية الأمريكية ظهرت منذ عقودٍ، قبل وقت طويل من وصول ترامب إلى مسرح الأحداث. فمنذ الثمانينيات، أدى تعميق الاستقطاب ،وتطرف الحزب الجمهوري إلى إضعاف قواعد مؤسسات الدولة ،التي طالما حافظت على الديمقراطية في الولايات المتحدة؛ مما جعل رئاسة ترامب أكثر خطورة اليوم مما كان يمكن أن تكون عليه في عقود سابقة.
ومن المفارقات أن ديناميات الاستقطاب التي تهدد الديمقراطية الآن متأصلة في العملية الديمقراطية الأمريكية. فلم تكن حركة الحقوق المدنية والحكومة الفيدرالية قادرة على القضاء على السلطة الاستبدادية في الولايات الجنوبية إلا في أوائل السبعينيات، حيث أصبحت البلاد ديمقراطيةً حقًا، ولكن هذه العملية ساعدت أيضًا على تقسيم الكونجرس، وإعادة تنظيم الناخبين على أسس عنصرية، ودفع الحزب الجمهوري إلى اليمين . وساعد الاستقطاب الناتج عن ذلك على تسهيل صعود ترامب ، وترك المؤسسات الديمقراطية أكثر عُرضة لسلوكه الاستبدادي.
وقد لا تأتي ضمانات الديمقراطية من الجانب الذي يمكن لأحد أن يتوقعه. فالتزام المجتمع الأمريكي المزعوم بالديمقراطية ليس ضمانًا لعدم الانزلاق، ولا الضوابط والتوازنات الدستورية، ولا حتى البيروقراطية، أو الصحافة الحرة. وفي نهاية المطاف، قد تكون قدرة ترامب على تعبئة الدعم الجماهيرى محدودة إذا كانت إدارته سيئة، ولكنها ستصبح أكبر بكثير في حال نشوب حربٍ أو هجومٍ إرهابي كبير، وهو ما من شأنه أن يحدد مصير الديمقراطية الأمريكية.
إذا حدث انزلاق (تراجع) ديمقراطي في الولايات المتحدة، فلن يحدث فى شكل انقلابٍ عسكري؛ أو إعلان للأحكام العُرفية ،أو فرض لحكم الحزب الواحد. وبدلًا من ذلك، فإن تجربة مُعظم النظم الاستبدادية المعاصرة تشير إلى أنه قد يحدث من خلال سلسلة من الخطوات التدريجية غير الملحوظة، ومعظمها خطوات قانونية ، وكثير منها يبدو غير ضارٍ. ومع ذلك، فإنها ستميل لصالح الحزب الحاكم.
وتختلف السهولة والدرجة التي يمكن أن تحقق بها الحكومات هذا المنحى. فبينما تُعد المؤسسات الديمقراطية وسيادة القانون راسخة بشكل جيد، كما تعتبر القوى المدنية وقوى المعارضة قوية، كما هو الحال في الولايات المتحدة، يصعب التراجع عن الإساءة التى تحدُث بشكل غير مترابطٍ كما هي عليه في دول مثل روسيا ،وتركيا، وفنزويلا. ومع ذلك، حدث هذا الاعتداء في الولايات المتحدة في الماضي القريب، وبالتالي لا يمكن استبعاده.
النوع الأول من الإساءة ينطوي على تسييس مؤسسات الدولة وحشدها ضد المعارضة. وتمتلك الدول الحديثة مجموعة متنوعة من الهيئات التي يمكنها التحقيق ومعاقبة مخالفات الموظفين الحكوميين أو المواطنين العاديين- وتتمثل فى المحاكم؛ والمُدعين العامِّين؛ ولجان الرقابة التشريعية؛ ووكالات إنفاذ القانون، والاستخبارات، والضرائب، والوكالات التنظيمية. ولأن هذه الأجهزة مصممة لتكون بمثابة محكمين محايدين؛ فإنها تمثل تحديًا وفرصة للاستبداديين المُحتملين. وبقدر ما تظل هيئات التحقيق مستقلةً، فإنها قد تكشف وحتى تُعاقب الحكومة لسوء المعاملة. ومع ذلك، إذا تحكَّم فيها الموالون، فإنها يمكن أن تغطى مخالفات المسئولين وتخدم كأسلحة قوية ضد خصوم الحكومة.
وبالتالي، فإن المشرعين المُنتخبين لديهم حافز قوي لتطهير موظفي الخدمة المدنية وغيرهم من المسئولين المستقلين، واستبدالهم بحزبيين.
والوكالات التي لا يمكن تطهيرها بسهولة، مثل السلطة القضائية، قد تكون مسيسةً بطرقٍ أخرى. فالقضاة؛ على سبيل المثال، يمكن رشوتهم ،أو تخويفهم ،أو ابتزازهم من أجل الانصياع، أو التشهير بهم علنًا بأنهم غير أكفاء أو فاسدون، أو غير وطنيين. وفي الحالات القصوى، يمكن أن يكونوا عُرضة للإقالة.
