محمد حسين فضل الله.. الزعيم الروحي لحزب الله
الخميس 04/يوليو/2024 - 11:00 ص
طباعة
علي رجب
محمد حسين فضل الله (2 نوفمبر 1935 - 4 يوليو 2010) نجل السيد عبد الرؤوف فضل الله عالم الدين المعروف في جبل عامل. مرجع دين شيعي لبناني من بلدة عيناثا الجنوبية، ولد في مدينة النجف في العراق توفي في لبنان. بدأ بالدراسة في الحوزة العلمية في سن مبكرة جداً، كان تقريباً في التاسعة من عمره، وعندما وصل إلى سن السادسة عشر بدأ بحضور دروس الخارج، يعتبر من أكثر علماء الشيعة انفتاحاً على التيارات الأخرى.
أساتذته ودراسته
نشأ السيد فضل الله في أحضان الحوزة العلمية في النجف، وبدأ دراسته للعلوم الدينية في سنّ مبكرة جداً.. ففي حوالي التاسعة من عمره، بدأ بالدراسة على والده السيد عبد الرؤوف فضل الله، وتدرّج حتى انخرط في دروس الخارج في سنّ السادسة عشرة تقريباً ، فحضر على كبار أساتذة الحوزة آنذاك، أمثال: المرجع الديني أبو القاسم الخوئي، والمرجع الديني محسن الحكيم، ومحمود الشاهرودي، وحسين الحلي، وحضر درس الأسفار عند الملا صدرا البادكوبي. ويُذكر في هذا المجال أن محمد باقر الصدر قد أخذ تقريرات بحث فضل الله إلى الخوئي لكي يُطلعه على مدى الفضل الذي كان يتمتع به، فأعطاه الخوئي وكالة لقبض الأموال الشرعية، فكانت وكالته المطلقة له في الأمور التي تناط بالمجتهد العالم. ثم بدأ بعد ذلك بالتدريس العلمي حيث أصبح أستاذاً للفقه والأصول في حوزة في النجف وقد شرع في تدريس بحث الخارج منذ ما يقارب العشرين عاماً وحضر درسه العديد من الطلاب من شتى أنحاء العالم الإسلامي عموماً والعربي على وجه الخصوص.
نشاطاته
في العراق : اهتمّ السيد فضل الله بالدراسة الدينية الحوزوية، اهتمّ بالنشاط الثقافي في النجف، فانتُخب عضواً في المجمع الثقافي لمنتدى النشر.
وقد أصدر مع بعض زملائه، ومنهم السيد محمد مهدي الحكيم، نجل المرجع السيد محسن الحكيم، مجلة خطّية باسم "الأدب".
وعندما أصدرت جماعة العلماء في النجف مجلة (الأضواء)، وهي مجلة ثقافية إسلامية ملتزمة، كان سماحته أحد المشرفين عليها مع السيد محمد باقر الصدر والشيخ محمد مهدي شمس الدين.. حيث ان السيد الصدر كان يكتب الافتتاحية الأولى فيها والسيد فضل الله الصفحة الثانية وقد تم جمع هذه المقالات في كتاب "قضايانا على ضوء الإسلام".
عندما غادر النجف نقل عن السيد محمد باقر الصدر أنه قال: كل من خرج من النجف خسر النجف إلا السيد فضل الله خسره النجف.
- في لبنان :انتقل محمد حسين فضل الله من العراق إلى لبنان في سنة 1966 بناء على طلب الناس، وبدأ نشاطه التبليغي في مسجد الإمام علي في النبعة، وأسس هناك حوزة المعهد الشرعي الإسلامي. وقد أنشأ عدة جمعيات خيرية ومقرات للأيتام والمستشفيات الخيرية مما زاد من شعبيته.
بعدها اتخذ من مسجد الرضا في بئر العبد مركزا تبليغيا ومنبرا لنشر الوعي والثقافة. كما عمل على نشر فكر وارشادات الامام الخميني. وحث الشباب على الجهاد في وجه الظلم والاحتلال. ما ساهم في توعية وتربية جيل الشباب المسلم في لبنان، الامر الذي شكل بيئة حاضنة لولادة الاحزاب الدينية وابرزها حزب الله.
