خوفًا من مصير الإخوان في مصر.. «حمس» الجزائر توزع أوراقها السياسية بعد فوز «بن تبون»

السبت 14/ديسمبر/2019 - 12:47 م
طباعة خوفًا من مصير الإخوان محمد عبد الغفار
 
استقالة رسمية تقدم بها الرئيس الجزائري السابق عبد العزيز بوتفليقة إلى المجلس الدستوري، أعلن خلالها انتهاء عهدته الرئاسية، وعدم ترشحه لولاية خامسة، على وقع احتجاجات شعبية، وضغوط من القوات المسلحة؛ للاستجابة لمطالب الشعب.

وأعقب الاستقالة التي تقدم بها بوتفليقة، 2 أبريل 2019، وقبل 26 يومًا من انتهاء مدته الرئاسية الرابعة، احتجاجات شعبية عارمة، ورغم تحديد موعد 4 يوليو لإجراء الانتخابات الرئاسية، فإن عدم تقدم مرشحين وارتفاع وتيرة المظاهرات منع تحقيق ذلك، لتجرى الانتخابات مرة أخرى في 12 ديسمبر 2019، وفقًا لما أعلنه الرئيس الانتقالي عبد القادر بن صالح في 15 سبتمبر 2019.

- بن تبون رئيسًا

مع تقدم 23 مرشحًا للمنافسة على منصب الرئيس، لم ينجح سوى 5 في استيفاء الشروط، وتقدم 9 بطعون قانونية تم رفضها من قبل المجلس الدستوري، وشملت القائمة النهائية عبد المجيد تبون، وعبد القادر بن قرينة، وعلي بن فليس، وعبد العزيز بلعيد، وعز الدين ميهوبي، في انتخابات يحق لـ24 مليون جزائري التصويت بها.

ونجح عبد المجيد تبون، 74 عامًا، في الفوز بمنصب الرئيس، حاصلًا على 58% من أصوات الناخبين، وفقًا لما أعلنته سلطة الانتخابات الجزائرية، الجمعة 13 ديسمبر 2019، رغم الاحتجاجات الشعبية الرافضة للانتخابات.

وبن تبون من رجال السياسة الجزائرية البارزين، الذي عمل في المجال العام منذ 1975، وعين وزيرًا منتدبًا في عهد الرئيس الشاذلي بن جديد عام 1991، ثم عين في الحكومة منذ 1999 حتى 2002، ثم أصبح رئيسًا للوزراء في 2017، ولكنه لم يمكث في منصبه سوى 3 أشهر، بعد صدام مع كبار رجال نظام الرئيس عبد العزيز بوتفليقة.

وجاء تعيين بن تبون خلفًا لعبد المالك بن سلال بعد أن ارتبط بقطاع السكن كوزير له، وتولى المسؤولية في الوقت الذي رفضت به حركة مجتمع السلم المشاركة في تشكيل الحكومة بعد أن حصلت على 34 مقعدًا في الانتخابات التشريعية، وأرجعت ذلك إلى «عمليات التزوير التي شهدتها الانتخابات التشريعية».

وبعد استقالة عبد المجيد تبون من منصبه نشرت الحركة بيانًا رسميًّا على موقعها الرسمي، أغسطس 2017، اعتبرت أن ذلك دليل على «تخبط النظام السياسي، وفقدانه للتوازن، وسقوطه في ممارسات مؤسفة تدل على حالة التحلل التي حذرت منها الحركة في وقت مبكر»، معتبرة ذلك انقلابًا.

- حمس والانتخابات

توجد جماعة الإخوان الإرهابية في الجزائر عبر ذراعها السياسي حركة مجتمع السلم «حمس»، منذ عام 1990، بعد أن تأسست على يد الشيخ محفوظ نحناح، وشاركت الحركة في تحالف رئاسي مع بوتفليقة لمدة 10 سنوات، قبل أن تنسحب منه في عام 2012.

