الديمقراطية الكافرة عند الإسلاميين
السبت 01/نوفمبر/2014 - 10:29 م
طباعة

اسم الكتاب - الديمقراطية الكافرة عند الاسلاميين
الكاتب – محمود منصور
تاريخ النشر – 2010
الناشر والمطبعة – مجهولين
تاتى اهمية هذا الكتاب انه يمثل تجربة فكرية بحثية شديدة الخصوصية لم تحظى بالاهتمام او التوقف اللازم .ويعبر الكاتب غير المشهور محمود منصور عن كثير من الشباب الباحث عن العدالة المنشودة بين المرور قى التجارب بالاستماع الى الواعظ والانضمام الى احزاب ثم حركات اسلامية واخير المواجهة العقلية فيطرح اسئلة لا يجد له اجابات في هذه القوالب التقليدية .ويقول محمود بدات رحلة البحث عن العدل منذ ثلاثين عاما فى جامع عين الحياة القريب من منزلنا فكانت خطب المرحوم الشيخ عبد الحميد كشك الاسبوعية ودروسه يومى الاحد والثلاثاء هما الوجبة الاساسية لنا. لكن الرجل لم يقدم لنا الحل المثالى لحياة بلا طغيان فكل ما كان يقدمه امثلة من حياة الخلفاء الراشدين وعظمة عدالتهم لكن عمر بن الخطاب لن يعود فما الحل اذن؟ انا اريد نظاما للحكم يكون الحاكم فيه كسائق لقطار لا يجد الا القضبان الحديدية وهناك ادارة التشغيل التى تتحكم فى اتجاهات سير القطار ويكون دور الحاكم هو ان يسرع او يبطئ او يوقف القطار ولا اريد رابط ولا ضابط فلم اجد اجابة عند احد من العلماء على كثرة ما سمعت وقرات وبدات الاسئلة تتخبط فى راسى
التخبط
1- لماذا نجد ان اكثر ما يثير علماء الاسلام كتاب هنا او مقالة هناك او عمل فنى فتقوم الدنيا ولا تقعد؟
2- لماذا نجد ان الدول الاسلامية هى اكثر الدول التى ينتشر فيها الظلم والفساد المالى؟
3- لماذا يتجنب العلماء الحديث عن مشكلات الجماهير والظلم الذى تتعرض له الشعوب على يد الحكام وكل ما يطالبون به هو تطبيق الشريعة الاسلامية الى هى فى نظر الكثيرين ما هى الا تطبيق الحدود وهم يملئون الدنيا صياحا: ان الاسلام دين ودنيا؟
4- لماذا لم نقرا لاحد الفقهاء على طول التاريخ الاسلامى عن كيفية تطبيق الحدود على الحاكم او القصاص منه؟ ام ان الشريعة الاسلامية لا تطبق على الحاكم؟
5- لماذا لم نقرا لهؤلاء الفقهاء عن كيفية تحديد مرتب الحاكم؟
ام انه ياخذ من بيت المال هو واسرته ما يشاء دون رقيب او حسيب
6- لقد كتب العلماء عشرات الكتب فى كيفية الدخول والخروج من دورات المياة فلماذا لم يقل لنا علماء الاسلام كيفية انتخاب الحاكم دون اراقة الدماء مثلما يحدث فى الدول الديمقراطية؟
7- هل الاسلام لا يبالى بتحقيق العدل بين تابعيه واهم ما فيه هو ان نعبد الله؟
8- هل الله فى حاجة ماسة للعبادة فبمجرد ان يقيم الحاكم الشعائر الدينية لله فان الله سيغفر له كل طغيانة للشعب؟
9- هل تعذيب الحاكم للشعب مباح ام غير مباح وما معنى قول الرسول ص :" تسمع وتطيع للامير، وان ضرب ظهرك واخذ مالك فاسمع واطع"
10- هل الله كتب علينا اما ان نعذب فى الدنيا على يد حكامه واذا تمردنا على الحكام سيعذبنا الله فى الاخرة؟ فهل الله يتلذذ بعذابنا؟
11- لماذا نجى الله اليهود من عذاب فرعون بينما ترك حكامنا يعذبوننا هل اليهود هم شعب الله المختار ونحن المغضوب عليهم؟
