«مهدي السودان».. من ادعاء الخلود إلى الموت المفاجئ
السبت 23/يونيو/2018 - 12:00 م
طباعة
شيماء حفظي
اعتقاد بـ«العظمة» و«الكبرياء» و«العصمة» سرى في وجدانه، وطغى على تفكيره؛ فساقه إلى مخالفة قوانين العقل، بل والضرب بمبادئ الشريعة الإسلامية عرض الحائط، فخرج على أتباعه معلنًا أنه «المهدي المنتظر»، الذي جاء ليملأ الأرض عدلًا بعدما مُلئت ظلمًا وجورًا، وسبيله في هذا إقامة دولة الخلافة الإسلامية التي تطبق فيها أحكام، آراؤه هي مرجعيتها الدينية والدنيوية؛ إنه «محمد أحمد بن السيد عبدالله» أو «محمد المهدي» (كما لَقَّب نفسه) المولود في السودان عام 1844، والمتوفى في 22 من يونيو عام 1885.
«المهدي المزعوم»، أنشأ دولة إسلامية في السودان، وأقنع أتباعه أنه «مُوجه من قبل السماء»، وأنه على اتصال مباشر بـ«الوحي الإلهي»، وأن العناية الإلهية أرسلته لينقذ الشعوب الإسلامية وينتشلها من عثراتها.
مهدي السودان
«مهدي السودان»، هو «محمد أحمد بن السيد عبدالله»، كان شابًّا سنيًّا لأب يعمل في صناعة السفن، وكان السودان في ذلك الوقت يتبع مصر إدرايًّا تحت حكم العائلة العلوية التابعة للخلافة العثمانية، ولأن الناطقين بالتركية متناقضون كليًّا مع المجتمع العربي عامة والسوداني خاصة، فقد انعكس هذا على الوضع السياسي الذي بات خطيرًا آنذاك، وزاد من هذه الخطورة فرض مزيد من الضرائب على العامة، والتعسف وسوء معاملة القوميين السودانيين.
استغل «المهدي المزعوم» حالة الاستياء العام التي سادت بين السودانيين، وأنشأ «الحركة المهدية» التي وحد فيها القبائل السودانية تحت قيادته، وسرعان ما تحولت المبادئ الإسلامية التي تؤمن بها تلك الحركة من دراسة دينية تقليدية إلى تفسير باطني للإسلام، يدعيه زعيم الحركة الذي ما لبث أن أصبح مقتنعًا بأن حكام الدول الإسلامية تخلوا عن عقيدتهم، وأن الخليفة ( يقصد حاكم مصر) كان دمية في يد غير المؤمنين، وبالتالي هو غير صالح للحكم.
كانت دولة السودان في ذلك الوقت تابعة لولاية مصر التي يحكمها محمد علي باشا، وعندما تولى الخديو إسماعيل الحكم كانت الحركة الاستعمارية (خاصة الإنجليزية) في عنفوانها، فخاف أن يقع السودان فريسة للاحتلال الأوروبي، فوضع خطة واسعة المدى لاستكشاف منابع النيل وحماية الوطن السوداني، وعيَّن «صمويل بيكر» حاكمًا عامًّا على الأراضي السودانية، ولكنه كان شخصية استعمارية شديدة الحقد على القوميين السودانيين.
ومن بعد «بيكر» جاء «تشارلز جورج جوردون»، وكان ضابطًا وإداريًّا في الجيش البريطاني، الذي نجح في احتلال السودان، وسار «جوردون» على خُطى سابقه، ما أدى إلى ظهور «الحركة المهدية» بقيادة محمد بن عبدالله المهدي، وسرت في السودان روح الثورة ضد الأوضاع السيئة التي كانت تعصف بأبنائه، وبدأ «المهدي» يومًا تلو الآخر يكسب أنصارًا جددًا حتى قويت شوكته، فاتجه إلى العمل المسلح.
وفي مارس من العام 1881، أعلن زعيم «الحركة المهدية» لأتباعه المقربين أن لديه مهمة إلهية لخصها بقوله: «إن الله قد عينني لتطهير الإسلام وتدمير كل الحكومات التي دنسته»، وفي يوليو من العام ذاته ادعى أنه «المهدي المنتظر» الذي جاء ليعيد الإسلام إلى منبعه الصحيح.
ولم تصرف هذه الادعاءات الناس من حول «محمد أحمد بن السيد عبدالله»، بل إن أتباعه تضاعف عددهم، خاصة بعدما طلب الإنجليز من الجيش المصري الخروج من السودان عام 1884، وحقق المهديون انتصارات عدة باهرة، حتى دانت لهم معظم الولايات السودانية، وفي أواخر العام طلب «المهدي» من «جوردون» تسليم العاصمة السودانية الخرطوم، وحين رفض الأخير حاصره جنود الحركة المهدية.
وفي مطلع العام 1885، تمكن «المهدي» من قتل اللواء البريطاني تشارلز جورج جوردون، ودخل «الخرطوم» منتصرًا على الحملة البريطانية التي اضطرت للانسحاب، وأعلن قيام دولته الدينية وعاصمتها «أم درمان».
