مسؤول الشؤون الإسلامية بماليزيا: لا معنى أن تتعلم القرآن دون أن تتعلم الحكمة
الثلاثاء 31/أكتوبر/2017 - 10:47 م
طباعة
أجرت الباحثة يارا اليماني هذا الحوار مع المفتي رسلي عثمان، مسؤول إدارة الشئون الإسلامية في مدينة بينانج الماليزية، على هامش مؤتمر "دور الفتوى في استقرار المجتمعات" والذي عقدته دار الإفتاء المصرية منتصف شهر أكتوبر 2017، عن أهم القضايا الإسلامية والتحديات التي تواجه دار الإفتاء الماليزية.
- ماليزيا محاطة بعدد من الجماعات الإرهابية في الدول المجاورة مثل جماعة "أبو سياف" في الفلبين كيف تنظرون لهذه الأفكار المتطرفة الموجودة في هذه الدول؟
علينا أن نعرف أن الأقلية المسلمة الموجودة هناك من يستغل هذا الوضع الموجود في الفلبين على سبيل المثال ويحرضوا هؤلاء المتطرفون المتعطشون، ولذلك نجد أن هناك من يميل إلى الأفكار المتطرفة والحكومة الماليزية ترى أن هذه الفئات خطرة على المجتمع ويجب التعامل وعدم الانخراط معه.
- أنتم دولة مجاورة لبورما؟
لا أستطيع أن أحلل ما يحدث في بورما لأني لا أمتلك معلومات كافية؟
هناك مشكلة اقتصادية في بورما خاصة لسكان منطقة الروهينجا، وهناك من يريد تهجيرهم بدعوى انها لا تدخل في نطاق المملكة، ونحن في ماليزيا لا نتدخل في الشأن الداخلي للدول المجاورة، وفقًا للميثاق الذي وقعته الحكومة الماليزية مع الدول المجاورة، خاصة وأننا بدورنا لن نقبل بتدخل أي دولة في الشأن الماليزي، ولكن حاليًا هناك مبادرة من ماليزيا لفتح حوار بين الحكومة وبين الروهينجا، وهناك مسائل في بورما تحتاج إلى البحث.
- كيف تعاملتم مع النازحين من الروهينجا؟
استقبلناهم وساعدناهم وهيأنا لهم مسكنًا ومطعمًا، ونساععدهم على أنهم لاجئين، وهناك مبادرة من ماليزيا لحل أزمتهم سنعرضها على الحكومة البورمية.
- كيف هي شكل العلاقة بينكم وبين الدولة؟
نظام الحكم في ماليزيا ملكي، وبالتالي، ويعد الملك هو الرئيس الأعلى للشئون الإسلامية، وكل ما يتعلق بالدين يتبع الملك، كما أن لدينا ولايات وكل ولاية لها أمير أو سلطان، حيث يوجد في ماليزيا 14 ولاية، وكل ولاية لها أمير أو سلطان يحكمها، ولها إدارة دينية منفصلة، وكل ولاية لها 14 مفتيًا ودار الإفتاء الماليزية تعمل تحت الحكومة مباشرة.
- كيف تعمل المؤسسة الدينية الرسمية في ماليزيا لتحصين الشباب من التطرف؟
اتخذنا أساليب التعليم ونشر المفاهيم الصحيحة من خلال كافة الوسائل خصوصا في التعليم سواء كان في المحاضرات والجامعات والمساجد ووسائل الإعلام المختلفة وخطب الجمعة.
- رأيكم في مؤتمر دور الفتوى وأهميته لمواجهة الفتاوى الشاذة؟
هذا المؤتمر مهم جدًا لأن كل واحد يجلس على جهاز إليكتروني يقوم بكتابة فتوى في الدين وفقًا لفهمه ورؤيته دون أسانيد وأسس علمية، ليصدر فتاوى شاذة، وساهم الفضاء الإليكتروني من خلق فوضى كارثية، ونحن هنا لحسم هذه المشكلة، ومعالجة الفتاوى الشاذة، لنضع قوانين ونظام وقيود نستطيع من خلالها حسم هذه المشكلة ووقف الفتاوى المنحرفة التي بسببها نرى الويلات.
- هل يوجد إدارة مركزية لـ14 دار لإفتاء في ماليزيا والتنسيق في إصدار الفتاوى حتى لا تتعارض بعضها مع بعض؟
نعم هناك إدارة مركزية للتعامل مع الفتاوى على المستوى الوطني والمستوى القومي، وهناك فتوى على مستوى الولاية، والحمد لله هناك تنسيق دائم بين الإدارة المركزية والدور الإفتاء المحلية حول الفتاوى الصادرة ، ونادرًا عندما يحدث تعارض بين محافظة وبين الإدارة الأم.
- ما رأيكم حول إلصاق تهمة الإرهاب بالإسلام والمسلمين، وكيف يمكن التصدي لهذا؟
علينا أولا أن ندرك الأسباب التي تدفع الشباب للتطرف وهي الفهم الضيق للإسلام، استغلال البعض لحماسة الشباب تجاه نصرة الإسلام، وبدلًا من أن يأخذ هؤلاء الشباب النصائح والمعلومات الدينية من منابعها الصحيحة يأخذونها من جهات تدعي على الإسلام ما ليس فيه، ويأخذون المفاهيم والفتاوى لسطحية من على الانترنت، وعلينا أن نعود إلى نظام الإسلام في التعليم والتتلمذ على أيدي مشايخ وفقهاء يعرفون رحمة الإسلام وحكمته، لأن الإسلام ليس فقط هو توصيل المعلومة، وإنما إعمال الحكمة في توظيفها، وهو ما ذكره الله في كتابه العزيز: "هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ رَسُولًا مِّنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِن كَانُوا مِن قَبْلُ لَفِي ضَلَالٍ مُّبِينٍ"، إذا الإسلام ليس فقط تعاليم ومعلومات، وإنما معرفة يصحبها حكمة الاستخدام، ويزكيهم أي يهذب ويقوم أخلاقهم لتنشئة شخصًا قويما راشدًا عاقلًا، وإلا فما فائدة العلم بدون حكمة، هناك من يأخذ النصوص بمعزل عن سياقها، وهناك من يجتزئها من أسباب التنزيل وهذا ليس صحيحًا.
- حرص تنظيم داعش على تعليم أطفاله الأفكار المتطرفة، وهؤلاء قنابل موقوتة في حال عودتهم إلى بلدانهم الأصلية، كيف يمكن أن تتعاملوا مع هؤلاء الأطفال الماليزيين؟
هناك آية تقول: "وادخلوا في السلم كافة"، فعلى سبيل المثال هناك حديث يقول: "الجنة تحت ظلال السيوف"، الحديث موجود، ولكن لا يقرأ ولا يتم تعليمه إلا على أيدي متخصصين في الدين الإسلامي، خاصة وأن الإسلام هو دين الرحمة والسلام، ولذلك علينا أن نستوعب هؤلاء الأطفال لإعادة غرس المفاهيم الإسلامية الصحيحة.