12- اننا نرى الشعوب الغربية استطاعت ان تحقق العدل والمساواة بدرجة اكبر من الدول الاسلامية، واصبح المواطن الغربى ستطيع ان ينال حقه من الحاكم بينما فى الدول الاسلامية اذا اراد المواطن ان يحصل على حقه من الحاكم فان نهايته تكون غير مامونة ان لم يكن هذا اخر طلب له فى الحياة والعلماء يقولون ان هذه الديمقراطية لا تتفق مع الاسلام فهل البشر استطاعوا ان يجدوا نظاما يحقق العدل وشريعة الله فشلت فى هذا؟
13- ما موقف الاخوان المسلمين من الشورى؟ وهل هى ملزمة ام ان الحاكم يستشير من ما يشاء ثم يفعل ما يشاء؟ خاصة وان الكتب التى يعتمد عليها اعضاء الاخوان المسلمين تقول ان الشورى غير ملزمة مثل كتاب فقه السيرة للبوطى وكتاب اصول الدعوة للدكتور عبد الكريم زيدان وبعض ممن قابلتهم من الاخوان كان رايهم انها غير ملزمة متاثرين بالفكر الوهابى.
14-وما هو راى الاخوان فى حكم الدولة الاموية والعباسية والعثمانية والفترة التى ساند فيها الترابى البشير بعد الغاء التجربة الديمقراطية الوليدة فى السودان وحكم طالبان فى افغانستان هل تعتبر حكومات ذات نظم اسلامية؟ وانهم من الممكن التراجع عن مطالبتهم بالديمقراطية عند الوصول للحكم واتباع نظم حكم معاوية ويزيد والسفاح والبشير. لان هذا مقصدهم من قولهم اننا نريد ديمقراطية ذات مرجعية اسلامية؟
البحث عن العدل
كانت هذه الاسئلة وغيرها الكثير تدور فى راسى فبدات رحلة البحث عن كيفية تطبيق العدل ورؤية الحاكم من منظور اسلامى وعلاقة الاسلام بالعدل والظلم.
فى عام 1985 بدات انا وبعض اصدقائى البحث للانضمام الى احد الاحزاب السياسية للاندماج فى التجربة الديمقراطية وفى عام 1986 اتفقت انا وزملائى محمد فكرى صاحب كتاب المراة على مر العصور والسيناريست محمود النجار وممدوح شبل معلم اللغة العربية وكنا فى ذلك الوقت طلابا فى الجامعة فانضممنا لحزب الاحرار وكان المرحوم الشيخ صلاح ابو اسماعيل نائبا لرئيس الحزب الذى كان يراسه الزعيم مصطفى كامل مراد رحمه الله وكانت مبادرته لدعوة الجماعات الاسلامية للانضمام للاحزاب للبعد عن اعمال العنف فكان انضمام المرحوم الشيخ صلاح ابو اسماعيل والشيخ يوسف البدرى وكيلا للحزب وكانوا يلتقون باعضاء الجماعات الاسلامية فى الندوة التى كان ينظمها المرحوم الحمزة دعبس رئيس مجلس ادارة جريدة النور الاسلامية كل اربعاء لدعوتهم للانضمام لحزب الاحرار هو قطار نركبه ليوصلنا للحكم لتطبيق الشريعة الاسلامية. ثم يسالهم اتثقون فى؟ فيكون الرد بنعم. فيقول لو استطعنا ان نجعل فى مجلس الشعب 400 صلاح ابو اسماعيل سنستطيع ان نقر قوانين الشريعة الاسلامية. وكل ما كان يثارعن تطبيق الشريعة كان يتلخص فى الحدود واثناء ذلك كانت الحوارات لا تتحدث عن شريعة الاحزاب فلم اسمع منهم ان عمل الاحزاب شرعى فالاحزاب لديهم حزبان حزب الله وحزب الشيطان وانما كان راى من ينضم منهم للاحزاب انه مجرد وسيلة للوصول للحكم لتطبيق الشريعة الاسلامية بل كان اعضاء هذه الجماعات يرون انه فى وجود الحاكم الذى يحكم بالشريعة الاسلامية فانه لا شرعي. حتى لوجود جماعتهم وتعتبر عمل غير اسلامى.
