بضربات استباقية.. القبضة الألمانية تضيق الخناق على المتشددين بعد هزيمة «داعش»
الأحد 29/ديسمبر/2019 - 09:25 م
طباعة
شيماء يحيى
تكثف ألمانيا جهودها في مكافحة الإرهاب والعنف الداخلي بشكل كبير، بعد الهجمات التي شهدتها في الآونة الأخيرة، وكانت محط الأنظار للخلايا الإرهابية لتنظيم «داعش»؛ خاصةً الخلايا النائمة، وتوجب على السلطات الأمنية الألمانية الضغط على المتطرفين الإسلاميين، ومواجهة الإرهاب ورصد التطرف، ووضع استراتيجيات لمعالجة هذه الأفكار؛ لتحجيم أعدادهم، والحد من خطرهم.
التراجع.. مقدمات ونتائج
في ظل وجود السلطات الأمنية ومواجهتها للإرهاب، أشارت إحصائيات الدوائر الأمنية في ألمانيا إلى تراجع أعداد الإسلاميين في عام 2019؛ حيث صنفت عددًا أقل من الإسلاميين كأشخاص خطرين، مقارنة بأعدادهم في عام 2018، وتم تصنيف 679 شخصًا من الوسط الإسلامي المتطرف كخطرين، في حين كان عدد هؤلاء وصل إلى 774 شخصًا في يوليو 2018.
كان لانهزام تنظيم «داعش» في الشرق الأوسط، دور كبير على تراجع الإسلاميين المتطرفين، وخطر الإرهاب في أوروبا، فتنظيم «داعش» أحدث طفرة كبيرة في كثير من الأمور، أحدث طفرة على صعيد أيديولوجيا الجماعات المتطرفة، وأيضًا على صعيد التجنيد وطرقه، انتقل بها من الإطار النخبوي العمودي إلى الإطار الأفقي، فبالتالي تجنيد أعداد كبيرة بصورة أسرع وأكثر فعّالية من تنظيم «القاعدة»، ونجد في السابق قدرته على استخدام مفردات وشعارات دينية وسياسية مثل الخلافة، لتحقيق ما يسمونه الشريعة، وبالتالي تحقيق الوهم الأكبر بإقامة ما يسمونه «الدولة الإسلامية»، فهناك كثير من الأمور التي حدثت مع تنظيم «داعش»، أعطت التنظيم قوة دفع كبيرة في قدرته على التجديد والتعبئة بصورة كبيرة، وظهر ذلك جليًّا بشكل كبير بين المسلمين في أوروبا وأمريكا، وظهر ضمن دعاية التنظيم وخطابه الإعلامي وخطابه السياسي الذي ظهر بلغات عديدة.
وشهدت أجهزة الاستخبارات الألمانية وأجهزة الشرطة خلال العامين الأخيرين 2018 و2019، الكثير من المراجعات الأمنية، فنجحت أجهزة الاستخبارات الألمانية بانتزاع عنصر المبادأة من تنظيم «داعش»، وكذلك من خلال اعتمادها على جملة إجراءات، وتميز وزير الداخلية الألماني «هورست زيهوفر»، والذي قام بإجراءات عدة منها، مسك الحدود الخارجية إلى ألمانيا؛ خاصةً مع المثلث الألماني البلجيكي، وقام بإجراء رقابة مشدد على أئمة التطرف، وكذلك المساجد التي تدعو أحيانًا للفتاوى المتطرفة.
وقامت وزارة الداخلية بإجراءات مشددة على وسائل التواصل الاجتماعي وعلى الخطاب المتطرف، وتعزيز الموارد البشرية والمالية إلى أجهزة الاستخبارات وخاصةً الداخلية، وأيضًا التعاون الأمني ما بين وزراء الداخلية للولايات الألمانية، وكذلك الاهتمام بجمع المعلومات حول المتطرفين.
مخاوف العودة
رغم القضاء شبه الكامل على تنظيم «داعش»، وقتل زعيمه البغدادي، تتصاعد التحذيرات الأمنية من إمكانية عودته واستئناف عملياته، أي أن خطر التنظيم وعناصره مازال ماثلًا، والخلايا النائمة يمكن أن تنهض، وتشكل خطرًا على البلاد التي تحضر بها؛ خاصةً سوريا أو العراق عندما يوجد بها التنظيم أو الدول المجاورة، وقبلها كان الإرهاب مرتبط بتنظيم القاعدة في منطقة الشام بقيادة أبي مصعب الزرقاوي، وقتها امتلك القاعدة القدرة على إعادة بناء وهيكلة قواعده، وحتى إعادة مراجعة الاستراتيجية والأيديولوجية التي يتبناها ثم الصعود مرة أخرى.
وكان هناك قناعة بعد مقتل الزرقاوي بأن التنظيم سيمر حتمًا بمرحلة ضعف، فالتنظيم خسر الكثير من الأراضي والقيادات في عام بصورة رئيسية 2006، وكانت التوقعات تشير إلى أن التنظيم في طور تراجع شديد، إلى أن عاد في الظهور في عام 2010 بصورة أقوى، وأعاد أيديولوجيته مرة أخرى، واستطاع ضم أعداد كبيرة ثم أخذ الجانب الإقليمي ثم الجانب العالمي، وتنحصر المخاوف من تبني داعش تلك الاستراتيجية في العودة مجددًا من رماد هزيمته.