ويمكن تشبيه تعبئة وكالات الدولة بشراء الحكام في مباراة رياضية: ليس فقط يمكن للفريق المُضيف تجنُب العقوبات، ولكن يمكن أيضًا أن يُخضِع خصمه لما هو أكثر منها. ومن جهة أخرى، يمكن للحكومة أن تحمي نفسها من التحقيقات، والدعاوى القضائية، والتُهم الجنائية، ويمكن أن تضمن بقاء السلوك غير الدستوري دون رقابة. بمعنى آخر، فإنه يمكن - بشكل انتقائي- فرض القانون، واستهداف السياسيين المنافسين، وأصحاب الأعمال التجارية، ووسائل الإعلام، في حين ترك الحلفاء ،(أو أولئك الذين لا يزالون صامتين) دون مساس. "فلاديمير بوتين"، على سبيل المثال، قضى على معظم خصومه بعد أن أصبح رئيسًا لروسيا من خلال ملاحقتهم قضائيًا فى اتهامات بالفساد مع تجاهل سلوكٍ مماثلٍ من قِبل حلفائه.
فى الوقت نفسه ، يمكن الاعتماد على قوة شرطة مُسيسة لتقضي على المتظاهرين المعارضين في حين تتسامح مع عنف البلطجية الموالين للحكومة، وهو تكتيك أثبت فعاليته في فنزويلا. ويمكن استخدام أجهزة الاستخبارات المُسيسة، من جانبها للتجسس على النقاد ، والبحث عن أساليب ابتزاز. وقد تم تهميش زعيم المعارضة في ماليزيا "أنور إبراهيم" على هذا النحو بعد أن خضع لتحقيقٍ شرطي مشكوكٍ فيه، وأُدين باللواط في عام 1999 وسُجن. ومن المؤكد أنه حتى البيروقراطيات في الدول الديمقراطية مُعرضة للتسييس، ولكنه عادة ما يكون محدودا وتتعرض للعقاب عندما يكون سافرا. أما في الأنظمة الاستبدادية التنافسية، فعلى النقيض ، يكون ذلك التسييس مُمنهجا ومُترابطا.
والطريقة الثانية ،التي يميل إليها الأوتوقراطيون المنتخبون هى إفساد أجزاء رئيسة من المجتمع المدني. فيسعى عدد قليل من الأنظمة الاستبدادية المعاصرة إلى القضاء على المعارضة بشكل مباشر، بل إنهم يحاولون استمالة ،أو إسكات ،أو تقييد المجموعات التي يمكن تعبئتها: مثل وسائل الإعلام، ورجال الأعمال، ونقابات العمال، والجمعيات الدينية، وما إلى ذلك. وأسهل مسار هو الاحتواء. وهكذا، فإن معظم الحكومات الاستبدادية تُقدِم امتيازات أو رشاوى صريحة إلى وسائل الإعلام الرئيسة، ورجال الأعمال ، والشخصيات الدينية. وتحصل وسائل الإعلام الصديقة على امتياز الوصول ، ويحصل رجال الأعمال المفضلون على امتيازات موارد مُربحة أو عقود حكومية. وللتعامل مع أولئك الذين يقاومون، يلجأ المستبدون إلى السلطات المُسيسة. فتواجه الصحف ،وشبكات التلفزيون ،ومواقع الويب ،التي تشجب مخالفات الحكومة، التشهير أو دعاوى بالقذف ،أو تتم ملاحقتها لنشر مواد من المفترض أنها تشجع العنف أو تهدد الأمن القومي. ويتم التحقيق مع قادة الأعمال الذين ينتقدون الحكومة، فيجرى التحقيق معهم فى اتهامات بالاحتيال الضريبي أو مخالفات أخرى، ويتعرض السياسون المعارضون للفضيحة التي تفرزها أو تخترعها وكالات المخابرات.
ومن شأن الازعاج المستمر لهذا النوع أن يُضعف المعارضة بشدة. فقد تظل الصحافة مستقلة اسميًا ،ولكنها تراقب نفسها بهدوء، كما هو الحال في تركيا وفنزويلا. وقد ينسحب رجال الأعمال من السياسة بدلًا من المخاطرة بمشاكل الضرائب أو الهيئات التنظيمية، كما هو الحال في روسيا. ومع مرور الوقت، تتضاءل التغطية الإعلامية النقدية، ومع وجود الشركات التجارية والنقابات العمالية ، التي تُجبَر على الخمول السياسي، تجد أحزاب المعارضة صعوبةً أكبر في جمع الأموال؛ مما يجعلها في وضعٍ بائسٍ.
وأخيرًا، غالبًا ما يعيد الطغاه المنتخبون صياغة قواعد اللعبة السياسية بإصلاح الدستور أو النظام الانتخابى أو المؤسسات الأخرى، مما يجعل من الصعب على منافسيهم الاستمرار فى التنافس. وغالبًا ما تكون هذه الإصلاحات مبررةً على أساس مكافحة الفساد، وإصلاح العملية الإنتخابية، أو تعزيز الديمقراطية، ولكن هدفها الحقيقى هو أكثر فسادًا. ففى الإكوادور، على سبيل المثال، أدى الإصلاح الإنتخابى ،الذى قامت به حكومة الرئيس "رافائيل كوريا" فى عام 2012 إلى تقييد حملات المساهمات الخاصة، وكان الهدف الظاهري الحد من التأثير المُفسد للأموال فى السياسة. ولكن فى الواقع، استفاد حزب كوريا الحاكم من هذا الإصلاح، حيث منحه الوصول خارج اللوائح للموارد الحكومية ميزات كبيرة.