احزاب فاشلة
لقد انضممت لحزب الاحرار واشتركت فى لجنة شباب احزاب المعارضة فى الثمانينات وكانت تضم من الاحزاب محمد فريد زكريا عضو مجلس الشورى السابق وصلاح سليمان وتوحيد البنهاوى من التجمع وايمن نور من الوفد ومجدى حسين من العمل وعاطف البيلى من الاحرار فلم ار الا خوار هذه الاحزاب من الاعضاء بدرجات متفاوتة بالمقارنة بمن يحضر صلاة الجمعة او يحضر مباراة كرة قدم او من يركب قطارا ثم انتخبت امينا لشباب حزب الاحرار ثم وكيلا للحزب لازداد اقتناعا بانه لا امل فى مشاركة الشعب فى العمل الحزبى ونجاح التجربة الديمقراطية الا باقتناع هذا الشباب بالعدل وضرورة مكافحة الظلم وان الديمقراطية لا تعارض الاسلام فلقد حدث انهيار فى فكر المتدينين نتيجة لعمل اغلبهم بالخليج وتاثرهم بالفكر الوهابى وان اغلب هؤلاء عاشوا لفترة فى السعودية او تاثروا بدعايتهم فى الوقت الذى تعرض بعضهم للاضطهاد فى مصر عبد الناصر واحتضنتهم السعودية كرها فى النظام المصرى وخوفا من انتشار الثورات ضد الملكية نتيجة لذلك فشلت عملية انضمام شباب الجماعات للاحزاب حتى الاخوان المسلمين كانوا قد تاثروا بذلك ففرض حظر على انضمام اى عضو للاحزاب فكان لهذا الفكر اثره الكبير فى فشل العملية الديمقراطية نظرا لخواء الاحزاب من الاعضاء فاغلب الشباب الفاعل يئس من نية الحكومة فى احداث تغيير ديمقراطى هذا الى جانب الاساليب التعسفية من جانب الحكومة ضد المعارضين فكان ملاذ الشباب الفاعل فى المجتمع هو الانضمام للجماعات الاسلامية. فاذا كان لا امل فى ان نعيش حياة كريمة فى الدنيا فعلى الاقل لا نخسر الاخرة فكانت الجماعات لا تبحث له فى كيفية ان يكسب الدنيا والاخرة بل تعده بالاخرة ويكون هو مستعدا هذه الحالة بالتضحية بحياته من اجل الاستشهاد فى افغانستان او البوسنة او امريكا- راجع فتوى ابن باز بوجوب جهاد هذه الدول عند المقدرة حتى يسلموا او يؤدوا الجزية والتى كان من نتيجتها ضرب برجى التجارة العالمى فى فتواه بجواز الصلح مع اليهود بناء على طلب الحكومة السعودية بعد مبادرتهم للسلام مع اسرائيل لكنه غير مستعد للسير فى مظاهره للمطالبة بحقوقه او حتى حضور ندوة تناقش البطالة او ارتفاع الاسعار او فصل عماله تعسفا او حتى اتخاذ اى وسيلة ديمقراطية للمطالبة بخروج زملائهم المعتقلين على اعتبار ان هذا من حق الحاكم ان يعتقل او يعذب كيفما شاء ولكن يمكن الخروج على الحاكم وقتل الشرطة وقتل المدنيين بعد اصدار الفتوى بتكفير الحاكم وجنوده فاذا قارنا بين اعداد المشاركين فى اى عمل تدعو اليه الجماعات الاسلامية وخاصة الاخوان المسلمين وبين اعداد المشاركين لعمل تدعو اليه الاحزاب سنجد فجوة كبيرة فى غير صالح الاحزاب هؤلاء الشباب كان مستعدا للتعرض للتعذيب والسجن والموت اذا قيل له ان هذا من اجل الله لكنه غير مستعد فى نفس الوقت للمطالبة بالعدل والديمقراطية فان الديمقراطية التى ننادى بها لم يروا لها تجربة ناجحة فى البلاد الاسلامية هذا الى جانب الفكر الوهابي المنتشر فى مصر الذى يرى الديمقراطية كفرا الى جانب ان الدول الغربية الديمقراطية هى نفسها التى تدعم الانظمة الديكتاتورية فى البلاد الاسلامية وتدعم ايضا الانظمة الوهابية فى نفس الوقت.