ورغم أن الحركة الأم في مصر عملت على الاستفادة من الفترة الانتقالية بعد ثورة 25 واستغلالها، فإن حركة حمس أعلنت عدم مشاركتها في الانتخابات الرئاسية أو دعم أي مرشح.
ووفقًا لما أعلنه عبد الرزاق مقري، رئيس حركة حمس، في مؤتمر صحفي، سبتمبر 2019، أن الحركة لن تشارك في الانتخابات سواء بمرشح أو بدعم أحدهم، وذلك رغبة منها في إجراء تعديلات على الدستور، وقانون الانتخابات، بما يضمن شفافية الانتخابات ونزاهتها.

ورفض مقري وجود وجوه محسوبة على النظام القديم لبوتفليقة، مشيرًا إلى أنها محاولة منهم لإعادة النظام، وإجهاض عملية التغيير، قائلًا: «النظام لن يتغير بعد الرئاسيات، لا يمكن أن ننخدع بوجود مسؤولين في السجن؛ خاصة أنه كلما تأتي فرصة للتغيير يجدد النظام نفسه».

وهو الموقف الذي أكدته الحركة في بيان عبر صفحتها الرسمية على موقع التواصل الاجتماعي فيسبوك 8 ديسمبر.

ويجب إيضاح أن إخوان الجزائر لا يقفون عند حد حركة مجتمع السلم، ولكنهم يمتلكون 5 حركات بعضها منشق عن بعضه، وكلهم لهم نفس المرجعية لحركة حمس، مثل حركة البناء المنشقة عن مجتمع السلم، وجبهة العدالة والتنمية المنشقة عن تياري النهضة والإصلاح.

وحاولت حركة حمس «اللعب على الحبال»، وذلك عبر أذرعها السياسية وشخصياتها المحسوبة عليهم؛ حيث انقسمت بين المرشحين، كما حاولت كسب تيار مقاطعة الانتخابات أيضًا.

حيث أعلن وزير السياحة الأسبق عبد القادر بن قرينة، عن ترشيح نفسه، وهو أكد كبار كوادر حركة مجتمع السلم وقت تأسيسها، ورفيق مؤسسه محفوظ نحناح، وكان مرشح الحركة في المجلس الوطني الانتقالي في عام 1994، ثم عين وزيرًا للسياحة بين عامي 1997 و1999 من داخل الحركة.

قبل أن ينشق عنها في عام 2008 مع بعض القيادات ليؤسس جبهة التغيير، ثم انشق عنها لتأسيس حركة البناء الوطني عام 2013، جمع خلالها أحزابًا إسلامية أخرى مثل حركة النهضة، وجبهة العدالة والتنمية.

فمن جهة دعمت حركة النهضة رئيس الحكومة السابق علي بن فليس، وحضر رئيسها يزيد بن عائشة حفل إطلاق برنامجه الانتخابي، بينما دعمت جبهة الجزائر الجديدة رئيس الحكومة السابق جمال بن عبد السلام، بين حصل بن تبون على دعم حركة الإصلاح الوطني.

بينما اتجهت الجبهة الإسلامية للإنقاذ المحظورة إلى الانقسام، فمن جهة رفض بعض قياديها مثل أحمد الزاوي الانتخابات الرئاسية كاملة، واعتبرها «مسرحية سياسية»، بينما دعم بعضهم مثل علي جدي الانتخابات، واعتبرها «مصلحة وطنية عليا للبلاد».

ويتضح أن إخوان الجزائر حاولوا الاستفادة من درس الجماعة الأم في مصر، محاولين عدم تصدر المشهد الجزائري بصورة رسمية خلال الفترة الانتقالية، مع ترك الأمر للأذرع السياسية الأخرى لحركة مجتمع السلم في الجزائر، وهو ما قاموا به بالفعل، ويبقى السؤال مطروحًا حول طريقة تعامل عبد المجيد تبون، الرئيس الجزائري الجديد، مع جماعة الإخوان؟، خصوصًا بعد حظرها والتعامل معها كونها تنظيمًا إرهابيًّا في العديد من الدول العربية الكبرى مثل مصر، والمملكة العربية السعودية.

شارك