«بوكوحرام».. رحلة عصابات الإرهاب في نيجيريا من الصعود للتوغل
الأربعاء 02/أكتوبر/2019 - 11:51 ص
طباعة
نهلة عبدالمنعم
سلط الباحث في الشأن الأفريقي بجامعة جورج تاون، الكسندر ثورستون كثيرًا من الضوء على ملف تغلغل جماعة «بوكوحرام» في نيجيريا من خلال مطبوعتة الجديدة بعنوان «بوكوحرام.. تاريخ الحركة الجهادية بأفريقيا».
ويقسم الكتاب تاريخ بوكوحرام إلى خمس مراحل، مرحلة من «الوعظ والتأسيس الأيدلوجي» بين عامي 2001 و 2009، ثم التحول الحاسم للعنف في عام 2009، ثم انتقال المجموعة إلى اعتماد التكتيكات الإرهابية بين عامي 2010 و 2013، وإضفاء الطابع الإقليمي عليها في الفترة ما بين 2013-2015، والتدويل والتفتت الداخلي الذي تميزت به المنظمة من 2015 إلى الوقت الحاضر.
إذ تناول ألكسندر مقدمات الأوضاع السياسية والاجتماعية التي أسهمت في نشوء الحركة بأفكارها الرجعية، ثم تبلورها كمجموعة مسلحة تدين بالولاء لمنظمة إرهابية دولية، كما بحث في المتغيرات المختلفة التي أحاطت بمجموعة محمد يوسف التي كونت الرعيل الأول للجماعة.
فمن وجهة نظره، كان العنف الديني والسياسي سمة مهمة ومتمثلة في الحياة اليومية في شمال نيجيريا منذ أواخر سبعينيات القرن الماضي، لافتًا إلى الصراع بين الحركات الصوفية وخصومها في شمال البلاد، ودور حركة إيزالا في الصراع الديني الراديكالي بالمنطقة، إضافةً إلى سلسلة من الاشتباكات العنيفة بين الجماعات العرقية في الشمال، والصراعات بين المسلمين والمسيحيين، والتمردات المتكررة لحركات الألفية المسلمة مثل الميتاتسين.
وبدوره أدى هذا الزخم السلبي إلى ظهور بوكوحرام منذ الثمانينات كحركة دينية راديكالية متشددة في شمال نيجيريا أو بشكل أكثر تحديدًا بشمال شرق نيجيريا؛ لتشكل نسخة أكثر وحشية عن الاحتجاجات بالمنطقة.
وتساءل الباحث عن سر اختيار هذه البقعة تحديدا لانتشار المجموعة الإرهابية، مشيرًا إلى بعض العوامل، مثل الفقر وتفشي الفساد ودعاة التشدد والعنصرية، مشيرًا إلى أن وسائل الإعلام النيجيرية والغربية بدأت مع الألفية الثانية تتعامل مع بوكوحرام كنسخة نيجيرية من «طالبان» الأفغانية.
وفي أوائل العقد الأول من القرن العشرين، ظهرت بوكوحرام ليس فقط باعتبارها الأكثر تطرفًا كحركة إسلاموية للاحتجاج على المؤسسة السياسية والدينية، ولكن أيضًا كحركة للمعارضة ضد الجميع وبالأخص الثقافة الغربية بما في ذلك التعليم الغربي وحتى التعليم الإسلامي الحديث، والقوانين الشرعية المطبقة في البلاد.
وبعد مقتل محمد يوسف في أعمال شغب كبرى في ولاية بورنو في عام 2009، تابعت الحركة طريقها الراديكالي تحت قيادة أبي بكر شكاو، ولكن بشكل أكثر قسوة ودموية، وتمكنت من السيطرة الإقليمية على أجزاء رئيسية من الشمال الشرقي في عام 2011، وهو الصراع الذي امتد أيضًا إلى النيجر وتشاد والكاميرون المجاورة.
ونتيجة لذلك، دخلت الحكومة النيجيرية برئاسة محمد بخاري في 2016 تحالفًا مع الحكومات الأخرى في تشاد والنيجر والكاميرون، وبدعم من الولايات المتحدة وفرنسا وبريطانيا، حاولت الدول هزيمة بوكوحرام، وعلى الرغم من بعض النجاح العسكري ضد الحركة، ولكن نيجيريا لم تنجح في إنهاء الحركة بشكل تام، فبعض خلايا بوكوحرام لا تزال تنفذ هجمات انتحارية في شمال البلاد وفي محيط منطقة بحيرة تشاد؛ ما أدى إلى ملايين من النازحين لم يتمكنوا بعد من العودة.
فيما قدم الباحث بعضًا من السبل لحل الأزمة الإرهابية بالإقليم ومنع انتشاره، وذلك من خلال التنمية والاهتمام بالبنية التحتية والتعليم والثقافة والزراعة؛ لمنع انخراط الشباب في الأفكار المتطرفة وإعطاء معنى أكثر سموًا لمستقبلهم وإنهاء حالة التهميش الاجتماعي والسياسي لهم.
وعلى الرغم من كل هذه المتطلبات، يبدو أن الحكومة النيجيرية غير قادرة في الوقت الحالي على استعادة الوضع الصحيح للسيطرة الإدارية على المناطق الريفية المدمرة في الشمال الشرقي، وبالأخص مع إعلان الحركة ولاءها لداعش في 2015، وتصاعد العنف الذي أدى إلى مقتل عشرات الآلاف من الأشخاص وتهجير الملايين، مع عدم إغفال دور التكتلات السياسية في تدويل الصراع بالمنطقة لخدمة أجندات مختلفة.