عاش «المهدي»، 6 أشهر بين أتباعه زعيمًا منتصرًا على الإنجليز، وأعطى لنفسه (دون غيره) خلال تلك الأشهر حق إعلان المبادئ والقوانين المنظمة لشؤون الدولة، وعين 4 خُلفاء، أو نواب، وكان يعتبر نفسه (بجانب ادعائه أنه المهدي المنتظر) خليفة رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وفي الوقت الذي كان يدعي فيه «مهدي السودان المزعوم» الخلود، فاجأه الموت، وتوفي في 22 من يونيو 1885، عن عمر ناهز 41 عامًا، ولم تعصمه ادعاءاته من هذه الحقيقة الإلهية التي قررها المولى عز وجل في الآية 34 من سورة الأنبياء: «وَمَا جَعَلْنَا لِبَشرٍ مِّن قَبْلِك الْخُلْدَ أَفَإِين مِّت فَهُمُ الخَْالِدُونَ».
«المهدي المزعوم»، أنشأ دولة إسلامية في السودان، وأقنع أتباعه أنه «مُوجه من قبل السماء»، وأنه على اتصال مباشر بـ«الوحي الإلهي»، وأن العناية الإلهية أرسلته لينقذ الشعوب الإسلامية وينتشلها من عثراتها.
مهدي السودان
«مهدي السودان»، هو «محمد أحمد بن السيد عبدالله»، كان شابًّا سنيًّا لأب يعمل في صناعة السفن، وكان السودان في ذلك الوقت يتبع مصر إدرايًّا تحت حكم العائلة العلوية التابعة للخلافة العثمانية، ولأن الناطقين بالتركية متناقضون كليًّا مع المجتمع العربي عامة والسوداني خاصة، فقد انعكس هذا على الوضع السياسي الذي بات خطيرًا آنذاك، وزاد من هذه الخطورة فرض مزيد من الضرائب على العامة، والتعسف وسوء معاملة القوميين السودانيين.
استغل «المهدي المزعوم» حالة الاستياء العام التي سادت بين السودانيين، وأنشأ «الحركة المهدية» التي وحد فيها القبائل السودانية تحت قيادته، وسرعان ما تحولت المبادئ الإسلامية التي تؤمن بها تلك الحركة من دراسة دينية تقليدية إلى تفسير باطني للإسلام، يدعيه زعيم الحركة الذي ما لبث أن أصبح مقتنعًا بأن حكام الدول الإسلامية تخلوا عن عقيدتهم، وأن الخليفة ( يقصد حاكم مصر) كان دمية في يد غير المؤمنين، وبالتالي هو غير صالح للحكم.
كانت دولة السودان في ذلك الوقت تابعة لولاية مصر التي يحكمها محمد علي باشا، وعندما تولى الخديو إسماعيل الحكم كانت الحركة الاستعمارية (خاصة الإنجليزية) في عنفوانها، فخاف أن يقع السودان فريسة للاحتلال الأوروبي، فوضع خطة واسعة المدى لاستكشاف منابع النيل وحماية الوطن السوداني، وعيَّن «صمويل بيكر» حاكمًا عامًّا على الأراضي السودانية، ولكنه كان شخصية استعمارية شديدة الحقد على القوميين السودانيين.
ومن بعد «بيكر» جاء «تشارلز جورج جوردون»، وكان ضابطًا وإداريًّا في الجيش البريطاني، الذي نجح في احتلال السودان، وسار «جوردون» على خُطى سابقه، ما أدى إلى ظهور «الحركة المهدية» بقيادة محمد بن عبدالله المهدي، وسرت في السودان روح الثورة ضد الأوضاع السيئة التي كانت تعصف بأبنائه، وبدأ «المهدي» يومًا تلو الآخر يكسب أنصارًا جددًا حتى قويت شوكته، فاتجه إلى العمل المسلح.
وفي مارس من العام 1881، أعلن زعيم «الحركة المهدية» لأتباعه المقربين أن لديه مهمة إلهية لخصها بقوله: «إن الله قد عينني لتطهير الإسلام وتدمير كل الحكومات التي دنسته»، وفي يوليو من العام ذاته ادعى أنه «المهدي المنتظر» الذي جاء ليعيد الإسلام إلى منبعه الصحيح.
ولم تصرف هذه الادعاءات الناس من حول «محمد أحمد بن السيد عبدالله»، بل إن أتباعه تضاعف عددهم، خاصة بعدما طلب الإنجليز من الجيش المصري الخروج من السودان عام 1884، وحقق المهديون انتصارات عدة باهرة، حتى دانت لهم معظم الولايات السودانية، وفي أواخر العام طلب «المهدي» من «جوردون» تسليم العاصمة السودانية الخرطوم، وحين رفض الأخير حاصره جنود الحركة المهدية.
وفي مطلع العام 1885، تمكن «المهدي» من قتل اللواء البريطاني تشارلز جورج جوردون، ودخل «الخرطوم» منتصرًا على الحملة البريطانية التي اضطرت للانسحاب، وأعلن قيام دولته الدينية وعاصمتها «أم درمان».
عاش «المهدي»، 6 أشهر بين أتباعه زعيمًا منتصرًا على الإنجليز، وأعطى لنفسه (دون غيره) خلال تلك الأشهر حق إعلان المبادئ والقوانين المنظمة لشؤون الدولة، وعين 4 خُلفاء، أو نواب، وكان يعتبر نفسه (بجانب ادعائه أنه المهدي المنتظر) خليفة رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وفي الوقت الذي كان يدعي فيه «مهدي السودان المزعوم» الخلود، فاجأه الموت، وتوفي في 22 من يونيو 1885، عن عمر ناهز 41 عامًا، ولم تعصمه ادعاءاته من هذه الحقيقة الإلهية التي قررها المولى عز وجل في الآية 34 من سورة الأنبياء: «وَمَا جَعَلْنَا لِبَشرٍ مِّن قَبْلِك الْخُلْدَ أَفَإِين مِّت فَهُمُ الخَْالِدُونَ».