الطائفية في الربيع العربي.. هل هي مؤامرة استعمارية أم غريزة متأصلة؟
الجمعة 27/يوليو/2018 - 09:57 ص
طباعة
عرض: محمود جمال عبد العال
أغفل الربيع العربي منذ انطلاقه أزمة الطائفية، وتناسى أنها أحد أهم مداخل الإصلاح السياسي والثقافي في المجتمعات العربية التي عانت القمع وضيق العيش لفترات طويلة، وفي هذا السياق، يطرح «مارك فرحة» في دراسته التي جاءت بعنوان: «البحث عن الطائفية في الربيع العربي: هل مؤامرة استعمارية، أم غريزة متأصلة؟» أزمة الطائفية في سياق الربيع العربي.
«فرحة»، يؤكد أن «الطائفية» ازدادت وظهرت إلى الواجهة بشكلٍ لم يسبق له مثيل بعد أحداث 2011، ولم يستثن أحدٌ من هذه المشاعر الطائفية سواءً كانت بين المسلم السني ونظيره الشيعي (كما في الحالة السورية والعراقية)، أو بين المسلم والمسيحي (كما في حالة مصر)، ووصل الأمر إلى الصراع داخل الطائفة الواحدة.
وتنبع أهمية هذا المشروع الذي عمل عليه «فرحة»، في أن هناك ضرورة ملحة لإعادة تأصيل مفهوم «الطائفية» في ضوء مستجدات الأحداث، بهدف العمل على تنقيته من المفاهيم المغلوطة التي اختلطت به، ويتناول صاحب «البحث عن الطائفية في الربيع العربي» في هذه الدراسة التساؤلات المتعلقة بأسباب انتشار الطائفية، والسياسات التي تدعمها، وهل يمكن أن يتم توظيف الهوية والطائفية لكسب الدعم السياسي للأنظمة العربية التي عانت الهشاشة والسلطوية قبل أن تستيقظ على أحداث 2011.
الطائفية وجذورها
يعتبر «فرحة»، أن هناك مفكرين مثل «ابن خلدون» دعموا فكرة الطائفية؛ حيث قال «ابن خلدون»: «إن الدعوة الدينية تزيد من قوة الدولة»، ورغم انتقاد الكاتب لمسألة الطائفية فإنه لم ينكر أنها ذات قوة تأثيرية استثنائية في الحشد وتنظيم حملات الدعم والهجوم، ويرى أن الأنظمة عززت من التنافس بين الطوائف لتحقيق مصلحتها.
ويورد «فرحة»، ما ذكره «ابن خلدون» في كتاب المقدمة حول أهمية الحماسة الدينية في قيام الدولة الإسلامية، وضرب مثلًا بذلك في مدى حب الناس للانخراط في أمور الدنيا للمصلحة والتنافس والنزاع فيما بينهم، أم أنهم يتمنون أن تتحول قلوبهم وأفعالهم نحو الله، ويرد باحث الاجتماع الفلسطيني «هشام شرابي» على ذلك بما وصلت له القومية العربية من انتشار دون الاعتماد على أي رموز دينية.
ويشير «فرحة»، إلى رفض الإسلام لفكرة التطييف (Sectarianization)؛ إذ شجب القرآن ما قام به فرعون في تقسيم أهله إلى شيع وطوائف، وهو ما يعتبره أمر قرآني واضح لرفض الطائفية، ورغم أن مفهوم الطائفية يعني المجموعة فإنه حمل في طيّاته معاني سلبية تشير إلى النعرة والتعصب للطائفة والمجموعة.
وتعد الطائفية وفق ما يطرحه «فرحة»؛ تعبيرًا حقيقيًا عن الفساد السياسي، وضعف الدولة، وانتشار الاستبداد والقمع، ويعتبر أن النظام الديمقراطي بكل مساوئه يقدم درجة أقل من انتشار الطائفية، وهو ما يدحضه بسلوك الجمهوريات العربية التي عززت من السياسات الطائفية بسبب المنافسات الانتخابية التي تستخدم الطائفة والقبيلة لمصالح وأهداف سياسية، وذلك بعكس الملكيات التي لا تجري انتخابات.
الطائفية وأزمة الشرق في 2011
يتطرق «فرحة» إلى الطائفية باعتبارها من المحرمات سواءً كان في الشرق أم الغرب، وذلك لما تثيره من حساسيات تتعلق بفكرة العيش المشترك، ويوضح في هذا السياق، الجذور التاريخية للطائفية في المنطقة العربية مثل تهجير الأقباط واليهود في عهد الفاطميين خاصة حقبة الخليفة «الحاكم بأمر الله» (996-1021م).