- بالإضافة إلى درس الخارج في بيروت، شرع سماحته بتدريس الخارج في حوزة المرتضى في دمشق/سوريا، في يومي السبت والأحد من كل أسبوع، يحضره العديد من طلاب العلم وأساتذة الحوزة، من العراقيين والخليجيين بشكل خاص، ممن هاجروا إلى الشام وأقاموا في جوار السيدة زينب(ع) وقد درّس سماحته في أبواب مختلفة من الفقه، وطبع من تقريراته كتاب "فقه الإجارة"، وفقه الشركة، وفقه مناسك الحج.
- كان من أبرز الذين ساهموا في تأسيس المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى في لبنان إلى جانب السيد موسى الصدر.
- دعم وموَّل السيد عباس الموسوي (الأمين العام الأسبق لحزب الله) في إنشاء الحوزة العلمية في البقاع.
- خصص قسماً من الحقوق والأموال الشرعية التي كانت ترد إلى مكتبه لدعم الحركات المقاومة في لبنان وفلسطين.
- دعم الحركات المقاومة في لبنان وخاصة حزب الله حتى كان يوصف بالمرشد الروحي لحزب الله.
- تعرض لمحاولات اغتيال عديدة كانت ابرزها متفجرة بئر العبد عام 1985. وتم قصف بيته في حرب يوليو عام 2006 من قبل الجيش الإسرائيلي.
- كان له الدور البارز في إسقاط اتفاقية 17 مايو عام 1983 بين دولة إسرائيل والدولة اللبنانية.
- كان له الدور البارز في كسر الجمود وتفعيل الحوار بين الاديان والمذاهب، كما كان أحد ابرز اعضاء المجمع العالمي للتقريب بين المذاهب.
- شارك في العديد من الندوات والمؤتمرات في لبنان وإيران ومصر وأفغانستان والولايات المتحدة الأمريكية وسوريا.
قالوا عنه
يلخص الدكتور عبد الجبار الرفاعي فكر السيد فضل الله وتعامله مع التراث والتاريخ الإسلامي بقوله: «كان هاجس كتابات فضل الله هو الرّاهن، وما يحفل به الاجتماع الإسلاميّ من تناقضاتٍ وملابساتٍ ومشكلات، فيسعى إلى اكتشافها وتحليلها ونقدها. لم يقع أسير تمجيد السّلف، والثّناء على أخطاء التّاريخ، والانشغال بتحويل الهزائم إلى انتصارات، وتقديس كلّ ما يتضمّنه التّراث، وإنما تسلّح بمنظورٍ نقديّ ، لا يخشى من مقاربة الموروث والواقع برؤيةٍ تحليليّةٍ نقديّة، والوقوف على ما يكتنفه من ثغراتٍ بكلّ جرأة. لا يكفّ السيّد فضل الله في محاضراته وخطبه وكتاباته عن النّقد والمراجعة، وقد تعلّمت منه مثلما تعلّم غيري من شباب الحركة الإسلاميّة وقتئذٍ، التّفكير النقديّ، والمغامرة في إثارة الاستفهامات ، فقد كان مسكوناً بالتّساؤل، وظلّ يشدّد على ضرورة طرح الأسئلة، ويحثّ على أنّ السّؤال مفتاح المعرفة، وما من سؤال إلا وله أجوبة . لقد خرجت من السّجن المعرفيّ الأوّل بمطالعتي لآثاره. " الرّؤية النّقديّة الإنسانيّة في تفكير السيّد محمد حسين فضل الله - عبد الجبار الرفاعي"
تفسير القرآن الكريم
من مؤلفات السيد فضل الله كتاب تفسير من وحي القرآن، عبارة عن 20 مجلد. ويعتبر من أبرز تفاسير القرآن الكريم في القرن الرابع عشر هجري. وهذا ما شهد به الكثير من العلماء والمراجع المختصين في البحوث القرآنية وأبرزهم:
آية الله الشيخ جعفر السبحاني وقد ذكر ذلك في كتابه مفاهيم القرآن عند تعداده أعلام التفسير في القرن الرابع عشر هجري، حيث قال : «العلامة الحجة السيد محمد حسين فضل الله، من أكابر علماء لبنان، له «من وحي القرآن» خرج في عشرين جزءاً. »
آية الله الشيخ محمد هادي معرفت وقد ذكر ذلك في كتابه التفسير والمفسرون في ثوبه القشيب الجزء الثاني حيث قال: «من وحي القرآن تـفـسير تربوي اجتماعي شامل , و يعد من اروع التفاسير الجامعة , النابعة من روح حركية نابضة بـالـحـيـوية الإسلامية العريقة انطلق فيه المؤلف هو السيد محمد حسين فضل اللّه , من ألمع علماء الاسـلام فـي الـقطر اللبناني يعمل في احياء الجو القرآني في كل مجالات الحياة المادية و المعنوية , نـظـير ما صنعه سيد قطب في تفسيره (في ظلال ), مضيفا عليه تعاليم صادرة عن اهل البيت في تربية الجيل المسلم , و متناسبا مع كل دور من ادوار الزمان .»
