رفاعي طه.. «رحلة الدم» من جنوب مصر إلى شمال سوريا
الأربعاء 17/نوفمبر/2021 - 09:53 ص
طباعة
حسام الحداد
أشهر من حاول إجراء المصالحات بين الفصائل المسلحة المتناحرة في سوريا يأتي «العنيد» رفاعي طه، القيادي بالجماعة الإسلاميَّة (تأسست في مصر عام 1972)، ذائع الصيت، الذي تعرفه أوساط الجماعات الإسلاموية، والتنظيمات العالميَّة جيدًا، إذ ينتمي إلى الجيل الأول للحركات الجهادية، وهو من لعب دورًا محوريًّا في تأسيس الجماعة الإسلاميَّة المصريَّة، قبل أن تصبح تنظيمًا، في يناير عام 1980.
ولد «رفاعي» عام 1953، بمحافظة أسوان جنوب مصر، وكُني بـ«أبوياسر»، وتخرج في كلية التجارة، جامعة أسيوط، بصعيد مصر، وهي الجامعة التي شهدت مولد وبدايات الجماعة الإسلاميَّة.
وعند تحول الجماعة الإسلاميَّة إلى تنظيم، كان عضوًا فاعلًا فيها، وكان واحدًا ممن شملتهم قرارات 3 سبتمبر عام 1981م، التي أصدرها الرئيس الراحل أنور السادات، وقضت بالقبض على 1536 معارضًا من الاتجاهات السياسيَّة المصريَّة كافةً، من أقصى اليمين إلى أقصى اليسار، وأغلبهم كان من الإسلاميين في هذا الوقت.
تدرج «طه» في الكادر التنظيمي داخل الجماعة الإسلاميَّة، فتولى مناصب عدة، بدايةً من عضو مجلس شورى الجماعة، وحتى رئيس المجلس في التسعينيات، إلى أن أصبح مسؤولًا عن الجناح المسلح، كما اتهم في قضية تنظيم الجهاد الكبرى، وحُكم عليه بالسجن.
هرب «طه» من السجن، وتنقل بين دول عدة، من بينها أفغانستان التي كان للجماعة الإسلاميَّة المصريَّة معسكرٌ فيها في فترة الثمانينيات، وذلك من خلال المشاركة فيما عُرِفَ بالجهاد الإسلامي ضد الغزو السوفييتي لأفغانستان (1979 – 1989).
كان رفاعي يتصور أنَّ حلَّ مشكلة الجماعة الإسلاميَّة، والسماح لها بالدعوة لن يكون إلا باغتيال رأس النظام، فخطط بالفعل لاغتيال الرئيس المصري الأسبق حسني مبارك، في نحو ست عمليات، كانت منها عملية مطار سيدي براني عام 1993، التي كادت أن تنجح، وعملية أديس أبابا الشهيرة عام 1995.
وفي عام 1997، أعلن قادة الجماعة الإسلاميَّة في السجون المصرية، مبادرة لوقف العنف، وأفرج بموجبها عن عدد كبير منهم، لكن «طه»، كان أبرز الرافضين للمبادرة، وتم عزله عن قيادة ورئاسة مجلس شورى الجماعة في مصر.
ويُعتبر حادث الأقصر 1997 إحدى المحطات المهمة في حياة رفاعي طه، خاصةً بعد صدور كتابه «إماطة اللثام عن بعض أحكام ذروة سنام الإسلام»؛ الذي تضمن اعترافًا وتبريرًا للمذبحة الشهيرة، حينما هاجم ستة إرهابيين مسلحين بأسلحة نارية وسكاكين يرتدون زيًّا أمنيًّا، مجموعة من السياح في معبد حتشبسوت بالدير البحري، وقتلوا 58 سائحًا خلال 45 دقيقة، وتعرض «طه» بعدها للإقصاء عن قيادة الجماعة، بعد الخلاف بين مسؤوليها حول تقييم عملية «الأقصر».
علاقته بالإرهاب العالمي
بدأت علاقته بالتنظيمات العالمية، وتحديدًا «القاعدة»، بعد عزله من رئاسة مجلس شورى الجماعة الإسلاميَّة، حين رفض الاعتراف بمبادرة وقف العنف ونبذه في مصر، واقترب بشدة من قيادات تنظيم الجهاد العالمية في السودان بعد أن هرب إليها، ومن ضمن القيادات أسامة بن لادن، وأيمن الظواهري، وذلك خلال فترة وجوده بالسودان، التي استقر فيها لفترة كبيرة في التسعينيات.
شارك «طه» مع أسامة بن لادن زعيم تنظيم القاعدة، وأيمن الظواهري الزعيم الحالي للتنظيم، في إعلان تأسيس ما يُسمى بـ«الجبهة الإسلامية العالمية لمقاتلة اليهود والصليبيين» عام 1998، وهي التي تحولت فيما بعد لـ«تنظيم القاعدة».
ويُنسب له إصدار البيان الخاص بعملية تفجير المدمرة الأمريكية «كول»، قرب السواحل اليمنية عام 2000، وبعدها تم القبض عليه خلال إحدى رحلاته، من السودان متنقلًا عبر سوريا، من قِبل النظام السوري في ذلك الوقت، وأودع السجن هناك لأشهر عدة، حتى تم تسليمه إلى النظام المصري.
حُكِمَ عليه بالإعدام غيابيًّا فيما سُمي بقضية «العائدون من أفغانستان»، لكن تم الإفراج عنه عقب ثورة 25 يناير، ثم اختفى بعد فض اعتصامي رابعة والنهضة، وتواترت أنباء عن هروبه إلى تركيا برفقة الجهادي «محمد شوقي الإسلامبولي» شقيق «خالد الإسلامبولي»، المتهم الأول في اغتيال الرئيس الراحل محمد أنور السادات، وسرعان ما ظهر عبر بعض قنوات الإخوان، ليتحدث عن وجهة نظره في الأوضاع بمصر.
حَرَّض «طه» على حمل السلاح ضد قوات الجيش والشرطة المصرية، في محاولة لإعادة الرئيس المصري «المعزول» محمد مرسي إلى الحكم مرة أخرى، لكن الجماعة الإسلامية قالت إنها راجعته، بشأن تلك التصريحات.
وقتل «طه» في سوريا يوم 6 أبريل عام 2016، مع أربعة من رفقائه، في غارة شَنَّتْها قوات التحالف الدولي على موكب كان يحمله، هو ورفقاؤه في منطقة وادي النسيم بإدلب شمال سوريا وهم في طريقهم لاجتماع تنظيمي بين «جبهة النصرة»، وحركة «أحرار الشام»؛ لتقريب وجهات النظر بعد الخلاف والاقتتال الذي ظهر بينهما.