«الحكومة الإسلامية».. دستور الولي الفقيه
الجمعة 29/يونيو/2018 - 03:27 م
طباعة
محمد الدابولي
يُعَدُّ التدخل الإيراني في الشؤون العربية، ومحاولة تصدير ثورتها، وفرض نموذجها السياسي «الولي الفقيه»، من أبرز التحديات التي تواجه الدول العربية والإسلامية، وتنطلق التدخلات الإيرانية من أسس أيديولوجية وفكرية صاغها المرشد الإيراني الأول «روح الله الخميني» في كتابه «الحكومة الإسلامية»، الذي نظم فيه أطروحته الفكرية حول نظام الولي الفقيه والثورة.
وكتاب «الحكومة الإسلامية» هو المرجعية الأيديولوجية الأولى للثورة الإيرانية، ومن بعدها النظام الإيراني القائم على تولية فقهاء الدين مقاليد الحكم والسياسة في الدولة، ويرجع تاريخ تدوين الكتاب إلى العام 1969، حين كان «الخميني» منفيًّا في مدينة النجف، ملقيًا محاضراته على طلاب الحوزة العلمية في المدينة.
ويُمثل الكتاب جهدًا فكريًّا حاول من خلاله «الخميني» صياغة نموذج حضاري، بعيدًا عن التوجهات الحضارية الغربية والشرقية، التي وصمها في كتابه بمعاداة الدين الإسلامي، والعمل على تدميره، ولا يُعبر الكتاب عن توجهات التيار الشيعي فقط، بل عن التيار السنّي أيضًا؛ حيث يوجد الكثير من المتشابهات بين الطرفين، خاصةً في فكرة الحاكمية لله، ورفض الحكم الملكي والدستوري.
واستهل الكتاب بمقدمة شاملة دسمة لخصت تقريبًا أبرز المحاور الفكرية الجدلية، التي تناولها الفكر الإسلاموي خلال العقود الأربعة الأخيرة، بداية من محاولة علاج حالة الفجوة الحضارية الكبيرة بين المسلمين والغربيين، مدعيًا أن الاستشراق والاستعمار الغربي عمل على تجريف الحركة الإسلامية، وإخماد طابعها الثوري عبر ادعاءات عديدة، منها أن الإسلام لا علاقة له بالحكم والسلطة، وهو ما يُعدُّ مغايرًا تمامًا للشرائع الدينية التي أولت اهتمامًا بالسياسة وتنظيم الشؤون الاجتماعية أكثر من تنظيم العبادات.
وتناولت افتتاحية الكتاب أيضًا مفهومي «الحاكمية والجهاد في الإسلام»، فأوضحت المقدمة أن «الحاكمية» في الإسلام لله سبحانه وتعالى، في مقاربة كبيرة مع فكر المفكر الإخواني سيد قطب، أما مفهوم «الجهاد» فأوضح «الخميني» أن الاستعمار عمد إلى إبطال مفهومه لدى نفوس المسلمين المعاصرين، رغم أن الأئمة السابقين كانوا لا يترددون في سل سيوفهم للجهاد في سبيل الله.
أما عن علاقة الفرد بالإسلام، فأوضحت المقدمة أن الإسلام هو مصدر السعادة الروحية التي تعجز الحضارة الغربية -رغم تفوقها التقني- عن مجاراة الإسلام في هذا المجال، كما أشار إلى ضرورة تبني الفلسفة التي بنيت عليها فكرة العقوبات في الإسلام، فشارب الخمر يجلد لحماية الأمة من الجرائم التي يرتكبها المخمورون.
وتناول الكتاب ثلاثة محاور رئيسية تُنَظّر وتؤدلج لمفهوم الدولة الإسلامية في الفكر الشيعي، وهي كالتالي:
أولًا: ضرورة الثورة السياسية:
تُعدُّ الثورة السياسية من الأفكار التي طرحها الكتاب، محاولًا إضفاء بُعد شرعيّ على الثورات السياسية، واصفًا الحكومات غير الإسلامية بالكفر والطاغوت، فكل نظام لا يُطبق الشريعة الإسلامية يعتبر نظامًا كافرًا وطاغوتًا يجب إزالته والقضاء عليه، بحسب زعمه.