الانتقاد الشيعي
بعد تصديه للمرجعية، تعرض محمد حسين فضل الله للانتقاد من قبل عدد من مراجع الشيعة وعلمائهم، بسبب اختلافه معهم في تحديد بعض تفاصيل وجزئيات العقيدة الشيعية وتشكيكه ببعض الحوادث التاريخية، ومما انتقد فيه:
يُتهم فضل الله بإنكار حادثة كسر ضلع فاطمة الزهراء، حيث يعد الشيعة هذه الحادثة من المسلَّمات التاريخية، إلا أن فضل الله يقول أن رأيه هو التشكيك في الحادثة، وليس إنكارها.
إنكار الولاية التكوينية. وقد أورد أدلته على ذلك في بحث استدلالي باسم "نظرة إسلامية حول الولاية التكوينية"
كان المرجع الإيراني جواد التبريزي من جملة من انتقدوا فضل الله، فأصدر عدداً من الفتاوى والبيانات الموجهة ضد فضل الله، وقد وصفه بـ”الضال المضل“، كما حرم تقليده، وقراءة كتبه والترويج لها. وكذلك المرجع حسين وحيد الخراساني كان من المراجع الإيرانيين الذين انتقدوا فضل الله، وقد عبر في إحدى رسائله عن عقيدة فضل الله بأنها ”إضلال عن سبيل الله وإفساد في العقائد الحقة“.
وقد انتقد جعفر مرتضى العاملي مؤسس «المركز الإسلامي للدراسات» في بيروت بقوة تشكيكات فضل الله في العقائد الشيعية في محاضراته وخطبه وكتبه، وقد ألف كتاباً اسمه «مأساة الزهراء»، ثم ألحق به كتاباً آخر باسم «خلفيات كتاب مأساة الزهراء» في عدّة مجلدات، وقد ضمّن فيها نقداً شديداً لآراء لفضل الله وأفكاره. وقد أيد العاملي لفيف من العلماء والمراجع أبرزهم السيد محمد سعيد الحكيم والشيخ باقر شريف القرشي.
بعد أن كثرت الانتقادات التي تطال السيد فضل الله اصدر السيد علي الخامنئي فتوى بحرمة الكلام أو النيل من السيد فضل الله، واصفا إياه بأنه من اعلام المذهب بطهارته وايمانه وجهاده. كما أنه قال بوجوب تفعيل صلاة الجمعة التي كان يقيمها السيد فضل الله في مسجد الحسنين في الضاحية الجنوبية لمدينة بيروت. بعد وفاة السيد فضل الله عدل عدد من العلماء والمراجع عن انتقاده واجازوا البقاء على تقليده ومن جملة هؤلاء السيد كاظم الحائري.
من مؤلفاته
فقه الشريعة (الرسالة العملية)، وتتألف من ثلاثة أجزاء.
أحكام الشريعة: ملخص لفقه الشريعة.
الفتاوى الواضحة: تعليق على الرسالة العملية للسيد محمد باقر الصدر.
الفقه الميسر.
دليل مناسك الحج.
كتاب الصوم.
المناسك الفقهية.
فقه الحياة.
تحديات المهاجر.
الإسلام ومنطق القوة.
مع الحكمة في خط الإسلام.
مفاهيم إسلامية.
قضايانا على ضوء الإسلام.
خطوات على طريق الإسلام.
إرادة القوة.
قضايا إسلامية معاصرة.
الحركة الإسلامية: هموم وقضايا.
الإسلاميون والتحديات المعاصرة.
في آفاق الحوار المسيحي الإسلامي.
المدنّس والمقدس.
للإنسان والحياة.
اتجاهات وأعلام.
أمراء وقبائل.
حوارات في الفكر والسياسة والاجتماع.
أحاديث في قضايا الاختلاف والوحدة.