استعدادًا لخوض انتخابات البرلمان.. "النور" يتنصل من الصفة "الدينية"

الخميس 30/أكتوبر/2014 - 10:38 م
طباعة استعدادًا لخوض انتخابات
 
استعدادًا لخوض انتخابات
مع اقتراب الانتخابات البرلمانية المصرية فإن مستقبل غامض ما زال ينتظر حزب النور السلفي وسط دعوات كثيرة بحظر الحزب على أساس أنه حزب ديني وهذا يتعارض مع الدستور الذي يحتوي على مادة حظر تشكيل الأحزاب السياسية على أساس ديني، وذلك طبقًا للمادة 74 من دستور 2014.
يرى بعض المحللين في هذا السياق، أنه من الصعب تطبيق هذه المادة؛ لصعوبة إثبات أن أيا من الأحزاب السياسية ذات مرجعية دينية أم لا، في وقت تنكر أغلبية هذه الأحزاب تأسيسها على أساس ديني، والبعض الآخر يستند إلى أن المادة الثانية في الدستور تقر بأن "الإسلام دين الدولة، واللغة العربية لغتها الرسمية، ومبادئ الشريعة الإسلامية المصدر الرئيسي للتشريع"، مؤكدين أن أحزابهم متسقة مع ما جاء في الدستور حيال هذا الأمر.
من جانبه يحاول حزب النور الآن مستميتًا نفي تأسيسه على خلفية دينية محاولًا جذب القطاع الأكبر من الجماهير، حتى يستطيع خوض الانتخابات، ففي تصريح صحفي اليوم، قال مجدي سليم عضو المكتب الرئاسي لحزب النور "إن هناك أقباطًا وافقوا على الانضمام إلى الحزب للدخول في قائمة الحزب الانتخابية، وأن هناك تواصلًا مع أقباط في المحافظات للانضمام إلى القائمة الانتخابية التي سيتم الإعلان عنها بعد تحديد الدوائر الانتخابية".
تأتي هذه التصريحات في ظل تصريحات متناثرة للأحزاب الليبرالية باستحالة تحالفها مع حزب النور، نظرًا لتعارض برامجهم إلى جانب انحدار شعبية النور خاصةً  بعد 30 يونيه. 

