في ذكرى اغتيال فرج فودة.. كتاب «الإرهاب» يرجع ظهور التطرف لنشأة «الإخوان»

الإثنين 11/يونيو/2018 - 11:56 ص
طباعة في ذكرى اغتيال فرج سمر حسن
 
لا تملك الجماعات المتطرفة سوى سلاح القتل والدم لمواجهة معارضيها، فهي لا تؤمن بمبدأ مقارعة الحجة بالحجة، بل تسير في دروب الجهل، والتأويل الخاطئ للقرآن، القائم على تحريف معانيه لتبرير القتل والجرائم والسعي وراء الغرائز والأطماع، ومن أكثر الفئات التي تعد شوكة في حلق هذه الجماعات، من يعتبر العقل دليله والتفكير المنطقي سلاحه؛ لذا كان أحد ضحاياهم؛ لأنه «فَكرَّ» بغير ما يدعون، ولأن أفكاره جاءت مغايرةً، والتي أوردها في كتبه «الحقيقة الغائبة، الملعوب، زواج المتعة، نكون أو لا نكون، حوارات حول الشريعة، الوفد والمستقبل، حتى لا يكون كلامًا في الهواء، الطائفية إلى أين؟ حوار حول العلمانية، وقبل السقوط»، إنه المفكر والكاتب «فرج فودة»، الذي تمر هذه الأيام ذكرى اغتياله الـ26 على يد الجماعة الإسلامية.

«المرجع» يقدم عرضًا لكتاب «الإرهاب»- أحد كتب «فودة»، الذي يعد توثيقًا للإرهاب الغاشم الذي مارسته ومازالت تمارسه الحركات المتطرفة؛ إذ يسلط هذا الكتاب الضوء على أشكال الإرهاب ومسبباته، مستشهدًا بتهديد المفكرين بالقتل منذ نشأة جماعة الإخوان.

◄ «حرب الشائعات» عصب الإرهاب
تمحورت مقدمة كتاب «الإرهاب» (صدرت طبعته الثانية عن الهيئة العامة للكتاب عام 1992) لمؤلفه فرج فودة، حول مجموعة من التساؤلات موجهة إلى أصحاب الفكر المتطرف، من أهمها «هل مطلوب من صاحب الرأي أن يتمتع بمهارة استخدام المسدس ليستطيع الدفاع عن نفسه؟ إذا كان المطلوب أن نتراجع فقد طلبوا المستحيل، إذا كان المطلوب أن نغمد القلم فقد أخطؤوا رقم الهاتف، الموت أهون كثيرًا من العيش في ظلِّ فكرهم العيىّ، وحكمهم العتيّ، ومنطقهم الغبيّ».

وبيّن المفكر فرج فودة السبب وراء اختياره لموضوع «الإرهاب» ليكون محورًا أساسيًّا لهذا الكتاب، الذي صدرت طبعته الأولى عام 1987، وهو الرد على سيل التهديدات التي يتلقاها من أعضاء الجماعات الجهادية وقتذاك (فترة الثمانينيات)، إضافة إلى مناقشة تبريرات الجماعات الدينية لممارسة الإرهاب، وتفنيدها للقارئ بناءً على الحجة والمنطق.

وخصص «فودة» الجزء الأول من الكتاب لتسليط الضوء على العلاقة بين الشائعات والإرهاب، مبينًا أن الشائعات المدروسة جزء لا يتجزأ من العمليات الإرهابية، وبمثابة المدخل الآمن لتنفيذ هذه العمليات، ومن هذه العمليات حادثة اغتيال اللواء حسن أبوباشا –وزير الداخلية في الفترة من 1982 – 1984– حيث تم الترويج لشائعة مفادها أنه «رمى المصحف على الأرض»، كما استشهد الكاتب بما حدث معه عندما تقدم إلى الترشح للانتخابات البرلمانية، وفوجئ بمنشور يوزع وصف خلاله بأنه مرشح الشيوعية الملحدة والعلمانية الكافرة، كما استنكر الشائعات التي ترجع سبب تكوين جماعة «التكفير والهجرة» (أسسها شكري مصطفى عقب خروجه من السجن عام 1971) إلى التعذيب في سجون الرئيس الراحل جمال عبدالناصر، مرجعًا ظهور «الإرهاب السياسي الديني» لنشأة جماعة الإخوان (1928)، وعقيدة التنظيم السري، وليس للمناخ السياسي السائد.

◄ الجماعات المتطرفة.. تعددت المسميات والإرهاب واحد
قسم المفكر الراحل، في كتابه «الإرهاب» معسكر الإسلام السياسي إلى 3 مستويات يجتمعون حول هدف واحد؛ المعسكر الأول الذي يعتمد على الجهاد، وأطلق عليه «التيار الثوري»، مثل جماعة «التكفير والهجر»، والثاني الذي يتبنى منهج تجميع الثروات، ويستهدف السيطرة على الاقتصاد القومي، والثالث هو التيار التقليدي المتمثل في جماعة الإخوان، وهي الأكثر تأثيرًا -حسبما ذكر «فودة»- فيما قسم معسكر الإخوان إلى «الهضيبي للاعتدال» -حسن الهضيبي المرشد الثاني لجماعة الإخوان- و«السندي للاغتيال» -عبدالرحمن السندي قائد التنظيم الخاص- و«السيد للفتوى»- سيد قطب مُنَظّر جماعة الإخوان.

انتقل «فودة» إلى إشكالية مُهمّة لدى جماعات الإسلام الحركي، وهي توظيف الدين والنصوص الدينية في العراك السياسي؛ من أجل الوصول إلى سُدَّة الحكم؛ وذلك من خلال السيطرة على العقل الجمعي للمجتمع وحشدهم في الانتخابات.

◄ الاعتراف بالمشكلة السبيل للحل
«أن لقضية الإرهاب أضلاعًا ثلاثة، أولها الإرهاب نفسه، وثانيها سلطة الدولة وهيبتها، وثالثها موقف الشعب واقتناعه أمام الصراع الذي يدور بين الإرهاب والسلطة»، كانت هذه المقدمة بمثابة تمهيد من الكاتب لتوضيح سبل حل قضية الإرهاب، والتي قسمها إلى سبل على المدى القصير وأخرى على المدى الطويل، وتتمثل الأولى في (الديمقراطية- سيادة القانون- الإعلام)، على أن يكون للإعلام خط ثابت مدافع عن أسس الدولة المدنية، بينما تمثلت سُبل الحل على المدى الطويل في 3 مستويات (التعليم- المشكلة الاقتصادية- الوحدة الوطنية)؛ إذ يكون هدف التعليم إعمال العقل، واستخدام المنطق.

ويبيّن «فودة» أن الأزمة الاقتصادية تغذي انتشار الإرهاب من خلال استقطاب الشباب تحت مظلة الفقر، مختتمًا كتابه بمقولة مأثورة: «إذا خفت فلا تقل، وإذا قلت فلا تخف، وقد اخترت القول، أما الخوف فلم أعرفه بعد، ولن أعرفه من بعد».

يُذكر أن فرج فودة مفكر مصري، ولد في 20 أغسطس 1945 بمركز الزرقا بمحافظة دمياط، حاصل على ماجستير العلوم الزراعية ودكتوراه الفلسفة في الاقتصاد الزراعي من جامعة عين شمس، وتم اغتياله على يد الجماعة الإسلامية في 8 يونيو 1992 في القاهرة.

شارك