ببنود القانون الدولي.. كيف تجاوزت حرب أردوغان في سوريا حق الدفاع الشرعي؟
الأحد 01/ديسمبر/2019 - 12:04 م
طباعة
محمد عبد الغفار
تتباين التحليلات السياسية والاقتصادية لمختلف الأحداث بناءً على التوجهات الإيديولوجية للشخص، والتي تدفع الأفراد إلى إيجاد مبررات لتصرفاتهم وقراراتهم الصادمة، التي يتخذونها في بعض الأحيان، فما يمكن أن يراه أحدهم تصرفًا غير صحيح يراه الآخر تصرفًا صائبًا.
وعلى الرغم من أهمية تباين الآراء على المستويين الاقتصادي والسياسي، وقدرتها على خلق توازنات جيدة داخل المجتمع، لكن ذلك يضيع الحقائق ويكثر الجدال بين المواطنين، لذا كان الاتجاه القانوني واحدًا من أبرز الآراء ذات الطابع الثابت داخل المجتمع، على المستويين المحلي والدولي، والتي يمكن اللجوء إليها في مختلف الأحداث.
استيطان أردوغان والقانون الدولي
استغل الرئيس التركي رجب طيب أردوغان الأحداث الدامية التي مرت بها الدولة السورية منذ عام 2011، وحاول التوسع جغرافيًّا في الشمال السوري، وبدأ حملته عبر مرحلتين، الأولى السماح للتنظيمات الإرهابية بالمرور إلى الداخل السوري، للصدام مع الجيش والسيطرة الجغرافية، وفي المرحلة الثانية، دخول الجيش التركي لتولي زمام هذه المناطق والانتشار بها، وتم ذلك عبر 3 عمليات عسكرية وهي: «غصن الزيتون، ونبع السلام، ودرع الفرات».
ومع اختلاف التحليلات السياسية والاقتصادية حول هذه العمليات، حاول الباحث في جامعة محمد الخامس بالرباط محمد الوادراسي البحث عن القواعد القانونية للعمليات العسكرية التركية في دراسته «رؤية القانون الدولي للحرب التركية ضد الإرهاب في دول الجوار»، والمنشورة في مجلة شؤون الأوسط العدد 157، والمنشور عام 2019.
ويرى الباحث أن أنقرة تتخذ من الدفاع عن النفس ذريعة قانونية للتدخل في سوريا، وقصف مواقع القوات الكردية ممثلة في قوات سوريا الديمقراطية، إلا أنه يرى بأن المادة 51 من ميثاق حق الدفاع الشرعي في القانون الدولي لا يدخل ضمنها المبررات التركية، حتى أن «محاربة الإرهاب» لا يدخل ضمنها أيضًا.
ويشير الوادراسي إلى أن المادة 51 من الميثاق تعد استثناءً لمبدأ عدم اللجوء إلى استخدام القوة المسلحة في العلاقات الدولية، ولم يترك هذا الاستثناء دون سياج يحدده، وذلك حتى لا تخرج الدول عن القاعدة التي تقول «يمتنع أعضاء الأمم المتحدة جميعًا في علاقاتهم الدولية عن التهديد باستعمال القوة أو استخدامها ضد سلامة الأراضي أو الاستقلال السياسي لأية دولة أو على أي وجه آخر لا يتفق ومقاصد الأمم المتحدة».
كما أكدت المادة 15 من ميثاق بوجوتا BOGOTA على حظر تدخل الدول في شؤون بعضها البعض، ونصت على «حظر التدخل بشكل مباشر أو غير مباشر، لأي سبب كان، في الشؤون الداخلية أو الخارجية لدولة أخرى».
مزاعم أردوغان والدفاع الشرعي
تشير المادة 51 إلى حق الدول الطبيعي في الدفاع الشرعي، ويمكن تفعيل هذا الحق في حالة وجود عدوان مسلح ضد أحد أعضاء الأمم المتحدة، وهو ما لم يحدث في الحالة التركية وهجومها ضد الشمال السوري.
ويتساءل الباحث: "هل يمكن القول بأن سوريا والعراق قد أرسلتا مجموعات «داعش» أو مقاتلي حزب العمال الكردستاني إلى التراب التركي قصد القيام بعمليات إرهابية؟ لا يستقيم هذا التساؤل وواقع الحال، فالعداء بين سوريا والعراق ومقاتلي «داعش» وحزب العمال الكردستاني من جهة ثانية يعرفه القاصي والداني، والعارفون وغير العارفين بالعلاقات الدولية، ولا يمكن بالتالي إثبات العلاقة بين الدولتين وما أصاب تركيا من هجمات".
مقتضيات التطبيق وتجاوزات أنقرة
ويبرز الكاتب أن للمادة 51 مقتضيات للتطبيق، ومنها معيارا الضرورة والتناسب، وواجب إخطار مجلس الأمن بالإجراءات المتخذة، ويتخذ مجلس الأمن في هذه الحالة إجراءات ضرورية للحفاظ على السلم والأمن الدوليين وفقًا لميثاق سان فرانسيسكو، كما أن الحق في الدفاع الشرعي ليس حقًا مطلقًا من حيث المدة الزمنية، ولا يستقيم قانونيًّا إلا في حالتين، وهما؛ استمرار التهديد الإرهابي، وعدم اتخاذ مجلس الأمن للتدابير الضرورية.
ويرى الباحث أن تركيا لم تلتزم بمقتضيات التطبيق التي ينص عليها القانون الدولي، حيث إن تأخرها في اتخاذ رد الفعل يحوله من ردع للاعتداء –إن وجد- إلى عمل ثأري محظور دوليًّا، كما أن الغارات الجوية التركية وإدخال الجنود إلى الداخل السوري لم يتناسب مع طبيعة أي تهديد تزعم أنقرة بوجوده ضدها.
ويوضح الوادراسي أن تركيا عملت على انتهاك مبادئ القانون الدولي، ولم تسع إلى منع الأسباب التي تهدد السلم وفقًا لمبادئ الأمم المتحدة، ولكنها جعلت من حدودها معبرًا رئيسيًّا لتغذية التنظيمات الإرهابية في سوريا والعراق بالسلاح والمقاتلين، ولم تخطر مجلس الأمن بنواياها الفعلية تجاه الأحداث.
ويؤكد الباحث أن ما أقدمت عليه تركيا هو عدوان مسلح مكتمل الأركان ضد سلامة الأراضي السورية والعراقية واستقلالها، ويعد تدخلًا واضحًا في صميم السيادة الداخلية لهاتين الدولتين العربيتين على حدودهما، وهو ما يستوجب ردًا من المؤسسات الأممية