التنظيمات الإرهابيَّة.. خفوتٌ حركي ورواجٌ تمويلي يَصْدمُ الأمن
الجمعة 06/ديسمبر/2019 - 11:21 ص
طباعة
نهلة عبدالمنعم
يُعد المال هو المتغير الأهم في معادلة انتشار الجماعات الإرهابيَّة، فوفقًا لمطبوعة «تمويل الإرهابيين.. فشل الإجراءات المضادة» فإن الأضلاع الثلاثة لوجود منظمات التطرف أولهم النقود ثم العناصر البشرية والذخيرة.
في البداية يقول «نيكولاس ريدلي» الوزير البريطاني الأسبق للتجارة والصناعة، و«نيك ريدلي» المحلل الاستخباراتي بفريق مكافحة الإرهاب في الشرطة البريطانية في كتابهما: إن المتفجرات والعبوات الناسفة والأسلحة التي تمثل أحد أضلاع المثلث الإرهابي تحتاج أيضًا إلى المال الكثير حتى يتم جلبها بكفاءة وسرية، كما أن العناصر البشرية تحتاج إلى الأموال للإنفاق على احتياجاتها المعيشية.
فيدرالية القاعدة
ويتعامل الباحث مع تنظيم القاعدة كمجموعة من الفيدراليات المترابطة بحاكم واحد وليس كجماعة إرهابية مستقلة برقعة جغرافية محددة، إذ تتعدد الأفرع الممتدة للتنظيم، وفي هذا التعدد يعتبر الكتاب أن ذلك مؤشرٌ كبيرٌ على الإنفاق الباهظ على الإرهاب، وعلى استمرار هذا التدفق وعدم وقوفه بعد.
ويعدد الكاتب مصادر إنفاق هذه الأموال داخل القاعدة على عدة بنود مثل التجنيد، والتدريبات العسكرية المسلحة، وذخائر ومعدات التدريب والتنفيذ، والمنازل والمواقع الآمنة والغذاء وعمليات السفر وأجهزة الاستخبارات الداخلية؛ مؤكدًا أن هذه البنود ممثلةً أيضًا في كل التنظيمات الإرهابية الأخرى.
التغيراتُ الزمنيَّةُ
لفت الكاتب إلى أن أحداث الحادي عشر من سبتمبر كنقطة زمنية، مثلت نقطةَ تحولٍ في تعامل الأجهزة الأمنية والاستخباراتية مع ملف التمويل الإرهابي؛ فطبقًا لما أورده الباحثان المهمان في المجال الحكومي والمالي؛ فإن التنظيمات الإرهابيَّة موجودةٌ على الأرض منذ أمد، وإن لم تكن ترتبط بالدين الإسلامي كمرجعية فكرية، ولكن أحداث الـ11 من سبتمبر أربكت الحسابات الأمنية واستعادت ترتيبها.
فتعقد العملية التي نفذتها القاعدة في الولايات المتحدة الأمريكية وكثرة الخسائر البشرية والمادية جعلت أنظمة العالم السياسية أكثر حرصًا على استحداث أنماط أمنية أكثر احترافًا لمعالجة هذا الأمر، بيد أن المجموعات المتطرفة لاتزال تتسع وتتعدد أفرعها وامتدادتها الجغرافية.
ركودٌ تنفيذي ونشاطٌ تمويلي
يدفع الباحثان في كتابهما الصادر في 2012 أن ادعاءات الأجهزة الأمنية حول تقويض التنظيمات الإرهابية، وفرض السيطرة على تحركات عناصرها لا تعكس حقيقة الأوضاع المتطرفة في العالم، فبالرغم من خفوت العمليات نسبيًّا، لا تزال الأموال تدفق بشدة نحو الإطار الإرهابي المتعدد المرجعيات.
ويقصد الباحثان من ذلك أن عمليات تمويل الجماعات الإرهابية مازالت باقية رغم تراجع بعض الروابط عن أنشطتها، ويعكس ذلك -من وجهة نظر الكاتب- فشل في منظومة الأمن الدولي التي تفرضها الأجهزة المعنية لمنع غسيل الأموال وتمويل الإرهاب، وطالما أن المال يتدفق سيظل الإرهاب يعبث بأمن العالم.
الروابط المتطرفة
يفترض الكاتبُ وجودَ تعاونٍ وتشابكٍ مع المجموعات الإرهابيَّة وبعضها ممن تتوافق أهدافهم الاستراتيجية مع بعضهم البعض، كما توجد أيضًا روابط من التعاون بين المتطرفين وبين عصابات الجريمة المنظمة وعصابات تجارة المخدرات لتسهيل مرور الأفراد والممنوعات بين الحدود المتهالكة أمنيًّا.
وكمثال على التطرف المجرد من مرجعيات عنصرية محددة أشار الكاتب إلى «نمور التاميل» التي تنشط في سريلانكا منذ 1983 والتي تهدف إلى الانفصال وتأسيس دولة مستقلة كمتغير عالمي يؤكد استمرار تدفق الأموال إلى المجموعات الإرهابية، وتأثير ذلك على الدول وهشاشتها وجعلها تربة خصبة لنمو جميع أشكال التطرف بداخلها، وهو ما يثبته العملية الإرهابية التي تبناها داعش ووقعت في 21 أبريل 2019 مستهدفة الكنائس في عيد الفصح ما أسفر عن مقتل 359 شخصًا وإصابة المئات.