ألبرت فوس: قتل المصلين في «الروضة» لإحداث صدمة في المجتمع المصري..
السبت 09/ديسمبر/2017 - 09:21 م
طباعة
حروب السنة والشيعة في المنطقة، وتصاعد الإسلاموفوبيا في الغرب، إلى جانب مشاكل اللاجئين في ألمانيا.. كانت هذه محاور الحوار مع الدكتور ألبرت فوس، أستاذ الدراسات الشرقية والإسلامية بجامعة كولن الألمانية، الذي أجرته محرر بوابة الحركات الإسلامية خلال زيارته للقاهرة الأسبوع الماضي؛ لمعرفة رأيه حول الوضع الراهن في الإقليم
- على خلفية مقتل مذبحة مسجد الروضة، كيف ترى التحول النوعي في استراتيجية داعش من استهداف المدنيين بدلًا من عناصر الجيش والشرطة؟
أولًا أحب أن أتقدم بخالص التعازي للشعب المصري في مذبحة مسجد الروضة التي وقعت نهاية شهر نوفمبر 2017، ثانيًا في الوقت الذي تستغل فيه الجماعات الإرهابية النزاعات الدينية المذهبية والسياسية مدخلًا للقيام بنشاطاتها وتجنيد الشباب لصفوفها، فإن مصر تعد حالة استثنائية بين الدول العربية التي لا تعاني من الصراعات المذهبية أو الدينية بشكل عام، وأعتقد أن السبب وراء استهداف داعش للمدنيين المصلين في المسجد هو لخلق حالة صدمة في المجتمع المصري، ليخاف منها المجتمع ويعمل لها اعتبار وبالتالي يمتثل لأوامرها في المناطق التي تريد الاستحواذ عليها.
في العامين الماضيين فتحت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل الحدود أمام المهاجرين السوريين معلنة أنه جزء من التزامات ألمانيا تجاه المجتمع الدولي؛ لحماية هؤلاء اللاجئين، والآن هي أغلقتها محملة بقية الدول الأوروبية مسؤولية استقبال بقية اللاجئين.
- ما هي تأثيرات هذه الهجرة على المجتمع الألماني، سياسيًا واجتماعيًا؟
أولًا على المستوى الشخصي كنت من مؤيدي المستشارة الألمانية في سياستها تجاه اللاجئين، ولكن المجتمع الألماني كان متباينًا في موقفه تجاه هذه السياسة بين مؤيد ومعارض، خاصة مع تزايد أعدادهم بشكل كبير، إلى جانب وجود متطرفين ممن دخلوا ألمانيا على إنهم لاجئين، كذلك نمط الحياة لهؤلاء اللاجئين المحملين بثقافة مختلفة تمامًا عن نمط الحياة للمجتمع الألماني، ولذلك هناك حالة من الانقسام داخل المجتمع الألماني حول اللاجئين السوريين، ما بين رافض لهم وما بين من يريد أن يساعد هؤلاء اللاجئون لمواجهة المشكلات والتحديات التي يواجهونها من ظروف الحياة، خاصة بعد مرورهم بتجربة حرب رأوها في بلادهم سوريا.
ولكن هذه السياسة أصبحت أحد الأسئلة الكبيرة وأحد أهم التحديات التي تواجه ميركل الآن، ماذا فعلت ألمانيا لهؤلاء اللاجئين، وهل المجتمع الألماني سيأمن من عواقب وجود المتطرفين الدخلاء منهم، وهذا ما وضح من خلال نتائج الانتخابات الأخيرة، إذ فقدت ميركل نسبة بيرة من الأصوات نتيجة فتحها للحدود أمام اللاجئين.
- يعد عامي 2016، 2017، من أسوأ الأعوام التي شهدت فيها بلادكم فيها عمليات إرهابية، كما أن الحكومة الائتلافية التي تم تشكيلها لديها تحفظات كبيرة تجاه موقف ميركل من اللاجئين، في ظل ذلك ما هي توقعاتكم تجاه سياسية ميركل خلال الفترة المقبلة، فيما يخص اللاجئين؟
أولًا اليوم ألمانيا استكفت من استقبال اللاجئين، لأنها ترى أنه على المجتمع الدولي والدول الأوروبية ان يتحملوا مسؤولياتهم الاجتماعية تجاه اللاجئين، خاصة وأن ألمانيا استقبلت خلال العامين الماضيين أكثر من 600 ألف لاجئ، جزء كبير منهم عاطلين عن العمل، وهو ما يجعل ميركل مؤيدة لقرار عدم استقبال لاجئين جدد، إلى جانب حرصها بشكل كبير على حل الأزمة السورية، حتى يتسنى لهؤلاء اللاجئين العودة إلى بلدهم.
- ما هي صورة الدين الإسلامي التي تبثها وسائل الإعلام للمواطن الأوروبي؟
للآسف صورة الإسلام في أوروبا صورة سلبية جدًا، وتثبت هذه الصورة وسائل الإعلام، ولكن هذه الصورة ليست وليدة اليوم، ولكن هي لها أصول تاريخيًا، والتي تمتد منذ القرن الرابع عشر حتى القرن الثامن عشر، مع فقدان أوروبا جزء كبير من أراضيها بسبب المسلمين، فهناك صورة سلبية للآسف موجودة في العقل الأوروبي، ولكن هذه الصورة بدأت تتغير نوعًا بعد الحرب العالمية الثانية مع تزايد أعداد المهاجرين القادمين من الدول الإسلامية إلى ألمانيا وأوروبا، إلى جانب نظرة أوروبا المتعالية للعالم العربي بسبب التقدم والرخاء الاقتصادي الذي حققته بينما لازالت الدول العربية تعاني من الفقر والجهل والتخلف، ولذلك هناك عوامل ساهمت في رسم صورة سلبية عن العرب متأصلة في العقل الأوروبي.