واشتبك الكاتب مع مفهوم الطاعة ومسألة الخروج على الحاكم؛ حيث أكد وجوب الخروج على الحاكم الكافر الذي لم يحكم بما أنزل الله تعالى؛ لذا على المسلمين مسؤولية إزالة هذا الطاغوت.
وأدخل «الخميني» معظم الحكومات في الدول الإسلامية دائرة الشرك والطاغوت، ولفت لأهمية الخروج عليهم وإزالة حكمهم؛ حيث أوضح أن الحكم السائد اليوم في تلك الدول هو حكم ملكي أو سلطنة، والإسلام لا يعرف الملكيات أو السلطنات.
والدولة الإسلامية دولة شاملة للمسلمين كافة، ويكون الحكم فيها غير وراثي، وأن الحاكم ليس ملكًا أو سلطانًا، إنما ميسرٌ لتطبيق شؤون الدين والشريعة وتدبير أحوال العباد والبلاد، وذلك عودة للسيرة الأولى في عهد خلافة الإمام علي، قبل أن تنقلب إلى ملكيات وراثية في عهد الأمويين والعباسيين، بحسب الكاتب.
ويرى «الخميني»، أنه لتوحيد المسلمين ينبغي أولًا العمل على إسقاط الحكومات العميلة للغرب والاستعمار والقضاء عليها؛ حتى يتمكن المسلمون من تحقيق وحدتهم المزعومة وتشكيل الحكومة الإسلامية التي تُطبق الشريعة الإسلامية وترعى مصلحة المسلمين في الأرض، ولتحقيق تلك الغاية -إسقاط الحكومات العميلة- ينبغي على العلماء المسلمين أخذ راية النضال والمقاومة ضد المستغلين؛ حتى يتحقق العدل، ولا يكون في المجتمع المسلم سائل أو محروم.
ثانيًّا: الحاكم في زمن الغيبة:
في البداية تطرق الكاتب إلى شرعية الحكومة الإسلامية، فأكد أن الدولة الإسلامية الأولى هي التي أسسها الرسول (صلى الله عليه وسلم)، وتطرق إلى الدور السياسي والإداري للرسول؛ حيث كان يرسل الرسل والسفراء وقادة الجيش، ويُعين الولاة والقضاة في دولته الإسلامية الوليدة، بل عمل على استخلاف خليفة المسلمين من بعده.
أي أن الدين الإسلامي جاء بحزمة من الشرائع السياسية والاقتصادية والاجتماعية ينبغي تطبيقها، فالإسلام دين مستمر لكل عصر وزمان، ولا ينبغي تعطيل أحكامه وحدوده لأي سبب من الأسباب، حتى ولو كانت هناك غيبة للإمام، فلا يجوز الارتكان إلى عدم وجود الإمام وغيبته في إهمال وإسقاط الشرائع الدينية، كالزكاة والدفاع عن ثغور الأمة.
أحدثت تلك الفكرة انقلابًا فكريًّا حادًّا في الفكر الشيعي السياسي، الذي أسقط فرضية الحكم والسياسة منذ الغيبة الكبرى للإمام، حتى جاء «الخميني»، وانتقد إهمال المرجعيات الدينية الشيعية لمسألة الحكم والسياسة، والثورة على الحاكم الطاغوت، وهو ما لاقى جدلًا واسعًا في تلك الفترة ما بين مؤيد ومعارض لفكرة «الخميني».
ثالثًا: دولة الفقهاء:
أما المحور الثالث الذي تناوله الكتاب فكان عن أحقية الفقهاء والمرجعيات الدينية في تولي السلطة والإدارة في الدولة، فـ«الخميني» أقرَّ في الكتاب أحقية العلماء والفقهاء، دون غيرهم من فئات المجتمع المسلم في تولي السلطة والحكم في الدولة الإسلامية المنتَظَرة، كما حدد «الخميني» في كتابه شرطي تولي الحكم، وهما: «الإدراك الكامل للقوانين الإسلامية، وعدالة الحاكم في تنفيذ القوانين الإسلامية».