وبرزت الطائفية في الثورة السورية قبل دخول حزب الله الحرب وبعد دخوله؛ إذ وصف المجلس الثوري السوري في بيانٍ له في يونيو 2011 أن ما يحدث في سوريا حاليًا ما هو إلا احتلال صفوي بقيادة إيران وعملائها داخل الأراضي السورية، وفي السياق ذاته، دعت الحركات والأحزاب الإسلامية السنية في مصر وتونس إلى حرب مقدسة ضد نظام «بشار الأسد».
ويحاول أن يخرج «فرحة»، من هذا السياق بنتيجة مفادها أن الثورة السورية اتخذت منحى طائفيا في تطور أحداثها دون إنكاره لعدالة مطالبها بالحرية والمساواة وإنهاء المحسوبية والفساد.
ويرفض الكاتب، الرؤية الأمريكية في التعاطي مع الأحزاب الإسلامية بعد أحداث 2011 على أنها نماذج للتيارات المعتدلة التي يجب دعمها، وذلك لاعتبارات تتعلق بالتوجهات الثيوقراطية التي تحملها أجندات هذه الحركات، وكذلك ينتقد الطريقة التي تعاطت بها الصحف والقنوات الفضائية الأجنبية مع الجهاديين في سوريا وليبيا؛ حيث تم إبرازهم على أنهم ضحايا في سبيل الديمقراطية رغم ارتكابهم العديد من الجرائم.
الطائفية: هل من مسألة تآمرية؟
يبحث «فرحة» في مسألة المؤامرة، وعلاقتها بتصاعد حدة الطائفية ونعراتها في المنطقة، ويستند في ذلك على الاستراتيجية الأمريكية فيما سُمى بـ«الشرق الأوسط الجديد»، التي بدأت بتدمير العراق في 2003، وما استتبعها من حرب أهلية طويلة بين السنة والشيعة هناك، وفي هذا السياق، يعتبر أن ما حدث في 2011 هو استمرار لاستكمال الخطة التي بدأت بالعراق عام 2003 لتصل في 2011 إلى مصر وليبيا وسوريا ولبنان والسودان.
ويشير الكاتب إلى دلالات دعم الولايات المتحدة الأمريكية وحلفائها في الاتحاد الأوروبي لفكرة الطائفية في منطقة الخليج، وما استتبعها من تعزيز الصراع بين المملكة العربية السعودية وإيران على أنها حرب دينية وليس صراعًا طبيعيًا بين دولتين اقليميتين لكل منهما مصالحها الخاصة.
وتسوق الدراسة العديد من الدلالات التي تشير إلى دعم واشنطن وإسرائيل للنعرات الطائفية أهمها دعم جماعة الإخوان في مرحلة ما بعد 2011 باعتبارهم القوة السياسية القادرة على القيام بأعباء الحكم.
وعلى صعيدٍ آخر، فضلت إسرائيل دعم الحركات الجهادية في سوريا عن نظام الأسد لدعمه حزب الله وإيران في المواجهة معها فضلًا عن تصاعد أصوات عربية مؤخرًا لاعتبار طهران هي الأخطر على المنطقة من النفوذ الإسرائيلي وبالتالي تعمل هذه الأصوات على التسلح لمواجهة الدولة الصفوية وليس إسرائيل، وتعمل إيران جاهدة للاستفادة من الكيانات الطائفية، وهو ما برز في دعمها للحشد الشعبي في العراق والميليشيات الطائفية في سوريا.
ويرى «فرحة»، أن الحرب الأهلية السورية قد سكبت الوقود على النار التي تم إشعالها بعد غزو العراق في 2003، واعتبر أن هذه الحرب ستنتج اضطرابًا طائفيًا جديدًا في المنطقة يُضاف للتجربة العراقية التي أفرزت حالة الطائفية في أسوأ صورها بعد سقوط نظام صدام حسين.
تجدر الإشارة إلى أن «فرحة»، اعتبر أن إسرائيل هي المستفيد الأكبر من النعرات الطائفية التي تعالت بعد أحداث 2011؛ إذ ألمح إلى مواقف الجماهير السنية من دعم حزب الله وإيران وسوريا عندما كانوا يواجهون إسرائيل عسكريًا، وذلك بغض الطرف عن الطائفة التي ينتمون لها، وذلك بعكس ما حدث عقب 2011. ويشير بذلك إلى أهمية فكرة «القومية العربية» كبديل لنعرات الطائفية والهويات الفرعية.