وفي كلٍ من ماليزيا وزيمبابوي، استدعت الحكومة هدفها بالسعى إلى اللامركزية لتبرير الإصلاحات التي زادت من الوزن الانتخابي للمناطق الريفية ذات الكثافة السكانية المنخفضة على حساب المراكز الحضرية، التي تكون المعارضة فيها أقوى، وتعتبر هذه الإصلاحات المؤسسية خطيرةً بوجهٍ خاص ؛لأنها تحافظ على غطاء الشرعية. ومع ذلك، فإنها تتحيز - بشكل ممنهج- للنتائج الانتخابية، وتسمح في كثيرٍ من الحالات لشاغلي الوظائف بالاستفادة من المزايا الناجمة عن إساءة استغلالهم للسلطة.
وقد يكون من المُغري الافتراض بأن الديمقراطية الأمريكية ،التي تعود إلى قرون من الزمن، هي بمنأى عن التآكل الديمقراطي، ولكن هذه الثقة في غير محلها. والواقع أن الديمقراطية الليبرالية - مع حق الاقتراع الكامل للبالغين والحماية الواسعة للحريات المدنية والسياسية - هي تطور حديث نسبيًا في الولايات المتحدة. فوفقًا للمعايير المعاصرة، لم تصبح البلاد ديمقراطية تمامًا سوى في السبعينيات من القرن العشرين.
ابتداء من تسعينيات القرن التاسع عشر، بعد الحرب الأهلية وفشل إعادة الإعمار، أسس السياسيون الديمقراطيون في كل ولاية من الولايات الإحدى عشرة التي كانت تشكل الكونفدرالية القديمة حزبًا واحدًا، لتكون بذلك بمثابة الجيوب الاستبدادية. وبعد أن استغلوا بعض المناورات من المحكمة العليا، والسلطة التنفيذية، وحزبهم على المستوى الوطني، والديمقراطيين المحافظين السود المحرومين ،والعديد من الناخبين البيض الأكثر فقرًا، قمعوا أحزاب المعارضة، وفرضوا حيزًا مدنيًا منفصلًا حسب أسسٍ عنصرية محرومة من الحرية بشكل كبير. وكان هدفهم هو ضمان الحصول على العمالة الزراعية الرخيصة، وسيادة البيض، فاستخدموا العنف الذي ترعاه الدولة لتحقيق ذلك.
على مدى نصف قرنٍ، استفادت الولايات الجنوبية من نفوذها في الكونجرس وتنظيمات الحزب الديمقراطي على الصعيد الوطني لحماية أنفسها من جهود الإصلاح الخارجى. ولكن في عام 1944، رفضت المحكمة العليا في الولايات المتحدة الانتخابات التمهيدية للديمقراطيين بالمناطق التى لا تحتوى إلا على البيض. وبدءًا من ذلك القرار؛ أقحم النشطاء السود ،واستفادوا من الأحكام القضائية الفيدرالية، وتشريعات الكونجرس، والإصلاحات الوطنية للأحزاب لإنهاء الحرمان، والفصل، وقمع الدولة. وبحلول أوائل السبعينيات من القرن العشرين، هُزِم الاستبداديون الجنوبيون. واليوم، يتقدم حوالي 6000 من المسئولين المنتخبين من بين السود الدوائر الانتخابية الجنوبية.
لكن الاستبداد الأمريكي لم يكن مجرد ظاهرة جنوبية. فمنذ إنشاء مكتب التحقيقات الفيدرالي، ووكالة المخابرات المركزية، ووكالة الأمن القومي، استخدمها الرؤساء لمراقبة موظفي البيت الأبيض، والصحفيين، والمعارضين السياسيين، والناشطين. وبين عامي 1956 و 1971، أطلق مكتب التحقيقات الفيدرالي أكثر من 2000 عملية لتشويه سمعة المنظمات الاحتجاجية السوداء ومجموعات مناهضة الحروب،وغيرها من التهديدات المُحتملة الأخرى. بل إنها أمدت الرئيس "دوايت إيزنهاور" بمعلومات مهينة عن "أدلاي ستيفنسون"، منافسه الديمقراطي في انتخابات عام 1952. وبالمثل، حشدت إدارة "نيكسون" مكتب النائب العام للولايات المتحدة ووكالات أخرى ضد "أعدائها" في الحزب الديمقراطي ووسائل الإعلام. كما أدت التحقيقات التي أجراها الكونجرس في عمليات التخريب المزعومة إلى مزيدٍ من التهديدات التى تواجه الحقوق والحريات المدنية.
وعلى غِرار الاستبدادات الجنوبية، انتهى أجل إساءة أجهزة الاستخبارات الفدرالية ووكالات إنفاذ القانون إلى حدٍ كبيرٍ في السبعينيات، في هذه الحالة بعد إصلاحات ما بعد فضيحة ووترجيت.