ولكن المساجد منذ عشرة أعوام بدأت تفتح أبوابها كمزارات أمام المواطنين الألمان من غير المسلمين، خاصة لطلبة المدارس والجامعات، ويقوم المسؤول عن المسجد يشرح أن الإسلام ليس لديه مشكلة في التعايش مع الأديان الأخرى مستدلًا بالقرآن "لكم دينكم ولي ديني"، وبالتالي يقول أن المجتمع يتسع للجميع للتعايش السلمي، وفي رأيي أن صورة الإسلام لكي تتغير تحتاج إلى بعض الوقت، خلال 50 أو 60 سنة لكي تتغير، ولكن للآسف معظم الألمان مازال لديهم صورة سلبية عن الإسلام، خاصة فيما يتعلق بقضايا المرأة والحريات.
- من وجهة نظرك وبخلاف قضايا المرأة هل لديك نقاط خلافية مع الدين الإسلامي، ترى أنه سبب التطرف؟
دعينا نتفق أن المتطرفين يستخدمون الدين الإسلامي كحجة وذريعة لتطرفهم، هم يهربون من مواجهة مشاكلهم الاجتماعية وظروفهم الاقتصادية الصعبة في مجتمعاتهم، وبالتالي ينقمون على المجتمع، في الوقت الذي تغذي فيه الجماعات الإرهابية رؤوس الشباب بأفكار الكراهية تجاه هذه المجتمعات، وهنا علينا أن نفرق بين الشباب الذي ينضم للمتطرفين وهو أصلا يعيش في أوروبا، وشباب الدول العربية، أوروبا لا يوجد لديها مشاكل اقتصادية، ولكنهم يستغلون الفوارق الثقافية لتأليب الشباب ضد المجتمع الأوروبي الذي يعيش فيه خاصة وأن هؤلاء الشباب لديه إشكالية في هوياتهم ما بين الانتماء للمجتمع الأوروبي الذي ولد فيه أم الانتماء لهويته العربية والإسلامية التي هي جذوره؟!
أما بالنسبة للشباب الذي يعيش في الدول العربية فهناك مشاكل اقتصادية حقيقية يرونها وتواجههم، وبالتالي تستطيع هذه الجماعات ملء صدور الشباب بالحقد على مجتمعاتهم.
- بالنسبة للمساجد الموجودة في ألمانيا، هناك عدة تقارير تشير إلى سيطرة السلفيين على بعض هذه المساجد، كذلك الإخوان المسلمين الذين يسيطرون على المراكز الإسلامية والمساجد، وذهبت هذه التقارير إلى أن هناك مقاطعات بالكامل أصبح يقطنها متشددين ومتطرفين في ألمانيا، لا سيما المناطق البعيدة عن المدينة فما صحة هذا الكلام؟
المساجد في ألمانيا مقسمة بالفعل، ولكن ليس بشكل معلن أو رسمي، لا يوجد جمعية أو مركز أعلن عن سيطرته لعدد من المساجد، حتى وإن أعلن بعض الأفراد انتمائه لجماعة الإخوان، ولكنه لا يجهر بسيطرته على مسجد بعينه، يوجد بالفعل مساجد للسلفيين، وهناك مساجد أغلب مرتاديها من الأتراك المقيمين في ألمانيا، ولكن أغلب المساجد هي للعائلات ولا تتبع مذاهب بعينها، خاصة تلك الموجودة في المدن، لأن هناك تعاون بينها وبين الدولة والحكومة الألمانية، والتي تحرص ألا تحرض لدعوات تخالف الدستور الألماني، ولكن ليس هناك رقابة على المساجد بالشكل المتصور لأنها تسبب توترات للمسلمين.
- هل هذه التوترات تظهر على السطح، وملاحظة؟
لا يوجد توترات حتى الآن طالما لم يتسبب اللاجئون في تنفيذ عمليات إرهابية داخل ألمانيا، خاصة وأن الحكومة الألمانية لاحظت في العشر سنوات الماضية أن ليس كل من جاء من دولة إسلامية لديه اهتمامات بالقضايا الدينية، أما عن أثر وجود المسلمون أو تزايد أعدادهم فيجب أن ننتظر 50 عامًا حتى نرى أثر وجودهم في المجتمع الألماني، فإذا مرت بسلام سيكون المجتمع متجانس بين المهاجرين من الدول العربية والقادمين من سوريا، أنا حاليًا إيجابي ومتفائل، الشعب الألماني لا يريد ظهور نازية جديدة باسم الإسلام، ولذلك 50 عامًا كافية للحكم على تجربة ألمانيا في استقبال اللاجئين.
- لاحظنا في الفترة الأخيرة تصاعد ما يسمى بـ"الإسلاموفوبيا" وهذا وضح في الانتخابات الرئاسية في فرنسا والدانمارك وأيضا صعود الولايات المتحدة الأمريكية فما هي الأسباب الموضوعية لتزايدها؟
في رأيي كمؤرخ أن الإسلاموفوبيا هي موجودة منذ الحروب الصليبية، وهي ليست وليدة هذه اللحظة، ولكن دعينا نقو أن المراكز البحثية في فرنسا وهنا في ألمانيا تعمل على دراسات وأبحاث لمواجهة الإسلاموفوبيا.