.فى التسعينات من القرن الماضى كنت ادرس فى قسم النظم والسياسة والاقتصاد بمعهد الدراسات الافريقية بجامعة القاهرة وكنا ندرس خطوات التحول الديمقراطى فى افريقيا هذا التحول الذى كان ينتشر فى العالم بعد سقوط الاتحاد السوفيتى كما يرى ماء الفيضان الارض بعد السنين العجاف حدث هذا بمساندة رجال الدين فى هذه البلدان بينما التجربة الديمقراطية فى البلدان الاسلامية كانت تتراجع نتيجة للطغيان المسنود من بعض رجال الدين الاسلامى وانتشار الفكر الوهابى وان مارس سلطات فرعون بشرط ان يقول انه مسلم بل يعتبرون ان من محاسن الشريعة انها لم ترتب طاعة الحاكم على العدل وانا لا اعرف هذه المحاسن لمن؟ للاسلام ام الحاكم ام لهؤلاء العلماء؟ فالعدل لا يدخل ضمن الفرائض التى يدعون اليها كما ان الظلم لا يدخل ضمن المحرمات التى يحاربها الوهابيون اما العلماء الذين يتحدثون عن العدل فهم قليلون .
بين الديمقراطية والشورى
ويقدم الكاتب مقارنة بين الديمقراطبة والشورى جاء فيها الديمقراطية . تعتبر الشعب اعلى سلطة فى الوجود فهى حكم الاكثرية وتشريع الاكثرية ودين الاكثرية تحلل وتحرم. اما الشورى فالشعب او الاكثرية هي الملتزمة والمامور بالسمع والطاعة ونحن سبق ان تحدثنا عن الشورى وحكم الاكثرية. لكن سؤالنا هو لمن الحكم؟ هل الحكم لله؟ ام الحكم للشعب؟ ام الحكم للحاكم؟ اننا اذا لم نسمح لحكم الشعب والاغلبية فان المقابل هو الطاعة المطلقة للحاكم ان الهه كما قلنا ان ينزل من عليائه ليحكم بيننا ولكن الله انزل كتابا ورسوله ترك تعاليما ثم ياتى البشر ليفسروها ويشرحوها ويحكموا بها فاما ان الشعب يختار من يضع القوانين واما ان الحاكم هو الذى سيختار من سيضع القوانين اليس هذا هو الاختيار الصحيح؟ اذن لماذا نصور الاختيار على انه بين الشعب والله تعالى. ام ان الحاكم يتلقى الوحى من السماء؟ فهو موكل بالحكم باسم الله؟ ولماذا الادعاء مسبقا ان هذه المجالس ستخالف التشريع الاسلامى؟ لماذا الثقة فى الحاكم وعدم الثقة فى الشعب وفية العلماء والقادة. اليس هذا نفاقا ( تذكروا مخالفات معاوية واله للشريعة فى المواريث وفرض الجزية على المسلمين وفى الديه ونسب اخيه من الزنا وطبقا لاقوال الوهابيين فان معاوية تشبه بالله لان هذا من اعمال الطواغيت)؟ وفى الفترات ما بعد الخلافة الراشدة التى ادعى فيها الحكام انهم يحكمون بما انزل الله. كان الظلم هو شريعتهم كما سبق ان قلنا فلماذا الثقة فى فرد واحد طالما انه على كرسى الحكم. الم يقل الرسول" كل ابن ادم خطاء" ولماذا عدم الثقة فى قرارات الشعب مهما كان به من علماء واهل للثقة. اننا نتقبل راى الحاكم وان اختلف مع الاكثرية والاقلية فهل عندما يصل الحاكم للحكم فان الله يزيده بسطة فى الجسم والعلم كما كان مع طالوت؟ ان نفس الحاكم قبل ان يكون حاكما فان العلماء يهملون رايه ضمن اراء باقى الشعب فكيف يتحول فجاة الى انسان معصوم بمجرد وصوله للسلطة. ان الشيعة لديهم عصمة الرسول والسيدة فاطمة والائمة الاثنا عشر ولكن عند اهل السنة كل الحكام معصومون من الخطأ وان لم يقولوا ذلك صراحة. فكيف نهمل كل اراء الامة لصالح شخص واحد الا اذا كان هذا الشخص معصوما او موحى اليه او الها؟.