ولا تزال الديمقراطية الأمريكية بعيدةً عن المثالية. فغالبًا ما يحظر على الجناة السابقين، الذين هم من السود، التصويت. وتقوم العديد من الولايات الأمريكية بتجربة مجموعة من القيود الجديدة على التصويت؛ وتثير كثافة حملات التبرع بين الأثرياء مخاوف خطيرة حول كيفية تمثيل الديمقراطية الأميركية الحقة. وعلى ذلك، لا تزال الحقيقة قائمة وهي أن الديمقراطية فى الولایات المتحدة ظلت متعددة الأعراق بدون زيفٍ لحوالى نصف قرنٍ من الزمان.
ومع ذلك، مثلما وفَّت الولايات المتحدة بوعدها الديمقراطي، بدأت أسس النظام تضعف. ومن المفارقات أن عملية إرساء الديمقراطية في الجنوب أدت إلى الاستقطاب المكثف ،الذي يهدد الديمقراطية الأمريكية الآن.
عرف العلماء منذ فترة طويلة الاستقطاب السياسي كعاملٍ رئيسٍ وراء انهيار الديمقراطية. فيقود الاستقطاب المتطرف السياسيين ومؤيديهم إلى رؤية منافسيهم على أنهم خصوم غير شرعيين، وفي بعض الحالات، كتهديدٍ وجودي. وفي كثيرٍ من الأحيان، تضعف المعايير الديمقراطية؛ لأن الساسة يصيرون عازمين على كسر القواعد، والتعاون مع المتطرفين غير الديمقراطيين ،بل وأيضًا يتسامحون أو يشجعون العنف من أجل إبقاء خصومهم خارج السلطة. عدد قليل من الديمقراطيات يمكنها البقاء على قيد الحياة لفترةٍ طويلةٍ في ظل هذه الظروف.
وحتى وقت قريب، بدا أن الولايات المتحدة مُحصنة من هذه التهديدات. والواقع أن تقاليد ضبط النفس والتعاون ساعدا الولايات المتحدة على تجنُب أنواع المعارك الحزبية حتى الموت التي دمرت الديمقراطيات في ألمانيا وإسبانيا في الثلاثينيات وشيلي في السبعينيات. وفي الولايات المتحدة، عارض الديمقراطيون البارزون جهود الرئيس "فرانكلين روزفلت" لحشد المحكمة العليا، وساند الجمهوريون التحقيق وإقالة الرئيس ريتشارد نيكسون. ولم يستخدم الحزب الذي يسيطر على البيت الأبيض أبدًا النطاق الكامل للسلطات الحكومية ضد الحزب الآخر. والواقع أن الاستخدام الممنهج للقوة من قِبل الرؤساء وأغلبية الكونجرس كان بمثابة مصدرٍ حيوي للاستقرار الديمقراطي في الولايات المتحدة.
ولكن مع تمرير قانون الحقوق المدنية ،وقانون حقوق التصويت في الستينيات، قام الحزب الديمقراطي ،(الذي كان ضامن السيادة البيضاء لفترة طويلة) ،والحزب الجمهوري ("حزب لينكولن") بإعادة تنظيم السياسة الوطنية على أسسٍ عصرية. فدخل السود الجنوبيون الهيئات الانتخابية كديمقراطيين، وأصبح البيض الجنوبيون جمهوريين على نحوٍ متزايدٍ. وصوت العديد من الجنوبيين البيض لصالح الجمهوريين لأسباب طبقية، إذ زادت معدلات الدخل فى هذه المنطقة ؛مما عزز من قوة مناشدات الحزب الجمهورى المتعلقة بالسياسات الاقتصادية. لكنَّ الكثيرين اختاروا الجمهوريين لمواقفهم المحافظة على القضايا العرقية ومطالباتهم بـ "القانون والنظام".
وساعدت عملية إعادة التنظيم هذه على تغيير تكوين الكونجرس. ففي العقود التي تلت ذلك، تحوَّل الجنوب من مؤيدٍ للحزب الواحد، وهو الحزب الديمقراطي، إلى منطقة يهيمن عليها الجمهوريون. في حين أن منطقة الجنوب رشحت الديمقراطيين المعتدلين للكونجرس، واليوم تنتخب إما السود أو الليبراليين الديمقراطيين من أصول إسبانية ( هيسبانيك)، أو الأكثر شيوعًا، المحافظين الجمهوريين البيض.
وللاستقطاب الأيديولوجي للكونجرس مصادر أخرى، بالتأكيد، لكن إضفاء الطابع الديمقراطي على الجنوب يمثل أمرًا حاسمًا. وكانت النتيجة وجود حزبين أكثر تجانسًا من الناحيتين الأيديولوجية والتنظيمية. وقد انقضى عهد القضايا المشتركة، التي تخفف حدة الصراع الحزبي، جنبًا إلى جنب مع وجود أعضاء معتدلين داخل كل حزب ،ممن يعتبر وجودهم حاسمًا لصياغة الصفقات التشريعية.
ولم يتسبب انتصار الديمقراطية في الجنوب فقط فى استقطاب الكونجرس أيديولوجيا؛ بل استقطب الناخبين على طول خطوط الحزب. وابتداًء من أواخر الستينيات، بدأ المرشحون الديمقراطيون والجمهوريون في البحث عن وجهات نظر متميزة بشكل متزايد بشأن السياسة العامة، أولًا بشأن المسائل العرقية ،(مثل العمل الإيجابي)، ثم على مجموعة أوسع من القضايا. وكما قال عالم السياسة "مايكل تيسلر"، فإن الدعاية الانتخابية التي تحمل طابعًا عنصريًا تشجع الناخبين على تقييم البرامج الحكومية من حيث الفئات الاجتماعية التي يتصورونها باعتبارها تستفيد منها. ومع مرور الوقت، زادت المواقف العنصرية للناخبين البيض من وجهة نظرهم حول السياسة العامة، حتى في القضايا التي تبدو غير ذات صلةٍ بالعرق، مثل الرعاية الصحية، والضمان الاجتماعي، والضرائب.