وذلك من منطلق أن الفقيه هو الأكثر دراية بالقوانين الإسلامية، والأكثر عدالة في تنفيذها، فالفقهاء هم أمناء الرسل في قيادة الجيش وإدارة المجتمع، مؤكدًا أن ندرك ولاية الفقيه هنا ولاية اعتبارية وظيفية، وليست مرتبة دينية يرتقي خلالها الفقهاء إلى منزلة الرسل والأئمة، زاعمًا أن الفقهاء منوط بهم تطبيق الشريعة والأحكام الإسلامية، وعدم تعطيلها لأي سبب من الأسباب، حتى ولو كانت هناك غيبة كبرى للإمام.
وكتاب «الحكومة الإسلامية» هو المرجعية الأيديولوجية الأولى للثورة الإيرانية، ومن بعدها النظام الإيراني القائم على تولية فقهاء الدين مقاليد الحكم والسياسة في الدولة، ويرجع تاريخ تدوين الكتاب إلى العام 1969، حين كان «الخميني» منفيًّا في مدينة النجف، ملقيًا محاضراته على طلاب الحوزة العلمية في المدينة.
ويُمثل الكتاب جهدًا فكريًّا حاول من خلاله «الخميني» صياغة نموذج حضاري، بعيدًا عن التوجهات الحضارية الغربية والشرقية، التي وصمها في كتابه بمعاداة الدين الإسلامي، والعمل على تدميره، ولا يُعبر الكتاب عن توجهات التيار الشيعي فقط، بل عن التيار السنّي أيضًا؛ حيث يوجد الكثير من المتشابهات بين الطرفين، خاصةً في فكرة الحاكمية لله، ورفض الحكم الملكي والدستوري.
واستهل الكتاب بمقدمة شاملة دسمة لخصت تقريبًا أبرز المحاور الفكرية الجدلية، التي تناولها الفكر الإسلاموي خلال العقود الأربعة الأخيرة، بداية من محاولة علاج حالة الفجوة الحضارية الكبيرة بين المسلمين والغربيين، مدعيًا أن الاستشراق والاستعمار الغربي عمل على تجريف الحركة الإسلامية، وإخماد طابعها الثوري عبر ادعاءات عديدة، منها أن الإسلام لا علاقة له بالحكم والسلطة، وهو ما يُعدُّ مغايرًا تمامًا للشرائع الدينية التي أولت اهتمامًا بالسياسة وتنظيم الشؤون الاجتماعية أكثر من تنظيم العبادات.
وتناولت افتتاحية الكتاب أيضًا مفهومي «الحاكمية والجهاد في الإسلام»، فأوضحت المقدمة أن «الحاكمية» في الإسلام لله سبحانه وتعالى، في مقاربة كبيرة مع فكر المفكر الإخواني سيد قطب، أما مفهوم «الجهاد» فأوضح «الخميني» أن الاستعمار عمد إلى إبطال مفهومه لدى نفوس المسلمين المعاصرين، رغم أن الأئمة السابقين كانوا لا يترددون في سل سيوفهم للجهاد في سبيل الله.
أما عن علاقة الفرد بالإسلام، فأوضحت المقدمة أن الإسلام هو مصدر السعادة الروحية التي تعجز الحضارة الغربية -رغم تفوقها التقني- عن مجاراة الإسلام في هذا المجال، كما أشار إلى ضرورة تبني الفلسفة التي بنيت عليها فكرة العقوبات في الإسلام، فشارب الخمر يجلد لحماية الأمة من الجرائم التي يرتكبها المخمورون.
وتناول الكتاب ثلاثة محاور رئيسية تُنَظّر وتؤدلج لمفهوم الدولة الإسلامية في الفكر الشيعي، وهي كالتالي:
أولًا: ضرورة الثورة السياسية:
تُعدُّ الثورة السياسية من الأفكار التي طرحها الكتاب، محاولًا إضفاء بُعد شرعيّ على الثورات السياسية، واصفًا الحكومات غير الإسلامية بالكفر والطاغوت، فكل نظام لا يُطبق الشريعة الإسلامية يعتبر نظامًا كافرًا وطاغوتًا يجب إزالته والقضاء عليه، بحسب زعمه.
واشتبك الكاتب مع مفهوم الطاعة ومسألة الخروج على الحاكم؛ حيث أكد وجوب الخروج على الحاكم الكافر الذي لم يحكم بما أنزل الله تعالى؛ لذا على المسلمين مسؤولية إزالة هذا الطاغوت.