اسئلة الختام
في ختام بحثه يقدم محمود منصور مقارنة ذكية حول فكرة تاليه الحاكم حيث قال
سنذكر بعض خصائص الاله لنتعرف على الاله الموجود بيننا
1- لا يوجد مخلوقات تجتمع لتقرر من سيكون الاله. فالاله هو من يفرض نفسه على المخلوقات.
2- لا يوجد اله يضع فى اعتباره اراء المخلوقات ولا تفرض عليه اراءهم.
3- لا يفرض على الاله ما سمنحه للعباد من اموال فهو يعطى ما يشاء لمن يشاء.
4- لا يفرض على الاله كم ياخذ من اموال العباد. فهو ياخذ ما يشاء دون حساب.
5- لا احد ينقد او يسال الاله على افعاله فهو لا يسال عما يفعل" لا يسال عما يفعل وهم يسالون" المؤمنين23 بل يجب ان نلهث له بالشكر.
6- لا احد يحاسب الاله على ما يفعله فعندما يقتل عبدا مثلا لا يطبق على الحدود.
7- الجنة والنار فى يد الاله فيعذب من يشاء ويدخل جنته من يشاء ولا معقب لامره من هذه الصفات السابقة ومن ما قرره علماء السلف فى صفات الحكام سنجد انهم وضعوا الحكام فى منزلة الاله. بل هاجوا وماجوا لان البعض اراد ان يسلب هذه الالهة بعض حقوقها فى التشريع او يشاركهم الشعب فى اتخاذ القرارات او يشارك فى اختيار الحاكمفعلى مدى الاربعة عشر قرنا من الزمان وبعد انتهاء الخلافة الراشدة اصبحت خاصية التشريع فى يد الحاكم فهو يحلل ويحرم كيفما شاء ولا راد لمشيئته مستخدما علماء السلطان لاصباغ قراراته وقوانينه بالشريعة الاسلامية فيحرموا ويحللوا ما يريده الحاكم. وعندما طالب الناس بتطبيق الديمقراطية اتهموا دعاة الديمقراطية بالكفر وجاءوا بالاية الكريمة" اتخذوا احبارهم ورهبنهم اربابا من دون الله" التوبة 31 فعندما استنكر عدى بن حاتم الطائى انهم عبدوا الرهبان والاحبار فقال الرسول صلى الله عليه وسلم" بلى انهم حرموا عليهم الحلال واحلوا لهم الحرام فاتبعوهم، فذلك عبادتهم اياهم" تفسير بن كثير ليقولوا لنا ان مجالسكم المنتخبة تتشبه بالله رغم انهم الى الان لم يروا فى البلاد الاسلامية تجربة لهذه الديمقراطية لينقدوها وهذا بالطبع حتى لا ينزعوا خاصية التشريع من يد الحاكم الاله. على اعتبار انه اله الدنيا فله الحكم من قبل ومن بعد ولا احد يفرض عليه رايا معينا فالشورى غير ملزمة فهو مثل فرعون يستشر من يشاء ثم يفعل ما يشاء فسبحان من له الامر والنهى. وان اخطا فلا احد يحاسبه او ينقده او يطالب بتطبيق حدود الله عليه فافعاله لحكمة لا يعلمها الا هو جل شانه وتعالت قدرته يعلم ما فى انفسنا من خلال اجهزته الامنية ولا نعلم ما فى نفسه هو القاهر فوق عباده. لا يسأل عما يفعل وهم يسألون هذا ما حدث طوال الأربعة عشر قرناً الماضية ثم يطالبوننا بالطاعة المطلقة للحاكم... فى الوقت الذى يكفرون فيها الدول التى لا تطبق هذه الحدود. أما الله تعالى فله الحكم فى الآخرة لذلك سنصلى ونصوم ونجح له. فهذا له الدنيا. وهذا له الآخرة. كما قسم المشركون البنين لهم والبنات