مصر بين القضية الفلسطينية وحماس
الأربعاء 20/سبتمبر/2017 - 09:45 م
طباعة
علينا أولًا أن نفرق بين الموقف المصري من القضية الفلسطينية وموقفها من حركة حماس، لأن فهم الفرق بين الموقفين سيوضح المشهد السياسي الحالي، فالموقف المصري تجاه القضية الفلسطينية والشعب الفلسطيني هو موقف واضح وحازم لا غبار عليه، وهو العودة لحدود 1967، والتعايش بين إسرائيل وفلسطين من خلال حل الدولتين، على أن تكون القدس عاصمة فلسطين، ولذلك سنجد أن أول موقف أعلنه الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي تجاه القضية الفلسطينية عندما تم سؤاله أثناء الانتخابات الرئاسية في مصر عام 2014، هل تنوي زيارة إسرائيل إذا وصلت إلى سدة الحكم؟ فأجاب دون تردد، سأزورها يوم أن تكون القدس عاصمة فلسطين، الإجابة التي عكست بوضوح رؤية القيادة السياسية الداعم للقضية الفلسطينية، وهو الأمر الذي انعكس في رعاية مصر للمحادثات بين الجانبين الإسرائيلي والفلسطيني حتى يومنا هذا، ودعمها المعلن والواضح للسلطة الفلسطينية بقيادة الرئيس محمود عباس أبو مازن، والتي تعتبرها الحكومة المصرية الممثل الشرعي الوحيد للشعب الفلسطيني.
أما الموقف المصري تجاه حماس فهو أمر مختلف تمامًا، ولكنه ظل مرهونًا بتصرفات الأخيرة وليس مرهونًا للمزاج المصري، مشكلة حماس التاريخية والسياسية إنها ذراع الإخوان المسلمين في فلسطين، الجماعة التي أدرجتها مصر كجماعة إرهابية بعد اشتعال الداخل المصري في أعقاب ثورة 30 يونيو، وكان على حماس أن تختار إما إعلاء المصلحة الوطنية للقضية الفلسطينية والشعب الفلسطيني وأن تحيد بنفسها من دعم الجماعة الأم، أو تظل مرتبطة عضويًا بالجماعة، وما يفرضه هذا الارتباط من التزامات الحركة تجاه الجماعة، وتبني مواقفها السياسية، وهذا للأسف ما قامت به حماس، من لجوئها إلى الاختيار الثاني، مستندة إلى سيطرتها على قطاع غزة، والمعابر بين مصر والقطاع، فضلًا عن تلقيها أموال من قطر والجماعة الأم، جعلاها تختار صف الجماعة.
الاضطرابات التي شهدتها مصر، والعمليات الإرهابية التي وقعت في أعقاب 30 يونيو حتى اليوم، وتورط عناصر حمساوية تابعة لكتائب عز الدين القسام – الذراع العسكري لحماس – الدعم الذي قدمته حماس للإرهابيين المنتمين لداعش ولاية سيناء بدءا من علاج الجرحى من الإرهابيين، أو تدريبهم ورفع كفاءاتهم القتالية، ودعمهم لوجيستيا من خلال تدريبهم على صناعة المتفجرات، جعل الجانب المصري إلى توجيه عدة تحذيرات لحماس بالكف من التدخل في الداخل المصري وومغبة ذلك التدخل على مسار القضية، الأمر الذي لم تستمع إليه حماس، ومع تزايد أعداد عناصر تنظيم داعش، والذي أكدته التقارير الأمنية من انشقاق العديد من القيادات ولجوئهم هم وأسرهم للانضمام إلى داعش ولاية سيناء، كان على الجانب المصري التحرك من عزل الحركة عن القضية، وإعلانها بحكم من القضاء المصري بأنها جماعة إرهابية، أولًا من أجل الحفاظ على الأمن والاستقرار، وملاحقة عناصرهم، داخل الأراضي المصرية، ثانيًا من أجل أن تكف الحركة من التدخل في الشأن المصري وأن تصب اهتمامها على القضية الفلسطينية، ولذلك كان لزامًا بعزلها من المحيط الدولي عامة، ورفع الدعم المصري لها على وجه الخصوص.
الأمر الذي أتى بثماره مع إعلان الحركة كجماعة إرهابية في مؤتمر الرياض لمكافحة الإرهاب، في مايو 2017، ومع عزل قطر سياسيا وحصارها اقتصاديًا فقدت حماس "مصدر تمويلها الأساسي، والذي أثر بشكل مباشر على مواطني القطاع، مما أثر بالسلب على وضعها كحركة، لتجد حماس نفسها بدون مصدر تمويل، وبدون دعم دولي أو حتى مصري، فكان عليها أن تقدم تنازلات ليست تنازلات في الشأن الفلسطيني وإنما أن تكف عن ممارساتها ودعمها للعناصر الإرهابية في مصر، وأن ترضخ للمصالحة الوطنية مع فتح، من أجل المضي قدما في محادثات السلام التي توقفت منذ فترة، سياسة العزل والحصار سواء سياسيا أو اقتصاديا من أوراق الضغط التي تمارسها الدول حفاظًا على مصالحها، وهو الأمر المشروع الذي قامت به الدولة المصرية في تعاملها مع حركة حماس، رغم الخروقات والأضرار التي ألحقتها الحركة في الأمن المصري، وما تكبدته الدولة المصرية من خسائر بسبب موقف حماس من جماعتها الأم، الموقف الذي تنصلت منه، لتفك في نهاية المطاف – مجبرة - ارتباطها التاريخي العضوي والسياسي من جماعة الإخوان، فك الارتباط كان نتيجته الطبيعية رفع الحظر عنها جماعة إرهابية، فتح مكتب لها هنا في القاهرة، رعاية لمحادثات لعمل صلح تاريخي بينها وبين السلطة الفلسطينية بقيادة محمود عباس أبو مازن وحركة فتح، بعدما أعلنت حل اللجنة الإدارية بالقطاع.