وأدخل «الخميني» معظم الحكومات في الدول الإسلامية دائرة الشرك والطاغوت، ولفت لأهمية الخروج عليهم وإزالة حكمهم؛ حيث أوضح أن الحكم السائد اليوم في تلك الدول هو حكم ملكي أو سلطنة، والإسلام لا يعرف الملكيات أو السلطنات.
والدولة الإسلامية دولة شاملة للمسلمين كافة، ويكون الحكم فيها غير وراثي، وأن الحاكم ليس ملكًا أو سلطانًا، إنما ميسرٌ لتطبيق شؤون الدين والشريعة وتدبير أحوال العباد والبلاد، وذلك عودة للسيرة الأولى في عهد خلافة الإمام علي، قبل أن تنقلب إلى ملكيات وراثية في عهد الأمويين والعباسيين، بحسب الكاتب.
ويرى «الخميني»، أنه لتوحيد المسلمين ينبغي أولًا العمل على إسقاط الحكومات العميلة للغرب والاستعمار والقضاء عليها؛ حتى يتمكن المسلمون من تحقيق وحدتهم المزعومة وتشكيل الحكومة الإسلامية التي تُطبق الشريعة الإسلامية وترعى مصلحة المسلمين في الأرض، ولتحقيق تلك الغاية -إسقاط الحكومات العميلة- ينبغي على العلماء المسلمين أخذ راية النضال والمقاومة ضد المستغلين؛ حتى يتحقق العدل، ولا يكون في المجتمع المسلم سائل أو محروم.
ثانيًّا: الحاكم في زمن الغيبة:
في البداية تطرق الكاتب إلى شرعية الحكومة الإسلامية، فأكد أن الدولة الإسلامية الأولى هي التي أسسها الرسول (صلى الله عليه وسلم)، وتطرق إلى الدور السياسي والإداري للرسول؛ حيث كان يرسل الرسل والسفراء وقادة الجيش، ويُعين الولاة والقضاة في دولته الإسلامية الوليدة، بل عمل على استخلاف خليفة المسلمين من بعده.
أي أن الدين الإسلامي جاء بحزمة من الشرائع السياسية والاقتصادية والاجتماعية ينبغي تطبيقها، فالإسلام دين مستمر لكل عصر وزمان، ولا ينبغي تعطيل أحكامه وحدوده لأي سبب من الأسباب، حتى ولو كانت هناك غيبة للإمام، فلا يجوز الارتكان إلى عدم وجود الإمام وغيبته في إهمال وإسقاط الشرائع الدينية، كالزكاة والدفاع عن ثغور الأمة.
أحدثت تلك الفكرة انقلابًا فكريًّا حادًّا في الفكر الشيعي السياسي، الذي أسقط فرضية الحكم والسياسة منذ الغيبة الكبرى للإمام، حتى جاء «الخميني»، وانتقد إهمال المرجعيات الدينية الشيعية لمسألة الحكم والسياسة، والثورة على الحاكم الطاغوت، وهو ما لاقى جدلًا واسعًا في تلك الفترة ما بين مؤيد ومعارض لفكرة «الخميني».
ثالثًا: دولة الفقهاء:
أما المحور الثالث الذي تناوله الكتاب فكان عن أحقية الفقهاء والمرجعيات الدينية في تولي السلطة والإدارة في الدولة، فـ«الخميني» أقرَّ في الكتاب أحقية العلماء والفقهاء، دون غيرهم من فئات المجتمع المسلم في تولي السلطة والحكم في الدولة الإسلامية المنتَظَرة، كما حدد «الخميني» في كتابه شرطي تولي الحكم، وهما: «الإدراك الكامل للقوانين الإسلامية، وعدالة الحاكم في تنفيذ القوانين الإسلامية».
وذلك من منطلق أن الفقيه هو الأكثر دراية بالقوانين الإسلامية، والأكثر عدالة في تنفيذها، فالفقهاء هم أمناء الرسل في قيادة الجيش وإدارة المجتمع، مؤكدًا أن ندرك ولاية الفقيه هنا ولاية اعتبارية وظيفية، وليست مرتبة دينية يرتقي خلالها الفقهاء إلى منزلة الرسل والأئمة، زاعمًا أن الفقهاء منوط بهم تطبيق الشريعة والأحكام الإسلامية، وعدم تعطيلها لأي سبب من الأسباب، حتى ولو كانت هناك غيبة كبرى للإمام.