لله "تلك إذاً قسمة ضيزى" النجم 22. وهم يطبقون قول السيد المسيح دون أن ينطقوا به صراحة "دع ما لله لله ودع ما لقيصر لقيصر" فهم يأمروننا بالعبادة لله ثم يأمرونا بالطاعة المطلقة لقسرى أو قيصر وإن عذبنا وأخذ مالنا... أليس هو الرازق فله أن يسترد رزقه وقتما يشاء!! إن كل الصفات التى خصها علمائنا للحاكم هى خصائص الإله. مثلما وصفت الآية بل زادوا على ما فعل الرهبان والأحبار بالظلم والفساد وعدم تطبي الحدود عليهم إذا اخطئوا (فلا توجد وسيلة لكيفية تطبيق هذه الحدود على الحكام ولم يحدث فى التاريخ الإسلامى أن عوقب أحد الحكام على جريمة ارتكبها) وعدم مراجعتهم أو فرض رأى الشعب عليهم وعدم المجاهرة بعيوبهم والاستسلام الكامل لهم. الفارق فقط بين إله الدنيا وإله الآخرة. أن إله الدنيا له أول وله آخر أما إله الآخرة فهو الأول والآخر.. هذا هو ملخص فكر الإسلاميين عن مكانة الحاكم فى الإسلام. حتى بعض أصحاب التيارات الفكرية الإسلامية المعاصرة الذين ينظرون إلى الديمقراطية على أنها تطور فكرى يجب أن نأخذ به لإصلاح الأوضاع المتردية. فهذا الرأى أيضاً ليس صواباً... لأنه لا يعتبر الديمقراطية حلاً إسلامياً بل مجرد وسيلة لا تخالف الإسلام. بينما الإسلام الأصلى لا يطالب بالديمقراطية فى اعتقادهم. أى أنه يمكن فى أى مرحلة التراجع عن الديمقراطية إلى النظام الذى كان مطبقاً فى عهد معاوية ويزيد والسفاح والذى طالما تفاخروا بهذه العصور باعتبارها عصور الإسلام الزاهية إن نظم الحكم التى طبقت فى عهد معاوية ومن بعده تخالف الديمقراطية كما تخالف ما طبق فى عهد الرسول والخلفاء الراشدين؟؟؟ فلا يمكن القول إن الإسلام مع القتل وضد القتل. أو مع الفساد وضد الفساد أو مع اغتصاب الحاكم للنساء أو ضد اغتصاب الحاكم للنساء أو مع سرقة الحاكم لمال الشعب وضد سرقة الحاكم لمال الشعب. مع تعذيب المواطن وضد تعذيب المواطن مع اختيار الشعب للحاكم ومع فرض الحاكم نفسه على الشعب. مع التزام الحاكم بالشورى ومع عدم التزام الحاكم بالشورى. فإما أن نؤمن أن الإسلام هو ما كان مطبقاً فى هذه العهود. وإما أن كل قواعد الديمقراطية من انتخاب الحاكم وعدم فرض حاكم نفسه على الشعب وقدرة الشعب على المشاركة فى اتخاذ القرارات ومحاسبة الحاكم هى التى تتفق ومبادئ الإسلام... الاثنان ضدان لا يتفقان... وأما قول البعض إن الإسلام يتفق مع الديمقراطية وفى نفس الوقت يتفاخرون بما كانت عليه الدولة الأموية والعباسية والعثمانية من استبداد وفساد فهذا مغالطة كبيرة. فهى تعمد عدم مصارحة للنفس. نعم إن هؤلاء يفتقدون قوة هذه الدول عندما كانت فى مجدها. ولكن علينا أن نعى كم استفاد المواطنون من هذه القوة بالمقارنة بالحكام؟ إن استفادة المواطنين فى الدولة الأموية أو العباسية أو العثمانية. هى نفس استفادة المواطنين فى الدولة الفارسية والدولة الرومانية والدولة الإغريقية. إننا نعانى من ردة عن عدل الإسلام وسنة الرسول صلى الله عليه وسلم وسنة الخلفاء الراشدين الصالحين الحكام لقد انتصر الإسلام فى معركة مسيلمة الكذاب ولم يستطع أحد أن يعيد عبادة الأصنام مرة أخرى ولكن خرج علينا مئات من المنافقين ليصنعوا من الحكام آلهة ما أنزل الله بها من سلطان فجعلوا الحكام ألهة يقربوننا إلى الله زلفى. فطاعتهم قربى لله وإن خالفناهم أثمنا فبعد مرور ثلاثين عاماً على وفاة الرسول صلى الله عليه وسلم تحولت الخلافة إلى ملك على يد معاوية بن أبى سفيان. ولولا فعل معاوية هذا لظلت خلافة راشدة إلى يوم القيامة كما قال الحسن البصرى. ولو وضعت أسس لحكم على مبادئ الإسلام ولطبقت الديمقراطية فى الدول الإسلامية قبل أوربا بألف وثلاثمائة عام وأصبح هؤلاء العلماء يريدون من المسلمين
أن يعتبروا من قتلوا المسلمين واعتصبوا النساء وقتلوا ومثلوا بجثة الحسين سيد شباب أهل الجنة وأهله وحرقوا المسجد الحرام وكل من فعل فعلهم من ظلم للعباد هم ممثلو الإسلام والوجه المضئ لدين الله فى الوقت الذى احتل الانجليز مصر سبعين عاماً لم يفعلوا ما فعله حاكم مسلم واحد فى ثلاث سنوات. وفى الوقت الذى اختلف فيه السنة والشيعة فى اغلب الأحكام فقد اتفقوا فقط على اطلاق يد الحاكم على الشعب كما حدث طوال التاريخ الإسلامى متناسين أوامر الإسلام بالشورى وتولية الحكام باختيار الشعب ومحاسبة الحكام عندما يخطئوا كما فعل الرسول صلى الله عليه وسلم عندما طالبه الصحابى بالقصاص منه فعرى له الرسول صلى الله عليه وسلم بطنه ليقتص منه... إذا كنا نريد أن نحقق العدل فعلينا أولاً أن نعيد قيم الإسلام الأصلية للحياة بعيداً عن أصحاب السلطة الذين يستغلون الإسلام لترسيخ حكمهم. ثانياً أن نعيد تقييم حكامنا على مر التاريخ بمقدار احترامهم لقيم الإسلام وليس تقييم الإسلام على حسب أفعالهم. وعدك منحهم عصمة تفوق عصمة الرسول صلى الله عليه وسلم.
ويجب أن نفرق بين من يريد أن يستخدم الإسلام ليحقق أهدافه ليعيدنا إلى عصور القهر والاستبداد... بينما البعض الآخر أغلقوا عقولهم عن أى تفكير فى الآيات مرددين ما قاله السلف دون الرجوع إلى أصل الدين قرآناً وسنة وهذا ما استنكره الله تعالى فى قوله" بل قالوا إنا وجدنا اباءنا على أمة وإنا على إثرهم مهتدون" الزخرف 22 وقوله تعالى "واذا قيل لهم تعالوا الى ما انزل الله والى الرسول قالوا حسبنا ما وجدنا عليه اباءنا او لو كان اباؤهم لا يعلمون شيئاً ولا يهتدون" المائدة 104 وقوله تعالى "واذا قيل لهم اتبعوا ما انزل الله قالوا بل نتبع ما وجدنا عليه اباءنا اولو كان الشيطن يدعوهم الى عذاب السعير" لقمان 21... إذا كنا نريد العدل فبدون تأكيد أن العدل من مبادئ الإسلام ووجود وسائل لتحقيقه وأن أسس الديمقراطية هى التى يجب أن تطبق منذ وفاة الرسول صلى الله عليه وسلم