وحين يلتقط قادة الأحزاب تلك الإشارات، يتم توجيه الناخبين بشكلٍ متزايدٍ إلي الحزب "الصحيح" أيديولوجيا: يتبقى عدد قليل من الجمهوريين من يسار الوسط أو الديمقراطيين من يمين الوسط. أصبحت نسبة الناخبين السود ،الذين يدعمون المرشحين الديمقراطيين أكثر من أي وقت مضى، في حين أن نسبةً أكبر من الناخبين البيض تدعم الجمهوريين. وعلى الرغم من أن نسبةً صغيرة فقط من الناخبين الأمريكيين لها توجهات أيديولوجية واضحة ،(على عكس ممثليهم في الكونجرس)، فإن الناخبين يُظهِرون الآن عداءً متزايدًا تجاه السياسيين والناخبين من الحزب الآخر، وهو ما وصفه علماء السياسة مثل "آلان أبراموفيتز" ،و "ستيفن وبستر" بـ"التحيز السلبي".
وقد أدى إجبار الاستقطاب الحزبي على إضعاف وسائل الإعلام، وهي عنصر حاسم فى المسألة الديمقراطية. فحتى التسعينيات، حصل معظم الأمريكيين على أخبارهم من حِفنة من شبكات القنوات التلفزيونية الموثوقة. وقد اعتمد السياسيون أنفسهم اعتمادًا كبيرًا على الصحافة من أجل جذب انتباه الجمهور، ومن ثم فإنهم لا يستطيعون استعداء الصحفيين. ولكن على مدى السنوات العشرين الماضية، أصبحت وسائل الإعلام أكثر استقطابًا. ومع ظهور "فوكس نيوز" بزغ عصر القنوات الإخبارية الحزبية. وفي الوقت نفسه، جعلت شبكة الإنترنت من السهل على الناس البحث عن الأخبار التي تؤكد معتقداتهم القائمة ،ولعبت دورًا في إغلاقٍ واسع النطاق للصحف المحلية والإقليمية.
اليوم، يستهلك الديمقراطيون والجمهوريون أخبارًا من مصادر مختلفة بشكل صارخ، وانخفض تأثير وسائل الإعلام التقليدية بشكل حادٍ، ونتيجة لذلك؛ أصبح الناخبون أكثر تقبلًا للأخبار الكاذبة ،وتزايدت ثقتهم فى المتحدثين باسم الحزب. وعندما تتم تصفية الأحداث من خلال وسائل الإعلام المُجزأة والمُستقطِبة، ينظر الأمريكيون تقريبًا إلى جميع الأحداث السياسية من خلال العدسات الحزبية البحتة. فبالنظر إلي ما حدث بعد أن كسر ترامب، السياسة التقليدية للحزب الجمهورى، وتقارب مع بوتين: وجد استطلاع واحد أن شعبية بوتين بين الجمهوريين ارتفعت، من 10% في يوليو 2014 إلى 37 % في ديسمبر عام 2016.
كما أن الفجوة المتزايدة بين الأميركيين الأغنياء وبقية المواطنين فى شتى أنحاء البلاد قد زادت من حِدة الاستقطاب؛ لذا بلغ التفاوت في الدخل أعلى مستوىً له منذ بداية الكساد الكبير. وقد أدى النمو الهائل للدخول إلى زيادة الدعم بين الناخبين الأثرياء والمساهمين في الحملات من أجل السياسات الاقتصادية المحافظة، ولا سيما الضرائب، والى نقل المشرعين الجمهوريين إلى اليمين. وقد أدى ركود أجور الطبقة العاملة على مدى العقود الثلاثة الماضية إلى رد فعل شعبي يميني مع النفوذ العرقي، وخاصة بين البيض في المناطق الريفية، الذين وجهوا غضبهم على برامج الإنفاق الليبرالية، التي يرون أنها مفيدة للأقليات الحضرية.
فالفوارق السياسية المتنامية حول الهوية تتجاوز الحدود الثنائية التقليدية بين البيض والسود. ومنذ السبعينيات، أضافت الهجرة المتزايدة المزيد من الأمريكيين من أمريكا اللاتينية وآسيا إلى الناخبين، إلى حدٍ كبيرٍ على أنهم ديمقراطيون؛ مما زاد من ترسيخ الفجوة الحزبية بين البيض وغير البيض. وقد أدت هذه الاتجاهات إلى تفاقم المخاوف بين العديد من الناخبين البيض حول فقدان أهميتهم العددية والثقافية والسياسية - كما كان يخشى الجنوبيون البيض قبل التحول الديمقراطي. وفي العديد من النواحي، أصبحت السياسة العرقية في الجنوب وطنية.