ثلاثة أسباب تؤكد تراجع الشعبية

ثلاثة أسباب تؤكد
رغم كل المؤشرات التي تفيد بتراجع شعبية النور وصعوبة حصولهم على نسبة معقولة من مقاعد البرلمان القادم كالتي حصل عليها في برلمان 2012 و التي وصلت الى 20 % تقريبا ً، فقد صرح  يونس مخيون رئيس الحزب، أنه سيحوز على 20% من مقاعد البرلمان المقبل، وترتيبًا على جميع المواقف السابقة والمتضاربة للحزب، فإن هناك ثلاثة أسبابٍ رئيسية تؤكد ضعف فرصته في البرلمان المقبل.. تمثلت في:
1ـ رفض الإسلاميين لحزب النور 
أدى وجود  ياسر برهامي نائب رئيس الدعوة السلفية وسط القيادات الدينية والسياسية التي صاغت بيان 3 يوليو، والذي بموجبه تم عزل محمد مرسي الرئيس الإخواني، إلى تحويل الخلاف لعداء علني مع جماعة الإخوان المسلمين والتيارات المنضمة لها في التحالف الوطني لدعم الشرعية.
بعدها تم الترويج من قبل الجماعة و الموالين لها بأن هناك صفقة تمت بين النور والسلطة في مصر.
من جانبه كان يرى "النور" أنه الطرف الأقوى بعد الجماعة، وأن إزاحتها من طريقه سيمهد الطريق لاعتلاء السلطة بديلا عنهم و إعادة طرح أنفسهم كنموذج للإسلام السياسي الليبرالي المعتدل، و قد صرح برهامي وقتها، بأن السلفيين هم من واجهوا المتشددين والتكفيريين، لافتًا إلى أن الدعوة السلفية لم تحمل سلاحاً أبداً، في محاولة لإبعاد تهمة الاشتراك في العنف الذي حدث عقب 30 يونيه، والذي أثير بأن قواعد النور شاركت فيه.
2ـ تجربة "لنور" داخل برلمان 2012
خاض حزب النور انتخابات برلمان 2012 من خلال الكتلة الإسلامية و هو تحالف إسلامي أنشئ في 23 أكتوبر 2011، ويضم أحزابًا سلفية هي النور والأصالة والبناء والتنمية  . 
جاءت النتائج بحصول النور و التحالف على الكتلة الأكبر من المقاعد بعد حزب الحرية و العدالة الزراع السياسية لجماعة الإخوان، حيث حصل على نسبة الـ 20 % . 
وجاءت هذه التجربة مخيبة للمصريين، فمنذ بداية أداء أعضاء النور بشكل يبدو مسرحيا لا يليق بمكانة برلمان ثورة ينتظره المصريون نهاية بنوعية القضايا والقوانين التي يقترحها أعضاء الحزب التي كانت تميل إلى تقويض الحريات وانتقاص الحقوق وخاصة ً في المسائل التي تتعلق بالمرأة، كان من أهم ما حاول النور مناقشته: 
- مشروع قانون تخفيض سن الزواج للإناث من 18 ال 16 عامًا
- وتقدم به تقدم به النائب السلفي ناصر مصطفى شاكر، عضو مجلس الشعب عن حزب "النور"، بحجة أن مشروع لتخفيض سن الزواج من 18 إلى 16 عاماً وأشارت المذكرة الايضاحية لمشروع القانون إلى أن قانون رفع سن الزواج إلى 18 عامًا الذي أصدره البرلمان السابق يعد من القوانين السيئة التي أضاعت حقوقًا عديدة للفتيات، حيث أدى إلى عدم توثيق أولياء الأمور زواج الفتيات خشية التعرض لعقوبة الحبس والغرامة.
- قانون الرؤية والاستضافة..   وينص على انتهاء حق حضانة النساء للأطفال ببلوغ سن 7 سنوات للولد و9 سنوات للبنت وهو سن التمييز، بحيث يخير القاضي الابن أو الابنة بعد بلوغ هذه السن في البقاء في يد الحاضنة دون أجر حضانة، وذلك حتى يبلغ الصغير سن الرشد وحتى تتزوج الصغيرة .
- مشروع قانون لإلغاء مرجعية الازهر وتقييد سلطات شيخه تقدم به النائب السلفي على قطامش في محاولة من السلفيين للسيطرة على الأزهر و حصاره باعتباره المؤسسة الدينية المعتدلة في مصر . 
3ـ لفظ الشعب المصري لجملة تيار الإسلام السياسي 
فضلًا عما تقدم، فإن أغلب النظرة الشعبية لجميع تيارات الإسلام السياسي، تحولت إلى حدٍ بعيد باتجاه فقد الثقة، خاصة بعد مراحل مصيرية تلت ثورة 25 يناير، وقد خاض الشعب تجربة الاختيار الحر في انتخابات البرلمان،  والتي حصد فيها حزب الحرية والعدالة النسبة الأكبر، وتلاه "النور"، ثم تمكنت جماعة الإخوان من انتخابات الرئاسة، ليقدم الحزبان معًا تجربةً شابها كثير من حسابات المصلحة، حتى أُزيل القناع تمامًا بمرور الوقت عن أهداف التمكين التي بدت في جميع إجراءات الممارسة السياسية، لتيارات الإسلام الراديكالي، وصولًا لـ" 30 يونيه" وما استمر بعدها من اختيار الإرهاب لتصفية الحسابات مع الشعب والدولة.

الخُلاصة

الخُلاصة
يتحرك حزبُ النور الآن، على قدمٍ وساق، في استماتةٍ للحفاظ على تواجده داخل المشهد السياسي، ومن ثم مراكز صناعة القرار في البلاد ومن أهمها البرلمان، وتتضح دلالات هذا التحرك في محاولات دحض فكرة تأسيسه على أساس ديني، مخالفًا الدستور، وهو الأمر الذي بات من الصعب تصوره في ظل تجارب سابقة ومتضاربة للحزب، رغم تصريحات النور بقدرته على سحب بعض جمهور الشارع المصري في صفه، مُراهنًا ربما على إمكانية فراغ المشهد الانتخابي من أي ملامح للأحزاب الليبرالية على الأرض.

شارك