وختامًا؛ يشير «فرحة» إلى الضوء الأخضر الذي منحه الغرب للطائفية كاستراتيجية لإدارة مرحلة ما بعد 2011، محملًا أحداث الربيع العربي مسؤولية تصاعد النعرات الطائفية بين الناس، وكذلك صعود موجة الطائفية الإقليمية مثل ما شاهدنا في تعامل المملكة العربية السعودية مع الربيع العربي؛ إذ رفضت الثورات في مصر وتونس ولكنها شجعت الثوار ودعمتهم في سوريا، وذلك لاعتبارات تتعلق بالتنافس الإقليمي بينها ومشروع إيران في المنطقة العربية.
«فرحة»، يؤكد أن «الطائفية» ازدادت وظهرت إلى الواجهة بشكلٍ لم يسبق له مثيل بعد أحداث 2011، ولم يستثن أحدٌ من هذه المشاعر الطائفية سواءً كانت بين المسلم السني ونظيره الشيعي (كما في الحالة السورية والعراقية)، أو بين المسلم والمسيحي (كما في حالة مصر)، ووصل الأمر إلى الصراع داخل الطائفة الواحدة.
وتنبع أهمية هذا المشروع الذي عمل عليه «فرحة»، في أن هناك ضرورة ملحة لإعادة تأصيل مفهوم «الطائفية» في ضوء مستجدات الأحداث، بهدف العمل على تنقيته من المفاهيم المغلوطة التي اختلطت به، ويتناول صاحب «البحث عن الطائفية في الربيع العربي» في هذه الدراسة التساؤلات المتعلقة بأسباب انتشار الطائفية، والسياسات التي تدعمها، وهل يمكن أن يتم توظيف الهوية والطائفية لكسب الدعم السياسي للأنظمة العربية التي عانت الهشاشة والسلطوية قبل أن تستيقظ على أحداث 2011.
الطائفية وجذورها
يعتبر «فرحة»، أن هناك مفكرين مثل «ابن خلدون» دعموا فكرة الطائفية؛ حيث قال «ابن خلدون»: «إن الدعوة الدينية تزيد من قوة الدولة»، ورغم انتقاد الكاتب لمسألة الطائفية فإنه لم ينكر أنها ذات قوة تأثيرية استثنائية في الحشد وتنظيم حملات الدعم والهجوم، ويرى أن الأنظمة عززت من التنافس بين الطوائف لتحقيق مصلحتها.
ويورد «فرحة»، ما ذكره «ابن خلدون» في كتاب المقدمة حول أهمية الحماسة الدينية في قيام الدولة الإسلامية، وضرب مثلًا بذلك في مدى حب الناس للانخراط في أمور الدنيا للمصلحة والتنافس والنزاع فيما بينهم، أم أنهم يتمنون أن تتحول قلوبهم وأفعالهم نحو الله، ويرد باحث الاجتماع الفلسطيني «هشام شرابي» على ذلك بما وصلت له القومية العربية من انتشار دون الاعتماد على أي رموز دينية.
ويشير «فرحة»، إلى رفض الإسلام لفكرة التطييف (Sectarianization)؛ إذ شجب القرآن ما قام به فرعون في تقسيم أهله إلى شيع وطوائف، وهو ما يعتبره أمر قرآني واضح لرفض الطائفية، ورغم أن مفهوم الطائفية يعني المجموعة فإنه حمل في طيّاته معاني سلبية تشير إلى النعرة والتعصب للطائفة والمجموعة.
وتعد الطائفية وفق ما يطرحه «فرحة»؛ تعبيرًا حقيقيًا عن الفساد السياسي، وضعف الدولة، وانتشار الاستبداد والقمع، ويعتبر أن النظام الديمقراطي بكل مساوئه يقدم درجة أقل من انتشار الطائفية، وهو ما يدحضه بسلوك الجمهوريات العربية التي عززت من السياسات الطائفية بسبب المنافسات الانتخابية التي تستخدم الطائفة والقبيلة لمصالح وأهداف سياسية، وذلك بعكس الملكيات التي لا تجري انتخابات.
الطائفية وأزمة الشرق في 2011
يتطرق «فرحة» إلى الطائفية باعتبارها من المحرمات سواءً كان في الشرق أم الغرب، وذلك لما تثيره من حساسيات تتعلق بفكرة العيش المشترك، ويوضح في هذا السياق، الجذور التاريخية للطائفية في المنطقة العربية مثل تهجير الأقباط واليهود في عهد الفاطميين خاصة حقبة الخليفة «الحاكم بأمر الله» (996-1021م).
وبرزت الطائفية في الثورة السورية قبل دخول حزب الله الحرب وبعد دخوله؛ إذ وصف المجلس الثوري السوري في بيانٍ له في يونيو 2011 أن ما يحدث في سوريا حاليًا ما هو إلا احتلال صفوي بقيادة إيران وعملائها داخل الأراضي السورية، وفي السياق ذاته، دعت الحركات والأحزاب الإسلامية السنية في مصر وتونس إلى حرب مقدسة ضد نظام «بشار الأسد».