ويشكل الاستقطاب الحزبي عدة تهديدات للديمقراطية الأمريكية. أولًا- يؤدي ذلك إلى الجمود، خاصة عندما تسيطر الأحزاب المختلفة على الفروع التشريعية والتنفيذية. ومع ازدياد الاستقطاب، يمرر الكونجرس قوانين أقل وأقل ،ويترك قضايا هامة دون حلٍ، وقد أدى هذا الخلل إلى تآكل ثقة الجمهور في المؤسسات السياسية، وعلى طول الخطوط الحزبية. فلدى الناخبين ،الذين يدعمون الحزب الذي لا يشغل البيت الأبيض ، ثقة ضئيلة للغاية في الحكومة. ففي استطلاعٍ عام 2010 ،أجراه عالما السياسة "مارك هيثرينجتون" ،و"توماس رودولف"، قال غالبية الناخبين الجمهوريين الذين شملهم الاستطلاع إنهم "لا يثقون أبدًا بالحكومة الفيدرالية".
ويشجع الجمود السياسى، بدوره، الرؤساء على اتخاذ إجراءات أحادية الجانب على حواف الحدود الدستورية. فعندما تكون هناك حكومة منقسمة، مع وجود حزبٍ خارج السلطة عازمٍ على عرقلة جدول أعمال الرئيس التشريعي، يعمل الرؤساء المحبطون على الالتفاف حول الكونجرس. فهم يوسِّعون سلطاتهم من خلال الأوامر التنفيذية والتدابير الانفرادية الأخرى، وتتمركز سيطرتهم على البيروقراطية الفيدرالية. وفي الوقت نفسه، فإن الاستقطاب يجعل من الصعب على الكونجرس أن يمارس الرقابة على البيت الأبيض؛ نظرا لأن الأعضاء يواجهون صعوبةً في تشكيل استجابة جماعية وحزبية نظراً لسيطرة السلطة التنفيذية.
وعندما يسيطر الحزب نفسه على كلٍ من الكونجرس والبيت الأبيض، فإن المشرعين لديهم حافز ضئيل لممارسة رقابة صارمة على الرئيس. أما اليوم، فإن الاستقطاب يقلل من فرصة قيام الجمهوريين في الكونجرس بتقييد ترامب. وعلى الرغم من أن العديد من النُخب الحزبية تفضل وجودًا جمهوريًا أكثر قدرةً على التنبؤ في البيت الأبيض، فإن دعم ترامب القوي بين الناخبين في الحزب يعني أن أي معارضةٍ خطيرةٍ من المحتمل أن تقسم الحزب وتشجع التحديات الأولية، كما أنها تُعرِض جدول أعمال الحزب المحافظ الطموح للخطر. ومن ثم من غير المُحتمل أن يتبع الجمهوريون في الكونجرس خطى أسلافهم ،الذين كبحوا جماح نيكسون. وفي الواقع، رفضوا حتى الآن التحقيق بجدية في تضارب مصالح ترامب ،أو الاتهامات بالتواطؤ بين حملته والحكومة الروسية.
والأكثر خطورة، أن الحزب الجمهوري قد تطرَّف إلى حد أن أصبح، على حد قول العالمين "توماس مان"، و "نورمان أورنشتاين"، "رافضًا لشرعية معارضتة السياسية". وعلى مدى العقدين الماضيين، بدأ العديد من المسئولين الجمهوريين المُنتخبين والناشطين والشخصيات الإعلامية في معاملة منافسيهم الديمقراطيين على أنهم تهديد وجودي للأمن القومي ،أو لطريقة حياتهم ، وتوقفوا عن الاعتراف بهم على أنهم شرعيون. وترامب نفسه ارتفع إلى مكانته السياسية من خلال التشكيك في جنسية الرئيس باراك أوباما. وخلال حملته الإنتخابية عام 2016، أشار مرارًا إلى خصمه "هيلاري كلينتون"، باعتبارها مجرمة، وقاد الزعماء الجمهوريون الهتافات "باعتقالها" في المؤتمر الوطني لحزبهم.
فالأحزاب التي ترى أن منافسيها غير شرعيين ،يُرجَح أن تلجأ إلى تدابير متطرفة لإضعافهم. والواقع أن الحزب الجمهوري قد تخلى على نحوٍ متزايدٍ عن القواعد الراسخة المتمثلة في ضبط النفس وأركان التعاون في الاستقرار السياسي الأمريكي - لصالح التكتيكات التي تنتهك التقاليد الديمقراطية ،وتزيد من مخاطر الصراع السياسي. وكان اتهام الجمهوريين في البيت الابيض للرئيس "بيل كلينتون" في عام 1998 مثالًا مبكرًا. كما كان رفض الجمهوريين في مجلس الشيوخ عقد جلسات تأييد لصالح مرشح أوباما للمحكمة العليا في عام 2016 علامة أخرى.
