عبدالسلام فرج.. مؤلف «دستور الإرهاب» الأول عالميًّا

السبت 28/يوليو/2018 - 09:27 ص
طباعة عبدالسلام فرج.. مؤلف إسلام محمد
 
محمد عبدالسلام فرج، أحد أبرز مُنَظِّري الفكر الجهادي العنيف في مصر والعالم، فقد كان كتابه «الفريضة الغائبة» بمثابة دستور للجهاديين في مصر قاطبةً، كما كان على رأس المتهمين في قضية اغتيال الرئيس الراحل محمد أنور السادات، وأحد 5 أشخاص تم إعدامهم في هذه القضية.

لم يدرس «فرج» دراسة دينية، بل تخرج في كلية الهندسة، جامعة القاهرة، واعتمد في استقاء معلوماته وأفكاره على ما يقع بين يديه من كتب، وتأثر بشكل خاص بفكر سيد قطب مُنَظّر جماعة الإخوان، و«أبوالأعلى المودودي» مؤسس الجماعة الإسلامية وكتاباتهما، وكان يؤم المصلين في مسجد عمر بن عبدالعزيز، القريب من منزله.

تعرف محمد عبدالسلام فرج، على محمد سالم الرحال، وهو فلسطيني يحمل الجنسية الأردنية، وكان ناشطًا في نشر الفكر المسلح داخل مصر، التي انتشر بها في ذلك الوقت عدد من المجموعات الصغيرة التي تتبنى هذا الفكر، وبعد أحداث «الزاوية الحمراء» الشهيرة في يونيو 1981 (حدثت فيها مواجهات طائفية بين المسلمين والمسيحيين)، تم ترحيل الرحال للخارج، وهنا جاءت الفرصة لمحمد عبدالسلام فرج لقيادة المجموعات الجهادية، وملء الفراغ الذي تركه «الرحال».

حاول «فرج» لمّ شمل كل الجماعات الإسلامية في كِيان واحد، وهو التحول الأبرز في مسيرة التيار الجهادي؛ إذ التقى كرم زهدي القيادي بالجماعة الإسلامية، واتفقا على دمج الجماعتين؛ حيث يقود «زهدي» الجماعة الإسلامية في الصعيد، ويقود «فرج» المجموعات الجهادية في الوجه البحري، ومن هنا بدأ التخطيط لقتل الرئيس السادات، على اعتبار أنه لا يحكم بالشريعة الإسلامية، حسب أفكارهم.

وضمت المجموعات الجهادية التي تزعمها فرج عددًا من ضباط الجيش، أبرزهم عبود الزمر، الذي كان رافضًا فكرة اغتيال السادات، على اعتبار أن التنظيم الجديد يحتاج على الأقل 5 سنوات ليكتمل بنيانه، ويستطيع القبض على زمام السلطة بنجاح، إلا أن تسارع وتيرة الأحداث كانت أسرع مما يتوقع الجميع؛ ففي 13 سبتمبر 1981، أصدر الرئيس السادات قوائم التحفظ التي ضمت 1536 شخصًا من القوى السياسية والفكرية المعارضة للنظام، ووردت أسماء عدد من كوادر التنظيم ضمن المطلوب اعتقالهم فورًا؛ ما أربك خطط التنظيم بعدما أصبحوا في دائرة الاستهداف، فلجأ بعضهم للاختباء، وتم القبض على البعض الآخر.

التفكير الجدي
بدأ «فرج» يُفكر في التحرك بشكل أسرع، وأتته الفرصة بأسرع مما تخيل، ولعبت المصادفة دورها عندما تم إعلام الضابط خالد الإسلامبولي، بأنه سيكون مشاركًا في العرض العسكري، الذي سيقام يوم 6 أكتوبر 1981، أمام الرئيس، بمناسبة احتفالات ذكرى نصر حرب أكتوبر 1973، وكان «خالد» عضوًا بتنظيم الجهاد، فذهب إلى «فرج» وعرض عليه فكرة اغتيال السادات، ورغم أن المسألة كانت محسومة لدى «فرج» فإنه تفاجأ بالعرض، واستشار رفقاءه، ونجح في إقناعهم بانتهاز الفرصة، وبدأ في الإعداد للعملية، وتكفل «الإسلامبولي» بمهمة إدخال المهاجمين معه إلى العرض العسكري.

وكانت المجموعة المكلفة بالعملية تتكون من 3 أفراد، إلى جانب «الإسلامبولي»، هم: ملازم أول مهندس احتياط، عطا طايل، زميل «فرج» في المدرسة الثانوية وابن قريته بالدلنجات، والضابط المفصول عبدالحميد عبدالسلام، والرقيب متطوع حسين عباس، وكان الأخير قناصًا محترفًا فاز ببطولة الجيش للرماية لـ7 سنوات متتاليات، وهو الذي بدأ الهجوم، ونجح في إصابة الرئيس السادات في مقتل؛ حيث اخترقت رصاصته الأولى الجانب الأيمن من رقبته، ليكمل الثلاثة الآخرون عملية الهجوم.

ونقلت كاميرات التلفزيون بداية عملية الاغتيال، ثم انقطع الإرسال، فعلم كرم زهدي، وهو في الصعيد بنجاح الأمر، واتفق مع أفراد الجماعة الإسلامية على السيطرة على مديرية أمن أسيوط ومقرات الشرطة في عملية خاطفة، تم تنفيذها عقب الاغتيال بيومين، وعرفت إعلاميًّا بـ«أحداث أسيوط»، واستشهد فيها العشرات من الضباط والجنود، وكانت الخطة تقضي بالسيطرة على أسيوط ثم الانطلاق منها إلى القاهرة لإسقاط النظام، إلا أن تعزيزات الشرطة نجحت في السيطرة على الموقف، واستعادة كل المواقع في اليوم نفس، وتم القبض على المهاجمين.

تم إلقاء القبض على «فرج» بعد أسبوع على عملية الاغتيال؛ إذ كان يختبئ لدى أحد أقارب زوج أخته في قريته بالدلنجات بمحافظة البحيرة، بعدما أزال لحيته؛ بهدف التخفي، وأنكر معرفته السابقة بالجناة، وادعى أنه لم يرهم إلا على صفحات الجرائد عقب عملية الاغتيال، وما لبث أن اعترف عقب تضييق الخناق عليه ومواجهته باعترافات المتهمين، وتم تحويلهم للمحاكمة.

وفي نوفمبر 1981، عقدت المحكمة العسكرية العليا أولى جلساتها، في القضية (رقم 7 لسنة 1981م أمن دولة عسكرية عليا)، واستمرت المداولات 4 أشهر، حتى صدر الحكم في 6 مارس 1982، بإجماع الآراء بإعدام محمد عبدالسلام فرج شنقًا، وتم تنفيذ الحكم في 15 أبريل من العام نفسه.

بعد إعدام «فرج»، انهار التحالف بين الجماعة الإسلامية، وتنظيم الجهاد، وتفتت التنظيم وتناثرت شظاياه في أنحاء العالم بعد ذلك، فيما ظلَّ كتاب «الفريضة الغائبة» مرجعًا فكريًّا ودستور الإرهاب الأول، لمعتنقي الفكر العنيف، وطبع طبعات عدّة بعد ذلك، ومازال يتم تداوله بين المتطرفين حتى الآن.

شارك