ويحاول أن يخرج «فرحة»، من هذا السياق بنتيجة مفادها أن الثورة السورية اتخذت منحى طائفيا في تطور أحداثها دون إنكاره لعدالة مطالبها بالحرية والمساواة وإنهاء المحسوبية والفساد.
ويرفض الكاتب، الرؤية الأمريكية في التعاطي مع الأحزاب الإسلامية بعد أحداث 2011 على أنها نماذج للتيارات المعتدلة التي يجب دعمها، وذلك لاعتبارات تتعلق بالتوجهات الثيوقراطية التي تحملها أجندات هذه الحركات، وكذلك ينتقد الطريقة التي تعاطت بها الصحف والقنوات الفضائية الأجنبية مع الجهاديين في سوريا وليبيا؛ حيث تم إبرازهم على أنهم ضحايا في سبيل الديمقراطية رغم ارتكابهم العديد من الجرائم.
الطائفية: هل من مسألة تآمرية؟
يبحث «فرحة» في مسألة المؤامرة، وعلاقتها بتصاعد حدة الطائفية ونعراتها في المنطقة، ويستند في ذلك على الاستراتيجية الأمريكية فيما سُمى بـ«الشرق الأوسط الجديد»، التي بدأت بتدمير العراق في 2003، وما استتبعها من حرب أهلية طويلة بين السنة والشيعة هناك، وفي هذا السياق، يعتبر أن ما حدث في 2011 هو استمرار لاستكمال الخطة التي بدأت بالعراق عام 2003 لتصل في 2011 إلى مصر وليبيا وسوريا ولبنان والسودان.
ويشير الكاتب إلى دلالات دعم الولايات المتحدة الأمريكية وحلفائها في الاتحاد الأوروبي لفكرة الطائفية في منطقة الخليج، وما استتبعها من تعزيز الصراع بين المملكة العربية السعودية وإيران على أنها حرب دينية وليس صراعًا طبيعيًا بين دولتين اقليميتين لكل منهما مصالحها الخاصة.
وتسوق الدراسة العديد من الدلالات التي تشير إلى دعم واشنطن وإسرائيل للنعرات الطائفية أهمها دعم جماعة الإخوان في مرحلة ما بعد 2011 باعتبارهم القوة السياسية القادرة على القيام بأعباء الحكم.
وعلى صعيدٍ آخر، فضلت إسرائيل دعم الحركات الجهادية في سوريا عن نظام الأسد لدعمه حزب الله وإيران في المواجهة معها فضلًا عن تصاعد أصوات عربية مؤخرًا لاعتبار طهران هي الأخطر على المنطقة من النفوذ الإسرائيلي وبالتالي تعمل هذه الأصوات على التسلح لمواجهة الدولة الصفوية وليس إسرائيل، وتعمل إيران جاهدة للاستفادة من الكيانات الطائفية، وهو ما برز في دعمها للحشد الشعبي في العراق والميليشيات الطائفية في سوريا.
ويرى «فرحة»، أن الحرب الأهلية السورية قد سكبت الوقود على النار التي تم إشعالها بعد غزو العراق في 2003، واعتبر أن هذه الحرب ستنتج اضطرابًا طائفيًا جديدًا في المنطقة يُضاف للتجربة العراقية التي أفرزت حالة الطائفية في أسوأ صورها بعد سقوط نظام صدام حسين.
تجدر الإشارة إلى أن «فرحة»، اعتبر أن إسرائيل هي المستفيد الأكبر من النعرات الطائفية التي تعالت بعد أحداث 2011؛ إذ ألمح إلى مواقف الجماهير السنية من دعم حزب الله وإيران وسوريا عندما كانوا يواجهون إسرائيل عسكريًا، وذلك بغض الطرف عن الطائفة التي ينتمون لها، وذلك بعكس ما حدث عقب 2011. ويشير بذلك إلى أهمية فكرة «القومية العربية» كبديل لنعرات الطائفية والهويات الفرعية.
وختامًا؛ يشير «فرحة» إلى الضوء الأخضر الذي منحه الغرب للطائفية كاستراتيجية لإدارة مرحلة ما بعد 2011، محملًا أحداث الربيع العربي مسؤولية تصاعد النعرات الطائفية بين الناس، وكذلك صعود موجة الطائفية الإقليمية مثل ما شاهدنا في تعامل المملكة العربية السعودية مع الربيع العربي؛ إذ رفضت الثورات في مصر وتونس ولكنها شجعت الثوار ودعمتهم في سوريا، وذلك لاعتبارات تتعلق بالتنافس الإقليمي بينها ومشروع إيران في المنطقة العربية.