وعلى مستوى الولايات، ذهب الجمهوريون إلى أبعد من ذلك، بتمرير قوانين تهدف إلى الإضرار بمنافسيهم. والمثال الأكثر وضوحًا يأتي من ولاية "كارولينا" الشمالية، حيث أنه في أواخر عام 2016، أقرَّ المجلس التشريعي الجمهوري المنتهية ولايته سلسلة من القوانين في اللحظة الأخيرة لتجريد الحاكم الديمقراطي المنتخب حديثًا من سلطاته. وفي الوقت نفسه، أدخل الجمهوريون في أكثر من 10 ولايات تشريعات لتجريم أنواعٍ معينة من الاحتجاجات. والأكثر إثارة للقلق هو فرض قيودٍ جديدةٍ على حقوق التصويت، وهو ما يبرر ما يعتبر جهودًا لمكافحة التزوير الضخم لأصوات الناخبين، وهي مشكلة لا وجود لها ببساطة. وقد تركزت هذه القوانين في الولايات التي سيطر فيها الجمهوريون مؤخرًا على السلطة التشريعية ،ولكنها لا تملك سوى أغلبية ضئيلة؛ مما يشير إلى أن هدفها الحقيقي هو خفض نسبة الإقبال على الناخبين التي يُرجَح أن تدعم المرشحين الديمقراطيين، مثل غير البيض. ترامب، من جانبه، أعطى مثل هذه المبادرات دفعةً ،فلم يزعم كذبًا أن انتخابات عام 2016 كانت مشوبة بالتصويت غير القانوني الواسع النطاق؛ مما قوَّض ثقة الجمهور في العملية الانتخابية، ولكن وزارة العدل أيضًا تبدو مستعدة لبدء الدفاع عن الولايات ،التي تواجه دعاوى قضائية بشأن قيودها على الاقتراع.
وهكذا، صعد ترامب للرئاسة في وقت محفوفٍ بالمخاطر على الديمقراطية الأمريكية، حيث لجأ حزبه، الذي يسيطر على كلٍ من مجلس النواب ،و 33 ولاية، على نحوٍ متزايدٍ إلى تكتيكات قاسية ،تهدف إلى إضعاف المعارضة. وبوصفه رئيسًا، واصل ترامب نفسه انتهاك القواعد الديمقراطية - التي تهاجم القضاة، ووسائل الإعلام، وشرعية العملية الانتخابية. وإذا كانت إدارته تنخرط في سلوكٍ استبدادي صريحٍ، فإن الاستقطاب قد قلَّص من احتمالات أن يحشد الكونجرس مقاومةً من الحزبين ،أو أن يتحوَّل الشعب ضده بشكلٍ جماعي.
ما الذي يمكن أن يوقف تراجع الديمقراطية فى الولايات المتحدة ؟ ليس هناك ما يدعو إلى توقُّع التزام الأميركيين بالديمقراطية لتكون بمثابة ضمان. فحتى الستينيات، كان معظم الأمريكيين يتسامحون مع القيود الخطيرة على الديمقراطية في الجنوب. ولا ينبغي أن يتوقع أحد أن يعوق الدستور وحده ذلك التراجع. وكما قال باحثا الدستور "توم جينسبورج" ،و"عزيز هوق"، فإن غموض الدستور الأمريكي يترك مجالًا واسعًا للإساءة التنفيذية على جبهات مختلفة - بما في ذلك القدرة على ملء الدوواين الحكومية بالموالين، وتعيين أو عزل النائب العام الأمريكي لأسباب سياسية. وفي غياب المعايير غير الرسمية لضبط النفس والتعاون، فإنه لا يمكن حتى لأفضل دستورٍ أن يحمي الديمقراطية تمامًا.
ومن غير المُحتمل أن تمنع الصحافة المزيد من التراجع. وستواصل وسائل الإعلام الرئيسة التحقيق في أخطاء ترامب وإدانتها. ولكن في البيئة الإعلامية الحالية، من المُرجح أن تجعل الكشف عن الانتهاكات الخطيرة وسيلةً يستغلها الديمقراطيون، ويرفضها أنصار ترامب باعتبارها هجمات حزبية.
ومن المُرجح أن تخيب آمال أولئك الذين يعلقونها على عودة البيروقراطية. فالولايات المتحدة تفتقر إلى نوعٍ الخدمة المدنية المهنية في الديمقراطيات الأوروبية، بالاضافة إلى أن سيطرة الجمهوريين علي كلٍ من البيت الأبيض والكونجرس يتُد من حافز المُشرعين الجمهوريين لمراقبة تعامل الرئيس مع الوكالات الفيدرالية. وفي الوقت نفسه، قد يخشى الموظفون في الوكالات من مقاومة انتهاكات البيت الأبيض. وعلاوة على ذلك، يسيطر الكونجرس على ميزانيات الوكالات، وفي يناير، أعاد الجمهوريون في مجلس النواب إحياء قانون "هولمان"، الذى يعود لعام 1876، والذي يسمح للكونجرس بتخفيض أى راتبٍ بيروقراطي إلى دولارٍ واحدٍ.
وينبغي لنظام الحكم الفيدرالى للولايات المتحدة ،والقضاء المستقل أن يوفرا دفاعات أكثر قوة ضد التراجع. وعلى الرغم من أن اللامركزية الشديدة في الانتخابات الأمريكية تجعلها غير متماثلة في الجودة، إلا أنها تُعرقل أي جهدٍ في تنسيق التلاعب بالانتخابات. وعلى الرغم من أن المحاكم الأمريكية كثيرًا ما فشلت في الدفاع عن حقوق الأفراد في الماضي ،(مثلًا عندما سمحت باعتقال اليابانيين الأمريكيين خلال الحرب العالمية الثانية)، فإن القضاة الفيدراليين منذ الستينيات عززوا عمومًا الحقوق المدنية والحريات. ومع ذلك، حتى المحاكم الأمريكية ليست في مأمنٍ من الضغوط السياسية من فروع الحكومة الأخرى.
