منير الغضبان.. صاحب التأصيل الشرعي لـ«ازدواجية الإخوان»

الجمعة 01/يونيو/2018 - 01:02 م
طباعة منير الغضبان.. صاحب دعاء إمام
 
في بلدة التل بدمشق، كانت تعيش أسرة «الغضبان»، التي بايعت بأكملها، مصطفى السباعي، أول مراقب عام لجماعة الإخوان (1928) في سوريا؛ إذ كان الشاب «طه» الابن الأكبر للأسرة من رفاق «السباعي»، ثم وضعت الأم طفلها الثاني «منير» في مارس 1942، وقضى 64 عامًا من عمره في الجماعة، حتى توفي في الأول من يونيو 2014.

ثماني سنوات فقط، كانت كافية -بحسب الأسرة- ليتعرف الطفل «منير» على منهج الجماعة، ثم يبايع المراقب العام في خمسينيات القرن الماضي، إلى أن أتَمَّ عامه الثاني عشر، فانتظم في إحدى أسر الإخوان التربوية، وتدرج داخل الجماعة من مسؤول أسرة، حتى تولى منصب المراقب العام باختيار التنظيم الدولي للإخوان عام 1985.

وعلى مدار عمره، تدرّج منير الغضبان داخل الجماعة في مناصب عدة؛ إذ تولى مسؤول أسرة، ثم مسؤول بلدة «التل»، فشعبة ثم مكتب دمشق، ثم مساعدًا لنائب المراقب العام للإخوان في سوريا، ثم نائبًا للمراقب العام، ثم أصبح المراقب العام لجماعة الإخوان بسوريا، لمدة 6 أشهر، ثم تم اختياره عضوًا في مجلس شورى التنظيم العالمي عن الإخوان في سوريّا بين عامي 1986 و2010، وتولى رئاسة مجلس شورى الجماعة، وكان مكلفًا من التنظيم الدولي بمراقبة أداء الجماعة واختيار المراقب العام لها لعدة سنوات.
تأصيل بدء «المرحلية»
كان من أبرز مؤلفاته، كتاب «المنهج الحركى للسيرة النبوية» الصادر عام 2001، الذي تحدث فيه عن فكرة «المرحلية»، وتأصيلها في نفوس أفراد التنظيم، واستخلاص شواهدها من العلوم الشرعية، إذ أوصى شباب الجماعة بألا يأخذوا بحديث قيادات التنظيم عن «الوطن» وعاطفة الوطن.

وبحسب «الغضبان»، فإن ما سمَّاه بعاطفة «الأمة والوطن» يُمثل اضطرارًا تفرضه المرحلة التي تعيشها الجماعة؛ كخطاب للقيادات لا يعني تبنيهم لهذه الأفكار، قائلًا: «نودُّ لشباب الدعوة الإسلامية أن يدركوا هذا المعنى ويفقهوه، حين يرون قيادة الدعوة في مرحلة من المراحل تبحث عن قاسم مشترك بينها وبين بعض أعدائها، لتجعلهم يقفون في صفها ضد عدو أخطر وأكبر».

وأردف: «إنهم حين يرون قيادتهم تقبل الحديث عن عاطفة الوطن أو عاطفة الأمة، أو يتحدثون عن الضعفاء من الفئات المظلومة، يُمثل القاسم المشترك نقاط لقاء مرحلي مع هذا العدو ضد عدو آخر».
ازدواجية الإخوان
كتابات «الغضبان» تؤكد ازدواجية الخطاب الإخواني؛ إذ يكشف لجوء الجماعة إلى إبداء مواقف علنية تخالف قناعات القيادات، ولا يكن لتصريحاتهم معنى سوى رسائل علنية للاستهلاك المرحلي، ففي الوقت الذي يُجاهر القادة بحبهم للوطن، يدرس الأشبال والعناصر الجدد أن الوطنية مسألة «جاهلية» ليست من الإسلام في شيء.

وكشف مراقب الإخوان في سوريا، عن أن «الوطنية» تعني انتماءً أرضيًّا ترفضه أممية الإسلام، وأن حديث الإخوان عن «الفئات المظلومة والمستضعفين» لا هدف له إلا استقطاب قوى سياسية، وإيجاد قواسم مشتركة معها لمواجهة عدو آخر، فالجماعة تستبيح مثلًا أن تتحدث عن حقوق العمال لإيجاد نقاط التقاء مع قوى اليسار، وتوظيف هذه القوى لمواجهة خصم أهم للجماعة؛ فإذا تحقق للجماعة مرادها توقف اهتمامها بالقضايا العمالية، وعادت للتعامل مع الحلفاء المؤقتين باعتبارهم أعداء.

ووجهت اتهامات لمراقب جماعة الإخوان بتقاربه مع الفكر الشيعي؛ نظرًا لموقفه من التحالف مع الشيعة، فكان لا يُمانع من التعاون معهم وإشراكهم بالحكم في حالة وصول «الإخوان» للحكم، وكان مبرره أن التحالف مع الشيعة، والبعثيين، والشيوعيين، يهدف إلى إسقاط الحكومة السورية «النصيرية»، وإيجاد البديل أيًّا كان، لكن أتباعه كانوا ينفون عنه انحرافه نحو الشيعة، قائلين: إن «الغضبان» أقام لسنوات طويلة في مكة بالمملكة العربية السعودية، وظل فيها حتى وفاته عام 2014.

شارك