«تاريخ الفكرة».. السلفية الجهادية كما يفندها ساسة الغرب
الثلاثاء 03/ديسمبر/2019 - 03:07 م
طباعة
نهلة عبدالمنعم
شكلت «السلفية الجهادية» بأطروحاتها العنيفة ومعاركها المسلحة تيارًا معقدًا للتحليل والدراسة، وبالأخص لدى ساسة الغرب المهتمين بمناقشة الصعود المضطرد لحركات الإسلام السياسي في الشرق الأوسط، وما لذلك من تأثيرات ضخمة على المجتمع الأوروبي.
وفي هذا الصدد، قدم المحاضر في قسم دراسات الحرب بكلية كينجز بلندن ومدير المركز الدولي لدراسات الراديكالية «ICSR»، شيراز ماهر مطبوعته التي نشرتها جامعة أوكسفورد في 2017 «الجهاد السلفي.. تاريخ الفكرة».
المصطلح بمنظور أوروبي
يبرز شيراز في أول فصول كتابه رؤيته حول مفهوم الجهاد السلفي وماذا يعني له؟ قائلًا: إن هذا التيار يعتمد على مجموعة متشددة من العقائد تعود لفهم أُحادي ومتطرف للدين الإسلامي.
وتتمثل هذه العقائد في التكفير بما يعني إقصاء الآخر غير المنتمي لمرجعية المحددة، إضافةً إلى قاعدة الجهاد باعتبارها منظورا أوحد لرؤية مغزى القتال مع العالم المحيط.
كما لفت الكاتب إلى قاعدة الولاء والبراء كقاعدة أساسية في هذا المنهج الذي أصبح –من وجهة نظر شيراز- أكثر الفلسفيات السياسية تدميرًا في العصر الحديث، واصفًا إياه بنموذج مستبد للحكم قائم على أيدلوجية دينية.
التمدد الداعشي
في معرض حديث الكاتب عن السلفية الجهادية، أشار إلى أن آلة الدعاية الداعشية التي ألهمت الشباب من معتنقي هذا الفكر تستغل الحوادث والعمليات الدامية التي يقوم بها التنظيم؛ من أجل الترويج لنجاح وجدية هذا التيار الذي يستمد داعش عنه الأفكار.
وبناءً على ذلك، بات على المتخصصين تفكيك هذه القواعد الفقهية والفكرية التي تتأسس عليها المجموعات الظلامية التي تنشر الفوضى والقتل وتهدد معايير المجتمعات الحضارية وثطورها.
التفرقة المنصفة
على عكس الكثير من المتخصصين الأجانب في ملف مكافحة الإرهاب، استطاع شيراز ماهر أن يجد الخط الفاصل بين مفهوم السلفية بمعنى اعتناق الإسلام وفقًا لرؤى الأقدميين وبمحاذاة دقيقة لما أمر به النبي محمد (ص) وبين السلفية الجهادية كتيار سياسي مستبد بالدين.
وأكد شيراز، أن المسلمين ليس جميعهم يميلون للعنف، بل يوجد من بينهم أو حتى أكثرهم يرفضون السلفية الجهادية وينبذون أعمال التطرف والعنف التي تقوم بها مجموعاتها، ويهتمون بدلًا عن ذلك بتعلم المزيد عن العقيدة الإسلامية الصحيحة بما يمكنهم من تنفيذ أوامر الله دون الارتباط بجماعات متشددة.
الحروب التحفيزية
يناقش ماهر في كتابه ماهية الحروب التي أقامها الغرب لمحاربة تيارات الإرهاب ذات المرجعية السلفية الجهادية، ولماذا تتكبد القوات الأجنبية خسائر فادحة في هذا الأمر، وهو ما يتوازى حاليًا مع رغبات ترامب في إنهاء معاركه العسكرية في أفغانستان، ولجوئه في النهاية للتفاوض كمتغير سلمي؛ لإنهاء الأزمة التي خلفت مليارات الدولارات كخسائر فضلًا عن الضحايا البشريين.
بينما يزعم الباحث، بأن طريقة الحرب التي يخوضها الغرب وخطاباته تجاه هذه الأطروحات دون تفنيد وتوضيح تسهم في زيادة إضفاء طابع شرعي متوهم على هذه التيارات، وقدرتها في الحشد ضد من يعادون الدين الإسلامي «وفق تعبيره».
إذ نوه الكاتب إلى ضرورة احترام الدين الإسلامي ورموزه ومعتنقيه عند التحدث عن محاربة السلفية الجهادية، بمعنى التفريق بين عموم المسلمين والإسلام كعقيدة وبين هؤلاء المتشددين، وعدم ارتكاب أي أفعال من شأنها أن تزيد حنق المسلمين ضد المجتمعات الغربية.
قيادات الدم
دعمت المطبوعة وجود سلبيات كثيرة تقع على عاتق المنظرين الكبار ممن يستقي منهم الشباب أفكارهم ومعتقداتهم التي تمنح العالم مزيدًا من الفوضى، ومن أمثال هؤلاء سيد قطب أحد أقطاب جماعة الإخوان الذي تعود إليه أساسيات التشدد الحالي.
علاوةً على الفلسطيني المتأثر أيضًا بمرجعيات الإخوان عبدالله عزام، وأيمن الظواهري، والمؤسس الآسيوي للإسلام السياسي والذي بلور تكتيكاته في القتال أبو الأعلى المودودي، إلى جانب زعيم القاعدة، يوسف العييري، وأبو يحيى الليبي وغيرهم.