في نهاية المطاف، قد يتوقف مصير الديمقراطية الأمريكية تحت حكم ترامب على الأحداث الطارئة. وأكبر عائق اليوم هو عدم شعبية الرئاسة. فالسياسيون الجمهوريين مضطربون من سلوك ترامب، ولكن القلق حول فوز حزبهم بالترشيح سيسهل عليهم معارضة الرئيس إذا تراجع دعم الناخبين الجمهوريين له. وقد يؤدي انخفاض الدعم إلى تشجيع القضاة الفيدراليين على التراجع عن مواجهة القرارات التنفيذية بشكل أكثر قوة. وهكذا، فإن العوامل التي تقوِّض شعبية ترامب، مثل الأزمة الاقتصادية، أو "أزمة كاترينا" - وهي أزمة كارثية تعتبر الحكومة مسئولة عنها على نطاق واسع - قد تؤثر على قوته.
ولكن الأحداث الطارئة يمكن أن يكون لها أيضًا تأثير معاكس. ففي حالة حدوث حربٍ أو هجوم إرهابي، من المُرجح أن يتراجع الالتزام بالحريات المدنية من جانب السياسيين والجمهور على حدٍ سواء. وقد وصف ترامب بالفعل السلطة القضائية المستقلة والصحافة المستقلة كتهديداتٍ أمنية، متهمًا القاضي الذى أصدر حكمًا ضد حظر السفر المبدئى بأنه يضع البلاد فى "مأزق" ،كما أطلق على وسائل الإعلام وصف "الأعداء". وفي حال وقوع هجومٍ مماثلٍ في نطاق هجمات 11 سبتمبر، فإن أي جهودٍ ترمي إلى القضاء على وسائل الإعلام، أو المعارضة، أو الأقليات العرقية والدينية، ستواجه عقبات أقل بكثير.
وقد أضعفت رئاسة ترامب العديد من المعتقدات الأمريكية حول استثنائية بلادهم. فالديمقراطية الأمريكية ليست في مأمنٍ من التراجع. وفي الواقع، هي تواجه الآن تحديًا يمتد إلى ما هو أبعد من ترامب، وهو الحفاظ على الديمقراطية المتعددة الأعراق ،التي وُلدت منذ نصف قرن. وقد نجت بعض الديمقراطيات من الفترات الانتقالية ،حيث تفقد فيها المجموعات العرقية المهيمنة تاريخيًا أغلبيتها. وإذا تمكنت الديمقراطية الأمريكية من القيام بذلك؛ فإنها ستثبت استثنائيتها بالفعل.
دويتشه فيله:قوات سوريا الديمقراطية تخترق البلدة القديمة بالرقة
اخترقت "قوات سوريا الديمقراطية" المدعومة من الولايات المتحدة السور المحيط بالبلدة القديمة في الرقة، في خطوة وصفها مسؤول أميركي بـ"الانجاز الأساسي" في الحملة ضد "داعش".
أعلنت قيادة القوات الأميركية في الشرق الأوسط (سنتكوم) في بيان أن "قوات التحالف دعمت تقدم قوات سوريا الديمقراطية في الجزء الأكثر تحصينا من الرقة عبر فتح ثغرتين صغيرتين في سور الرافقة المحيط بالمدينة القديمة". وكانت قوات سوريا الديمقراطية دخلت للمرّة الأولى الأحد مدينة الرقة، معقل تنظيم "الدولة الإسلامية"، من جهة الجنوب بعد عبورها نهر الفرات، بحسب المرصد السوري لحقوق الإنسان.
وأضاف البيان أن طائرات التحالف "شنّت غارات محددة الهدف على جزئين صغيرين من السور مما أتاح لقوات التحالف وشركائها اختراق البلدة القديمة في أماكن اختارتها هي وحرمت تنظيم الدولة الإسلامية من استخدام ألغام زرعها وعبوات ناسفة وحماية قوات سوريا الديمقراطية وأرواح المدنيين والحفاظ على الغالبية العظمى من السور".
ولفت البيان إلى أن أجزاء السور التي استهدفتها الغارات "يبلغ طولها 25 مترا وستساهم في الحفاظ على القسم المتبقي من السور البالغ طوله 2500 متر".
من جهته، قال الموفد الأميركي لدى التحالف الدولي المناهض لتنظيم "داعش"، بريت ماكغورك عبر تويتر إن اختراق سور البلدة القديمة في الرقة "انجاز أساسي في حملة تحرير المدينة".
وضيّقت قوات سوريا الديمقراطية الخناق خلال الأشهر الأخيرة على معقل الجهاديين في شمال سوريا، ودخلت شرق المدينة وغربها للمرّة الأولى الشهر الفائت.
والخميس، قطعت القوّات المؤلفة من فصائل كردية وعربية، المنفذَ الأخير المتبقّي لتنظيم الدولة الإسلامية من جنوب مدينة الرقة، لتُحاصر بذلك الجهاديين بالكامل.