الفاروق: لا اعتراض على الاختلاف في الفروع الفقهية
الأربعاء 16/أكتوبر/2019 - 10:48 ص
طباعة
حسام الحداد
قال د. علي عمر الفاروق -مدير عام إدارة الحساب الشرعي بدار الإفتاء المصرية- إن من محاسن الشرع الشريف أن يوجد خلاف فقهي بين الفقهاء في المسائل والنوازل، وليس هذا بجديد، بل هو من عصر الصحابة الكرام ومن جاء بعدهم من علماء المسلمين؛ وكان لذلك أكبر الأثر في كل مناحي الحياة مهما تعاقبت الأزمان واختلفت البلدان.
وأضاف فضيلته - في كلمته بالمؤتمر العالمي للإفتاء الذي بدأت فعالياته اليوم- أن للخلاف الفقهي أثر كبير في التشريع، وتتعلق به كثير من المسائل والأحكام، ولا يسع من يلي منصب القضاء أن يجهل الخلاف ومسائله وآثاره، لما للخلاف الفقهي من أثر كبير في فصل الخصومات، سواء كان الأثر على الحكم في ذاته أو على نظر القاضي عند دراسة المسألة قبل إصدار الحكم.
ولفت د. على عمر النظر إلى أن علماء الأمة قد اتفقوا على أن الاختلاف في الفروع الفقهية أمر مقبول لا اعتراض عليه إن وقع من أهله في محله، وبشرطه المتمثل في ترك المكابرة والهوى، وهذا الخلاف وقع بين الصحابة الكرام رضي الله تعالى عنهم.
وعن أهمية التقنين قال فضيلته: "إن التقنين يعد وسيلة جيدة لتطبيق أحكام الشريعة الإسلامية، والوسائل تأخذ أحكام المقاصد ولا تتعدى حقيقة التقنين عن كونه صياغة لأحكام الفقه الإسلامي وترتيبه بطريقة جديدة تناسب تطور العصر، مما يسهل على القاضي الرجوع إلى الأحكام، كما أن ذلك يسهل على المتقاضي من الداخل والخارج التعرف عليها، ويحافظ كذلك على الوحدة القانونية في البلد الواحد".
وشدد على أنه في ظل الأحداث المستجدة والمصالح المتبادلة والاتصالات البشرية المتسارعة ينادي العلماء المشاركون بضرورة تقنين أحكام الشريعة الإسلامية، لتسهيل العمل بها وجعلها في متناول حاجة البشرية في كل عصر مع اعتماد القرآن والسنة المطهرة أصلًا ثابتًا، وكنوز الفقه الإسلامي مادة خصبة في التقنين لدفع مسيرة الحياة إلى الأمام، والتغلب على إشكالاتها المتجددة.
وأوضح فضيلته أن التجديد الفقهي ينبغي أن يرتبط فيه الدليل التفصيلي في استنباط الحكم الشرعي بالمقصد الكلي للشارع؛ فضلًا عن أن علاقة الإنسان بالمجتمع تدعونا إلى القول بضرورة الاستفادة من العلوم الاجتماعية ومناهجها في تجديد الفقه الإسلامي وصياغة منهجية تكاملية بين هذه العلوم.
ونبَّه كذلك على ضرورة العناية بجمع مسائل الفقه في أبواب كبرى تعرف بالنظريات الفقهية كنظرية الضمان ونظرية الضرر، ونظرية العقد وغيرها، لإظهار السبق الحضاري لهذا الكنز الفقهي في تأسيس مثل هذه النظريات مع ضرورة العناية بنماذج التجديد في تراثنا الفقهي، وكذلك إحياء منهج الاستنباط والاستدلال الذي قام عليه الفقه في عهده الذهبي.
وأكد د. علي عمر على أهمية فقه المقاصد، وما يمكن أن يؤديه من أدوار إصلاحية مهمة مع ضرورة الالتفات إلى الضوابط الشرعية التي تحصن الناس من الذوبان والانفلات كما تصونهم من التحجر والجمود.
وختم فضيلته كلمته مطالبًا بضرورة التغلب على المعوقات والصعوبات التي تقف في وجه عملية التقنين ما كان متعلقًا منها بالمقنن أو بيئته أو المادة القانونية حيث إن عملية التقنين ليست مطية سهلة، الأمر الذي يستدعي بإلحاح وضع ضوابط أكثر دقة للتقنين تحكم عمليته وتضمن صحته، مع إخضاع عملية التقنين لمراجعات مستمرة تضمن مواكبة مستجدات العصر، ومؤكدًا على أهمية الإعلام وما يمكن أن يؤديه من أدوار كبيرة وفاعلة في خدمة مقاصد الشريعة.